أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلام ابراهيم عطوف كبة - عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة















المزيد.....



عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 1142 - 2005 / 3 / 20 - 13:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انتخابات الجمعية الوطنية في العراق عرس ديمقراطي فيتيشي الطابع اختلط فيها الوعي واللاوعي في خوض معركة الحرية والانعتاق من الاحتلال الاميركي واعادة بناء الدولة الوطنية المستقلة والاعمار .....ويعيد الخطاب السياسي انتاج السياسات العاجزة بعد ان باتت الادارة الاميركية قاب قوسين او ادنى من نقل الصراع الذي من المفروض ان يكون ضدها الى داخل المجتمع العراقي ونخبه السياسية لتنتعش الولاءات العصبوية اللاوطنية . هكذا يتخذ الحديث والتعاطي مع العشائرية احيانا منحي حياديا وكأنها ظاهرة طبيعية ليس للإنسان دور في تغييرها فما بالك بصنعها،او كأن تغييرها جزء من صراع الإنسان مع الطبيعة حيث يأخذ قرونا من الزمن . على هذه الأرضية تصرفت القوى السياسية العراقية في الانتخابات التي حصلت والتي ستحصل . وبالطبع ليس من مجال أمام من يريد كسب موقع هنا واخر هناك الا إن يأخذ بالاعتبار الخريطة الموجودة ويستغلها. ولكن هناك أمور لا تدخل في نطاق التكتيك الانتخابي بقدر ما تدخل في الهيكلية الفكرية والسياسية للحركة الوطنية والديمقراطية العراقية نفسها. فالعشائرية حالة من التجميع العصبوي والدموي ، حالة تقوم على مراتبية طبقية في الأساس ( وان كانت مخفية ومموهة) وبالتالي على مصالح بغض النظر عن صغرها او كبرها . وهي حالة سلبية ورجعية ومغرقة في ما هو قبل القروسطية أيضا أي إنها خارج روح العصر وبالتالي فهي معيقة لتطوير مجتمع معافى. وهذا ما يجعل التسليم بوجودها أمرا محرجا حضاريا ومدعاة للقلق وليس مدعاة للتحالف معها.

• ثقافة المناسف
بذل النظام العراقي البائد حتى وهو يضخ شبكات القرابة في القوات المسلحة والإدارة الحكومية الجهد للتخلص من قوة العشائر خارج الدولة . وأذكى الفراغ الذي خلقته عملية احتواء الدولة للمجتمع المدني الناهض بمختلف مؤسساته شبكات القرابة بوصفها دريئة حماية و أمن و طمأنينة لتنمو الحاجات لشبكات القرابة بازدياد مع ضعف خدمات الدولة تحت تأثير الحروب والعقوبات.
إن العشائرية مؤسسة مراتبية طبقية سياسية لمؤسسة فكرية ثقافية اقتصادية هي الأبوية (البطريركية) ، وكلتاهما تشترط الاخرة وتستدعيه بالضرورة . وهذا التعريف ينطبق على النموذجان ( الشكلان ) الكبيران للعشائرية في ظل نظام البعث الشمولي الكلاني في العراق اي عشائرية الدولة التي عززت من مواقع النخبة الحاكمة الهشة و العشائرية الاجتماعية التي عبرت عن فقدان النظام لقدرته على التحكم بمجتمع حضري ومعقد وكبير . لا يمكن لشيخ العشيرة الا إن يكون غنيا، إن لم يكن الأغنى ، ولذلك ينافسه على الزعامة من هم اقرب إلى قامته في الثروة ولا يمكن للفقير إن يحلم بهذه المنافسة . كان يمكن للفقير ان ينافس الغني في العصور القديمة وربما البدائية على الزعامة اذا كان الأقوى جسديا، لكن هذا العصر انتهى عندما حلت الملكية الخاصة محل المشاعية ، وحلت الثروة محل هبات الطبيعة . أذن فان هذه المؤسسة المراتبية السياسية مرتكزة بالضرورة على مؤسسة الملكية الخاصة ، على قوة الثروة . وفي العشائرية والمجتمع العشائري يصبح "تنصيب" الغني او الثري ( وليس شرطا الرأسمالي ) زعيما أمرا مقبولا وأساسيا بغض النظر عن مصدر الثروة . لا يسال الغني في العشيرة عن مصدر ثروته، ولا تهتم العشيرة كثيرا بذلك ولا تحاسبه حتى لو كان المصدر هو الاحتلال . ولهذا اكثر من سبب فهناك انخفاض مستوى الخلفية الثقافية والسياسية لدى أكثرية المجتمع العشائري ، وهذا الانخفاض يكون على حساب المسالة السياسية الوطنية والقومية. فحينما تنخفض القيم السياسية القومية والوطنية ، لا يعود هناك تساؤل عن نظافة الثروة، وقلما تكون نظيفة . ولعل من يسال أو يصر على ربط الثروة بمصدرها هي الحركة السياسية وليست البنية العشائرية.
لم تقض عشائرية الدولة ( نموذج دولة البعث في العراق ) على جميع علاقات الالتحام العشائرية ....وكلما ازدادت العناصر العشائرية ثراء وقوة داخل الدولة فأنها تحتل المواقع العليا داخل عشائرهم التي تقوم بدورها باستغلالهم كقنوات للوصول إلى مواقع النفوذ السياسي والاقتصادي. وتحصل المجموعات العشائرية المخلصة على العقود الحكومية وترتقي إلى مراتب الطبقات الثرية الجديدة كالمقاولين والتجار وغيرهم من المليونيرية . وعليه فان السلطة الاجتماعية والاقتصادية التي تستجمعها البيوتات والأفخاذ عبر الصلات العشائرية تمكنها من البروز المستقل لحظات تعرض الدولة إلى الوهن. وفي العقود الاربعة الاخيرة من تاريخ العراق مرت العشيرة تاريخيا بالمراحل التالية : العشيرة داخل الحزب ، العشيرة إزاء الحزب ، العشيرة بدل الدولة ، الدولة تكتشف العشائرية الاجتماعية وإحياء العشائر ، العشيرة ضد الدولة ...... وكان تحالف الدولة مع العشائر الجديدة قد قوى الدولة، الا إن العلاقة بينهما بقيت حافلة بالتوتر . أما العناصر اللا عشائرية ( Detribalized ) في المجتمع فخشت الشيوخ الأقوياء الجدد الذين يمكن إن يفرضوا القانون العشائري على أبناء المدن. وتولدت خشية ايضا من العصابات العشائرية في المناطق الريفية . على سبيل المثال أرهبت قطاعات من الدليم الركاب على طريق بغداد- عمان في التسعينيات .... وسارت مركبات النقل في قوافل وضح النهار لتتحاشى حملات قطاع الطرق والقرصنة الدليمية. كما ازداد معدلات جرائم العنف بسرعة لتصبح مصدر قلق وحرج العشائر الجديدة التي تطبق القانون. واندفعت قطاعات غير عشائرية إلى خلق عشائر جديدة خاصة بها ، كما واجه الحزب الحاكم اعتراضات على إحياء العشائرية.... وكما هو الحال في البنية السابقة لتراتب العشائر التقليدية ، فان المخلوقات العشائرية الجديدة شكلت تراتبا جديدا تتغير فيه التحالفات باستمرار. وكان هناك توازن قلق ومؤقت، لكنه هش وضعيف لاعتى النزاعات. إن حل النزاعات بين العشائر يكشف عن ضعف الدولة . على سبيل المثال عقدت قطاعات عشائرية في العاصمة العراقية اتفاقات على طريق التعويض والتسويات من دون الرجوع إلى الدولة – في عملية كانت تبدو شبيهة بمهام المجتمع المدني في المناطق الأخرى. وأدى انعدام الحدود بين صلاحية موظفي الدولة وصلاحية شيوخ العشائر إلى نزاعات مباشرة ما بين مؤسسات الدولة وقوة العشائر . وجرت ملاحقة ممثلي الحكومة من الزعامات العشائرية بسبب خرق هؤلاء العرف العشائري ، مثل إصابة فرد عشائري بإطلاقة نارية أثناء مطاردته بسبب ارتكابه فعلا جنائيا او هرب من الخدمة. وشرعت العشائر برفع قضاياها ضد الدولة والحزب الحاكم مطالبة بالتعويض العشائري وحتى الديات، ووقعت بالفعل تهديدات باستخدام العنف حتى القتل المتعمد ضد ضباط امن الدولة والقوات المسلحة من جانب العشائر المطالبة بالثأر .
أدى تداخل الدولة والعشيرة إلى إثارة صراعات مؤسساتية وعشائرية متبادلة. وكان هذا التداخل نتيجة طبيعية لتفاعل تأثيرات العشائرية الاجتماعية وعشائرية الدولة. وهكذا فان الأفراد والمجموعات التي فصلت عن عشائرها في المراحل الأولى من تطور عشائرية الدولة عادت لتندمج بعشائرها، ويعاد اعتبارهما بعد نهوض العشائرية الاجتماعية . وولدت حركة إحياء العشائر او ما يطلق عليه العشائرياتية ( Retribalization ) ما يلي : نزاعات بين الدولة والعشائر ، نزاعات بين العشائر والقطاعات اللا عشائرية في المجتمع، نزاعات بين العشائر نفسها، ونزاعات داخل الدولة.
الواقع إن العشائر التي يعاد بناؤها ، سواء كانت تقليدية اصلية أم مزيفة ، لا تمتلك شيئا مشتركا مع العشائر التقليدية السابقة الا القليل ، فالوحدة والتكافل الجديد يقوم في المدينة. ولا تعرف العشيرة المعصرنة شيئا عن الزراعة ولا تمتلك صنيعة محددة . أما المشايخ فهم في اكثر الاحيان أصحاب مهن من الطبقة المتوسطة او موظفين وما شابه ذلك. وعوضا عن المضيف العشائري يؤجر الشيوخ الجدد الشقق والمكاتب الحديثة باعتبارها مراكز استقطاب للحياة الاجتماعية العشائرية العصرية، وتتولى العشائر الحديثة حفظ النظام والقانون وحل النزاعات العشائرية بين أفرادها او مع أفراد العشائر الأخرى.وتمتد الخلافات من المظالم التجارية حتى الجنائية وتشمل دفع الديات عن القتلى.ومع فساد المحاكم وأجهزة فرض القانون تطلب الدولة من العشائر القوية المتنفذة تسوية الخلافات الصعبة او توفير الحماية ، وهذه الخدمات تدر المداخيل . وبذلك تتحول العشائر الجديدة بوضوح إلى قاعدة للتمويل المستقل. وبينما يجري إحاطة شيوخ العشائر الاصلية باحترام عالي فان الصنائع الآخرين لا يحظون بالتقدير . وقد شاعت عبارة ( شيوخ من صنع تايوان) سخرية بالشيوخ المزيفين.
يعيش حتى المتعلمين في البنية العشائرية حالة من الانفصام الذي يبدو في معظم الاحيان حتى على ملامح الوجه " السحنة" ، حيث يكون هذا المتعلم موزع بين وظيفته كمدرس او محاضر جامعي وبين ارتباطه بالعشيرة. هناك يجلس في ديوان شيخ العشيرة جلسة الولد المطيع لهيبة الزعيم الذي غالبا ما يلبس اللباس التقليدي العربي او الكردي كي يبدو بحجم كبير خاصة إذا كانت قامته صغيرة خلقا، ويتعمد مخاطبة حامل الدكتوراه بكلمة " يا ولد " او " يا حبيبي " او " ابو الشباب " وحتى " عفية بالسبع " قاصدا إرهاب غير المتعلمين. أما الولد والحبيب و ابو الشباب والسبع فيقبل بذلك اللقب او تلك المرتبة! فما هو المكون الحقيقي لشخصية هذا المتعلم؟ انه المكون العشائري. و من بين سمات المؤسسة العشائرية الجديدة ولسخرية القدر توفير التكافل حتى بين أصحاب الشهادات العليا وأساتذة الجامعة والمثقفين والأطباء والمهندسين بحجة توفير الحماية الشخصية وليجري إخضاع هذه الإسطبلات العشائرية سياسيا أو تسييسها لتحقيق السيطرة الاجتماعية ..وكانت هذه التجمعات _ الإسطبلات سند النظام الدكتاتوري لفترة طويلة إلا أنها كانت ولا زالت أداة تفتيت المجتمع والعودة به القهقرى.. وهي لا تعرف شظف العيش وكل شئ متاح لها ..وتخلق أشكال الوعي الزائف لأن قوة النزعة العشائرية داخل الأحزاب السياسية تعرقل التأسيس المدني الديمقراطي وتسهم بفاعلية في خلق بؤر التوتر والاحتقان الداخلي .
واذا كان لنظام سياسي ان يجرد المرأة من حقوقها دون ان تتلطخ يداه بدمها فليس أمامه افضل من غض النظر عن الاستفحال العشائري على حساب القانون ، واستفحال الفساد على حساب المسائلة، واستفحال البطالة على حساب التنمية. وبهذا تكون العشائرية والبطريركية ألد أعداء المرأة. وهذا ما يدفع بدوره بعض النساء اللواتي يرفضن العشائرية او اللواتي لسن من فئات مجتمعية ذات بنى عشائرية للتحول إلى المنظمات غير الحكومية الأجنبية ليشكلن بذلك عشيرة أجنبية " مودرن" بدل إن يشكلن قوة سياسية وطنية ثورية . أي ليصبحن جزيرة أجنبية يطلبها المكياج الغربي، فيساهمن في التحليل الأخير في تبرير العشائرية وتقويتها .... وحين يتعرضن لضغط يستجرن بالغرب.
ولان العشائرية ليست من جوانب او مظاهر الطبيعة العمياء بل هي خلق اجتماعي فهي ظاهرة يمكن التحكم بها والسيطرة عليها ، ولو في حدود ، كما يمكن لجمها او إطلاقها من القمقم حسب توقيت المصالح وبروزها ومواءمتها لفترة ما!
لتوضيح هذا ، نتساءل لماذا كانت العشائرية اقل شانا في سبعينات القرن الماضي مما هي عليه الآن؟ هل كان المجتمع صناعيا وتلاشت قاعدته الصناعية ؟ بالطبع لا. لقد كان السقف الوطني مرتفعا آنذاك وكان النضال الوطني هو معيار المركز السياسي والاجتماعي والثقافي والروحي. وبالتالي كان البعد الاقتصادي بمعنى الملكية الخاصة في حالة كمون، لكنه لم يكن هو العامل الحاسم. وليس من قبيل المفارقة ان يبعد الأمن الاقتصادي للكثير من العمال الذين هم من أصول قروية وعشائرية عن الارتباط المعيشي بالعشيرة.
كان انتعاش العشائرية في سنوات الصدامية بسبب تراجع الأمان الاقتصادي والامان الاجتماعي ، وضعف المستوى الفكري والسياسي لمعظم التنظيمات ، وتراجع الأمان السياسي أيضا للمواطن .... مما اخرج العشيرة من كمونها لتصبح المؤسسة التي تزعم توفير الأمان الاجتماعي والسياسي والشخصي وحتى جزء من الأمان الاقتصادي لأفرادها.
وعليه، فان استدعاء الكثير من القوى السياسية العراقية للعشائرية وتركيب قوائم مهجنة بين العشائري والحزبي يكشف لنا عن هشاشة الحركة السياسية وعن اختلال الانتماء او عن براغماتية من المستوى الأدنى. وهذا يكشف إن القوى السياسية والنخب الثقافية تقوم عن قصد بإنعاش العشائرية بإخراجها من كمونها للاستفادة منها لتلبية مصلحة ضيقة ومحصورة في مرحلة معينة ، وهذا ليس سلوكا ثوريا . بسلوك كهذا يتم في الحقيقة او في النهاية توظيف السياسي لخدمة العشائري وليس العكس لان ارتكاز السياسي على العشائري هو ردة إلى الوراء في مجتمع تقليدي يستلطف ويستعذب الارتداد مما يجعل إعادة إنهاضه عالي الكلفة.
في هذا المستوى لنا إن نسال: هل يمكن لبنية تحتفظ بالعشائرية وتغذيها إن تخلق شعبا قادرا على مواجهة حقبة العولمة وفي طليعتها الماكنة الثقافية والإعلامية والعسكرية والاقتصادية للرأسمال الدولي المتوحش؟ولكي لا يكون السؤال استفزازيا ، هل يمكن لحركة وطنية إن تنجح في تجميع الشعب طبقيا وسياسيا من بين أشلاء التفتت الفسيفسائي العشائري بعد تقوية العشائرية؟ هل يتنازل الزعيم العشائري عن امتطاء ظهور أفراد العشيرة للقائد السياسي بهذه البساطة؟ بالطبع لا حتى لو امتلأ الاعلام بإعلانات ولاء عشيرة كذا وعشيرة كذا للنظام . العشائرية ذات قدرة هائلة على التلون الأميبي مما يسمح لها بالتعايش مع العولمة وحتى مشاركتها مضجع الأمة.
إن العشائرية في النظام السياسي العربي والعراقي والكردستاني حليف فعلي لهذا النظام . فهي تقوم بتفتيت النضال الطبقي والسياسي نيابة عن النظام، وبهذا يوظفها النظام لخدمته ليتقمص شخصية المختار المهووس بتخاريف ( خراريف ) العشائر والطوائف ومديح زجالي القرى والريف والأئمة وثقافة المناسف ، في حين هي توظف التنظيم السياسي في خدمتها..... وستبقى العشائرية قوية طالما النظام الأبوي اقتصاديا قائم بالقوة والفعل وهذا ما يقوم بتخليده النظام السياسي طبعا حيث يمارس الفساد ويباعد ما بينه وبين التنمية ويهرب من التصنيع ويقيم نظاما سياسيا يقوم على الملكية الخاصة ولا يقيم نظاما رأسماليا تصنيعيا وإنتاجيا.
لا تعيش العشائرية طويلا في مجتمع صناعي رأسمالي ، فما بالك باشتراكي .وعليه فالمصنع عدو العشيرة لانه يصبح " عشيرة" العامل المأجور ومصدر دخله ولا يعود العامل ذلك القروي الذي ينتظر بعض الفتات من شيخ العشيرة. ومن هنا أهمية المصنع لانه يخلق للعامل علاقاته الطبقية بدل العلاقة العشائرية ويصبح نضال العمال ضد الاستغلال وليس ضد عشيرة منافسة! انه ببساطة اتساع الأفق مقابل ضيق الافق.
فالعشيرة هي نقيض الطبقة، والعشيرة هي مغتصب المرأة وعدوها الذي يعلن عن نفسه جهارا نهارا بفجاجة وصلف، اذا كانت هي ضد كل هؤلاء ، فمن هو حليفها ومعسكرها؟ انه النخبة السياسية الحاكمة والنخبة الثقافية المحيطة بها والملتفة حولها.

• غسيل ذاكرة الشعب العراقي الوطنية

استخدم النظام الدكتاتوري المقبور كل الوسائل الممكنة ، من اجل شراء الذمم ، ونشر الرشاوي وبنطاق واسع لتمشية معاملات المواطنين في دوائر الدولة ، أعتماد المحسوبية والقرابة واعضاء في الحزب الحاكم مقياسا للتوظيف ولتولي المناصب في اجهزة الدولة ، تقاضى العمولات لقاء الأستثمارات الداخلية والخارجية من الشركات المنفذة للمشاريع الحكومية والخاصة في العراق ، توظيف وتأجير العملاء والجحوش في الداخل والخارج لملاحقة المعارضة في حينه ، كوبونات النفط وماترتب عليها من الفضائح المالية والأقتصادية لبعض الشخصيات البارزة في المنظمات الدولية والعاملين والمشرفين على تنفيذ برامج النفط مقابل الغذاء ( ادت هذه الحالة الى سرقة مليارات الدولارات من اثمان بيع النفط مقابل الغذاء....)، انتعاش تجارة السوق السوداء المهيمنة على التجارة الداخلية والخارجية وعمليات بيع وشراء العملات الأجنبية بعيدا عن كل الاجراءات القانونية والرقابة المالية، تهريب السلع والمحاصيل الزراعية والعملة الى المناطق المجاورة ، احالة المشاريع الأستثمارية الحكومية والخاصة الى تجار السوق السوداء ، وهم مدعومون من السلطات والحزب الحاكم او الأحزاب الحاكمة ، مقابل تقاضى الرشاوي منهم ، محاولات أغراء المواطنين بالمسائل المادية والمالية ، على سبيل المثال توزيع الأراضي عليهم مجانا ، او احالة المقاولات اليهم مباشرة من دون الدخول في العطاءات والمنافسة ، وذلك لكسب تأييدهم وولاءهم للسلطات .....،غسيل الاموال ...الخ.
تغلغل تجار الأزمات وأزمنة الحروب عبر منافذ عديدة إلى مختلف مواقع الدولة.. وهي القوى والفئات المرضية التي تربّت ونشأت دوما بحماية من الاقتصاد الطفيلي وليد الأنظمة الاستغلالية، واتسمت بانتهازها الفرص والوثوب إلى المواقع التي تمثل آلهتها التي تعبدها أي منافذ سرقة الأموال...... مرتكبة مختلف الجرائم الاقتصادية منها والجنائية..... وناهبة المليارات من أثمان الركائز الاقتصادية ومختلف أسلحة الجيش العراقي وترسانته المهولة التي في أصلها أُخِذت من دماء شعبنا وقوْتِهِ......وهي تمتلك الأيدي الطولى حتى داخل أعلى المناصب العراقية عبر عمليات اختراق منظمة جرت طوال السنتين الماضيتين... بينما تمتلك كل دول الجوار والقوى الإقليمية المعروفة ليس جواسيسها فقط بل الوكلاء والممثلين الذين ينفـّذون لها أكبر جرائم الفساد..
وبدأت الجريمة الأساس في حرق المكتبة الوطنية الذاكرة العلمية للشعب ومصدره في البحث العلمي ومثلها كل مكتبات العراق ومراكزه البحثية المعرفية من مختبرات ومصانع بحوث... وتواصلت مع كنوزنا وأرصدتنا الموجودة في بنوك العراق المركزي والمصارف المهمة الأخرى.. ومع ذخيرة وأسلحة ثقيلة وخطيرة ومنها أسلحة تدميرية ليس لها توصيف عادي.. وأموال وكنوز في مؤسسات التصنيع العسكري هي بالمليارات...... المعامل والمصانع ومواقع الانتاج المدنية وركائزنا الكبرى من كهرباء وجسور وغيرهما....ومطابع الكتب المدرسية ودفاتر أطفالنا وقرطاسيتهم وثروة المتاحف التي ليس لها ثمن يقابلها مطلقا.. ثروة الإنسانية وتراثها الأول الحافل بقراءة تاريخنا ونور حضارته.. ليُباع العراق الإنسان والعراق الوطن في سوق النخاسة المحلي والأجنبي....وليختلط غسيل الاموال بغسيل ذاكرة الشعب العراقي الوطنية.
معممون وأحزاب لهم وميليشيات بمئات الألوف دخلت دار السلام لحظة هزيمة الطاغية لتستكمل جريمته؟ عصابات الجريمة ومافياتها من الذين أطلق سراحهم المجرم الأول الطاغية المدحور؟ قوى متباكية على الدين والشرف ومصالح الطائفة المظلومة والقومية المهضومة حقوقها والمجموعة المغبون وجودها.. تتستر بالتقوى على جرائم اغتصاب الشرف الوطني وبيعه لدويلات الموت الأسود؟
اننا بحاجة لدولة بحكومة قوية توقف الجريمة .. ولا يمكن لهذه الحكومة أن تأتي من قوى الجريمة نفسها ومن أحزاب وممثليات مزيفة الوطنية والتقوى بل لابد من حكومة تستند إلى الشفافية وآليات العمل الديموقراطي التي تعني هنا قوة الحكومة بالسند الشعبي العريض...وأول طريق تلك الحكومة يكمن في توافق وطني عام وفي العمل من أجل تطهير بلادنا ومؤسسات بلادنا من الاختراقات بخاصة منها الجهات التي تحمي الوطن والشعب وأمنهما وسيادتهما..أن خطورة الاحتلال لا يكمن في مشكلة احتلال الأرض ووجود قوات أجنبية بقدر ما يكمن في احتلال الإرادة واستلابها عبر قنوات ومنافذ منها المتسترة بالمرجعية الدينية ومنها المتسترة بالمرجعية السياسية والأخلاقية العشائرية غير الصحيحة.
يتفشى الفساد في كل مناحي الحياة حتى على صعيد المدرسة والجامعة وحتى على صعيد الجامع والمعبد والحسينية وحتى على صعيد الجمعيات الإنسانية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني وطبعا على صعيد دوائر الدولة الحكومية حتى أعلى منصب سيادي في مجلس الحكم السابق !
لا تطور مع صنبور مفتوح مكسور مهدور لمافيات السرقة! ومع الأختراقات لنتبع مشاعرنا وطيبتنا وإيماننا ومعتقداتنا وطقوسنا في شخوص يتعمَّمون بقماشة مسروقة من ثياب أطفالنا العراة ويمضغون تبغا من ثمن قوت غذاء أبنائنا الذين يقتلهم الهزال والجوع! لا دورة اقتصادية ولا حركة تقدم وتطور بغير ضبط أمورنا ومنع الفساد المسشتري كالسرطان في بلادنا.. إنّه في كل مفاصل عملنا لا يسمح لنا ببناء حياتنا المسالمة الهادئة .. السرطان الفساد في الإرهاب والسرطان الفساد في كثير من الحكومة والمسؤولين والموظفين الكبار والصغار السابقين والحاليين.. بأوجههم المتنوعة المختلفة المقنَّعة والمفضوحة..
اما نظام الواسطة فقد اوجده الاستعمار باعتباره جسر العلاقة الفاسدة التي تربط السلطة بالشعب . اذ تلتقي النخب الحاكمة في لحظات فارقة مع الفاسدين والمفسدين من التجار والكومبرادور والشرائح الطفيلية في المجتمع ..... ليصاغ احد ارذل اشكال التبعية والولاء للسلطات . وتتكيف هذه الشرائح الطبقية الضيقة مع كل الطقوس والازمنة لترتدي اكثر من قميص واكثر من قبعة واحدة في آن واحد .... وتحتاج الواسطة الصغيرة في العادة الى واسطة اكبر منها في سلم النظام الهرمي في مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ..... ويسود نظام الواسطة ( فيتامين واو ) وعموم الفساد في فترات التراجع السياسي والثوري والانفصام الديني والوطني ، ونهوض الولاءات العصبوية ما دون الوطنية .... بديلا عن القانون والآلهة معا . هكذا تتقاطع مصالح الشرائح الطبقية الفاسدة في المنعطفات التاريخية مع هذه الولاءات الرجعية .
عند تناول موضوعة الفساد لابد من التطرق الى الجوانب المفاهيمية والتاريخية للفساد وما يرتبط به من مفاهيم المراقبة والشفافية والمحاسبة وأنماط الفساد الاقتصادي والسياسي، مدى مسؤولية المؤسسة العسكرية والأمنية والقوات المحتلة عن الفساد، والعوامل والآثار التي يحدثها الفساد على البنية الاجتماعية ونسق القيم، وعلى الثقافة والاعلام. الأبعاد المحلية والدولية للفساد وآليات ضبطه ،الفساد كظاهرة عالمية وكظاهرة عربية ومحلية ،.... بالإضافة إلى آليات مكافحة الفساد وعلاقة الحكم الصالح والفساد بكل من الديمقراطية والعولمة، ودور كل من المجتمع المدني والمؤسسات الدولية في ذلك الاطار. ......الفساد في الوطن العربي والتفكير في استراتيجيات شعبية ورسمية فعالة للمواجهة وكيفيات الانتقال إلى إقامة حكم صالح، والقوى التي ينتظر منها أن تقود الحملة من أجل ذلك.
تنشأ الشبيبة العراقية اليوم في بيئة وصل فيها الفساد أوجه على مختلف الأصعدة وفي مختلف المجالات . إن أعداد كثيرة منها محرومة من مكان تحت شمس الوطن الذي يضمن لهم الكرامة والشعور بالصفة الإنسانية ويمكنهم من تصور الغد المشرق. وشباب اليوم يعيش في بيت لا يخلو من عاطل واحد على أقل تقدير من حاملي الشهادات، وفي شارع يقبع فيه شباب أنهوا دراستهم ولم يجدوا عملا، وفي مدرسة وجامعة أضحت آلية من آليات تخريج المهمشين والمقصيين من دائرة الإنتاج والمساهمة في بناء مستقبل البلاد، وفي مجتمع لا يضمن الشعور بالمواطنة الكاملة غير المنقوصة. أعداد كثيرة من الشباب تعاني الإحباط تلو الإحباط ويحكم عليها بالتهميش. هذا يستدعي تربية أبنائنا على أسس ديمقراطية وذلك اضعف الايمان ، ويتطلب اعادة صياغة المناهج التربوية والأزاحة جانباً للأساليب التربوية البالية واعتماد الأسلوب العلمي والديمقراطي الحديث ، واعادة أعداد الجهاز التربوي بما يتلاءم مع التطوير المنشود لمناهجنا التي عفا عليها الزمن . ويسهم اعداد الجهاز التربوي إعداداً ديمقراطياً سليماً ، واستأصال الفكر الفاشي القائم على العنف والذي نما وترعرع في عهد النظام البعثي الفاشي ....... يسهم في أعداد جيل يدرك معنى الديمقراطية ويحيا في ظلها ويتمسك بها . فالمناهج الحديثة المتطورة والجهاز التربوي المتشبع بالفكر الديمقراطي عاملان متلازمان لا يمكن فصلهما عن بعضهما لكي نحقق الأهداف التي نصبوا إليها في تربية أجيالنا الصاعدة التربية المنشودة .
على المجلس الوطني المنتخب ، والحكومة التي تنبثق عنه مهمة وضع الية سريعة وحاسمة لوقف الفساد الأداري والأقتصادي ، وتفعيل عمل مفوضية النزاهة ، والتحقق من الحالة المالية والأقتصادية لاعضاء البرلمان والوزارات ( وبالاخص الودائع في البنوك المحلية والأجنبية ، قيمة الأسهم ، التي يمتلكونها والمستثمرة في الشركات المحلية والأجنبية ، الأبنية والعقارات ، والمصالح الأقتصادية مع الغير)، ونشرالوعي الفكري والأقتصادي والأجتماعي للمواطنين ، والرقابة الفعالة على الشركات التي تبرم معها صفقات تجارة الأسلحة والنفط والكهرباء ، وتأمين الرقابة الشعبية المستمرة من قبل المواطنين على اجهزة الدولة وفق آليات شفافة غير قابلة للالتباس ( مراقبة ومحاسبة موظفي الدولة على المستويات الأدارية المختلفة ) ، وتامين الدخل الثابت المتوازن لكافة ابناء الشعب وتوفير فرص العمل للمواطنين مع ايجاد نظم الضمان الأجتماعي والصحي والدراسي للجميع .
• مرجعيات اقتصاد التساقط

ليست المرجعيات والنخب الطائفية الشيعية مجرد مدارس فكرية وفلسفية بل هي في المحصلة مشروع سياسي لا وطني معاد للديمقراطية والتحرر الوطني .... ومع اقترابها من سدة الحكم تقفز لأحضان المدرسة الأميركية والغربية في التربية والاقتصاد الرأسمالي المعولم كما فعلت النخب الطائفية السنية ( نخب البلاط في البلاد العربية ) .... هكذا تستحوذ الحوزات الطائفية العراقية على حصتها من ثروات العراق في اطار اقتصاد التساقط (TRICKLE – DOWN ECONOMY ) أي حصة التابع والأداة والوكيل . ان حقيقة المرجعيات والآيات العظمى والصغرى ... الخ هي اصولية طبقية تتخفى وراء اللحى والملاءات والألقاب فالولايات المتحدة تحولت الى مرجعية المرجعيات بدءا من قم وصولا الى النجف و كربلاء ( لكم الكراسي ولنا النفط والقواعد والبلد ) . ويخضع الرأسمال المحلي والكومبرادوري العراقي الدين الأسلامي له ، حاله حال المسيحي في الغرب ، يحمله الى الغرب ويخضع به او يخضع وأياه ، وليفضح البيت الشيعي نفسه بنفسه باعتباره بيت النخبة العليا من رجال الدين والرأسمال بينما يمسك الشيعة الفقراء بسجادة الصلاة داعين الله ان يرزقهم .. وهي سجادة تخدير الفقراء عبر الجلوس المتوازي عليها ولكن عليها فقط ، فلا مساواة خارج مكان العبادة . آن الاوان كي لا يصطف المصلون وراء هذه المرجعيات ويستمعوا لها كالببغاوات. .. نحن لا نتوقف عند لعبة التقوى والمرجعية والقدسية فلسنا ممن يحتاج وعاظ في أمر ديننا أو أخلاقنا وإنّما نحن بحاجة لإثبات جدراتنا في إعادة بناء حياتنا طاهرة نظيفة مشرقة متمدنة متحضرة.. هل تحول الدين الإسلامي الى بغلة يركبها من دون وازع كل من هب ودب ..كما فعل روكان غفور المجيد وهو ابن عم الطاغية ومرافقه عندما كلف بمسؤولية تعبئة العشائر الشيعية وتسليحها كقوة دفاع وطني في معارك البصرة ، العمارة، الكوت والاهوار في الحرب العراقبة الايرانية !؟. لقد عمل النظام البائد على استثمار التباينات الثقافية بين الشيعة العرب والفرس . فالتشيع الإيراني كما هو معروف جزء أساسي في النزعة القومية الإيرانية ويختلف عن التشيع في العراق. ونجد في النشريات الحزبية البعثية الفاشية لهذه الفترة عبارات المديح على إقدام العشائر وجسارتها ورجولتها واندفاعاتها العسكرية وتحييها باعتبارها مؤئل العروبة المعاصرة.
يجب على مختلف قيادات وفاعليات المجتمع المدني العراقي أن يسموا الأمور بأسمائها ، وعليهم واجب الحفاظ على هيبة الدولة والمجتمع الذي انتهكت حرماته العصابات الارهابية ...إن مسؤولية الحكومة هي في عدم التهاون في معالجة ملفات الأمن والإرهاب الأصولي وغيره. فإما أن يكون النصر والنجاح حليف دولة القانون والمؤسسات والحداثة الناشئة ولتنهزم للأبد قيم التخلف والقبلية المعششة والمتجذرة بقوة في داخل الاجتماع الديني والسياسي العراقي، ليتمكن الشعب العراقي _ ولأول مرة منذ عقود طويلة _ من استرداد وعيه وسلامته وعافيته ، أو أن يكون النصر حليف دولة الطائفية والعشائرية والإرهاب... وتبقى المسؤولية الاخلاقية حجر زاوية للفعل الديني والسياسي في ان واحد ، فمن اوجه هذه الازمة صمت المرجعية على الافعال التي تجبر الناس على اتباع اوامر رجال الدين وتصمت عن قتل الناس وتصمت عن انتهاك حرمات المنازل وتصمت عن ابداء الراي في تلك الجرائم التي ارتكبتها العصابات الارهابية ولازالت ، في وقت انها في الجانب الاخر تدعو للعدالة ! فهل اصبحت بوابة العدالة كبوابة تحرير القدس تمر عبر ايران كما قالها القائد الضرورة المفدى مقتدى الصدر !! وتعلن المرجعية انها لا تريد التدخل بالسياسة وانها تريد الاهتمام بالدين فقط ولكن تصمت المرجعية عن اعلان بعض الاحزاب بانها تعمل تحت امرة المرجعية؟ وهذا يعني ان المرجعية لها احزابها على الساحة؟ ان المطالبة بالتسامح لا يمكن ان تاتي بهذه الطريقة الساذجة لأن تجارب الشعوب تؤكد وجوب الزام حكوماتها تقديم من ساهموا بارتكاب المجازر والانتهاكات ضد حقوق الانسان الى القضاء العادل ليقول كلمته النهائية بهم وامام اهالي الضحايا الذين لهم الحق باسقاط حقهم بعد اعتراف الطرف الاخر بجريمته! ان التسامح لا يمر عبر اعادتهم للعمل من اجل الاستفادة من خبراتهم ؟ ولا باعلان التوبة ! والمطالبة بتقديمهم للقضاء ليس من باب الثورجيات كما يصفها البعض بل هي اساس اية عدالة وديمقراطية وقاعدة الوطن الحر القادم والشعب السعيد الآتي.ان الأزمة الأخلاقية العميقة هي السبب الاساس وراء كل هذا الدمار الذي عشناه ونعيشه والقوى الدينية والسياسية مساهمة بفعالية في هذه الازمة التي تمتد جذورها عميقا في المجتمع العراقي. الديمقراطية لا تعني التساهل مع التمرد المسلح. فأما الولاء للطائفية وينتهي العراق كدولة أو الولاء للوطنية العراقية لينهض من تحت الركام ويواصل مسيرته الحضارية في بناء دولته العصرية الديمقراطية المسالمة والمزدهرة. ومهما كانت موجة العبث بالامن الجارية في البلاد، الا انها تشكل منعطفاً في قدرة العراقيين على بناء حياتهم الجديدة مما يستثير غضب وجنون العصابات الارهابية التي تمول من خارج الحدود سواء من شيوخ الارهاب في الخليج او من حكومات عمتها البصيرة او من الفارين من رجال الامن والمخابرات العراقية الذين يتخذون من الدول المجاورة قواعد لتدمير العراق وقتل ابنائه.
على الاحزاب الاسلامية وبالذات تلك الاحزاب التي حصلت على مراكز متقدمة في الانتخابات العراقية واجبات ومسؤوليات كبيرة بدءا من ضرورة توحدها مع بقية الاطراف العراقية من قوى ديمقراطية ويسارية وقومية كردية وصولا الى حزم الامر لا فقط في مجال الوفاء بتعهداتها ببناء العراق الديمقراطي والفيدرالي وعدم الخضوع للنزعات الشوفينية والظلامية المعادية للعملية الديمقراطية بل في الموقف الحازم من القوى الارهابية السلفية والوهابية وعدم التحجج بالخوف من الحرب المذهبية لان الانخراط في الجبهة العالمية التي تحارب الارهاب السلفي والوهابي والجماعات الاصولية المتطرفة يبعد خطر الصراعات المذهبية من جهة ويساهم بالقضاء على شبكة الارهاب المتعددة الجنسيات والتي تحصد ارواح الابرياء في العراق. لا بد ان يستند نقد الموروثات القديمة اساسا على المعرفة الثقافية والحضارية للانسانية جمعاء ومعتقداتها وثقافتها والاطلاع على افكارها . وجهل الثقافات الاخرى ورفضها يعزز من الأعتقاد بالتفوق الديني والثقافي دون وجه حق ويحجم القبول بالحوار القائم على اساس الاقتناع والاستفاده منه مع الاحتفاظ بالركائز والدعامات الرئيسية والثوابت العقائدية وعدم التخلي عنها والسعي الى اكتشافات مشتركة للقيم والاخلاق والسلوكيات والابتعاد عن العصبيات والمعتقدات الاصولية المتطرفة.

• ثقافة اليانكي والديمقراطية المشلحة

من المبررات الواهية التي يستند عليها دعاة ايديولوجية الخصخصة وإهدار المال العام لصالح الشركات متعددة الجنسية في بلادنا ان القطاع الخاص يعتبر أكفأ من الدولة في إدارته للمرافق العمومية ، وأنه بما يقدمه من حوافز أقدر من الدولة على تعبئة الموارد المالية وتوجيه الادخار نحو المشاريع المربحة وتعميم ملكية هذه المقاولات على أكبر قطاع من المواطنين وخلق سوق مالية نشطة تشجع على الادخار وتوفر قناة وطنية للتمويل. وأن تحويل المقاولات العمومية إلى القطاع الخاص يزيل عن كاهل الحكومة عبء خسائر هذه المقاولات مما يسمح للدولة بتركيز جهودها ومواردها لأهداف اقتصادية محددة. هراء في هراء.... فحالات الفشل والإفلاس التي تتعرض لها مقاولات القطاع الخاص تفوق بكثير حالات التعثر المحدودة التي تعاني منها المقاولات العمومية لأسباب لا ذنب لها فيها (غياب الديموقراطية، غياب الرقابة المواطنة على حسن تدبير المال العام)، ولا يعني خلق المشاريع المربحة بالضرورة أن هذه المشاريع ذات مضمون اجتماعي يراعى مصلحة أفراد المجتمع الأساسية. إن البلاد التي طبقت سياسة بيع بعض وحدات القطاع العام – في سياق الليبرالية الجديدة - لم تستطع أن تخرج من أزمتها الاقتصادية، بل تفاقمت فيها الأزمة من خلال تردي معدلات النمو الاقتصادي وتفاقم العجز الداخلي والخارجي وتحول ظاهرة البطالة فيها إلى مشكلة مزمنة، وانخفاض مستوى معيشة العمال والطبقة المتوسطة .. إن نظرة بسيطة لما حدث من فضائح وفساد لشركات حديثة تؤكد بشكل كاف أن عدم كفاءة تخصيص الموارد يمكن أن تكون سائدة في القطاع الخاص.
تفسح الخصخصة المجال لتسهيل دخول الاستثمار الأجنبي في الاقتصاد العراقي. أن نمط الاستثمار الأجنبي الذي وجد مجالاً للتشجيع من قبل الاحتلال هو بالضبط ذاك النمط من الاستثمار الأجنبي الذي لا يحتاجه العراق في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخه الاقتصادي. أن الاستثمار الأجنبي والرأسمال المحلي الذي يقوم على شراء مشروع قائم سيؤدي فقط إلى تبديل المالك دون أن يغير مستوى الناتج المحلي الإجمالي. والرأسمال الأجنبي هو في موقع يمكنه تجاوز الرأسمال المحلي في ملكية المشروعات الحكومية. هذا يحفز على هروب الرأسمال العراقي إلى الخارج وخلق عقبة في وجه الاقتصاد العراقي. وعليه سيكون العراق في وضع أسوأ مع انخفاض الإنتاج والاستخدام والذي يقود بدوره إلى مزيد من الاضطرابات الاقتصادية. أن الاقتصاد العراقي ليس في موقع مناسب وليس جاهزاً ليصبح اقتصاداً مفتوحاً للاستثمار الأجنبي والاستيرادات في هذه الحقبة الزمنية من تاريخه. . إن واحدة من النتائج الأكثر خطورة لفرض إجراءات الخصخصة بدوافع أجنبية ستبرز في تقييد حرية الحكومة على الفعل. إن الحكومة المنتخبة دستورياً تبغي تصحيح ومعالجة بعض المشكلات الاجتماعية والاقتصادية الهيكلية الناجمة عن ظروف الحرب، والتي تعمقت بفعل الانهيار الاقتصادي والاحتلال. وأن خصخصة القطاع النفطي بالدرجة الاولى يحرم الحكومة الدخول أو التعامل مع الجزء الأكثر ثقلاً وأهمية من الناتج الوطني الذي يشكل ضرورة حيوية لمعالجة تلك المشاكل. باختصار، فإن الخصخصة تعني إخضاع حرية فعل النظام السياسي الجديد لتسوية خطيرة قبل انبثاقها . هناك علاقة مشتركة وطيدة بين قطاع النفط وبين التطور السياسي في البلاد منذ بدء النظام السياسي العراقي عام 1921. فالتطورات في قطاع النفط على المستويات المحلية والدولية كان لها آثارها العميقة على شعب العراق ومؤسساته. والتمزيق المفاجئ لها يقود إلى خلق كافة أشكال التوترات وعدم استقرار العراق.
أن سيطرة وهيمنة الامبريالية وأحتكاراتها على الثروات الاجتماعية للمعمورة ، وتحكم الاقلية في مصير الاكثرية المهمشة في الاطراف يصاحبها هجوم كبير ومسعى محموم للترويج لثقافة اليانكي وتهجين الثقافة الوطنية وتزييفها عبر خلق التعارض بين نسق التطور الانساني العالمي والتطور الوطني ومحاولة عزل الثقافة الانسانية عن المحيط الوطني ، وفصل المدنية عن أساسها الحضاري ، لطمس الثقافة الوطنية للشعوب وتشويها و فرض الاحادية بدل الثنائية الثقافية . وبدل من التمازج والتداخل بين الثقافات يجري شرعنة ثقافة الاملاء تحت هذه اليافطة أوتلك بالترويج لما يسمى[ صدام الحضارات] [ ونهاية التاريخ] ، [والواجب المقدس للقضاء على قوى الشر] ، وغيرها من أجندة الليبرالية الجديدة وجناحها السياسي اليميني المتطرف الحاكم في الولايات المتحدة الامريكية. وبينت تصرفات المحتل في بلادنا مدى مفهوم العولمة الامبريالية ، للثقافة الوطنية وقيم الحضارة الانسانية من خلال الابتسامات العريضة لجنود الاحتلال وهم يتفرجون على حرق المكتبات التاريخية العراقية ، وسرقة المتحف العراقي ، والنهب المتواصل للمناطق الاثرية ... والتشويهات التي أصابتها بسبب وجود معسكرات المحتلين وعسكرتهم قرب الاثار التاريخية . . . ان محنة الهويةالوطنية و التي تشكل الثقافة الوطنية عمودها الفقري ، في ظل تواجد الاحتلال الامبريالي لاتختلف قليلا عن محنتهما زمن الدكتاتورية الفاشية . وقد ساهمت سياسة المحتل وأجراءته العشوائية التي تركت أثرها البالغ في تشكيل نمط حياتي وأجتماعي لقيم الحياة اليومية للمواطن العراقي في تعميق الازمة البنيوية للهوية الوطنية ، وفي أنهيار مفهوم المواطنة والولاء لها لصالح الانتماءات القومية والطائفية والمذهبية والعشائرية ، وأعتبار هذه الانتماءات أساسية مقارنة بالولاء للمصالح الوطنية. كما جرى تدويل للقضايا الوطنية وربطها مع المصالح الدولية.... ولعب تشتت الخطاب الثقافي الوطني ، وتناحر المجموعات العرقية والقومية المختلفه والمذهبية ، أحد الاسباب الهامة لاْزمة الهوية الوطنية في ظل العولمة الامبريالية الرامية الى أستغلال هذه التناحرات ، لفرض خطابها الثقافي في ظل غياب خطاب تنويري حداثي وسيطرة مفردات الخطاب الظلامي والسلفي في الاوساط الاجتماعية . ويرجع هذا التراجع الى أزمة الخطاب الثقافي القومي بفعل أزمة الانظمة القومية السياسية الاستبداية الشمولية ....
أن الامبريالية المعولمة ، وشركاتها الاحتكارية المتعددة الجنسيات والعابرة للقارات التي تهيمن على المصائر العالمية الاقتصادية وتتحكم في القرارت الدولية الهامة ، ترى في الطابع الوطني عائق لتطورها وأمتداد نفوذها وتحجيم لنشاطاتها .... يدعوها الى تحجيم هذا الاتجاه وردعه عبر مختلف الوسائل بما فيها القوة العسكرية والتدخل المباشر لتأمين مصالحها الحيوية وهي ليس معنية بالمصالح الوطنية للشعوب بقدر أهتمامها بالمصالح الكوكبية للاحتكارات. وبات الاستغلال الطبقي يتسم بالصبغة الكوكبية رغم مساعي مفكري العولمة تزويق ذلك وتقديمه كجزء من قضايا مساعدة الشعوب والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الانسان وتحقيق العدالة الاجتماعية. ويستهدف فرض النموذج المعولم الامبريالي طمس الهوية الوطنية عبر الاستغلال البشع و السعي لحصر معالم الهوية الوطنية في ترابط المصالح الاقتصادية ووضعها خارج أطار الدولة أوعلى ضفافها من خلال عمليات الهجرة والتهجير والتغريب ، وما أفرزته المشاريع القومية من نتائج ساهمت في تفكيك الدولة الوطنية وتشويه الهوية الوطنية عبر السياسة الشمولية والاضطهاد العرقي والقومي والطائفي والديني والسياسي والثقافي. واليوم و بعد سقوط الدكتاتورية الفاشية في العراق وأحتلال البلاد من قبل الامبريالية الامريكية وحلفائها الامبرياليين ، تتعرض الهوية الوطنية الى أكبر أزمة في تاريخ العراق الحديث والتي يحاول البعض دفعها الى اخر مدياتها لاشعال حرب أهلية وتمزيق وشرذمة الوطن ، وجعل الولاءات الطائفية والقومية الشوفنية والانعزال القومي والولاء العشائري يتقدم على الولاء الوطني بسب ضعف الدولة التي ساهم بأضعافها المحتل من خلال سياسته الرامية الى أعادة تشكيل الهوية الوطنية على مقاساته السياسية وخدمة لمصالحه الاقتصادية . فالولايات المتحدة تريد بناء دولة عصرية ديمقراطية مشلحة تهتم بشؤونها الداخلية وتضم القواعد العسكرية الضخمة وليكون النفط تحت سيطرتها في نطاق استراتيجيتها الكونية بالسيطرة على نفط آسيا الوسطى والصحراء الافريقية الكبرى والعراق . في ظل هذا الضغط الواضح على مؤسسات الدولة العراقية الوطنية في وقتنا الراهن تصبح المخاطر أكبر على الهوية الوطنية ، ويظل مفهوم الوطنية مجزأ ومشوه مما يتطلب اعادة بناء الدولة العراقية وتشكيل مفهوم جديد للوطنية يضمن مصالح الجميع ويحمي الجميع في ظل الشراكة الوطنية.

** عضو في :
نقابة المهندسين في كردستان العراق بدرجة استشارية (راويزكار)
نقابة الصحفيين في كردستان العراق
جمعية البيشمركة القدامى
جمعية المهندسين العراقية .
جمعية اصدقاء المجتمع المدني .



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طورانية التشيع التركماني
- شركات النفط الأجنبية والراحل ابراهيم كبة
- اخش الاحمق.. ولا تخش العاقل!- إرهاب الدولة والإرهاب الدولي – ...
- اخش الاحمق.. ولا تخش العاقل!- إرهاب الدولة والإرهاب الدولي- ...
- الحرب سلام السادة ورغيف من طين_ ثقافة السلام في العراق وكردس ...
- المعلوماتية والحرب والجيش في العراق
- جرائم البعث ضد الانسانية - تهجير الأكراد اجراء منسي !* وجريم ...
- الى محمد الدوري مع التحيات - استذكار ، العقوبات المعدلة – ال ...
- طيف الطاقة الكهربائية في العراق ... بين الشعوذة والسياسة- ال ...
- الانفاليات وتحديات إنقاذ كوكب الأرض
- التنمبة والكهربة الريفية في العراق - القسم الاول
- التنمية والكهربة الريفية في العراق - القسم الثاني
- السنة الدولية للجبال تقليد يجب الحفاظ على مغزاه في كردستان ا ...
- الهجرة والتهجير واللجوء سياسة غدر الطغم- النخب الحاكمة في ال ...
- لا تعتبر الخصخصة الحل البلسمي لمعضلات قطاع الكهرباء الوطني - ...
- ذكرى تأسيس الجيش العراقي _ ملحمة 14 تموز بين التأسيس المدني ...
- التشيع البعثي وقرصنة التوليد التجاري
- الطاقة الكهربائية في عراق القرن العشرين
- المجتمع المدني والمؤسسة العشائرية_ كردستان العراق نموذجا_ ال ...
- صناعة الترجمة الآلية واللغة الكردية


المزيد.....




- الإمارات تشهد هطول -أكبر كميات أمطار في تاريخها الحديث-.. وم ...
- مكتب أممي يدعو القوات الإسرائيلية إلى وقف هجمات المستوطنين ع ...
- الطاقة.. ملف ساخن على طاولة السوداني وبايدن
- -النيران اشتعلت فيها-.. حزب الله يعرض مشاهد من استهدافه منصة ...
- قطر تستنكر تهديد نائب أمريكي بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع ا ...
- أوكرانيا تدرج النائب الأول السابق لأمين مجلس الأمن القومي وا ...
- فرنسا تستدعي سفيرتها لدى أذربيجان -للتشاور- في ظل توتر بين ا ...
- كندا تخطط لتقديم أسلحة لأوكرانيا بقيمة تزيد عن مليار دولار
- مسؤول أمريكي: أوكرانيا لن تحصل على أموال الأصول الروسية كامل ...
- الولايات المتحدة: ترامب يشكو منعه مواصلة حملته الانتخابية بخ ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلام ابراهيم عطوف كبة - عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة