أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - بالنسبة لي














المزيد.....

بالنسبة لي


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 3800 - 2012 / 7 / 26 - 14:12
المحور: الادب والفن
    


ثلاثُ جثتٍ معلومة الهويّة، لكنها مشوّهة، على قارعة الطريق، ملقاة كأنها أكياسُ قمامة. لم تُثر أحدًا من المارّةِ كي ينظر إليها؛ فهم يبحثون عن جدارٍ يسيرون إلى جانبه بسلامٍ ضمن قاعدة "الحيط الحيط ويا رب السترة." والقاتلُ ذو سطوة، إلى جانب أنه رجلُ أمنٍ يعرفه الجميعُ، ويعرف الجميعُ أيضًا أنّ القتل في تلك المدينة قد صار عادةً يوميّةً مثلَ الصلاة والأكل والنميمة.

الموت في المدينة لا يتمّ استيرادُه لأنه مُنتجٌ وطنيّ بامتياز، ويتمّ عادةً بحجّة "حماية الوطن." وهو يُعبّأ بالصناديق، ورائحةُ الموت تُسيطر على هواء المدينة فتنسلّ إلى كلّ أنفٍ مهما كان مصابًا بالزكام. وبالرغم من ذلك، فإنهم يقيمون "محكمةً" كلّما وَجدوا جثةً ملقاةً على قارعة الطريق ويستجوبون القاتل.

وعلى ذمّة القاتل، فإنّ القتيل كانَ إرهابيّاً يحمل في طيّات كتابٍ كان يقرأه في حديقةٍ عامّةٍ ما يشبه الخططَ العسكريّة التي تسربتْ إليه من دولةٍ أجنبيّةٍ معاديةٍ بهدف إسقاط النظام، وخبّأ في ثوب طفلته قنبلةً بحجم رضاعة الحليب الخاصّة بها، ودَسّ في عيون زوجته جهازَ تسجيل.

وبحسب ضابط الأمن الذي تولّى التحقيق، فإنّه لم يتمّ العثورُ على أيّ خططٍ عسكريّةٍ بين طيّات الكتاب الممزّق، لكنه أبدى توجّسَه من الكلام المكتوب فيه. ولم يتمّ العثورُ على أيّ سلاحٍ أبيضَ قرب جثّة القتيل، ولا على قنبلةٍ في ثوب جثةِ طفلته، ولا على أيّ نوع من أجهزة التجسّس والتسجيل في عيون جثة زوجته، فاضطرّ رجلُ الأمن الجنائيّ إلى فقء عيني جثتها بحثًا عن أدلّةٍ تدحض رواية القاتل. وأضاف ضابطُ الأمن: "لكنّ هذا لا يبرّئ القتيل من إثم النيّة المسبّقة، فكلامُ الكتابِ مريب."

وعلى ذمّة القاضي، فإنّ القاتل كان خائفًا من الفكرة ـــــ وهذا ما يجعل الجريمة دفاعًا عن النفس، فالفكرة أشدّ فتكًا من القنبلة. لكنّ القاضي لم يحدّد لونَ الفكرة وشكلَها وكميّتها، بل اكتفى برفع الجلسة بعد تبرئة القاتل.

أما بالنسبة إليّ، فالقاتل ضحيّة البشريّة التي تَخلّت عن الإنسانيّة ووقفتْ إلى جانبه تبرِّر له الجريمةَ لتقْنعه بأنه بطل. إنه ضحيّة الانسان الذي خلق الجريمةَ، ومن ثم صار يبحث كيف يمكن أن يصنع رجالَ أمنٍ ليتخلّص منها.

ترى مَن جاء قبل الآخر: الجريمةُ أمْ رجلُ الأمن؟ الخوفُ أمْ رجلُ الأمن؟ ومن الذي فرّ من الآخر: الأمنُ أمْ رجل الأمن؟

لا يشبه اللهُ أبدًا ذلك الإلهَ الذي يصلّي له رجالُ الأمن والمخبرون، ويتحدّث عنه رجالُ الدين والمتديّنون.



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكفيريون علمانيون ... الثقافة والسلطة مرة أخرى
- خارطة طريق سورية مرة أخرى
- حول ما يسمى استحقاق أيلول الفلسطيني
- سوريا: الثورة والطوائف والنظام الفاشي
- لتجربة التونسية ومعوقات تكرارها عربياً
- عن الأصوات الأدبية الجديدة وغياب النقد في فلسطين والأردن
- حماس وسعودة المجتمع الفلسطيني
- الفلسطيني المتهم عربياً حتى تثبت إدانته!
- العالم الثالث ودلالات المصطلح السياسية
- (نخلة طيء؛ كشف لغز الفلسطينيين القدماء) ينسف الروايات التوار ...
- العالم والإرهاب والتطرف ما بين خطابي بوش وابن لادن
- هزيمة حلفاء أميركا، ما بين معركة غزة وبيروت
- المأزومون بالهزائم..
- ملحمة غزة... وفلسطينيو «الطرف الثالث»!
- صور ورسوم الدم المسيئة للعرب والمسلمين
- مات واقفاً وفياً لكامل التراب الفلسطيني
- مواضيع زائدة عن الحاجة
- الإمبراطورية الأرزية اللبنانية وحضارة البلح الخليجية
- الشباب والمشاريع الثقافية العربية
- -لاجئو الداخل الفلسطيني- الملف المنسي للتهجير القسري


المزيد.....




- ميغان تشوريتز فنانة جنوب أفريقية عاشت الأبارتايد ونبذت الصهي ...
- السنوار في الأدب العالمي.. -الشوك والقرنفل- من زنازين الاحتل ...
- شعوذة.. طموح.. حب.. موسيقى وإثارة.. 9 أفلام تعرض في سبتمبر
- قصة ملك ليبيا محمد إدريس السنوسي الذي أطاح به القذافي
- كيف أصبح مشروب شوكولاتة للأطفال رمزا للاستعمار الفرنسي؟
- المخرج الأميركي جارموش مستاء من تمويل صندوق على صلة بإسرائيل ...
- قطر تعزز حماية الملكية الفكرية لجذب الاستثمارات النوعية
- فيلم -ساحر الكرملين-.. الممثل البريطاني جود تدرّب على رياضة ...
- إبراهيم زولي يقدّم -ما وراء الأغلفة-: ثلاثون عملاً خالداً يع ...
- النسخة الروسية من رواية -الشوك والقرنفل- تصف السنوار بـ-جنرا ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - بالنسبة لي