أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد زكريا السقال - البوعزيزي والأعذار الواهية !















المزيد.....

البوعزيزي والأعذار الواهية !


محمد زكريا السقال

الحوار المتمدن-العدد: 3349 - 2011 / 4 / 28 - 00:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لبوعزيزي والأعذار الواهية !
على صفحة الفيس بوك، تثار حوارات جيدة، حوارات تفتح عقول الناس أمام بعضها، لتطل منها على مساحات من الفكر والثقافة، تجعلهم يتقاربون ويتقاطعون ويختلفون، إلا إنها تؤسس لثقافة ومناخ جميل وهو تبادل الوعي والفكر وجدل للتعايش وحل لخلافات بشكل حضاري وإنساني. ثقافة الحوار والاختلاف مهمة أساسية جندتها الشعوب لنفسها كي تنتفض، على سيادة الثقافة الواحدة، والفكر الواحد، والقائد الواحد، والحزب الواحد، والإعلام الواحد.
هذا التفرد التسلط الذي أودى بالمجتمعات العربية، فركنها خارج السياق العام لتطور المجتمعات، وهمش إنسانها بمواجهة السحق والنهب والفساد المعمم. الكمون الأساسي الجوهري لهذه الثورات، هو قلب المعادلة، الرجوع لمبدأ المواطنة الممزقة والمركولة، بمعنى العودة الى أنا أنسان بوطن. انسان قادر على الفعل والعمل والإنتاج. لست رقما تافها ولا عبداً مملوكاً.
لا تأخذ الثورات سياقا واحدا، ولا تستنسخ. الثورات فعل جمعي للشعب. هذا سياق، لكن الطريق والنضال فعل وعي خاص مرتبط بكل الظروف والوقائع التي تحيط به على الأرض، وقدرة الوعي على إستيعاب كل هذه المصاعب والعقبات لتجاوزها بحلول. حلول دأبها الأول تقليل الخسائر والدماء قدر الإمكان، والثاني تحقيق أهدافها وتتويج نضالها بمكاسب ذات معنى، وذات معنى هنا هي جوهر أساسي، مكاسب تؤهلها على تأسيس حيزها وخندقها كقوة موجودة وفاعلة، تسلحها بامكانية احداث تغيير جوهري في المستقبل وهو الهدف الذي نتوخاه كبشر فاعلين. بشر يريدون مجتمعا حرا نظيفا موحدا قادراً على الحياة من خلال امتلاكه لشروطها، في سيادة دستور عادل وقانون يساوي بين المواطنين بالحقوق والواجبات، وبناء مؤسسات مدنية ديمقراطية تستوعب تفاعلات المواطنين وإبداعهم.
لم يكن لهذه المقدمة أن تكون لولا توفر مقدماتها، بمعنى آخر الثورة بسوريا، التي لم تكن ترفاً ولا عبثاً أو نزقاً، بقدر ماهي حاجة موضوعية لازمة لما عاناه الشعب السوري وعلى مر عقود طويلة من قمع وسحق، وتفرد وتسلط وفساد وعبث بكل مقدراته. بالإضافة للإستخفاف بإنسانه، وهو شعب عريق يمتلك كادرات ومقدرات تؤهله لأن يكون جديراً جداً بمصاف الحداثة والتطور وبناء مجتمع لائق به. هذا الوضع الذي تعيشه سوريا وما يحيط بها، يشكل اجماعاً للجميع، يشكل هما مجمعا عليه من النخب والقوى، ويقر به النظام أيضا. اما الطريق اليه فهو موضع جدل. وهذه أيضا حقيقة، يقر بها الجميع لما يعتريه من مخاوف وصعاب. نذكر منها التدخلات الخارجية ومشاريعها، ونؤكد هنا بل نشدد عليه، بأن مقاومة هذه المشاريع تستدعي تغييرا جوهريا بهذه الأنظمة العفنة الفاسدة صنيعة الخارج ووكيلتها. كما أن التخوف من حروب أهلية طائفية واثنية تفتح ابوابا لتفتيت المجتمع السوري وتدخله أتونا حارقا. أمر يجب التحسب منه ومقاومته ببرنامج وحدة وطنية والتشديد على سلمية التغيير ومقاومة كل الخطابات الموتورة وتحريم استعمال العنف واللجوء للسلاح ورجمه.
وكي نكون في الحدث وندرس سياقه، نجد أن الشعب السوري عبر بانتفاضته ومظاهراته الإحتجاجية عن هذا. وكان واعيا واظهر حسا متقدما، بشعارات توحدت على الحرية وأجمعت على انتزاعها سلمياً. ولو استعرضنا السياق لوجدنا الشعارين الأساسين، هما سلمية المظاهرات، والمطالبة بالحرية.
من الذي يريد جرنا لحرب داخلية؟
لا ينكر أحداً أن النظام المأزوم لا يريد هذا التغيير. هذا التغيير يدركه النظام بحاسة المستبد، يدرك انه مستهدف مستقبلا بسلطته وامتيازاتها. أجاء هذا الأمر برضوخه لمطالب الإصلاح الجوهري، وهو السماح للشعب من خلال ممثليه بالمشاركة بالحياة السياسية والإشراف على توجهاتها وقرارتها، بمعنى اية مبادرة ذات معنى ستؤسس لتبادل وتداول السلطة من خلال الإنتخابات، حيث ستتنافس البرامج والخطط، بدل التسلط والتفرد، يأتي هذا اليوم أو بعد دورة انتخابية، وهذا ما لا يريده النظام المستبد الحاكم القاهر المتفرد. يريد سلطة الى الأبد، ولا فكاك له اذا ما أراد اصلاحا إلا الرضوخ لهذه الشروط، أو الهروب الغير مجدي لمعارك داخلية، وتبريرات واهية، وخيار أمني فاشي، يثير أحقادا وغبنا، ويجعل استعصاء التغيير الآتي لا محالة، ولكنه وللأسف بكثرة الضحايا والدماء .
هذه اللوحة للوضع بسوريا وهي مجللة بالسواد والدماء، تضع النخبة السورية بكل شرائحها وتوجهاتها أمام مهام سريعة وملحة، وهي التوحد وابداع فكرها للوصول للهدف، والتقليل قدر المستطاع من الدماء وحشد الإجماع على المطالب لإجبار بنى النظام السياسية كي تنأي بنفسها عن دعم الدخول بدهاليز النظام الأمني، لسحب البساط عن اختياره للحل الأمني العسكري الغير مجدي والمكلف والبغيض بنفس الوقت.
للأسف تطالعنا بعض النخب والكوادر بمبادرات غير واعية، وغير مسؤولة، بل وتستهر بكل هذه الدماء وهذا الغضب الجماهيري. لهذا فهي لا تلقى آذانا صاغية، بل وتحشر أصحابها بخندق شبهة تمركزها الى جانب النظام وتبرير حلوله الأمنية الفاشية وتقدم تبريرات واهية وغير مقنعة ومستخفة بالناس ودمائها.
من هذه التبريرات، الترويج للخطر الخارجي وتداعياته على سورية في وقت تلتهب جناجر الشباب المتظاهرين بنداءات الحرية والمواطنة!! التدخل الخارجي، تهمة واهية ولا تصمد أمام المنطق، حيث ما الذي يضير وجود مناخ جاد لحوار وطني يتم فيه الغاء فعلي لحالة الطوارئ التي لا تحل دون فكفكة بنيتها الأمنية ومحاسبة المجرمين الذين استسهلوا اراقة دماء الشعب، والإفراج الفوري عن كل معتقلي الرأي، وانتخاب هيئة تؤسس لتشريع المؤسسات المدنية واعادة بنائها بشكل ديمقراطي. النخب تؤكد هذا المطلب ولكنها تقدم الإنتفاضة ثمنا دون ضمانات لسلطة غير موثوقة وفاسدة باعتراف الجميع. المثقفون والنخب يريدون تهدئه ولكن من الشعب ومحتجيه. لماذا! لماذا لا تكون التهدئة من النظام وجلوسه على طاولة حوار جاد مع كل فعاليات الحراك الجماهيري يناقش وبروح المسؤولية المطالب وآلية تنفيذها. المثقفون يخشون الإسلاميين ونحن نخشاهم ولكن ليس لدرجة عدم مناقشة خطابهم وجرهم لبناء مجتمع مدني وهذا يقره الإسلاميون ويتحدثون به، ونحن لا ندخل النوايا بقدر ما نصيغ مواثيق وعقود تؤكد التلاحم الوطني والتعايش بظل السيادة الوطنية. والشعب بهذا الإتجاه موحد حول تعايشه عبر عنها بكثير من المواقف والخطب. بل تصدى للكثير من المحاولات التي تدس لجره بعيدا عن مطالب الحرية والوحدة الوطنية. ومن ثم لماذا لا تبادر هذه النخب للتحرك وشد الناس ورصهم بشكل أكثر اتجاه وحدتهم واهدافهم المشروعة. من النغمات التي تتردد الآن ضرورة التهدئه والانتظار لأن النظام كشر عن دمويته وصلافته القمعية. والمطالبة بالتهدئة لأننا لسنا ناضجون لإسقاط النظام. هذا الطرح يحمل على الرثاء وينذر بالخطر. الرثاء هو أن الشارع لم يطرح اسقاط النظام بالبداية، واعتقد أنه أمام مبادرة جادة تحفظ له نضاله ودمائه سيقف من أجل أن ينخرط بإعادة بناء ذاته ووطنه، مستقبلا حريته بفرح، لأنه يدرك ان الغاية ليست اسقاط النظام بقدر ما هي الوصول الى مناخ ديمقراطي قادر على استيعاب همومه وأوجاعه وحل مشاكله. هذا هو الجوهر وكلنا شاهدنا كيف خطاب الحرية كان هو الأساس وبقية الشعارات تبقى رد فعل على القتل والسحق تخفت وتتعالى مع كل مواجهة. أما الخطر فهو الهروب من اللحظة التاريخية للثورة واستستهال دماء البشر بمبادرات تئد نضال الشعب. ولهذا البحث عن اشكال نضالية سلمية وهادئة هو الجهد، مثلا الإضراب العام، الجلوس أمام المنازل ورفع شعار الحرية، وليس بالدعوة للهدؤ انتظاراً لنزول الوحي على الحاكم.
كثيرة هي المبادرات التي تشعر النظام إننا نريد تغييرا ملموسا وذو معنى لتأسيس وطن ومجتمع مدني حر. أما ان نطالب بالتهدئة والرضوخ، فهذا ما لن تقبله الجماهير، ويؤسس لبؤس العقل وجبنه وتشاؤمه.
كثيرهذا يا أصدقاء ومؤسف حقا. تضعون أنفسكم مكان الشعب ودمائه وتستسهلون حلولا بائسة.
برلين 28 / 4 / 2011



#محمد_زكريا_السقال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللوحة مرسومة بالدم والعبث والهرطقة
- هنا نحن وجها لوجه ؟
- الثورة لحظة تاريخية، الوردة هنا
- وحدة وطنية لدولة وطنية ديمقراطية علمانية
- أريد وطن
- صباح الخير على الورد اللي فتح في جناين مصر
- قصيدة سيدي بو زيد
- أفكار وتونس تنتفض
- للذين خرجوا وكل معتقلي الحرية
- فلسطين والحرية
- تحديات الترقيع أم عقلية بناء جديدة
- هرطقة الفتاوى وقرار الأبعاد الفضيحة
- أنتظرك وأكظ على الأسنان
- الواقعية التي أوقعتني
- ,وصية صديقي حمار غزة ،
- ارتاح وخليني فكر
- فلسطين العربية وسقوط الهرطقة السياسية
- سفر بين العوالم
- الوجع والذاكرة في أدب أسامة ملحم
- مع الشعر والى جانبه


المزيد.....




- -من سيزوره؟-.. كيم جونغ أون يفتتح منتجعًا شاطئيًا ضخمًا يتسع ...
- كاميرا تلتقط مشهدًا مثيرًا لدوامتي مياه معلقتين بين السماء و ...
- قانون التجنيد يشعل أزمة الحريديم مجدداً.. ونتنياهو أمام اختب ...
- بعد أشهر من الحرمان.. أكياس الدقيق تعود إلى غزة والأمهات ينت ...
- موقع أميركي: المرشح لرئاسة بلدية نيويورك زهران ممداني يثبت أ ...
- هل كانت روسيا حليفًا متخاذلًا لإيران في اللحظة المفصلية؟
- ميرتس يسجل أول حضور باجتماع أوروبي متشدد للهجرة
- حول تنظيم المنتدى الخامس للجمعية الدولية لعلم الاجتماع بالرب ...
- -النصر.. رونالدو، القصة مستمرة- بعد تمديد النجم البرتغالي عق ...
- محاكمة محتملة لوزيرة فرنسية بتهمة الفساد في قضية كارلوس غصن ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد زكريا السقال - البوعزيزي والأعذار الواهية !