أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - شهود لا متأثرون














المزيد.....

شهود لا متأثرون


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 3935 - 2012 / 12 / 8 - 17:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أجمل اللحظات التي يعيشها الكاتب أن يكون شاهدا على أحداث عصره ، وقادرا على ابداء رأيه بما يمليه عليه ضميره ، وما تفرضه عليه قناعاته ، رغم قساوتها وخشونتها ومأساويتها ، دون التأثر بقراءة ما أو بخطاب ما ، كما كان شأن البدايات . وأعظم ما منحته لنا ظروف راهننا هو هذه الامكانيات اللامحدودة لمتابعة الأحداث سواء عن طريق شاشات القنوات التلفزية أو عن طريق الكتابات في مختلف المواقع والجرائد التي باتت تتنافس لتأخذ لها مكانا تحت شمس القنوات والمواقع الالكترونية .
وبرغم كثرة الكتابات والتحليلات والتعاليق ، الا أن الانسان بات ، ان أراد ، أقدر من اي وقت مضى أن يُكون رأيه باستقلالية كبيرة عن أي تأثير ما ، ومن أي جهة كانت .
ما أفرزته الثورات العربية المباركة والربيع العربي الشديد الاخضرار ، وضع الصورة واضحة أمام العقل الفاعل والمتفاعل ، بعد أن عكست مختلف المنابر مشاهد وآراء مختلف الأطياف والفرقاء المتصارعين حول كعكة السلطة . وبعدما أصبحنا نتابع عن قرب ومحايثة لمختلف الاحتكاكات والتنابذات ، ونعايش هذه التحولات في جميع جوانبها وحقولها .
لكن أقوى ملاحظة يمكن أن يستخلصها المتتبع هو هذه الظاهرة المثيرة حقا للاهتمام ، والمتمثلة في هذا الصراع المحتدم بين طرفي نقيض ، أو بين قوى لم تلد غير ظواهر العنف والعنف المضاد ، بما يسمح بملاحظة أن ما رجح من نتائج الصراع الفكري والاجتماعي والسياسي ، هو الجانب المتطرف ، بينما لا نكاد نعثر على الجوانب العقلانية الا لماما ، كما هو شأن الباحثين والمفكرين المقتدرين مطاع صفدي و طيب تيزيني ، برغم تفاوت لغة خطابهما ،فرغم ميلهما ومناصرتهما لثورة الشعب السوري الا انهما يحاولان دائما أن يقفا عند الجوانب العقلانية والمنطقية ، والانتصار لحقوق الشعوب ، دون تجريح أو تحامل ، بل يعتمدان تحليلات نقدية دقيقة وموضوعية . وهما مثالان تتبعت كتاباتهما منذ بداية الثورات العربية ، وخاصة الثورة السورية البهية .
فماذا تقول لنا الثورات العربية وتمخضاتها الظاهرة والخفية ؟ بعد ما يقرب من سنتين على الثورتين التونسية والمصرية ، يبدو أن الانقسام بدا واضحا بين طرفين ، المجموعة الاسلاموية المتطرفة ، بدعاتها الذين يدعون الى سفك الدماء جهارا ، ضد تعليمات القرآن ومنهج النبي ، وبين مجموعة تدعي العلمانية والليبرالية تشدقا باللسان وكفرا بالجنان ، ويبقى الضحية هو هذا الشعب العربي الذي لا يملك من امره شيئا . توزع دون أن يدري ودون قناعة علمية بين معسكرين متطرفين أورثودوكسيين ، لا يحمل أي منهما نوازع التنازل عند نقطة التقاء ، تكون منطلق بناء دولة جديدة تحترم بنيات الديمقراطية وشروطها ، لكن الجميع يتمسح بمصطلح الديمقراطية دون أن يمارسه أو يجسده عبر سلوكات وأفعال تنعكس على المواطن العربي البسيط .
لغة الدماء ما تزال نافذة في ذهنية العربي ، وحركات التهديد هي السبيل الوحيد لمناقشة مصير الأمة العربية ، أو مصير دولة وشعب ما ، ومنهجية الاقصاء هي المنهجية الوحيدة التي يتقنها كلا الطرفين ، ولا يبدو في المدى القريب أنهما على استعداد لتغييرها الى منهجية الانصات والتشارك والبناء ، مما يوضح بجلاء معاول الهدم التي يحملها كل طرف ضد الطرف الآخر ، وكأن الفتنة هي شرط وجودنا ومبرر علاقاتنا . وهذا ما يذكرني بعنوان لمقالة عميقة للمفكر مطاع صفدي "أصل الغدر في مرثية النهضة العربية " ، فالغدر بنية مستحكمة في نفسية الانسان العربي ، سواء سلطانا كان أم مفكرا أم داعية .
فبنية الاستغلاق وبنية الاستحكام هي البنية المهيمنة على عقلية وذهنية الانسان العربي ، سواء في الجانب الديني أو الجانب العلماني ، فالدين كوني والعلمانية كونية ، للدين مصدر متعالي فوقي ، وللعلمانية مصدر أرضي راقي ، ونحن بعيدون كل البعد عن كلا المصدرين ، فلا نحن نتعظ ونمكن للمتعالي في الأرض ، ولا نحن نشارك المنتج الأرضي رحابته وانفتاحه ، مما يجعلنا خارج سياق المرجعين ، وخارج حلبة محمولهما الغني والثري .
الواقع لا يرتفع كما يقول الفلاسفة ، لذلك حاولت الأمم المتحضرة في جميع العصور الرفع من منزلته واعطائه القيمة المثلى بسن قوانين تحفظ له حقوقه ، أو تعوضها بنوع من الرفاه الذي ينسيه مطالبه وحقوقه الى حين ، أو تمكن له استقلالية أخذ القرار بنفسه ، بارتفاعه أو تسفّله ، عملا بمقولة دعه يعمل ، دعه يمر ، أو لكل نفس بما كسبت رهينة . لكن البنيات الفوقية من مؤسسات الدولة والمفكرين ورجال السياسة تظل دائما تعمل بدأب على تنافسية كونية لمسايرة الخطوات الجبارة التي تخطوها الأمم المتقدمة او التي في طور التقدم .
ماذا عنا ؟؟؟ القتل والتخوين والاقصاء ، هذه هي لغتنا الى الآن ، نعم قامت الثورات العربية ، لكن قيامها كان بفعل شروط انسانية عميقة ، وهذا العمق ظل مغيبا عن التمثلات الفكرية والمعرفية والثقافية ، ولم يتم رفده أو تقعيده أو برمجته بما يخدم راهن ومستقبل الأمة العربية . جاءت الثورات العربية على حين غرة ، ولم تكن بنت استراتيجيات أو تأطيرات عالية ، بل جاءت بعفوية انسانية تراكمت عبر امتلاء الحقينة النفسية للانسان العربي البسيط بالحنق والبغض تجاه كل البنيات الفوقية ، ولم تأت عبر فيض فكري ، يفكك مختلف التراكمات والتقاطعات الاجتماعية والسياسية ، التي كان لجرثومة الاستبداد ولورم الديكتاتورية بكل تمظهراتهما القاسية الأثر الكبير في انتفاض الانسان البسيط ، الذي يبقى " محمد البوعزيزي " مثالها العالي ، ومحركها الأساس .
فهل يمكن بعد هذه الانتكاسة في تدبر أمر التحولات العربية الرهان على مشاريع تغييرية راقية ، تعمل بحس حضاري يُمَكن الشعوب العربية من رؤية بصيص ضوء يخرجها الى دنيا الاستقرار والرفاهية ؟ سؤال نطرحه في انتظار تمخضات مستقبل الصراعات الدونكيشوتية التي لا تزال تستقطب طرفي الصراع الى المناطق العدمية المعتمة



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشريعة أم السياسة_2_
- في مفهوم التواضع
- اعدام شاعر
- الجزء 12 من رواية -أمطار الجحيم
- الشريعة أم السياسة...
- الشعوب وما أدراك ما الشعوب
- الشعر والدين ، وتجاوز المتن القديم _1_
- من المسؤول...؟
- طريق أبيض
- بنية- نظام المخزن - بالمغرب
- الشوهة
- أغاني العربي
- دروس حرب الأسبوع
- سفر في سحب الحب
- للورد أن يقرأ ....عطره
- ميزانية القصر وروح العصر
- مزامير الجمر
- هل عادت الطيور الى أعشاشها ؟
- المثقف العربي وفراغ الانسان
- الأنظمة المتجاوزة


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - شهود لا متأثرون