جرائم البعث ضد الانسانية - تهجير الأكراد اجراء منسي !* وجريمة لا تغتفر

سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 1119 - 2005 / 2 / 24 - 10:14
المحور: القضية الكردية
    

طرد ألوف الأكراد وعدد من السكان المنحدرين من أصول غير عربية منتصف عام 1997 ، كان بينهم التركمان والآشوريون، الذين امضوا حياتهم كلها في منطقة كركوك الواقعة على بعد حوالي 260 كيلومتر من شمال بغداد.وقد اجبروا على التوجه إلى المحافظات الشمالية التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بسبب أصلهم العرقي والأهمية الاستراتيجية لموقع كركوك، وكذلك وفرة حقولها النفطية. وكانت السلطات قد خيرت الأسر الكردية المستهدفة بين التوجه إلى جنوب العراق أو الإقامة في المحافظات الكردستانية. فإذا اختارت الأسرة الجنوب، يسمح لها بان تحمل متاعها معها أما إذا اختارت التوجه إلى الشمال، فان السلطات تصادر متاعها، وكذلك بطاقات التموين الغذائية الخاصة بها. وورد أن معظم الأسر أقرت التوجه إلى الشمال، ولم تتوفر لدى منظمة العفو الدولية أية معلومات عن الأسر التي توجهت إلى الجنوب. وكانت السلطات تحتجز رب كل أسرة استعدادا لترحيلها ! وظلوا محتجزين حتى رحلت أسرهم وانتهت ترتيبات الترحيل. كما اجبروا على التوقيع على إقرارات وتعهدات في مخافر الشرطة المحلية تفيد أنهم قرروا بمحض إرادتهم الرحيل إلى الشمال !.
أعيدت تسمية محافظة كركوك باسم " التأميم " . وفي 12/1/1998 أصدرت محافظة التأميم قرارا بطرد 1468 أسرة من المحافظة بسبب "الأهمية البالغة لمركزها الأمني وموقعها الجغرافي ".وقد استند القرار إلى توجيهات صادرة عن رئاسة الجمهورية. وحدد القرار الفترة ما بين 15/4/1998، و 15/5 من نفس العام، لترحيل الأسر المذكورة. وحدد القرار بدقة عدد الأسر المطلوب طردها من مختلف مناطق المحافظة. وأورد تفاصيل الإجراءات التي يتعين على قوات الأمن إتباعها، وهي على النحو التالي:-
1. يحتجز فرد واحد من كل أسرة كردية تطرد إلى المحافظات الشمالية.
2. مصادرة ممتلكات الأسر المطرودة.
3. مصادرة بطاقات التموين الخاصة بها.
4. سحب بطاقات العضوية في الهيئات الحكومية.
5. يجب أن يحاط علما بهذا القرار كل من:
مسؤول الامن في كل ناحية، ومسؤول حزب البعث في المنطقة، ومختار كل قرية.
وحاولت بعض الأسر فور وصولها إلى كردستان غير الخاضعة للنظام أن تعيش مع أقاربها. لكن الأغلبية أعيد توطينها في مخيمات مثل مخيم ( السلام) قرب جمجمال، ومخيم (بنصلاوة) قرب اربيل . وقد وفر حدك واوك ووكالات الأمم المتحدة المواد الغذائية الأساسية والخيام والبطانيات وغيرها من المواد، أما ممتلكاتهم التي تركوها وراءهم في منطقة كركوك وخانقين فقد منحتها السلطات لأنصارها من السكان العرب الذي جلبتهم من مناطق أخرى في العراق .... ومن ثم فقد أعيد توطين ألوف السكان العرب القادمين من مناطق بعيدة في محافظة كركوك.
استمر إجلاء الأسر الكردية وغيرها من الأسر غير العربية وعلى مدار عامي 1998و1999. واتبعت نفس الإجراءات في كل عملية طرد من هذا النوع. ومنذ أيار 1999، ورد إن ما لا يقل عن (15) ألف أسرة تتألف منما لا يقل عن (91)ألف شخص قد رحلتها السلطات العراقية إلى المحافظات الكردستانية في السنوات الأخيرة قبل سقوط الدكتاتورية في 9 نيسان 2003.وفي شباط من عام 1999 أجبرت (25) أسرة على الرحيل من خانقين، جنوب شرقي كركوك، والتوجه إلى الرمادي . ووفقا لما ذكره اوك، فقد طردت (50) أسرة تتألف من (278) شخصا في ايلول 1999 فقط.
كتبت منظمة العفو الدولية رسالة إلى الحكومة العراقية في 30/4/1999، تعرب فيها عن بواعث قلقها البالغ بشان عمليات الطرد الجماعي ألقسري للعوائل الكردية وغير العربيـة بناءا على أصولها العرقية ! وقالت المنظمة :" إن الإجراءات التي اتخذتها السلطات العراقية تعد انتهاكا خطيرا لحرية الرأي، والحق في التحرر من التمييز، والحق في السلامة البدنية والعقلية". وحثت منظمة العفو الدولية الحكومة على أن توقف عمليات الطرد وان تسمح لجميع تلك الأسر التي طردت بالفعل بان تعود إلى ديارها في منطقة كركوك. وقد أعربت المنظمة عن قلقها هذا في بيان مؤرخ في 29/4/1998 (1). وحتى آب 1999 لم تتلق المنظمة أي رد من الحكومة العراقية بشان عمليات الطرد القسرية المذكورة.
كانت عمليات الطرد ألقسري لألوف الأسر بناءا على أصلها العرقي، انتهاك لالتزامات العراق بموجب الاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي انضم لها في عام 1970. وهي الاتفاقية التي نصت مادتها رقم 2 (1/1): ( تتعهد كل دولة طرف بعدم إتيان أي عمل أو ممارسة من أعمال أو ممارسات التمييز العنصري ضد الأشخاص أو جماعات الأشخاص أو المؤسسات، وبضمان تصرف جميع السلطات العامة والمؤسسات العامة، القومية، والمحلية، طبقا لهذا الالتزام ). وقد انكرت السلطات العراقية في تقريرها الدوري الرابع عشر المقدم إلى لجنة القضاء على التمييز العنصري في شباط 1999، إنها قد طردت قسرا أية جماعات عرقية غير عربية وطلبت من اللجنة أن توافيها بأدلة واقعية تؤيد تلك المزاعم(2).
ظلت منظمة العفو الدولية على مدار سنوات تحث الحكومة العراقية بصورة متكررة على وضع نهاية للانتهاكات المتفشية التي تتعرض لها حقوق الإنسان واعتماد التدابير القانونية والعملية اللازمة لضمان التنفيذ الفعال لكل الأحكام الواردة في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والتي كان العراق قد صادق عليها ! ولم تتخذ السلطات أية إجراءات عملية لوقف هذه الانتهاكات. ودعت منظمة العفو الدولية الحكومة العراقية إلى وقف سياسة الطرد ألقسري للعوائل غير العربية (3) والسماح لجميع السكان المطرودين بناء على أصلهم العرقي بالرجوع إلى ديارهم وضمان تعويضهم عما حدث لهم !والسماح لمقرر الأمم المتحدة الخاص المعين بالعراق ومقرري المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ومنها منظمة العفو الدولية بزيارة العراق دون قيود.



المصادر
* مقتطفات من تقرير يلخص وثيقة بعنوان " العراق ضحايا القمع المنظم"، ورقمها: (99/10/14 أم.دي.أي.)، أو MDE 14/10/99 ) ) . أصدرتها منظمة العفو الدولية في تشرين الثاني 1999.
1. البيان العام: " العراق : طرد الأسر الكردية يجب أن يتوقف " - الوثيقة رقم( 14/02/98 أم.دي.أي.) أو( MDE 14/02/98 ).
2. وثيقة الأمم المتحدة UN رقم 3/Add.C320 /CERD،التقرير الدوري الخاص بالعراق ، ص (9).
3. التهجير ألقسري للأكراد، إجراء تعاقبت عليه الحكومات العراقية منذ العهد الملكي والثلاثينات من القرن العشرين. الا إن مدياته القصوى كانت في العهد الدكتاتوري البائد . وربما يكون حوالي (70) ألف كردي فيلي قد طرد من العراق كله خارج الحدود أواخر عام 1971، كما شملت عمليات التهجير لعام 1980 نحو (100) ألف شيعي من العرب والأكراد، وقد اعتقلت السلطات في حينها (6) ألاف رجل من صفوف الأكراد الشيعة لوحدهم ومعظمهم بين الأعمار 16 و35 القي القبض عليهم واحتجزوا قبل وبعد ترحيل عوائلهم.

#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل