أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - انصاف الحلول : الارث الاتحادي الراديكالي ( 5/5)















المزيد.....


انصاف الحلول : الارث الاتحادي الراديكالي ( 5/5)


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 3783 - 2012 / 7 / 9 - 20:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اذا كان المؤتمر الوطني الاستثنائي الذي تم عقده في يناير 1975 قد اسس لانقلاب ضد خط النضال الراديكالي ، وضد تاريخ الحزب الذي سطرته مؤتمراته التأسيسية ، والمؤتمر الثاني ، اضافة الى تصريحات المهدي دينامو الحزب و تجارب الاتجاه البلانكي الذي مثلته احداث 16 يوليوز 1963 ، وإحداث 3 مارس 1973 ، اضافة الى مشاركة هذا الاتجاه افقير في انقلاب الطائرة الملكية في سنة 1971 ، و استمرار نفس الخطاب من الناحية التمويهية منذ انقلاب البرجوازية الصغيرة على البرجوازية الميركنتيلية المحافظة في حزب الاستقلال في 25 يناير 1959 " التحرير ، الديمقراطية ، الاشتراكية "، فان ما جاء به المؤتمر الوطني الثالث الذي انعقد في دجنبر 1978 ، كان واضحا في تحديد مواقف الحزب من القضايا الاساسية التي استرعت باهتمام الطبقة السياسية المغربية ، ومن ضمنها قادة واطر الحزب البارزين ، وقواعده التحتية التي اعطت الكثير وغنمت القليل حين انعكست سلبا الخلافات تنظيميا وإيديولوجيا بسبب الازمة السياسية ، وبسبب الموقف من النظام ، والاستحقاقات السياسية التي كانت تعرفها المملكة كلما جدّ جديد ، او كلما اقتضت الضرورة ذلك لإغلاق الباب على المغامرات ، او لتفادي الستاتيكو الذي كان يضر بالعملية السياسية ، ومن ثم كان يلحق اذا بسمعة المغرب في الخارج . .. فقد جاء المؤتمر الوطني الثالث الذي انعقد بالدارالبيضاء ايام 8 و 9 و 10 دجنبر 1978، ليحدد وبكل وضوح موقف الاتحاد من المجالس المنتخبة ، والمسلسل الانتخابي برمته . وتجلى ذاك على الخصوص في مقررات المؤتمر ، وفي قرار اللجنة المركزية في مايو 1979 . ان من اهم ما جاء في البيان السياسي العام :
" ... يؤكد المؤتمر ان الاختيارات اللاّشعبية اللاّديمقراطية التي تمسك بها الحاكمون ... والتي طالما ندد بها حزبنا ... اصبحت الآن امام افق مسدود ، وحكمت على نفسها بالفشل في كافة الميادين ..." ( انظر من الاتحاد الاشتراكي الى حزب الطليعة ص 44 منشورات الطريق )
" ... انعزال السلطة كليا عن الشعب ، وقواه الحية ، وسقوطها في ايدي الانتهازيين والسماسرة وكافة الساعين الى الاثراء وإرضاء نزواتهم الشخصية بواسطة التملق والنفاق ، وهذا سمح مرة اخرى بفتح المجال لتسرب كثير من العناصر الانتهازية الى مراكز التوجيه والتقرير والتنفيذ ، مما ادى الى نشوء طبقة برجوازية جديدة طفيلية وبيروقراطية وضعت يدها بالتدريج على كافة المرافق الاقتصادية مستعملة سلطة الدولة لاستغلال الدولة والشعب في آن واحد ... " ( انظر نفس المرجع ص 54 )
لقد حكم المؤتمر على المسلسل الديمقراطي ( الانتخابات الانتخابوية ) بالفشل التام ، ووصف البيان التجربة الديمقراطية بأنها :
" ... الديمقراطية المزيفة في ابشع صورها وأقبح مظاهرها ... " وطرح البديل المرحلي الذي على الحزب ان يناضل من اجله وهو " ... الديمقراطية التي تعني الغاء جميع اساليب المخزنة في دولتنا ، وتحويلها الى دولة وطنية ديمقراطية تعتبر الشعب مصدر جميع السلطات ... " . وقد طرح المؤتمر برنامجا إستعجاليا ومرحليا من اجل " ... مراجعة شاملة للدستور وإجراء انتخابات حقيقية يضمن فيها التعبير الديمقراطي الحر لكافة المواطنين وضمان حياد الجهاز الاداري ... انتخابات حرة نزيهة تمكن البلاد من التوفر لؤول مرة على مؤسسات حقيقية ... " ( انظر نفس المرجع ص 55 و 56 )
واضحا اذن ان الحزب اصبح في توجهاته المستقبيلة مرتبطا بالقرارات التي تبناها في المؤتمر الاستثنائي والمؤتمر الوطني الثالث ، هذين المؤتمرين اللذين حددا اهدافا واضحة وخطا سياسيا مرحليا . وإذا كان المؤتمر الوطني الاستثنائي قد وضع الديمقراطية ضمن معادلة واحدة تتكون من ثلاثة عناصر هي " التحرير ، الديمقراطية والاشتراكية " ، فان المؤتمر الوطني الثالث ، عكس بوضوح موقف الحزب من الانتخابات ، البرلمان تم المسلسل الديمقراطي برمته ، حيث حكم عليهم بالإفلاس ، واعتبر انهم يمثلون " الديمقراطية في ابشع صورها " . وقد كان هذا يعني في ذلك الوقت ضرورة الالتزام بقرارات المؤتمر ، والعمل على تبني استراتيجية واضحة في العمل الحزبي لإعادة الثقة المفقودة اليه ، وإعادته الى موقعه الشعبي الهادف الى بناء الدولة الديمقراطية العصرية كما نظر لذلك المؤتمر الاستثنائي المنعقد في يناير 1975 ، اي الملكية الشكلية التي لا يسود فيها الملك ولا يحكم . وكاستمرار وتتمة لهذه القرارات ، وفي افق الالتزام والتحضير لتجسيد ما نصص عليه المؤتمر قي قراراته او في البيان السياسي العام ، عقدت اللجنة المركزية التي كان يسيطر عليها الجناح الراديكالي في 31 ماي 1979 اجتماعا قررت فيه الانسحاب من مجلس النواب الذي كان يضم العناصر اليمينية الاتحادية ، وتركت للمكتب السياسي مسؤولية تنفيذ ذاك القرار .
بعد اخد ورد داخل المكتب السياسي واللجنة المركزية التي مارست ضغوطا بتجييش القواعد التي كانت تصبو الى مرامي اكثر في العملية السياسية ، قرر النواب الاتحاديون في سادس اكتوبر 1981 تقديم رسائل فردية الى رئيس مجلس النواب يعتبرون فيها ، ان مدة انتخابهم كنواب قد انتهت مع نهاية السنة التشريعة الرابعة في الثامن اكتوبر 1981 ، وذلك استنادا الى الفصل 43 من الدستور قبل التعديل الاخير .
بعد الخطاب الافتتاحي للملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله ، تلقى النواب الاتحاديون رسائل فردية من رئيس مجلس النواب في 13 اكتوبر 1981 يخبرهم فيها بلا قانونية الانسحاب ، و بضرورة العودة الى البرلمان . وهذا بالفعل ما حصل ، اذ عوض ان يلتزم المكتب السياسي بقرارات الاجهزة الحزبية المقررة ، اللجنة المركزية والقواعد ، أذعن لطلب رئيس مجلس النواب ، ولرغبة البرلمانيين الذين كانوا يتصرفون كنواب لا علاقة تجمعه بالحزب الذي رشحهم للانتخابات ، و تم الرجوع الى كراسي البرلمان في 13 اكتوبر 1981 ، فحضروا الجلسة الاستثنائية التي عقدت مساء ذاك اليوم بذريعة واهية لتبرير الرجوع للحفاظ على المصالح والامتيازات ، وهي التهديد الذي تتعرض له قضية الصحراء المغربية ، ومحاصرة البرلمانيين بضاغطين متوازيين احدهما قانوني والأخر سياسي ، بل برّروا العودة بضرورة التواجد بالبرلمان ولو بنائب واحد لأن الاتحاد بدون برلمان لن يكون له وجود ..لخ
هكذا احتدم الصراع مجددا داخل الحزب حول قضية عودة النواب الى البرلمان ، وبدا الصراع يأخذ شكل البلاغات والقرارات ، والبلاغات والقرارات المضادة بين اليمينيين و الانتهازيين الذين لا تربطهم بالحزب غير المصالح ، وبين البرجوازيين الصغار الذين كانوا يطمحون الى لعب دور اكثر اهمية في العملية السياسية ، اي النضال من خارج قبة المؤسسات ، بالارتباط بالجماهير لفرض الاصلاح الحقيقي الذي يركزونه في الملكية الشكلية ، بدل التحرك ضمن المؤسسات التي حكم عليها المؤتمر الثالث كما المؤتمر الاستثنائي بالفشل . وقد تطور هذا الاحتقان في افق امامي حين اصدر المكتب السياسي الذي كانت اكثريته يمينية في 31 مارس 1981 ، قرارا يقضي بطرد مسئولين وطنيين بارزين اهمهم الاستاذ عبدالرحمان بنعمر والأستاذ احمد بن جلون والأستاذ العربي الصادق اشتوكي رحمه الله من فرع الرباط ، ثم تبعت هذا القرار ، قرارات اخرى فوقية مماثلة بطرد مناضلين من مدينة بني ملال ، ازيلال ، خريبكة ، الدارالبيضاء ، فاس ... لخ
وأمام ضغط القواعد التي كانت تطالب بالالتزام بما سطرته مؤتمرات الحزب الاستثنائي والثالث ، وبعد ان تبين لليمين المكون للمكتب السياسي التفاف القواعد على الحزب ، ومطالبتها القيادة فقط التمسك بما قررته المؤتمرات الحزبية و وقررته الاجهزة القيادة التقريرية ، بدأ هذا المكتب ينهج اسلوب التحريض والتبليغ ضد الاطر ، وسيتطور الصراع بحصول احداث 8 ماي 1983 امام المقر الرئيسي للحزب بأكال قبل ان يتحول الى حي الرياض البرجوازي ، وانتهت الاحداث بدخول اتباع عبدالرحيم بوعبيد ومحمد اليازغي بحصة مريحة في البرلمان ومقاعد مهمة في الحكومة ، ودخول 34 مناضلا من الجناح البرجوازي الصغير القي عليهم القبض في اماكن متفرقة ، الى سجن ( لعلو ). وانتهى الصراع بان اصبح الحزب يتكون من جناحين متعارضين ، احدهما يميني يمثله المكتب السياسي وأتباعه ( ضرورة التواجد بقلب المؤسسات ولو بنائب واحد ) والآخر برجوازي صغير يمثله اصحاب اللجنة الادارية الوطنية التي ستتحول في 6 اكتوبر 1991 الى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ( دعاة الملكية الشكلية التي لا يسود فيها الملك ولا يحكم ) .
بعد مخلفات 8 ماي 1983 ، ودائما خوضا للصراع من اجل تثبيت استمرارية تمثيل المشروعية التاريخية من قبل الفريقين المتعارضين ، عقد كل من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ( اللجنة الادارية الوطنية سابقا ) وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مؤتمرا تحت عنوان المؤتمر الرابع ، اي استمرارا و مواصلة للمؤتمر الوطني الثالث بعد المؤتمر الوطني الثاني ، والمؤتمر التأسيسي الذي عقد مباشرة غداة الانفصال عن الجناح المركانتيلي المحافظ ، الذي استثمر الاستقلال لخدمة العائلة والمقربين والأحباب . واذا كان المؤتمر الرابع لحزب الطليعة ، قد اعتبر من الناحية السياسية وليس الايديولوجية ، نوعا من الاستمرار للمؤتمر الوطني الاستثنائي وللمؤتمر الوطني الثالث ، فان المؤتمر الوطني الرابع للاتحاد الاشتراكي ( مجموعة المكتب السياسي اليمينية ) قد شكل قطيعة جذرية مع المؤتمر الاستثنائي والمؤتمر الوطني الثالث ، حيث تحول الحزب من تنظيم كان يطالب بالحكم ( الارث الراديكالي للاتحاد ) الى حزب يطالب فقط باقتسام الحكم ( المنهجية الديمقراطية بعد تعديل الدستور نحو خلق نوع من التوازن بين سلطات الملك وسلطات الحكومة ، وبالأخص دور الوزير الاول في الهرم الحكومي المؤسساتي ) الى حزب تخلى بالكامل عن المطالب الراديكالية التي جسدتها الادبيات السياسية في الستينات ، كما تخلى عن المطالب الاصلاحية البرجوازية الصغيرة التي جسدها قرارات المؤتمر الاستثنائي والمؤتمر الوطني الثالث ، واضحى الحزب منذ المؤتمر الرابع يركز فقط على المشاركة في الحكومة تحت مظلة القصر . وإذا كان المؤتمر الرابع قد شكل بداية القطيعة مع اصحاب اللجنة الادارية الوطنية التي شكلت حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي في سنة 1991 ، فان المؤتمر الخامس ، كان بحق مؤتمر الارتماء وبدون مقدمات في حضن الدولة ، حيث كان الفضل لوزير الداخلية السابق ادريس البصري في تعيين العديد من اطر الكتابات الوطنية ، وفي هذا المؤتمر كذلك وبضغط من القواعد ادخل الى المكتب السياسي نوبير الاموي عن الكنفدرالية الديمقراطية للشغل قبل ان يطرد منه لاحقا ، وادخل بفضل الاوامر العليا كل من عبدالواحد الراضي وفتح الله ولعلو المكتب السياسي كذلك . وإذا كان موت عبدالرحيم بوعبيد قد وضع حدا لمرحلة التوافقات مع الدولة التي سادت الحزب منذ المؤتمر الرابع ، فان المؤتمر الخامس كان آخر محطة ’قلّستْ فيها فلول البرجوازيين الصغار التي كانت تحرس على التمايز الايديولوجي والسياسي ضمن الدولة ، لصالح اليمين الذي جعل من الاتحاد الاشتراكي حزبا لا يختلف عن غيره من الاحزاب التي تنشط في الساحة . وهنا لابد من الاشارة الى ان اليمين الاتحادي الذي يحتكر اسم الحزب ( الاتحاد الاشتراكي ) وفقد ارثه النضالي ، جلس في حكومات متعددة مع احزاب كان يصفها بأقبح النعوت والأوصاف ، مثل حزب الحركة الشعبية ، حزب التجمع الوطني للأحرار ، حزب الاصالة والمعاصرة ، حزب الاستقلال ... والسؤال هل لا زال الحزب يتحدث والى اليوم عن البرنامج الاشتراكي الذي لا تؤمن به الاحزاب التي يتقاسم معها المناصب الحكومية ؟ واذا كان الامر كذلك فهل يمكن اعتبار المجموعة التي تحتكر اسم الحزب كعلامة تجارية اشتراكية ؟
الخلاصة : بالرجوع الى تاريخ الحزب من الاتحاد الوطني والى الاتحاد الاشتراكي يمكن ان نحدد اهم المراحل التاريخية التي تؤسس وتؤرخ لتاريخ الاتحاد في مرحلتين اساسيتين :
المرحلة الاولى وهي التي ابتدأت مع التأسيس للحزب الجديد بعد الخروج عن حزب الاستقلال . ان هذه المرحلة التي تعد مهمة ( التأسيس لحزب برجوازي صغير)، وحرجة ( المحن والصعوبات التنظيمية والإيديولوجية التي مر بها الحزب ) تميزت بسيادة الخطاب السياسي الثوري العنيف الذي جسدته ادبيات الحزب من خلال تصريحات صقوره المؤسسين وعلى رأسهم المهدي بن بركة ، الفقيه محمد البصري ، مومن الديوري ..لخ كما تجلت هذه المرحلة في البيانات والبلاغات التي كان يصدرها الحزب من خلال اجهزته التقريرية ، ومن خلال عقد مؤتمراته من التأسيسي الى المؤتمر الوطني الثاني . لقد تميزت تلك الفترة كذلك بالمحاولات الفاشلة للانقضاض على الحكم من فوق ، اي من خلال الانقلابات البلانكية المتعطشة للسلطة ، ويحضرنا هنا ان نسرد الاحداث المسلحة في 16 يوليوز 1963 وأحداث 3 مارس 1973 ثم مشاركة افقير انقلاب الطائرة في سنة 1971
اما المرحلة الثانية ، فكانت القطيعة مع المرحلة الاولى التي تعكس الارث الراديكالي للحزب ، ومن ثم الانقلاب على ماضي الاتحاد الثوري الذي كان يتمحور فقط حول الحكم وليس حول اقتسام السلطة او المشاركة فيها . لقد عكس المؤتمر الاستثنائي الذي عقد خصيصا في سنة 1975 لتصفية تركة الاتحاد ، هذه المرحلة بشكل جلي . وقد سمي مؤتمرا استثنائيا لان الفرقاء المجتمعين ، بعد ان اعياهم فشل السنوات العجاف ، ارادوا تغيير التكتيك للوصول الى الاستراتيجية ( سلب سلطات الملك لصالح الوزير الاول ، وإضعاف القصر لصالح الاحزاب ) من داخل النظام وليس من خارجه . لقد ادى هذا التصور الجديد لمؤتمري المؤتمر الاستثنائي ، وللمؤتمر الوطني الثالث ، وللقيادة البرجوازية الصغيرة التي كانت مرتهنة في اتجاهاتها للأطر البرجوازية ما فوق الصغيرة ، وما فوق البرجوازية المتوسطة التي اصبحت لاحقا مشتلا لزرع بذرة الاتجاه اليميني التي احتفظ بعنوان الحزب وفقد ارثه النضالي ، الى بروز معارضة جذرية للمؤتمرين ( الاستثنائي والثالث ) تزعم قيادتها تيار الخارج المرتبط بإرث الاتحاد الراديكالي ، وهم الجماعات المنحدرة من تجربة 16 يوليوز وتجربة 3 مارس ، ومن تيار المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي ، ومن بعض الطلبة والعمال بالمهجر خاصة بفرنسا ، الجزائر ، ليبيا وسورية ، فأسس هؤلاء حركة ثورية اطلقوا عليها ( حركة الاختيار الثوري ) تصدر مجلة دورية كل ثلاث اشهر تعنى بإرث الاتحاد وتاريخه الراديكالي .
اذن السؤال هل لا يزال من السياسيين العضويين الذين عايشوا مسيرة الاتحاد في شقيها الثوري او الاصلاحي من يؤمن بتلك المرجعية التي جعلت الحزب يتميز عن غيره من الاحزاب اليسارية الراديكالية في الساحة الوطنية ؟
للإجابة لابد من الاشارة هنا الى ان مناضلي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي قبل تأسيسهم للحزب بصفة رسمية في اكتوبر 1991 ، كانوا اعضاء ناشطين ضمن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، ومن هذا الموقع فقد ساهموا وبشكل ايجابي في الاعداد والتحضير والمشاركة الفعالة للمؤتمر الاستثنائي الانقلابي على تاريخ وماضي الاتحاد ، ومن ثم يكونون مثل غيرهم من العناصر التي ستتقطع بها السبل في اتجاهات عدة ، قد قطعوا ، بل وتنكروا للتاريخ الذي صنعته الرموز التي يتاجرون اليوم بالافتخار بالانتساب الى مدرستها ، اي مدرسة المهدي بن بركة ومن معه .
وإذا كان مناضلو الخارج الذين اسسوا حركة الاختيار الثوري كرد رافض للقرارات التي خرج بها المؤتمر الاستثنائي ، ومن اهمها ( ارض الله واسعة ) ، فان الخلافات التي دبّت وسط هؤلاء بالمهجر ، و وصلت الى حد اصدار بيان في سنة 1982 يقضي بطرد الفقيه محمد البصري من التنظيم ، بدعوى انه لم يقطع مع المحاولات البلانكية الانقلابية ، واعتبار مؤسسة الجيش كأحد الاذرع الاساسية للقفز على السلطة ، قد جعل من هذه المجموعة كذلك تقطع مع خط الاتحاد الراديكالي الذي عمّر طيلة الستينات والسبعينات من القرن الماضي . وهنا ألا يعتبر قيام اطر الخارج بالحل التنظيمي لحركة الاختيار الثوري ، ومعاودتهم الانضمام كأفراد ، وليس كتنظيم لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ، إدانة وقطعا مع تاريخ الاتحاد ، خاصة وان مناضلي ( اللجنة الادارية الوطنية ) قبل انشاء حزب الطليعة ، كانوا منتمين الى الاتحاد الاشتراكي ، وساهموا من مواقع مختلفة في تفعيل اجواء المؤتمر الوطني الاستثنائي والمؤتمر الوطني الثالث ، وهو ما يدل على ان مناضلي حركة الاختيار الثوري الذي اسّسوا التنظيم رفضا لقرارات المؤتمر الاستثنائي ، عادوا من جديد ومن خلال انضمامهم الى حزب الطليعة ، الى تبني قرارات المؤتمر الوطني الاستثنائي ؟ اي ان الجميع اليوم قد قطع مع ماضي الاتحاد ، ولم يعد هناك من يحن الى هذا الماضي الذي اسال مدادا كثيرة .
وإذا كان من اسباب الانشقاق التي عرفها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في بداية الثمانينات ، ضرورة التقييد بما نصص عليه المؤتمر الوطني الثالث ( الموقف من الانتخابات ) ، حيث انقسم الخصوم بين من ينادي بالمشاركة في الانتخابات ( اليمين ) ، وبين من يرفض المشاركة فيها ( التيار البرجوازي الصغير )، فهل مشاركة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي في انتخابات 2007 بدون ان يتحقق له ادنى شرط من الشروط الذي دأب يتحجج بها لتبرير مقاطعته لجميع الاستحقاق السياسية منذ الستينات في صور مختلفة ( من الاتحاد الوطني الى الاتحاد الاشتراكي الى حزب الطليعة ) ، كان خروجا وتراجعا عمّا سطر المؤتمر الوطني الاستثنائي والمؤتمر الوطني الثالث ؟ وهنا من كان محقا ومعه الحق في بداية الثمانينات . هل مجموعة المكتب السياسي ( اليمين ) التي شاركت في الانتخابات ، ام مجموعة اللجنة الادارية الوطنية ( التيار العروبي المراكساني البرجوازي الصغير ) ؟ فإذا كان الحق والصواب مع هؤلاء ( حزب الطليعة ) فلماذا شاركوا بدون مقدمات في انتخابات 2007 ؟ الم يكن قرارهم بالمقاطعة خطا استراتيجيا اضعف ( اليمين الاتحادي ) الذي ظل يمارس المعارضة البرلمانية دون ان يتعداها الى ابعد من ذلك
ان مثل هذه الشطحات غير المضبوطة لم تقف عند هذا الحد ، ذلك ان مقاطعة حزب الطليعة للانتخابات الاخيرة التي عرفتها المملكة بعد التعديل الذي ادخل على الدستور ، لم يكن بدافع تبرير سياسي او ايديولوجي ، لكن الحزب قاطع الانتخابات لأنه يعلم علم اليقين انه إن شارك فيها ، فانه سيحصد صفر صوت مثل انتخابات 2007 ، ففضل الرهان على حركة 20 فبراير آملا ان يأتيه الحراك بما عجز عن تحقيقه منذ انفصاله عن حزب الاستقلال في سنة 1959 .
اذن وبإيجاز نستطيع القول الآن ، ان الجميع قطع مع خط الاتحاد الراديكالي في الستينات والسبعينات من القرن الماضي ، في حين ان الاكثرية قطعت حتى مع المؤتمر الاستثنائي والمؤتمر الوطني الرابع ( مشاركة حزب الطليعة في انتخابات 2007 ) . اما النتيجة التي توصل اليها تطور الصراع بالمغرب منذ خمسينات القرن الماضي والى اليوم ( 20 فبراير والتنسيقيات الانتهازية المرتبطة بها من اليساريين المتطرفين والراديكاليين ) فقد اضحت واضحة للعيان وهي :
انتصار القصر وهزيمة الاحزاب . انتصار المشروعية وهزيمة العدمية والمغامراتية



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انصاف الحلول : الارث الاتحادي الراديكالي ( 4/5 )
- انصاف الحلول : المؤتمر الاستثنائي ( 3/5 )
- انصاف الحلول 2/5
- انصاف الحلول 1 / 5
- يونيو شهر النكبات والنكسات المصرية
- الانتظاريون ليسوا بمرجئة
- ملف - المتغيرات في تركيبة الطبقة العاملة ودورها ،والعلاقات م ...
- المثقف
- العراق بين مخاطر التقسيم والانقلاب العسكري واللّبننة ( 2 )
- العراق بين مخاطر التقسيم والانقلاب العسكري واللّبننة ( 1 )
- الشبيبة
- ملف المراة : آفاق المراة والحركة النسوية بعد الثورات العربية
- حقوق الانسان المفترى عليها في الخطاات الحكومية وغير الحكومية
- اغلاق خمارة ( اسكار) بالدارالبيضاء
- الرجعيون والتقدميون في الاسلام
- القرامطة وافلاطون
- بلشفيك الاسلام . هل هم قادمون ؟
- الديمقراطية بين دعاة الجمهورية ودعاة الخلافة
- التوجه السياسي للمهدي بن بركة ( 8 )
- التوجه السياسي للمهدي بن بركة ( 7 )


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - انصاف الحلول : الارث الاتحادي الراديكالي ( 5/5)