|
البنك العالمي للانشاء والتعمير في خدمة الادارة الامريكية
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 3861 - 2012 / 9 / 25 - 17:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خرجت الدول الاستعمارية الكبرى ، بعد الاستعمار المباشر ، وما رافقها من نهب جشع للموارد والطاقات ، المادية والبشرية ، للبلدان المستعمرة ، بفكرة " المساعدات الاقتصادية " ، وأنفقت وقتا طويلا في اعداد برامج وسياسات " المساعدات " ، وتشكيل اللجان المختصة بذلك ، سواء على مستوى كل بلد ام على مستوى مجموعة من الدول الامبريالية ، مثل : " مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك " " و " البنك الدولي للإنشاء والتعمير " وغيرهما . تتلقى البلدان النامية المتحررة حديثا من نير الاستعمار ، المساعدات عن طريق الحكومات ( كقروض او منح ) او عن طريق بعض التنظيمات " الخيرية " الدولية ( روكفلير ، فورد ... ) او عن طريق السلف الخاص . كما تتلقى مساعدتها ايضا عن طريق بعض الهيئات " الدولية " كالبنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي وغيرهما ... ) . ومهما كان شكل المساعدات فهي لا تزال ضعيفة نسبيا ، وتنخفض نسبتها باستمرار . فقد انخفضت نسبة قيمة " المساعدات " التي تقدمها الدول المشتركة في " مؤسسة التنمية الدولية " للدول بشكل عطل من التنمية بعد ان حولها الى دول خاضعة بفضل وحاجاتها لهذه المساعدات ، الى دول فاقدة لاستقلال قراراتها وسيادتها الوطنية ، بل اصبحت هذه الدول بفعل المساعدات والقروض المختلفة المقدمة اليها تبتز في اختياراتها السياسية من خلال اتخاذ قرارات ومواقف مغايرة ومتناقضة للاختيارات الوطنية ، وهو ما يجعل منها تابعة وخاضعة للامتلاءات الاستعمارية . لقد انشئ البنك الدولي للانشاء والتعمير كمؤسسة مالية " دولية " بهدف معلن عنه هو : تقديم القروض والسلف الى البلدان النامية لمساعدتها في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، بعد حصولها على الاستقلال الوطني ضمن ظروف اقتصادية / اجتماعية صعبة . وكان البنك في كل مرة يقدم اليه طلب " المساعدة " ، يرسل بعثة خاصة الى البلد المعني ، تقوم بدراسة ميدانية للحالة الاقتصادية / الاجتماعية لهذا البلد ، وبالتالي اتخاذ القرار المناسب المتعلق بإعطاء القرض وقيمته ومدته ..لخ ، علما بان البنك يقدم تعهدا بسرية المعلومات التي تحصل عليها بعثته ، وغالبا ما يحتوي تقرير البعثة على " نصائح وإرشادات " تقدم الى حكومة البلد المعني ، بالإضافة الى شروط لا بد من تنفيذها قبل تقديم القرض . وتتركز هذه الشروط بشكل اساسي ، في تشجيع القطاع الخاص والمبادرات الفردية ، وجعل القطاع العام في خدمة القطاع الخاص باستمرار ، بالإضافة الى امتناع الحكومة عن دعم اسعار سلع الاستهلاك الشعبي الواسع ( كالسكر و الارز والشاي والخبز والطحين ..) وتوسيع وتطوير قطاع الخدمات ، بهدف توفير " الجو المناسب " للاستثمارات الاجنبية ، وزيادة الضرائب المفروضة في البلاد مع رفع الاسعار وأثمان الخدمات . الحقيقة ان دور هذه المؤسسات " المصرفية " الاستعمارية يتعدى هذه الاهداف والمبادئ المعلنة . وهذا ما نلاحظه بوضوح من خلال تصريح رئيس سابق لهذا البنك ( بليك ) اذ قال " تعتبر برامجنا للمساعدات الاجنبية مصدر دخل جديد للأوساط النشيطة ..." . وذكر ثلاث نقاط توضح هذا الموضوع : 1 ) تفتح المساعدات الاجنبية اسواقا هامة للسلع الامريكية ومجال الخدمات . 2 ) تسهل المساعدة الاجنبية تطوير اسواق جديدة بحرية للشركات الامريكية . 3 ) توسّع المساعدة الاجنبية في البلدان التي توجه اليها ، نظام الاستثمار الحر ، الذي تزدهر الشركات الامريكية في ظله ... ) . ويشير عدد كبير من الاختصاصيين الغربيين الى العلاقة الوثيقة بين البنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي من جهة ، والاحتكارات المصرفية العالمية من جهة اخرى ، حيث تقدم هاتان المنظمتان الى الاحتكارات المصرفية العالمية جميع المعلومات بالوضع الاقتصادي والمالي في البلدان النامية ، التي جمعها الخبراء عند تقديم القروض المتواضعة ، رغم التأكيد المستمر على سرية هذه المعلومات . من هنا يتضح إلحاح الولايات المتحدة الامريكية المستمر ، عند مناقشة مسائل التجارة الدولية وأسعار المواد الخام و الطاقة ونظام النقد العالمي وغيرها ، ضمن اطار منظمة الامم المتحدة ، على اعطاء الدور القائد ، في حل هذه المسائل ، للبنك الدولي للتعمير والتنمية وصندوق النقد الدولي . ان البنك الدولي للتعمير والتنمية مطالب ، في الوقت الحاضر ، من قبل الادارة الامريكية التي تمثل حقيقة مصالح الاستعمار الجديد ، بان يلعب دورا فعالا في دعم بعض الانظمة التابعة بشكل مفضوح كنظام موبوتو سيسيسيكو سابقا بالزايير ، والنظام المصري لحسني مبارك المخلوع ...لخ ان البنك الدولي للتعمير والتنمية مؤسسة مالية تخدم وتنفذ السياسات الامبريالية في البلدان المتحررة ، بهدف احكام قبضتها على اقتصاد هذه البلدان والاستمرار في نهبه ، وفق الاستراتيجية الجديدة للاستعمار الحديث .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
( الدولة اليهودية ) ومفهوم الحدود الآمنة
-
حركة التحرر العربية : ازمة عارضة او بنيوية ؟ الربيع ( العربي
...
-
الصهيونية العالمية والنازية وجهان للصهيونية الاخوانية
-
ميكانيزمات التحكم في القرار السياسي بالبلاد العربية
-
في بناء الحزب العمالي الثوري (منظمة الى الامام) ( وجهة نظر )
-
الطائفية الورم الخبيث بالوطن العربي
-
ازمة منظمة ( التحرير ) الفلسطينية -- دراسة تحليلية ونقدية لم
...
-
البومديانية وتجربة التنمية الجزائرية المعاقة
-
المثقفون والصراع ( الطبقي )
-
(الايديولوجية العربية المعاصرة )
-
انقلابيو فتح وراء مقتل ياسر عرفات
-
انصاف الحلول : الارث الاتحادي الراديكالي ( 5/5)
-
انصاف الحلول : الارث الاتحادي الراديكالي ( 4/5 )
-
انصاف الحلول : المؤتمر الاستثنائي ( 3/5 )
-
انصاف الحلول 2/5
-
انصاف الحلول 1 / 5
-
يونيو شهر النكبات والنكسات المصرية
-
الانتظاريون ليسوا بمرجئة
-
ملف - المتغيرات في تركيبة الطبقة العاملة ودورها ،والعلاقات م
...
-
المثقف
المزيد.....
-
ما أوجه التشابه بين احتجاجات الجامعات الأمريكية والمسيرات ال
...
-
تغطية مستمرة| إسرائيل تواصل قصف القطاع ونسف المباني ونتنياهو
...
-
عقب توقف المفاوضات ومغادرة الوفود.. مصر توجه رسالة إلى -حماس
...
-
أنطونوف: بوتين بعث إشارة واضحة للغرب حول استعداد روسيا للحوا
...
-
مصادر تكشف لـ-سي إن إن- عن مطلب لحركة حماس قبل توقف المفاوضا
...
-
بوتين يرشح ميشوستين لرئاسة الوزراء
-
مرة أخرى.. تأجيل إطلاق مركبة ستارلاينر الفضائية المأهولة
-
نصائح مهمة للحفاظ على صحة قلبك
-
كيف يتأثر صوتك بالشيخوخة؟
-
جاستن بيبر وزوجته عارضة الأزياء هيلي في انتظار مولودهما الأو
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|