أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - الشريعة أم السياسة-3-















المزيد.....

الشريعة أم السياسة-3-


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 3940 - 2012 / 12 / 13 - 16:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



وللخروج من التباس المصطلحات لا بد من تفريع كل مصطلح على حدة ، وأول هذه المصطلحات هو "الدين " وقد مر بنا ان الدين عند الله هو الاسلام ، باعتباره مجموع القواعد والمعتقدات والأحكام التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية ، وتفرعاتها التي نتجت عن اجتهادات الأئمة التي لم تبدأ كاجتهادات مؤسسة الا في أواخر القرن الرابع الهجري مع الشافعي ،حسب ما يذهب الى ذلك محمد أركون ، بعد ازدهار الترجمة والكتابة والتدوين المؤسساتي .
ولم يمر في تاريخ الاسلام ما يفيد ارتباط مفهوم السياسة بالدين كمفهوم مستقل ذي بعد واحد ، بل تزاوج الاثنان في سياق الممارسة التي استفرد بها الفقهاء باعتبارهم ورثة الأنبياء ، دون تقعيد مفهوم الوارث والارث وجوهره ، فحدث ما حدث من استتباع الدين للحاكم وتدجينه فيما يخدم مصالحه ومصالح الفقهاء والحاشية ، وهو ما حذر منه الرسول في حديث أخرجه أبو داوود والبيهقي ،عن أبي هريرة ،عن النبي "ص" : « من بدا فقد جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن، وما ازداد عبد من السلطان دنوا إلا ازداد من الله بعدا ».
وهو ما يوضح بجلاء أن الاختلاط والاقتراب من السلطان ، ما لم تضبطه قواعد صارمة تخلو من شبهة الانتفاع والقعود للظلم والفساد ، ابتعد عن الله ، أي أن ايمانه فاسد وعقيدته أيضا فاسدة . وأخرج ابن عدي عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن في جهنم وادياً تستعيذ منه كل يوم سبعين مرة، أعده الله للقراء المرائين في أعمالهم وإن أبغض الخلق إلى الله عالم السلطان ». وهو ما توضحه الاية الكريمة :
ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ " وقوله ايضا : وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ " .
ولعل هذا ما سبق أن أشرنا اليه آنفا فيما ذهب اليه ابن قيم الجوزية ، من استغلال الفقهاء والعلماء للدين لتلبيس الحق بالباطل ، وسياسة الناس بالهوى . والدين طبعا بريئ في نقائه وتعاليه من أفعالهم وممارساتهم .
وهناك مصطلح لصيق بالثقافة الاسلامية الصرفة وهو ما يصطلح عليه ب"السياسة الشرعية ،والمعنى أنها سياسة توافق الشرع ، لأن الجملة تتكون من مبتدأ وخبر ، وهي جملة تفيد تكامل المعنى ،وتَوَافُقه ، وهي أيضا ،أي السياسة مسند يتكئ على مسند اليه هو الشرع . وتعريفها كما قال ابْنُ عَقِيلٍ: السِّيَاسَةُ مَا كَانَ فِعْلاً يَكُونُ مَعَهُ النَّاسُ أَقْرَبَ إلَى الصَّلَاحِ، وَأَبْعَدَ عَنْ الْفَسَادِ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نَزَلَ بِهِ وَحْيٌ.
وعرفها ابن نجيم الحنفي بأنها: "فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها، وإن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئي".
فالسياسة الشرعية بشكل عام هي تطبيق لأحكام الشرع فيما ورد فيه نص، ومراعاة المصالح ودرء المفاسد فيما ليس فيه نص ._3_مأخوذ عن موقع ملتقى أهل الحديث .
ويستفاد من التعريف أن داخل النسق الديني كان بالامكان البحث عن حلول تقضي في شؤون الناس من خارج هذا النسق ، بما ينفع مصالح المجتمعات الاسلامية .
وهنا نجدنا امام اجتهاد انساني بحث وان كان يؤطره مرجع ديني ، لأن الأرضية الواسعة التي ينطلق منها المشرع في هذا الميدان ،والعمق المعرفي السحيق ،يكفل له حق النظر في مستويات الطوارئ والمستجدات ،وان لم تكن لها نصوص صريحة في مجموع المصادر الاسلامية ، وهذا الانزياح المعرفي القانوني ، يشكل معطى قوي وثابت لضحد مزاعم النصيين والأورثودكسيين والأصولويين البعيدين عن التأصيل.
ان الأصولي بالمفهوم الأورثودكسي المغلق ، حين تناقشه وتجادله بالتي هي أحسن في مسألة الشريعة والسياسة ، يحتمي بقوله تعالى : ان الدين عند الله الاسلام ، وكأنك تناقضه الأمر وترده عليه ، لا طبعا لا نقاش في البديهيات ، نعم الدين عند الله الاسلام وعند من اتخذ الاسلام دينا هو الاسلام ، لكننا نتحدث هنا عن السياسة والشريعة ، ولو شاء الله ان يقول السياسة عند الله الاسلام لما أعجزه أحد في ذلك ، وهو خير من قائل ، ومنزل الكتاب وباعث الرسل ، لكنه لحكمة لا يعلمها الا هو ، اختص لنفسه دين الاسلام ، ولم يؤكد على السياسة ، لأن السياسة شأن انساني ، والانسان وحده من يسوس بعضه البعض حسب شروط العصر وتحولات الزمان والمكان ، واختلاف المعطيات والمستجدات ، فاذا كان الدين مجملا ، فان السياسة تفصيلية ، واذا كان الدين كاملا ، فان السياسة ناقصة . وهنا يقع الاشكال الكبير الذي لا نزال ندور في فلكه ، أي تفصيل المجمل على تفاصيل الحياة وتطوراتها ، وتكميل الناقص بالكامل ، مما يلزم عقلا تفاعليا لايبخس حق الدين ولا حق السياسة ...
فالمرجعية الالهية الرسولية مرجعية كونية ، اختص بها المسلمون ، فهل نفرض على الناس جميعا دين الاسلام وشريعة الاسلام بالقوة والقهر والجبر ؟ يجيبنا القرآن الكريم "لست عليهم بمسيطر " . ثم ان الشرع منزه عن الخطأ والزلل ولا يتحول ويتغير ، وأحكام الشريعة متغيرة متحولة ، فكيف نحتج بالثابت المنزه على المتحول الفاسد ؟ . انه ببساطة تغييب للعقل وتحكيم للنص ، كما كان شأن الفتنات العربية الاسلامية الأولى .
وواقع المسلمين ، وبخاصة العرب منهم ، واقع لا يدل على الشريعة ولا على الاسلام ، سواء في الأحكام أو الاعتقادات أو المعاملات ، والدين معاملة ، فكيف نخلط النظري في واقع معاش لا يمث له بصلة ، ونحاول فرضه فرضا ، هي شيزوفرينيا عقدية ودينية ، لمن يحاول احتكار الفهم وتسويق الدين ، وقياس الغائب على الشاهد ، وهو ما لايجوز في علم المنطق باعتباره آلية عقلية صارمة .
هذا الخلط المعرفي الانتاجي والتسويقي ، هو خلط لا يقع في مجال استيعاب المعرفة كنظر عقلي في تجاوبها مع واقع الأمر الذي يعيشه المسلم ، بل هو خلط شامل يتعلق في أحد ابعاده باسقاط أحداث تاريخية على واقع بعيد عنها بمآت السنين وشطب أكثر من ألف سنة من تطور العرب والانسانية ، وكنسها بمرض نوستالجي متمكن من بعض النفوس . هناك فرق كبير بين الاعتماد على المنهجية التاريخية للاستئناس والتأمل وتدبر تطورات الأحداث وأحكامها حسب الوقائع التاريخية ، وبين الاسقاط التاريخي لأحداث وقعت في حقبة معينة ، على واقعنا الراهن .
ومادمنا قد تطرقنا الى قضية المنهجية ، فلا بد من الاشارة ان هناك منهجيات متعددة للنظر في موضوع الشريعة والسياسة ، كالمنهجية الفيلولوجية اللسانية ، ومقارنة الأديان ، والابستيمية المعرفية ، وغيرها كالعلوم الانسانية . فكثير من الباحثين حين نتتبع خطبهم وكتاباتهم نجدهم يخلطون بين المنهجيات وبين المصادر والمنابيع ، ويتوغلون في منهجيات دون وعي وقصد ، فيخلط بين المنهج التاريخي والمنهج الاستقصائي للاستدلالي مثلا ، وقد يغيب عنه منهجه المتبع في دراسته ولا يحدده وينص عليه ، وهذا ما نبه اليه كثير من الباحثين من امثال محمد أركون وجاسر عودة وعلي حرب.



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النفاق أو لغة الكون
- العرب والانقسام الأزلي
- شهود لا متأثرون
- الشريعة أم السياسة_2_
- في مفهوم التواضع
- اعدام شاعر
- الجزء 12 من رواية -أمطار الجحيم
- الشريعة أم السياسة...
- الشعوب وما أدراك ما الشعوب
- الشعر والدين ، وتجاوز المتن القديم _1_
- من المسؤول...؟
- طريق أبيض
- بنية- نظام المخزن - بالمغرب
- الشوهة
- أغاني العربي
- دروس حرب الأسبوع
- سفر في سحب الحب
- للورد أن يقرأ ....عطره
- ميزانية القصر وروح العصر
- مزامير الجمر


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - الشريعة أم السياسة-3-