أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيمون خوري - كم يرعبني هذا الشريط الأسود..؟














المزيد.....

كم يرعبني هذا الشريط الأسود..؟


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 3780 - 2012 / 7 / 6 - 21:50
المحور: الادب والفن
    


كم يرعبني
هذا الشريط الأسود..؟!


كم يرعبني هذا الشريط الأسود، الذي يتصدر أحياناً أعلى صفحة الحوار المتمدن.
مثل ناقوس حزين بلا صوت، ولا تراتيل قيامة جديدة. إنه جرس الرحيل، أشبه بجرس الانصراف من المدارس، عندما كنا طلبة صغار.نفرح ونهلل لصوت الجرس ، ونلعن أبو الأستاذ وساعته .
يرعبني هذا الشريط الأسود، ففي كل مرة يعلن رحيل أحبة جدد. هل ترثيهم بدمعة حزن أم بدمعة حب..؟ ربما شئ جيد أنهم رحلوا قبل معرفة نتيجة الحرب على القمر. رغم أني على قائمة الانتظار، انتظر انتهاء اللعب في الوقت الضائع، ضربة ركنية أولى، ثم ثانية، ثم ثالثة...لكن لا اعتقد أن دفاعاتي ستصد الضربة الرابعة أو الخامسة فحارس مرماي تعب من صد الضربات.
سابقا كان يمكن ان تكون ملصقا على جدار، أو ورقة بيضاء مكتوبة بخط أسود ، أو خبر عابر في نشرة أخبار ما . لكن بعد إعلان الحرب على القمر، لا أمل لأحد لعزاء في سرادق وطني وأناشيد، ولا لكلمات المديح المؤقتة التي تنتهي مع انتهاء مراسيم الدفن.
فقط ستصبح سطراً أبيضاً على خلفية سوداء، لمدة ثلاثة أيام كدليل حزن. " ينعي موقع الحوار المتمدن أحد كتابه ...؟!" ثم ماذا ..؟ سينتظر الجميع مسافراً أخر كان " ويتنك ليست " . ويستمر النقاش والجدل لرموز ونصوص تجاوزها الواقع والزمن، وأصبح مجرد ذكرها مثيراً لاستدعاء حالة من الكآبة والتوحش.
وحتى سائق سيارة دفن الموتى، قد يصب لعناته عليك قبل الوصول الى المحطة الأخيرة.
لا تحلم برثاء ،فيما تمتلئ الأوطان بالمقابر الجماعية . لأن " مارس " أعلن الحرب على القمر..ترى ما مصير العشاق إذا اختفى القمر..؟
ذات صباح في طريقي الى بائع الخبز، صادفت سيارة نقل الموتى في الذهاب وفي الإياب كانت سيارة أخرى ..كان يوماً مشئوما يوم نحس أسوء من أيام الجاحظ . ولم ينتهي ذلك اليوم على خير. بل انتقل الى " رحمته " كلبي الصغير ...؟!
على يميني جلست شابة في مقتبل العمر يخفي وجهها البريء قلقاً ما، تنتظر دورها لإجراء فحص طبي " ألترا سوند " في ذلك النفق العجيب الذي يكشف كل خبايا الجسد . حتى الذاكرة ستنتهك بعدا قليل.
أنت معروف كما تعرفك أجهزة الأمن . ودائما كتبة التقارير خطهم جميل منمق وناعم . سطراً بسطر، قدرا بقدر يا موسى. لا ينسى أحدهم الكسرة والفتحة أبداً ، كيلا يخل بالمعنى . فقد جرى تربية العسس على العصا والجزرة معاً كما في الكتاتيب القديمة.
وعلى يساري جلست عجوز " حيزبون " ربما هي من عصر الشجر الذي تحول بترولاً بقدرته سبحانه ... بحلقت في وجهي ألاف المرات. لكن لم تجرأ على طرح سؤال العجائز الفضولي " حضرتك من أين ..؟"
ربما أدركت من شاربي أني من بلاد " الواق الواق " العجيبة . هناك حيث تقدس الكلمات، وترتجف الأبدان من شعارات كنا وما زلنا ونحن... بل وتجز رؤوس البشر ، كما تجز رؤوس الغنم صبيحة أعياد الدم . قال صديقي الحكيم البابلي يوماً " آه يا عصر الخراب “.
ونحن.. من نحن؟ من يملك الإجابة الحقيقية على هذا السؤال..؟! وأين موقع " هم “..؟
سألت العجوز الشابة الصغيرة .. ما هي مشكلتك يا ابنتي ..؟
أجابت الشابة بهدوء..لا شئ خطير فقط سرطان في الثدي ..!
قالت العجوز بنبرة عالية ..يا عذراء تف.. تف ..تف ، تفتفت حولها ثلاث مرات وصلبت من فوق الى تحت ومن تحت الى فوق وعلى اليمين واليسار نافضة قميصها ثم تمتمت بلهجة جنائزية أوف ...أوف بسرعة ضوئية.
ران صمت سديمي ..سكون غريب ، تقتحم ذاكرتك تفاصيل صغيرة في حركة لا تهدأ من مكان الى مكان ومن زمان الى أخر..الدواء والضغط والسكر والكولسترول ثم صرخات " ليندا " وهي تتألم من قدميها..قلت في نفسي، لا بأس المهم لدينا قدمين تتحركان. عادة المناضد بأربعة أرجل لكن لا تتحرك إلا بعجلات.. هل كل الأجساد تحمل رؤوساً فوق أكتافها ..لا أدري . أحدى المرات في المصعد الكهربائي نظر طفل صغير الى سقف المصعد وكان مرآة فقال ، لماذا لا نقع من فوق الى تحت ..؟
جلجل صوت الممرضة ..ارتجفت أذني ..
حان دورك ياسيدتي ...
عشرة دقائق، خرجت العجوز دامعة العينيين، تواري أمسها وغدها . وددت أن أقول لها هل أدركت معنى الكلمة الطيبة في مواساة مريض. بيد أني لا أحتمل ألم الآخرين. نظرت نحو الشابة، كانت تحصي النجوم في فضاء الغرفة. وحزنت على العجوز. وتذكرت قول الشاعر قيس بن الملوح:
سألت سواد الحي لما رأيته.....وأخبرته ما قد جرى ودهاني.
فقلت له أين الذين عهدتهم..... حواليك في خصب وطيب زمان.
فقال مضوا واستودعوني بلادهم...... ومن ذا الذي يبقى مع الحدثان.
جاء دوري، ليس لتصدر الشريط الأسود، ما زال هناك متسع من الوقت القليل لممارسة الحب. بل لدخول النفق العجيب عاريا إلا من ورقة التوت أو التين، لا فرق، مثل محارب أسبرا طي قديم. أياً كانت النتيجة...الى الجحيم والأصح الى التراب .
قالت الطبية .. قلبك تضخم أكثر من السابق ..ما السبب ؟
قلت ، هذا بسبب الحب ..
ابتسمت..
أحب كل الناس ولهذا تضخم قلبي، لا أدري هل يتسع قلبي لعدد إضافي..
ابتسمت مرة أخرى ..
آه .. ما أجمل براءة الابتسامة
شئ جميل أن يبتسم الطبيب ، والأجمل إذا كانت أنثى
لا داعي للغيرة..
أنت، كما أنت..وردة وكتاب وبحر، وكأس نبيذ بابلي، وفؤادي دائم الخفقان
من جسدك أنت يخرج دخان أبيض، وأنا العاشق لبحرك أسبح بين جزيرتين وشاطئ الورد والياسمين.
فقد أعلن مارس الحرب على القمر، لكنك قمري ورغيف خبزي.
كم مرة، لمست القمر عندما كان كوجهك..؟!
كم مرة رسا قاربي عند ميناءك، وشيدت هناك أجمل القصور، وحكيت لك قصص عن ملح الأرض.
وكيف تتعفن الحياة بلا حب..؟ وأنا ألهث مأسوراً أحاول قراءة خطوطك بين المستقيم والخط المتعرج.. ما هذه اللوحة العجيبة التي تدعى أنثى..
لا داعي للغيرة..أنت كما..أنت..
وأنا أحزم حقيبة ذكرياتي الصغيرة...



#سيمون_خوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثينا / حكومة إنقاذ من ثلاثة أحزاب .
- حوارات اليسار العراقي / تبشر بولادة يسار ديمقراطي عصري
- الإنتخابات اليونانية / بونجور أثينا وكالميرا باريس
- حلمت بوطن أفضل ...ولكن ..؟
- للبحر وجه آخر..
- فنجان قهوة ...وسيكس-sex
- أثينا ...صراع البقاء ..؟
- تتعرى الأشجار في الشتاء ...؟
- لا ..لون للماء .
- هطل الثلج ...بصمت !
- happy free year
- الشارع الخلفي - للربيع العربي “..؟
- أثينا - روما ...أي غد لأوربا؟!
- Back to / to Tora -Bora
- الجهل المقدس ..؟!
- مفاوضات - سلام - أم حوار مع - كابوي - ..؟!
- صفحة من شهادة وفاة قديمة / السجين رقم 199
- من حقي الفرح / بعد سقوط الأب والابن والكتاب الأخضر ..؟
- أسد علي وعلى العدو نعامة ..؟
- سبحان الشعوب التي لا تموت ..؟


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيمون خوري - كم يرعبني هذا الشريط الأسود..؟