أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - حكاية ُ حمار ٍ يُدعى ( سموك )














المزيد.....

حكاية ُ حمار ٍ يُدعى ( سموك )


عماد عبد اللطيف سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3823 - 2012 / 8 / 18 - 11:29
المحور: كتابات ساخرة
    



تقول الحكاية المنقولة عن وكالة رويترز للأنباء أنه في 17-8-2012
و " بعد رحلة مثيرة من العراق إلى الولايات المتحدة اجتذبت اهتماما عالميا.. انتهت حياة الحمار العراقي (سموك) في ولاية نبراسكا.
ونفق سموك هذا الاسبوع في مزرعة ( ميركل هيلز ) الواقعة إلى الشمال من اوماها حيث كان يعيش حياة هادئة مع خيول صغيرة .
وكان جنود من مشاة البحرية الامريكية قد اخذوا ( سموك ) بعد ان ظهرت عليه اعراض سوء التغذية واصيب بجروح في معسكر " تقدم " بمحافظة الانبار العراقية في 2008 . ورغم ان اللوائح تمنع الاحتفاظ بالحمار .. إلا ان الكولونيل جون فولسوم ( قائد المعسكر في ذلك الوقت ) استعــان بطبيب نفسي بالبحــرية لتصنيف سموك كـــ " حيوان للعلاج " لانه ساعد في تخفيف الشعور بالاجهاد بين جنود المعسكر .
وتدرب ( سموك ) على الدخول الى المكاتب وفتح الادراج لاخراج ثمار التفاح والجزر وهدايا اخرى كان يضعها جنود المعسكر .
وقام جنود من الجيش الامريكي حلوا محل افراد مشاة البحرية في المعسكر بتسليم الحمار الى شيخ محلي . لكن فولسوم - الذي تقاعد فيما بعد - تمكن بعد سلسلة من الاجراءات البيروقراطية من احضار الحمار الى نبراسكا العام الماضي . وقال إن ( سموك ) ربما نفق بسبب مغص معوي .
واضاف قائلا : "كان حمارا صغيرا رائعا" . ( إنتهت الحكاية )

غير ان ما لم تنتبه اليه رويترز .. وما حاول الأمريكيون أخفاءه ( كعادتهم عند التعاطي مع القضايا العربية ) .. هو ان الحمار العراقي " الصغير والرائع " ( سموك ) .. قد مات غماً وكمدا ً للأسباب الآتية :
- الأنتقال " غير الديموقراطي " لــ " الزمــام " .. من " الشيخ المحلــي " .. إلى القائد العسكري الأمريكي .
- إختلاف نمط الأستهلاك بين " شوك وعاقول " صحراء (الأنبار ) .. و " شوفان " مزرعة ( ميركل هيلز ) في شمال أوماها . وهكذا فقد كانت " مرحلة التكيف " قصيرة جدا ً .. وكانت اخطاء " المرحلة الأنتقالية " جسيمة جدا .. مما ادى الى اصابة نظام المناعة لدى ( سموك ) بفايروس فتاك .. سريع الأنتشار . . قاد بدوره إلى مغص معوي قاتل ( وفق الرواية الأمريكية الناقصة للأحداث ) .
- خضوع ( سموك ) لنسق تنظيمي صارم .. يتعارض تعارضا ً تاما ً مع بيئة " الصعلكة الحرة " .. التي نشأ عليها الحمار اليافع في بادية الأنبار .
- إحساس ( سموك ) بالمهانة لعدم مطالبة حكومة بلده به .. وأعلان استعدادها لتحمل نفقات اعادته سالما الى ارض الوطن .. رغم ان تخصيصات الموازنة العامة الفيدرالية للعراق في العام 2012 تزيد عن 110 بليون دولار .
- إن " التهجير القسري " لا يتحمله ُ بشرٌ بالغٌ في العراق . فكيف يتحمله ُ حمار ٌ " صغيرٌ ورائع " ( على وفق وصف الكولونيل جون فولسوم له ) .
- معاناة الحمار العراقي الصغير من انفصام حاد ٍ بالشخصية .. نتيجة إصرار الأمريكان على تسميته ومناداته بــ ( سموك ) . فهو لم يكن يدعى ( سموك ) في الماضي . ولن يصبح ( سموك ) الآن . ولن يتمكن ابدا ً من ان يكون ( سموك ) مستقبلاً . ومع انه يدرك ُ حدود مكانته ضمن هذه " التراتبية السلالية " .. إلا انه لم يعد يتذكر ماذا كان العراقيون يسمونه .. عندما كان واحدا ً منهم . وماهي طبيعة ُ الألقاب التي كانوا يسبغونها عليه عند ولادته .. او بعدها بقليل . لقد اقتلعه ُ الكولونيل ( جون فولسوم ) من جذوره .. ورماه ُ كطفل ٍ لقيط في مزارع ( نبراسكا ) .
- ومما فاقم من حالة " العصاب القهري " التي عانى منها الرائع الصغير ( سموك ) .. هو تحويل الدور والوظيفة المناطة به إلى " حيوان للعلاج " .. بدلا من " حيوان للجر " ( وهي الصفة الوظيفية الغالبة للحمير العاملة في العراق ) .
- لم يتمكن ( سموك ) أبدا ً من فهم الجدوى الأقتصادية والسياسية والتاريخية .. التي انطوت عليها عملية نقله الى الولايات المتحدة الأمريكية .
لقد كان ( سموك ) طيلة عمره ( القصير جدا ً .. أو التعيس جدا ً.. ككل العراقيين ) .. حمارا ً مسالما ً محايدا ً . ولم يكن في يوم ٍ ما طرفا ً في أي " صراع ٍ للحضارات " . كما أنه ُ لم يكن ( ولم يفكر في ان يكون ) ذلك " الحمارُ الأخير " الذي لايزال ُ يؤمن ُ بـ " حتمية الأنهيار الشامل للأمبريالية " .. على أيدي " البروليتاريا الأممية الهلامية المناضلة " .
- أدى نقل ( سموك ) الى الولايات المتحدة الأمريكية .. إلى ضياع فرصة نادرة .. كانت ستتيح ُ له ُ حتما إمكانية المشاركة في كرنفالات " الربيع العربي " .
فأباه ُ أخبره ُ .. أن جده أخبره ُ .. أنهما لا يتذكران معا .. متى حــل ّ آخر ربيع أخضر على ربوع العراق . ولو ان الكولونيل ( جون فولسوم ) لم يصمم على ترحيله .. وتريث قليلا .. وفكر فيما كان سيحدث في اليوم التالي لــ " نقل الزمام " .. لكان ( سموك ) قد شارك وشاهد أكثر من ربيع عربي .. في أكثر من بلد عربي . ولكان بوسعه أن يأكل .. ويجتــّــر .. انواعا من العشب .. هي ألـّــذ ُ وأطيب ُ ألف مــرّة ٍ من الشوفان الباهت الطعم لمزارع شمال اوماها .
لقد مات ( سموك ) .. بسبب " شوفان " غير عربي .. بعيدا عن " ربيعه العربي " .. و" عشبه العربي " .
والمفارقة ُ في موته ( كما هي في حياته ) .. أن كل ماكان يفعله ُ في العراق.. وكل مافعله ُ العراق ُ به .. وكل مافعله ُ في الولايات المتحدة الأمريكية .. وكل ما فعلته ُ الولايات المتحدة الأمريكية به .. لم يؤدي ابدا ً إلى " إسقــاط النظــام " .. بل أدى الى موت ( سموك ) بالمغص المعوي .



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيوب عاديّة
- جئت ُ كالماء ِ .. و كالريح ِ أمضي
- الموازنة العامة المستجيبة للنوع الأجتماعي
- الأكاديمية العراقية لمكافحة الفساد : مقترحات ورؤى أولية حول ...
- ليس َ الآن
- الأقتصاد العراقي : قيود ومحددات صنع السياسة في مرحلة الأنتقا ...
- وقائع ُ الجَمْر ِ .. في بلاد الرماد
- مباديء الأستثمار .. في سوق النخاسة
- ليل الجيش .. وليل النفط .. وليل الأوديسة
- ستالين هنا .. تحت الجلد .. فوق المسامة
- الحمار الصغير .. والحمار الكبير
- حكاية الديك باشا
- عندما كنت طفلا .. وعندما كبرت
- التعديل الأخير لقانون غريشام
- في تلك الليلة
- نهايات عراقيّة لمقدمة عبد الرحمن بن خلدون
- أمنيات صغيرة
- من الليل ِ .. إلى الليل
- أبراج الحظ الوطنية
- على بُعد ِ ليل ٍ .. من الأندلس ْ


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - حكاية ُ حمار ٍ يُدعى ( سموك )