أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - قاسم حسين صالح - الشخصية الفلوجية















المزيد.....

الشخصية الفلوجية


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 3989 - 2013 / 1 / 31 - 09:39
المحور: المجتمع المدني
    



أ.د.قاسم حسين صالح
رئيس الجمعية النفسية العراقية
حظيت مدينة الفلوجة بشهرة عالمية بعد السقوط عام 2003 وتصدّر أسمها عناوين الأحداث في عامي 2003 و2004،وعاد يتصدرها بقوة في العام الحالي 2013،بل انه دخل ايضا في صناعة أفلام سينمائية،مع انها مدينة زراعية "وفلج تعني شق الأرض الصالحة للزراعة ومنه جاء اسمها" وليست مدينة نفطية،ولا بأكبر المدن العراقية،لكنها كانت الأشرس في مقاومة القوات الامريكية والأكثر صلابة في التظاهرات التي عمت مدن المنطقة الغربية في الأسبوع الأخير من عام 2012 وما بعده،والأولى التي يسقط فيها سبع ضحايا من اهلها في الصدام الذي حصل بين المتظاهرين ووحدة عسكرية من الجيش العراقي في تظاهرة "جمعة لا تراجع - 24/1/13".
فلماذا تنفرد الفلوجة في تعاملها مع ما جرى ويجري مع ان مدنا عراقية اخرى عاشت وتعيش نفس الأحداث؟
ان السبب الرئيس يعود الى ان للشخصية الفلّوجية خصوصية تختلف عن الشخصية العراقية في صفتين خلقتا فيها قوة هائلة بوجه من يحاول السيطرة عليها بالقوة وتحديا عنيدا ضد من يحاول اخضاعها بذلّة..هما التعصب العشائري والتعصب الديني.فجميع سكان مدينة الفلوجة البالغ عديدها اكثر من سبعمائة ألف شخص،هم من قبائل بدوية الأصل تضم عشائر كبيرة معروفة مثل: البوعيسى،البوعلوان،البونمر،الكبيسات،المحامدة،العزّة،الحلابسة،زوبع...يوحّد أفراد كل عشيرة منها التضحية من اجل الشرف والكرامة والشعور بالأعتزاز وتباهي كل فرد فيها بهويته العشائرية،فيما يوحّد جموع العشائر كلها الشعور بالنخوة حين يحصل اعتداء خارجي على احداها، فتتوحد هويات العشائر بهوية قبيلة في حالة من التسابق أيها تكون الأقوى في صد العدوان.
ان التعصب هذا خلق حالة تجانس وانسجام جعلت كل فرد من السبعمائة الف فيها يشعر بالقوة ، ويمنحه الشعور بأنه ما من قوة في الأرض تستطيع أن تذلّه. وقد عززت هذا الشعور أحداث سابقة ولاحقة. فحين حاولت القوات البريطانيةفي عام 1941 (تأديب)المقاومة فيها ،واجهت دفاعا شرسا من اهل الفلوجة ،ولم يستطع الانجليز دخول المدينة ،بل أنهم تجنبوا دخولها ،لأن الأنجليز لهم دراية بسيكولوجية الشخصية العراقية بفضل الدراسة التي قدمتها (المس بيل) عن عشائر العراق في عشرينيات القرن الماضي،لا كما هو الحال مع القوات الأمريكية التي تعاملت بغطرسة وأهانة متعمدة مع شخصية تسترخص الحياة من أجل كرامتها،وتنتقم بشراسة من الذي يحاول اذلالها.وهذا ما فعلته الشخصية الفلوجية ،او تعاطفت معه، حين تم في 31 آذار 2004 قتل أربعة من شركة بلاك ووتر الأمريكية وجرى سحل جثثهم في شوارع المدينة وتعليقها على جسر قريب من المدينة واشعال النار فيها.
والفلوجة هي المدينة الأولى في العراق من حيث كثرة المساجد فيها التي يزيد عديدها على خمسمائة مسجدا،أربعة منها بأسماء الخلفاء الراشدين الأربعة. ولطابعها الأسلامي هذا فقد اتخذ منها "المجاهدون" والقاعدة والأرهابيون منطلقا لشن حملات تستهدف قتل الجنود الأمريكيين والمتعاونين معهم من القوات العراقية،وتجاوزوا ذلك الى اثارة فتنة طائفية بقتل أفراد أبرياء لكونهم من طائفة الشيعة، ما اضطر رئيس الحكومة العراقية الانتقالية المؤقتة(اياد علاوي) الى الموافقة على "تطهير المدينة من الأرهابيين"،فتعرضت الفلوجة في 7 تشرين الثاني 2004 الى معركة شنتها قوات المارينز وصفتها التقارير بانها اضخم عملية في حرب المدن منذ معركة مدينة هيو في فيتنام عام 1968.
وكان من نتائج هذه المعركة الرهيبة التي احتلت فيها قوات المارينز حتى مستشفى المدينة،أن اكتسبت الشخصية الفلوجية صلابة استثنائية في مواجهة الأحداث الجسام.فمع أن اهلها وقعوا بين نارين :نار الأرهابيين ومن يعدّون أنفسهم مجاهدين ،ونار المارينز بقوتهم التي لا ترحم، وأنها صارت تراجيديا في فواجع اهلها وما اصابها من دمار، فأن الشخصية الفلوجية ما استكانت بل شعرت انها هي المنتصرة،وأنها دون غيرها من العراقيين..اشادت ببطولاتها وسائل اعلام وفضائيات عربية واجنبية، وبصمودها بوجه القوات الأمريكية التي حاصرتها بالدبابات وقصفتها بالمروحيات،وقيل انها استخدمت غاز الأعصاب وغاز الخردل وأسلحة أخرى،وقتل من اهلها الكثير لدرجة انه تم تحويل ملعب المدينة الرياضي الى مقبرة لدفن ضحاياها.
ولأول مرّة يتم التعامل بطريقة صحيحة مع أهل الفلوجة،بتوجّه وفد برلماني يمثل الكتل الثلاثة الرئيسة الى المدينة ،والألتقاء في 27/1/13 بممثلي المتظاهرين للتحقيق في ملابسات الحادث الذي أودي بحياة سبعة متظاهرين.واضطرت البرلمان أن يعقد جلسة خاصة في اليوم التالي 28/1/13 لمناقشة قضية الفلوجة.غير ان الشخصية الفلوجية تشك في صدقية أية جهة تمثل الحكومة أو البرلمان.والحق معها،فقد أثبتت الوقائع أن أهل الفلوجة كانوا على حق في الأعلان عن مظالم لحقت بهم،يوم أمرت اللجنة الحكومية برئاسة نائب الوزراء باطلاق سراح عدد من السجينات وأكثر من ثمانين موقوفا وسجينا،وهذا يعني أن الأجهزة الحكومية المعنية بهذا الأمر لم تكن عادلة، وانها ارتكبت خرقا قانونيا بتوقيف قريب لمتهم هارب،لاسيما اذا كانت زوجته..وهذا في قيم الشخصية الفلوجية مسألة شرف لا يمكن السكوت عليها.
وثمة حقيقة جديدة تعرّف عليها العراقيون وصارت أهم مكاسبهم السياسية ،هي أن الشعوب في الأنظمة الديمقراطية لا تخاف من حكوماتها..بل العكس.وان الحكومة المشكّلة من برلمان منتخب ديمقراطيا التي تستخدم القوة في التعامل مع شعبها،او تسخر من تظاهرات الناس،او لا تكترث بمطالبها..تفقد شرعيتها الديمقراطية وهيبتها الاعتبارية.
ان علماء النفس والاجتماع يعدّون التعصب حالة سلبية لأنه يتضمن موقفا عدائيا قائما على اساس القومية او الدين او المذهب،وانه في حالة حصول نزاع فان المتعصب يحمّل الجماعة الأخرى ما حدث من أضرار أو أذى ويبرّيء جماعته منها.غير ان الشخصية الفلوجية تعتز بتعصبها العشائري والديني وترى انه لولاه لما استطاعت ان تبقى عصية على من اراد اخضاعها بالقوة .وأنها أعطت الحكومة والعراقيين وخبراء الاجتماع وعلم النفس درسا بأن "التعصب" يكون قوة هائلة ومبررة بوجه ارهاب الحكومة والقوى المستبدة ،شرط ان يكون نظيفا من طرف ثالث يريد السوء بالعراق وأهله.



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة نفسية(75): الشعور بالذنب..والضمير
- العشائر العراقية..قراءة في ازدواجية المواقف
- الحكومة تريد..اسقاط الشعب!
- الطلاق.. صار يوازي الارهاب!
- ايها السياسيّون..كلكّم أحول عقل!
- من عام النكد الى عام الرهان على العراقيين
- سيكولوجيا الكذب
- الصعاليك
- رسالة الأقليم الى العرب المقيمين فيه
- يستر الله..المسألة معكوسة!
- ثقافة نفسية(74):نصائح للمعلمين والمعلمات..مع التحية
- نظرية عراقية
- ثقافة نفسية(73):رثاء الذات
- عفيفة اسكندر..الصورة الأخرى
- الانتحار..يأسا
- العرب ..ماضيون
- الجنسيون المثليون في العراق
- اشكاليات في الدين والسلطة.ثانيا:السلطة(4-4)
- اشكاليات في السلطة والدين.ثانيا:السلطة (3-4)
- اشكاليات في الدين والسلطة.ثانيا:السلطة (2-4)


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - قاسم حسين صالح - الشخصية الفلوجية