أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهند صلاحات - تكفيريون علمانيون ... الثقافة والسلطة مرة أخرى














المزيد.....

تكفيريون علمانيون ... الثقافة والسلطة مرة أخرى


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 3774 - 2012 / 6 / 30 - 08:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



الخطاب التكفيري المرتبط بالصراعات الطائفية الدينية، وصراعات الأديان فيما بينها ليس بالخطاب الجديد على الثقافة والتاريخ العربي الحافل بحملات التكفير لمجموعات بشرية أو لأشخاصٍ بعينهم، والذي صاحبه في كثير من الأحيان عمليات تطهيرٍ عرقي لطوائف بعينها، كما حدث مع الطائفة الإسماعيلية الإسلامية في فترة الدولة العباسية، ويورد المؤرخ العربي الإسلامي ابن الأثير نماذج مهمة من عمليات التطهير والقتل الجماعي التي تعرضت لها الإسماعيلية على يد طوائف أخرى بناء على فتاوى تكفيرية دينية مثل فتوى الإمام الغزالي (كما يصفها الباحث حسن الأمين) التي أصدرها الغزالي للخليفة المستظهر وللسلاجقة، والتي جاء فيها: بناءً على الأوامر الشريفة المقدسية النبوية المستظهرية بالإشارة إلى الخادم على اعتبار أن الحاجة إلى الكتاب عامة في حق الخاص والعام ...... قبول التوبة من المرتد لابد منه ... وأما توبة الباطنية الإسماعيليين .... وإنما الواجب قتلهم وتطهير وجه الأرض منهم، هذا حكم الذين يحكم بكفرهم من الباطنية .
ويمتلئ التاريخ العربي بالكثير من الفتاوى على هذه الشاكلة التي حرضت على القتل والإبادة بدوافع دينية أو طائفية أو حتى عرقية، الجديد والمثير للجدل فيما نشهده اليوم وخاصة بعد انطلاق الثورة السورية في آذار من العام الماضي، والتي قسمت الشارع العربي لأنصاف ما بين مؤيد ومعارض وما بين مؤيد للثورة ومعارض للتدخل الأجنبي، خلقت حالةً جديدةً من التكفير العلماني الذي مارسه ولا يزال يمارسه مثقفون وكتّاب اشتراكيون علمانيون عُرف عنهم في بعض الأحيان تطرفهم اللاديني، والذين تحولوا بعد الثورة لكتّاب في الفقه، يكتبون في التاريخ الإسلامي ويستندون لأحاديث نبوية، بل ويغالون في مسائل طائفية.
هذا التحول العجيب، وأخص المثقفين والكتّاب العرب من سوريين وغير السوريين، أوجد حالة غريبة من النهج التكفيري لدى جمهور الكتّاب الموالين لحزب البعث الحاكم في سوريا، فبدأنا نقرأ على صفحات بعض الجرائد والمواقع الإلكترونية مقالات تكفيرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى بعضها يدعو بشكل صريح للقتل واستمرار عملية القتل المُمنهج ضدَّ الشعب السوري وبعضها يمكن اعتباره فتاوى تُجيز القتل وتبرره، فكل من يقف مع الثورة السورية هو عميل، خائن لدينه، خائن لوطنه، خائن لأمته، بترودولاري حتى وإن كان لا يجد قوت يومه فهنالك من يصنع سيناريوهات عن ملايين يقبضها من دول عربية، وأمريكي صهيوني.
كل تلك الاتهامات لم تستند بطبيعتها إلى بعض مظاهر الأسلمة التي تظهر أحيانا على الثوار السوريين وينتقدها كتّاب ومثقفون مناصرون للثورة من أمثال الشاعر والأديب السوري المُهجر في السويد فرج بيرقدار الذي قضى ما يزيد عن خمسة عشر عاماً في الاعتقال السياسي في سوريا وغيره كثيرون، إنما تستند فتاوى التكفير ودعوات القتل إلى أن كل من يقف لجانب الثورة ويكتب بتفاؤل عن ربيع عربي سيغير وجه المنطقة لتحول ديمقراطي هو خائن وكافر وعميل للأمريكان والإسرائيليين، وهي اتهامات لا تقل خطورة عن فتاوى التكفير الداعية للقتل في ظلِّ وجودِ حالةٍ عربيةٍ في الشارع مغيبة ومجهّلة تفعلُ ولا تناقش وأحياناً لا تفكر، لأنها لو كانت تفكر لا يمكن لعقل بشري أن يتصور أن قتلة الأطفال في بلدة الحولة بالسلاح الأبيض ارتكبها بشرٌ يستخدمون عقولهم، ولا يمكن تخيل سوى دافع طائفي أعمى يقف خلف عمليات القتل تلك التي يقوم بها الشبيحة.
لا يمكن إنكار أن حملة تكفيرية مقابلة للنظام وأعوانه يقوم بها رجال دين مسلمون في عدة دول عربية، إلا أن دعوات التكفير تلك لا تجد صدى لها إلا لدى المتدينين، لكن ما يفعله الكتّاب العرب كما فعل ويفعل بشكل يومي رئيس رابطة الكتاب الأردنيين وغيره من كتاب آخرين لا يقل خطورة عن فتاوى الشيخ البوطي وغيره من رجال دين مؤيدين للنظام بحجة حماية سوريا من الخلايا الإرهابية، لكنها تجد أيضاً صدى لدى شريحة من الجمهور غير المتدينين فنراها أوسعُ تأثيراً وأكثر خطورة.
العالم العربي الحالي حاضنة جيدة لثقافة التكفير والتخوين وتلك الفتاوى التي يجري حشو العامة فيها، تجد صداها بسهولة في شارع محتقن معبأ بالموت اليومي، وتسيطر عليه عقلية الثأر، وهنا ينسى المثقف العربي كل مهامه الحقيقية، ينحاز لمواقفه السياسية وبعضهم ينحاز لراتبه الشهري أو مصالحه مع نظام ما فتراه يطالب بالإصلاح وأحياناً إسقاط النظام في بلاده في حين نراه ذاته يصدر فتاوى بقتل كل من يحاول الثورة في بلد أخرى كسوريا تربطه مع نظامها مصالح خاصة أو ارتباطات أخرى.
ما يمكن التذكير فيه لهؤلاء المثقفين أن المثقف الملتصق بالسلطة هو مثقف غير نزيه، وهو مثقف سلطة حتى لو انهارت تلك السلطة فلن يتحول لمثقف معارض فالأصل في موقف المثقف نزاهته ذاته وليس بقاء أو زوال السلطة، ومن جانب أخر يجب تذكيرهم أيضاً أن مثقف السلطة ليس بالضرورة مثقف ملتصق بسلطة سياسية تحكم بلاده، بل إن المثقف المنحاز لنظام سياسي في دولة أخرى هو مثقف سلطة بشكل واضح بل إنه لا يجد مبرراً ويراه البعض خائناً.
ومن ضمن تلك الحسابات جميعها، يخرج هؤلاء المثقفون المنحازون للنظام ضد الشعب السوري مرددين رواية النظام السوري عن أبناء الشعب بأنهم عصابات مسلحة، يخرجون جميعاً من دائرة المثقف العضوي لفقدان شرط نزاهة المثقف، فالمثقف العضوي كما يصفه جرامشي الذي طالما عقدت منتديات ثقافية ورابطة الكتاب بالأردن ندوات لمناقشة أعماله هو المثقف الذي له دور في بناء الطبقة ويعرفها ويدخل في تشكيل وعيها، وهو إما مثقف للطبقة العاملة أو البرجوازية، فعن أي كتلة تاريخية جديدة كان يتحدث مثقفون عرب ينظّرون في مسألة الثقافة والسلطة وهم في أول معركة بين الشعب والسلطة انحازوا للسلطة ؟

كاتب ومخرج فلسطيني يقيم في ستوكهولم



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خارطة طريق سورية مرة أخرى
- حول ما يسمى استحقاق أيلول الفلسطيني
- سوريا: الثورة والطوائف والنظام الفاشي
- لتجربة التونسية ومعوقات تكرارها عربياً
- عن الأصوات الأدبية الجديدة وغياب النقد في فلسطين والأردن
- حماس وسعودة المجتمع الفلسطيني
- الفلسطيني المتهم عربياً حتى تثبت إدانته!
- العالم الثالث ودلالات المصطلح السياسية
- (نخلة طيء؛ كشف لغز الفلسطينيين القدماء) ينسف الروايات التوار ...
- العالم والإرهاب والتطرف ما بين خطابي بوش وابن لادن
- هزيمة حلفاء أميركا، ما بين معركة غزة وبيروت
- المأزومون بالهزائم..
- ملحمة غزة... وفلسطينيو «الطرف الثالث»!
- صور ورسوم الدم المسيئة للعرب والمسلمين
- مات واقفاً وفياً لكامل التراب الفلسطيني
- مواضيع زائدة عن الحاجة
- الإمبراطورية الأرزية اللبنانية وحضارة البلح الخليجية
- الشباب والمشاريع الثقافية العربية
- -لاجئو الداخل الفلسطيني- الملف المنسي للتهجير القسري
- الشباب العربي والفضائيات


المزيد.....




- أستراليا.. ألبانيزي يستبعد وزيرا مسلما وآخر يهوديا من حكومته ...
- كيف كانت علاقة بن لادن بالجماعات الجهادية خلال تواجده في الس ...
- بابا الفاتيكان الجديد ليو الرابع عشر: ما أكبر التحديات التي ...
- تردد قناة طيور الجنة الحديث على النايل سات والعرب لضحك الأطف ...
- مستوطن إسرائيلي يحاول إدخال قربان إلى المسجد الأقصى
- أطفالك هيتسلوا بأحلى الأغاني.. استقبل تردد قناة طيور الجنة ا ...
- بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر يعقد أول مؤتمر صحفي له منذ تنص ...
- الأزهر يبارك والصحفيون يتحفظون.. قانون الفتوى يثير الجدل في ...
- اضبط الآن بجودة عالية.. تردد قناة طيور الجنة 2025 الجديد على ...
- استقبلوا الفرح في بيوتكم.. ثبت دلوقتي تردد قناة طيور الجنة ا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهند صلاحات - تكفيريون علمانيون ... الثقافة والسلطة مرة أخرى