|
عبد الله العروي وانكشاف المثقف اليساري
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 3902 - 2012 / 11 / 5 - 19:02
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
عبد الله العروي وانكشاف المثقف *********************** في بعض الأحيان لا بد من متابعة بعض الكتابات التي فضح التاريخ والأحداث مزاعمها وغسل مساحيقها ، فلكي تواصل الطريق بثبات الحائر ، لابد من الاسترشاد بفوانيس الطريق حتى وان انطفأت بفعل التقادم وعوامل التعرية الكاشفة . وهذا ما حدث لي بالضبط وأنا أقرأ مقالا بعنوان : عبد الله العروي: السلطة الملكية ضامن أساسي للاستقرار " ، للأستاذ محمد ابن أحمد العلوي ، ومختلف الردود التي تمت على المقال ، والتي بلغ عددها ثمانية ، كلها أجمعت على رجعية المفكر العربي عبد الله العروي ، الا واحدة ،وعلى تهافته ، وحربائيته ، والعروي بالنسبة للمثقفين الشباب هو نموذج المثقف التنويري قبل أربعين عاما ، وقد اكتسب هذه الصفة من خلال اطروحتيه مفهوم العقل ومفهوم التاريخ وغيرهما ،وهو روائي وباحث ، الى درجة جعلت بعضهم يعده أبرز مثقف ومفكر عربي خلال القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين ؛ هكذا دون حياء أو تحفظ . ولن نناقش هنا النسق الفكري الذي يتحرك داخله السيد عبد الله العروي ، وهو نسق العقلانية كما يزعم ، اذ العقلانية عندنا وحدة لا تتجزأ ، والعقل عقول ، كما أن العقل قد يستوعب ، وهو يستوعب فعلا لا عقلانيته ، كما يرى الباحث علي حرب ، وكما أوضحت عموما المدرسة التفكيكية الفرنسية والأمريكية . اذن مدار مقالنا هذا سيكون هدفه هو اماطة اللثام واسقاط القناع عن أحد أبرز من كانوا يعدون نموذج المثقف اليساري العلماني بالمغرب ، قبل أن تنكشف حقيقة تقليدانيته ولا تاريخيته ، ليس فقط من قبل المتخصصين ،والباحثين الجادين ، بل ايضا من خلال المتابعين الشباب الذين صدمتهم تنظيرات وأطروحات اليساريين والحداثيين المغاربة ، وهم يتخبطون في لحس تلابيب السلطان ، والدفاع عنه على الرغم من الأخطاء التاريخية والحضارية والانسانية التي وقع فيها السلطان . لتتراجع منظومة القيم التي تعلي من شأن البروليتاريا ومجمل مفاهيم الشعوب ، مخلية كل الفعل والنضال من أجل التطبيل للنظام المخزني المغربي رغم كل عيوبه . وسوف نعطي مثالا صارخا وفاضحا على عملية القلب والابدال التي يصنعها المؤرخ والمثقف الحداثي عندنا ، فعبد الله العروي يرى حسب مقال الأستاذ محمد العلوي أن : التجانس الفكري والنفسي وكذلك الطموح السياسي لا يوجد على مستوى القاعدة كشعب و هي الأهم عند العروي من أي ائتلاف نخبوي" ، وهو افتراء مفضوح ، وعملية توهيمية مقصودة ، فلا احد ممن يملك ذرة عقل مهما صغر شأنها يمكن أن يوافق على الطرح ، فحتى اذا ما سألت المواطن المصري او السعودي أو الأردني ما هوشعورك نحو المواطن المغربي أو الجزائري أو التونسي ، فسوف تجد تجانسا واتفاقا واحساسا بالحنين ، دون نفاق أو لف ودوران . في حين أن ما يسميه العروي بالائتلاف النخبوي أو ما استخلصه منه كاتب المقال ، هو ائتلاف مناسباتي لحظي وآني ، سرعانما تتلاشى والأمثلة على ذلك عديدة ولا حصر لها ، وحدها ائتلافات وزراء داخلية العرب ما كانت ناجحة أيام زين الدين بنعلي ، عندما كانت تعقد بالعاصمة التونسية قبل الربيع العربي . هذه شذرة بسيطة لعملية التزييف الأنتلجينسي للواقع وللآمال والطموحات الشعبية، الا أن بؤرة مؤاخذتنا عليه لا تنحصر هنا ، بقدر ما تنفتح على دعمه المطلق للملكية بكل ثقلها الذي أتعب كاهل الشعب المغربي ، ولا غرو في ذلك فهو من خدام البلاط القديم كمبعوث سري للحسن الثاني حسب بعض القراءات وكمبعوث رسمي حسب الأخرى . فالمثقف اليساري يدافع عن الملكية وعن دعامتيها السياسية والدينية ، وفي المطلق لا يمكن نقد الجمع بين الحقلين فالتاريخ والواقع العالمي يقدمان لنا نماذج عالية في شأن الجمع بين الحقلين . لكن ما يحدث في المغرب يخرق سمو النشاط الملكي في جمعه بين الديني والسياسي . فالملك مثلا يعتبر أمير المؤمنين وحامي الملة والدين ، وهما صفتان تقيدان وتلزمان صاحبهما بمجموعة من الشروط التي تنهض من داخل حقلي تداولهما وفعاليتهما ، فامارة المؤمنين كما مثلها نموذج عمر ابن الخطاب تقع على طرف نقيض مع مؤسسة الامارة هنا ، كما ان حماية الدين تفترض تخليص الممارسات الدينية من جميع الشوائب السلوكية والفكرية والعقدية ، وهو شيئ غير حاصل في المغرب . لنخلص دون كثير عناء أن السياسي في الحالة المغربية ليس مهيمنا على الديني ، بل مستحوذا عليه ، فكما صرح الفقيه احمدالريسوني لا يمكن لرجل دين أن يتبوأ مقعده من المجلس الأعلى لعلماء الدين دون أن يؤشر على سجله ضابط استخبارت بشقيها المدني والعسكري ، ثم ما كشفه الأستاذ حامي الدين وقبله محمد الطوزي ، هناك مؤامرة حيكت في ظلام المطابع الرسمية على الدستور الجديد الذي صوت عليه الشعب ، وان بنسبة قليلة . ودونالخوض في مجمل التناقضات التي يقع فيها الخطاب الملكي باعتباره خريطة طريق مع السلوكات والوقائع والأحداث التي تجري في الواقع المغربي . ان احترام منطق الدولة ومحاولة الدفاع عن الملكية الدستورية لا يمكن أن ينهضا على الارتكاز على فذلكات لغوية ومهارات اصطلاحية وعبقريةمفاهيمية . فالعالم تغير كثيرا بفضل مجموعة من الشروط ، والمثقف العربي ، بل المواطن العربي بدأ يفرض على مثقفه النموذج أن يواكب نبض العصر وليس تاريخانية مسقطة من برج عال ، لم يعد يؤمه الا شيوخ تجاوزتهم فلسفة العصر باعتبارها فلسفة صاعدة من تحت وليست نازلة من فوق ، مع الاعتذار لكانط .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هذا فراق بيني وبينك
-
سوريا وخروج اللعبة من يد النظام
المزيد.....
-
ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام
...
-
شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول
...
-
الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل
...
-
فترة غريبة في السياسة الأميركية
-
مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول
...
-
حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
-
واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
-
ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في
...
-
جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح
...
-
إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب
...
المزيد.....
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
-
حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2)
/ جوزيف ضاهر
-
بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول
/ محمد شيخ أحمد
المزيد.....
|