أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد زكريا السقال - معمودية الدم














المزيد.....

معمودية الدم


محمد زكريا السقال

الحوار المتمدن-العدد: 3767 - 2012 / 6 / 23 - 13:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكلام وهو الوسيلة الوحيدة للتفاهم، ولكنه يبقى ممجوجا وتافها إن لم يحاكي الواقع ويستشرف المستقبل. الكلام والمنطق يمتلك حساسيه وروح ويتفاعل مع الواقع كي ينمو ويثمر ويفلح . عندما ينفصم الكلام والمنطق عن الواقع يبقى هزيلا متعثرا يخبو ويتلاشى كغيمة صيف .
الثورات العربية هذه التي اندفعت فرسا جموحا...إعصارا ضمن هذا الجفاف والقحط ، من نشاف الريق جاءت ، ومن الذل والهوان والإستباحة ، من الفساد والسرقة ورغيف الخبز المعجون مهانةً وبؤساً جاءت . جاءت دون فرسان ودون برامج ، لهذا هي مكون نفسها ونسيج ذاتها ، خارج توهمنا وأحلامنا وتوقعاتنا . جاءت تبدع لونها وتلون طريقها . تضم من يلوح لها وينخرط بصفوفها ، وتطرد شر طردة من يتملقها ويتفلسف بتشريحها . لا تجامل أحداً ولا تحترم أحد ، إلا بقدر التصاقه بها والرقص معها بشوارعها وساحاتها . إن تدخلها ، تسبغ عليك نعمتها وتضعك في أحداق عينيها . قد تخدعها لحظةً . إلا ان قبلتها الحرية والكرامة ، وأياك ان تحيد عن ذلك ، عندها انسحب بهدوء...وإلا ستدوسك من أجل إنتزاع حريتها وكرامتها . تسمعك...تُنَصِّبُك تُرؤسِك ، ولكن لا تتفلسف عليها باسم المرحلية والواقعية . تريد منك عيش كل مخاضها وآلام أوجاعها . صف علاجك لها من سمات أفقها وبوصلة شغفها لهذا السحر الذي اسمه الحرية .
الثورة وخاصة في سوريا ، هي حالة من الرقص الحر الى أن تجد وطناً مترعاً حرية وعدالة . لهذا تصرخ وتنزف...تقاوم...تتسلح...تجمح تارة ، وتعقل أُخرى ، ولكنها لا تعرف الهدوء . حالة من الوعي الفطري تبدعها الثورة السورية بمواجهة خيانتها واللعب عليها من نخبها ومتفلسفي مثقفيها وأمراض سياسييها . تعرف كيف تتطرف وكيف تعود لمربع طموحاتها وأحلامها .
النخب السورية والمثقفين والسياسيين ، وكل هذا الكم المنهك المتعب والمرهق ، المريض الذي ظن أنه يمكن له بما امتلك من ثرثرات واستغراب ثقافي ، أن يقود هذا الإعصار الذي لا يعرف التنظير ، ولا يهتم كثيراً بالسماوات إلا بقدر ما تسبغ عليه فرج الحرية ، ولا بماركس أو لينين إلا بقدر ما يكون مع هذا الشعب ، متلفعا الخطر وخاوي البطن متظاهرا أو معتصما . لهذا سمعتهم ، وعلكتهم ، ولفظتهم ، وهم ما زالوا يجترون وهمهم ويتناقلون عجزهم ، ويتحايلون على خيباتهم . الثورة تمد لسانها لهم مستهزئة ساخرة ، وهم بين عجز مفاهيمهم . سلمية كانت أو مسلحة ، واللف والدوران عن مبرارات ووسائل يتشدقون بها على هذه الثورة ، التي بقدر ما هي مستفردة ، بقدر ما يحيطها من قتل وعسف وإجرام وأخطار . إلا انها تحمل أصرار الآلهة ، وتدرك معمودية الدم ، وتدرك التطهر هو ان تحتضن الأطفال وتتقحم النار والرصاص ، ناجياً أو مقتولا . هذه اللوحة على مرارتها إلا انها فروسية الإعتداد والثقة بعدالة الهدف وقدسية الأحلام . تتلفت يمنة ويسرة لهؤلاء الذين ينزوون بمكاتبهم يتبجحون ويسفسطون بسخرية ، أولئك الذين يطرقون أبواب العالم يستجدون ويسرقون وينهبون باحتقار .
من سيدخل هذه المعمودية الملتهبة ، هم الذين يدركون سر الحياة ، وألم الوجع ، والأكثر...يدركون من يواجهون . هذا اللص والشيطان والخبيث ، هذا الذي كما وصف ماركس رأس المال الذي ُيجّير كل القضايا لمصالحه واستقراره وتطويب سيادته ، يجير الدين والأخلاق والقانون والحقوق ، والجنس والفساد والعبث والدم والقتل والهواء . كل شيء يجيره كي يبقى سيدا والشعب قن مستعبد محتقر . يقتل...يفتك...يفعل كل شيء . وللأسف ان العقل المريض والسخيف للمعارضة بكل فروعها وتشظياتها تدرك ذلك ، وتعي تماما من تواجه الثورة السورية ، وأي نظام مجرم وسفاح . هذا النظام الذي لا يعرف المهادنة ولا يقبل أنصاف الحلول ـ تصوروا ان النظام لا يقبل من حلفائه موقفا مترددا ، أنت معي أو ضدي- نحن نعي هذا ونعرف كيف يطوعهم ويجييرهم ويلعب بهم . أما العقل المريض المسطح الأملس للمعارضة للأسف لا يعي ولا يفقه . لسنا ضد السلمية واللاءات ، ولكن كان علينا ان نطرحها بحزم ، وبمواجهة وليس بشرب القهوة ، ولا بالتلطي ورائها والتحجر بالغرف المدفئة ومج السجائر والشرود كمن يدعي التفكير . لسنا ضد مخاطبة العالم ولكن لا يمكن تسليم وطننا للعالم ، هذا أقل ما يقال به سخف وغباء . تصل الثورة قرى ومناطق لا تعرفها المعارضة بجغرافية هذا الوطن المشتعل حرية وظمأ للكرامة ، والمعارضة تجتر خيباتها ، تقاوم الثورة...تنقسم المعارضة...تتظاهرة الثورة... تختلف المعارضة...تنقسم وتختلف، وهي لا تعرف رائحة العرق المتفصد والراشح من جبين الشعب . ينشق الجيش...ترتبك المعارضة . يريد وطنيوا جيشنا ان يأخذ دورا...تضوج المعارضة....ترتجف المعارضة. أي معارضة هذه لا تعرف ماذا يحصل بدرعا ومحجة ، وتتفناز وبنش ، واللجاة والغوطة وحلب والدير والقامشلي!!
لتذهب هذه المعارضة للجحيم . من الواضح أن فرص تمثيلها لهذه الثورة أصبحت تضيق وعليها ان تستدرك سخفها وتستعيد كرامتها ، حيث المفترض ان تكون من كرامة هذا الشعب الذي انتفض يواجه السماء بصدره . لا فرص كثيرة أمام هذه المعارضة ، والوطن ينزف ويواجه بصبر وتحمل لا يطاق ، عليها أن تستعيد كرامتها والكرامة لا تستعاد دون إرادة وثقة بأن الشمس لابد مشرقة .



#محمد_زكريا_السقال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنبر الديمقراطي والثورة
- بؤس المثقف وتاريخ الهزيمة
- متى تتساقطين مطرا
- الموت وصناعة الشمس
- عيناك ومصر قصيدة لم تكتب بعد .!
- رقصة في الزمن الصعب
- يصر النظام على إسقاطه
- حقاً، على النظام في هذه المرة أن يخاف
- البوعزيزي والأعذار الواهية !
- اللوحة مرسومة بالدم والعبث والهرطقة
- هنا نحن وجها لوجه ؟
- الثورة لحظة تاريخية، الوردة هنا
- وحدة وطنية لدولة وطنية ديمقراطية علمانية
- أريد وطن
- صباح الخير على الورد اللي فتح في جناين مصر
- قصيدة سيدي بو زيد
- أفكار وتونس تنتفض
- للذين خرجوا وكل معتقلي الحرية
- فلسطين والحرية
- تحديات الترقيع أم عقلية بناء جديدة


المزيد.....




- مصر.. الدولار يعاود الصعود أمام الجنيه وخبراء: بسبب التوترات ...
- من الخليج الى باكستان وأفغانستان.. مشاهد مروعة للدمار الذي أ ...
- هل أغلقت الجزائر -مطعم كنتاكي-؟
- دون معرفة متى وأين وكيف.. رد إسرائيلي مرتقب على الاستهداف ال ...
- إغلاق مطعم الشيف يوسف ابن الرقة بعد -فاحت ريحة البارود-
- -آلاف الأرواح فقدت في قذيفة واحدة-
- هل يمكن أن يؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب عالمية ثال ...
- العام العالمي للإبل - مسيرة للجمال قرب برج إيفل تثير جدلا في ...
- واشنطن ولندن تفرضان عقوبات على إيران تطال مصنعي مسيرات
- الفصل السابع والخمسون - د?يد


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد زكريا السقال - معمودية الدم