|
ميزانية القصر وروح العصر
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 3916 - 2012 / 11 / 19 - 15:14
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
ميزانية القصر وروح العصر ____________________
لازلت أذكر أن المسودة الأولى للدستور المغربي المعدل قبل أكثر من عام،كانت تحمل فصلا يحمل جملة مفيدة جدا ، والجملة هي : "الملك مواطن " ، لكن أثناء التعديل والمراجعة تم حذف الفصل ، ولا ندري من وضعه ومن حذفه برغم ثورية النص وتقدميته ، وما كان سيحدثه من ثورة في مفاهيم الامارة والحكم والقيادة . وكما كان يحلو لأحمد الحليمي عندما كان وزيرا للاقتصاد الاجتماعي بحكومة عبد الرحمان اليوسفي ،أن يردد المقولة الفرنسية لالمطاردة الساحرات ، فاننا لن نتساءل عن عبقري او عباقرة المخزن الذين حذفوا هذا الفصل ، لكن اثباته في مشروع الدستور وحذفه من الدستور الرسمي له دلالات غنية على أكثر من صعيد . الجميع يدرك مدى ثقل المؤسسة الملكية بالمغرب ، وهو الثقل الذي بدأت تئن منه أكتاف المغاربة ، فالملك استطاع أن يحتفظ بكل سلطاته ، الناسوتية واللاهوتية ، واليه يعود شأن المغرب كله ، ولا يمكن لأحد ان يناقشه في شيئ ، وكأن لسان حاله يردد مقولة لويس الرابع عشر :أنا فرنسا وفرنسا أنا " "أنا المغرب والمغرب أنا ". وللأمانة العلمية والوطنية والتاريخية أجزم أن الطاقم الساهر_المستشارين_ على انتاج رموز الملكية بالمغرب ، والملوك بفعل السلط التي يراكمونها والمكانة التي يحظون بها ،تغدو كل ممارساتهم رموزا ، خاصة ونحن نعيش في مجتمع تقديسي ، يقدس كل شيئ ، الا الانسان كمواطن وكأخ .هذا الطاقم يجر المؤسسة الملكية بالمغرب الى الهاوية ، من خلال مجموعة من النتاجات الرمزية ، منها خطابات الملك ، وبعض القرارات السياسية ،وعلى رأسها هذه الاختراقات البسيطة لامارة المؤمنين ،كان آخرها صورة حسناوات بلجيكا امام المعلمة الدينية الكبرى بالدارالبيضاء _مسجد الحسن الثاني _ كما أن أن ترأسه المجلس الأعلى للقضاء واصدار سائر الأحكام القضائية بالمغرب باسمه ، يعد خطأ قانونيا جسيما ، يتحمل فيه الملك كل الأخطاء القضائية ، خاصة في بلد تصدر فيه أحكام كثيرة بالهاتف . وتبقى ميزانية القصر من الشؤون السيادية ، برغم انها ترخي بظلالها على وضع اجتماعي متدهور ، وأسالت الكثير من المداد ،بعد كشف رقمها المهول ، واذا كانت ميزانية المغرب كبلد متخلف على جميع الصعد لا تتجاوز مائة مليار دولار ، تقتطع منها أكثر من 2،5 في المائة للقصر الملكي ، فان ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية تبلغ 15تريليون دولار ،أي 150 ألف مليار دولار ، بينما لا يتجاوز راتب الرئيس الأمريكي السنوي 4 آلاف دولار . وبعملية حسابية فان ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية تعادل ما يساوي 1500 أضعاف ميزانية المغرب ، ورغم ذلك فان راتب الملك الشهري يتجاوز بقليل راتب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، وهو واقع صادم وغير منطقي ، وخارج مفهوم امارة المؤمنين ، ولا يدخل ضمن أي صيغة من صيغ الحكامة الرشيدة . العالم ومن ضمنه المغرب يجتاز مرحلة كسوف مالي واقتصادي صعبة ، كما انه يشهد صحوات اجتماعية غير متنبإ بنتائجها ، ونحن في المغرب نعيش أوضاعا اجتماعية خطيرة وجد متدهورة ، بينما نجد المؤسسة الملكية بعيدة عن هموم ومشاكل المغاربة ، بفعل ترهل النظام المخزني الخليفي كما وصفه الأمير الأحمر هشام العلوي . ان روح العصر تقتضي تضامنا بين جميع القوى الوطنية ، وتلاحم العرش والشعب يكون عبر اجراءات فعلية وميدانية واقعية ،وليس فقط عبر خطابات بلاغية أثيرية . الشعب المغربي يعد من أفقر الشعوب العربية ، بينما الملك يعتير من أغنى ملوك العالم ،ميزانية المغرب تعد من أضعف ميزانيات الدول العربية المشابهة له في الموارد الطبيعية والقدرات الاقتصادية والعدد السكاني ، لكن راتب الملك يعد من أقوى الرواتب ،انها حالة انفصام اقتصادي حادة وجب اعادة النظر فيها واصلاح أعطابها . عصر الشعوب يلزم كل الأنظمة العربية أن تعيد صياغة أبجديات حكمها ،وترشيد سياساتها ، لم تعد الهراوة تنفع في زمن الاستشهاد والتضحية ، كما أن الاختطافات والاعتقالات وتكميم الأفواه أصبحت من كلاسيكيات المعالجات السياسيةو الأمنية . ينبغي اذن التفكير بواقعية وعقلانية في صياغة عقد اجتماعي جديد ،يعيد النظر في توزيع الثروات بين جميع أبناء الوطن الواحد ، فروح العصر تتطلب اجراءات شجاعة لتجنب الأسوأ.
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مزامير الجمر
-
هل عادت الطيور الى أعشاشها ؟
-
المثقف العربي وفراغ الانسان
-
الأنظمة المتجاوزة
-
لغزة اسم الله
-
حين يكون الكاتب أكبر غائب
-
توضيح هام لامرأة مغرورة
-
هوامش أولية في جينيالوجيا الكتابة
-
أنت تعدد النساء
-
الشعر والشاعر
-
الشريعة الاسلامية والهوية الضائعة
-
قدر نائم...
-
الدستور المغربي أو التقليدانية الدستورية
-
التربية السياسية والمجتمع الناضج
-
عبد الله العروي وانكشاف المثقف اليساري
-
هذا فراق بيني وبينك
-
سوريا وخروج اللعبة من يد النظام
المزيد.....
-
شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام
...
-
بمناسبة ذكرى الثورة السورية، السويداء شرارة ثورة تعيد امجاد
...
-
م.م.ن.ص// 138 سنة مضت والوضع يعيدنا لما مضى..
-
ربيع کوردستان، تلاحم المأساة والهبات الثورية
-
لماذا لا يثق العمال بقوتهم؟ حركة سلم الرواتب نموذجا
-
الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل، مسرحية إجرامية عُرضتْ فوق
...
-
سياسيون بحزب العمال البريطاني يدعون لتعجيل موعد الانتخابات ا
...
-
بمناسبة اليوم العالمي للسلامة في أماكن العمل
-
حزب العمال البريطاني يدعو لانتخابات تشريعية بعد تفوقه في الم
...
-
خسائر كبيرة للمحافظين في انتخابات المجالس المحلية وموقف حزب
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|