أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد زكريا السقال - بؤس المثقف وتاريخ الهزيمة















المزيد.....

بؤس المثقف وتاريخ الهزيمة


محمد زكريا السقال

الحوار المتمدن-العدد: 3646 - 2012 / 2 / 22 - 13:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان المثقف والخطاب الثقافي السائد من أسوأ القضايا بهذه الهزيمة المعممة للمنطقة العربية، حيث عمًَدوا الهزيمة والتي امتدت منذ الخامس من حزيران 1967 ولغاية الآن، و ساهموا مع النظام العربي بتطويبها وتأبيدها. بل وعملوا على تسويق نظام كالنظام السوري الذي أوغل في تعميد الهزيمة بأن حفر طرقاتها وعبدها بطريقة بنيوية. يبدو للرائي وكأنه ممانع ومقاوم، وهو بالحقيقة يقوم بدور التطويع الما قبل حداثي، وإنتاج صيغ أكثر تخلفا وأمراضا من باقي الأنظمة التي اكتفت بالجلوس على هرم السلطة تسرق وتنهب وتفسد، بينما هو يقوم بترويض ساحات مجاورة ويعفن قضايا مهمة كي تبقى المنطقة مستباحة، وحافظ على ان يبقي جوقة الهتيفة (الوطنية والقومية) لتلميعه لكي يبدو هو كمن يحرس هذه القضايا. قام هذا النظام وحتى هذه اللحظة من خلال هذا البريستيج الممانع بحراسة مصالحه بعقله الأقلوي التفتيتي والإستبداي. فكما فتك بالعقل الوطني الديمقراطي اللبناني، عمل على الفتك بالعقل الفلسطيني، وها هو يعمل على حقن العراق بسمومه. في الوقت عينه يجد هذا النظام من يترافع عنه، بل ويصوره مثقفوا العهر السياسي بأنه نظام الممانعة والمقاومة، ومن قبل قلدوه أوسمة نظام الصمود والتصدي، بل وجعلوا منه قلعة التحرر الوطني.
لا نريد العودة للوراء كثيرا، كيما نضع محطات هذا النظام، على أرض الواقع كنظام مطوع وتسووي، بل وأكثر الأنظمة التي روجت الحقبة النفطية، وارتباطها بالرأسمال العالمي وتمديد مشاريعه وخططه بالمنطقة، من ضرب المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية في لبنان 1975 ـ 1976 ـ الى سكوته عن احتلال الجنوب وصمته الذي وصفه كيسنجر بالإتفاق الغير مدون بين الكيان الصهيوني و نظام حافظ الأسد، الى انسحابه بطريقة مذلة وباتفاق مع فيليب حبيب إبان الإجتياح الصهيوني للبنان 1982، الى شطب المخيمات الفلسطينية، وشطب جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية وتطويب حزب الله ممثلا وحيداً للمقاومة. ومن ثم الإصطفاف بحفر الباطن مع قوات التحالف لإخراج صدام حسين من الكويت كغطاء للقوات الإمبريالية، هذا الإجتياج الذي مهد لإحتلال العراق 2003 .
ساهم النظام السوري بكل هذه الأحداث التي اخرجت الساحة العربية من مشروع الشعارات التي رفعت لتساهم ببناء المجتمع العربي، مثل ،،الوحدة والحرية والاشتراكية،، إلى ساحة مهزومة، بل والأكثر فاجعة أن النظام يدجل ويهرف بالصمود والممانعة، وهنا يأتي الدور الخطير لدور المثقف التافه الذي ساهم بالتطبيل والتزمير لهذا النظام، معرضا البنى الثقافية الوطنية السورية بشكل خاص للسحق والقمع، وبنفس الوقت رابطا مشروع المقاومة والرد على الهزيمة والإستباحة، بيد هذا النظام المجرم على مستوى المنطقة العربية .
هذه المقالة، هي حالة تأمل، وليست حالة رد على مقالة كتبها الإعلامي غسان بن جدو تحت عنوان أسطورة عزمي بشارة احترقت حتى النهاية وتفحمت.
حالة تأمل للأفكار التي أوردها السيد غسان بن جدو والذي كنت من متابعي برامجه بل ومعجب بها وبه لتميزه مع محادثيه بالأدب والخلق، وهي صفات محببة وجيدة، بل ونادرة هذه الأيام، إلا أنها لا تكفي كي يعمم السيد بن جدو أفكاره، وكما يقال بالمثل الشعبي يطيح بنا شرقا وغربا، وخاصة أنه، يرفض الثورة القائمة بالمنطقة، ويسفهها، لماذا لأنها لا تملك فلاسفتها.
فأولا. الثورات العربية تمتلك مبرراتها وأسبابها الجوهرية، ومن ثم شعاراتها كانت بغاية المدنية وكان الوطن بسيادته جوهرها ،،الحرية والكرامة،،. وهذا الذي يجب تأمله .
ثانيا. لاشك ان الثورات العربية جاءت والقوى الديمقراطية والوطنية منهكة وضعيفة ومنخورة من الإستبداد الذي مورس عليها، ولكنه ليس شرطا لأن ُنسَفِه الثورة، بل محفزا للإنخراط والدفع بها، وتجنيبها مخاطرها وعثراتها. قد ننجح وقد نخسر، ليست القضايا رغبات، ولكنها ميازين قوى. إلا ان الذي غاب عن ابن جدو هو الصيرورة التي فتحتها الثورة، وهي الشعب وكسره لمدن الصمت والإرهاب والخوف وهذه خطوة مهمة. قد تتعثر الثورة وتنزلق لكنها بالنهاية ستعرف طريقها عن طريق الحاجة، صحيح ان قيادة مجربة ووطنية قد توصلها طريقها بأقل الخسائر، لكن القوانين حالة والواقع شيء آخر.
ثالثا. نحن ندرك تماما ان المتضررين من الثورة هما إثنان لا ثالث لهما، يتصدر النظام العربي المتهالك ومنتهي الصلاحية كمتضرر مباشر ومواجه من قبل الشعب لسلطته واستبداده. وتأتي شركات الرأسمال العالمي في رأس قائمة المتضررين كطرف ثان وكممثل للخارج الذي استباح المنطقة ونهبها وسرقها بموافقة النظام العربي وهو من قام بدور الوكيل المحلي لها وشريكها بحالة البؤس التي أورثت.
لهذا فمن الضروري إدراك ان الثورة ستواجه بالكثير من التداخلات والمقاومات كي تحرفها عن طريقها، وهذا ما يحصل بكل بلدان الثورة من تونس لليبيا لمصر لليمن للبحرين لسوريا، ولكننا نرى إصرار الشارع العربي قائما ومازال بالميدان.
بغض النظر عن الفتك الذي أصاب المنطقة وتحديدا الفتك ببناها التقدمية والوطنية، إلا انه ليس صحيحا، ان الثورة تأتي هكذا بسماء صافية، وليس صحيحا، ان مثقفين ديمقراطيين لم يلعبوا دورا مهما وله الكثير من الأثر على الشارع العربي، رغم محاربة النظام وحصاره إلا ان مثقفين بذلوا جهدا وخلقوا مدارسا، أمثال ياسين الحافظ، والياس مرقص، وصادق جلال العظم، ومهدي عامل، ناهيك عن دور العروي والجابري وأركون ونصر حامد ابو زيد، وفاطمة المرنيسي، وفواز طرابلسي ، وجلبير الأشقر ، وبرهان غليون، ورجاء النقاش ومحمود أمين العالم وميشيل كيلو وكثيرين انبروا وسفهوا الواقع وحددوا ملامح لتغييره. كما لا ننسى أن الكثير من طلائع اليسار العربي انقلبت على المدرسة السوفييتية ونظريتها الشمولية من أواسط السبعينات، وأسست ليسار خارج هذه المنظومة الإستبدادية. يسجل لها أول فتح ديمقراطي بحياة التنظيم الداخلية، ويمكن لصديقنا بن جدو أن يطل على تجربة المصريين ،،حزب العمال الشيوعي المصري،، وحزب العمل الشيوعي بسوريا،، والتجمع الشيوعي الثوري ، لبنان ورابطة الشغيلة ، لبنان،، وحزب العمال الشيوعي الفلسطيني،، هذه الظواهر هي بمثابة انقلاب على فلسفة قائمة ومعتمدة، تشظت بعدها كل الأحزاب الشيوعية الرسمية، كما يمكن رصد كل الإنتفاضات التي عمت المنطقة من المغرب للجزائر وتونس ومصر وكل الحركات التي خرجت من كفاية، لسته اكتوبر. كثيرة هذه الإنقلابات والإنتفاضات والتحولات والارهاصات، صحيح أنها قمعت وسحقت ولكنها دليل مطاردة وتقصي لما يمكن أن يعيد للوطن حيويته وقدرته على النهوض بظل هذا الفساد والسحق والتهميش المعمم للشعب والمواطن.
لا نريد الذهاب بعيدا بل للتذكير بالعقل السوري المبدع، أليس من الإجحاف والتقصير مثلا، أن لا يسجل للوطنيين السوريين، ابداعهم عام 2000 عام توريث ووراثة بشار الأسد للسلطة، لبروز المنتديات الثقافية والتي ناقشت كل قضايا الساعة والتغيير الديمقراطي في سورية وقد استشعر النظام خطرها سحقها وأدخل رموزها السجون. ألا يسجل للمثقفين السوريين إبداع لجان إحياء المجتمع المدني والذي طرح على بساط البحث كل سبل تحقيق مدنية المجتمع والإنتقال الآمن والهادئ للديمقراطية، ألم يسحقها نظام الممانعة واعتقل رمزها ميشيل كيلو. ألم يلاحظ بن جدو رقي المعارضة السورية التي قررت ومنذ استلم بشار الأسد انها ستناضل من أجل تغيير ديمقراطي آمن وسلمي.
ان يتهجم بن جدو على د . عزمي بشارة أو د. برهان غليون وغيرهم مثل منصف المرزوقي للغنوشي للقراضاوي، هؤلاء افرازات ثورة، ولكنهم ليسوا قادتها، فمن المبكر كثيرا على الثورة ضمن تاريخ السحق ان تفرز قادة أو أسماء لامعة. سنلاحظ الكثير وسيخرج الكثير ولكن الثورة باعتبارها مخبر دقيق لكل تربيتنا وثقافتنا، هي التي ستحدد من منا سيكون جدير بشرف مواءمتها ومرافقتها بمسارها لتحقيق أهدافها، ولكنها بكل تأكيد لن تكون طوع أحلامنا وأوهامنا وإرادتنا، المهم ان نكون فاعلين بها وليس منفعلين.



#محمد_زكريا_السقال (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى تتساقطين مطرا
- الموت وصناعة الشمس
- عيناك ومصر قصيدة لم تكتب بعد .!
- رقصة في الزمن الصعب
- يصر النظام على إسقاطه
- حقاً، على النظام في هذه المرة أن يخاف
- البوعزيزي والأعذار الواهية !
- اللوحة مرسومة بالدم والعبث والهرطقة
- هنا نحن وجها لوجه ؟
- الثورة لحظة تاريخية، الوردة هنا
- وحدة وطنية لدولة وطنية ديمقراطية علمانية
- أريد وطن
- صباح الخير على الورد اللي فتح في جناين مصر
- قصيدة سيدي بو زيد
- أفكار وتونس تنتفض
- للذين خرجوا وكل معتقلي الحرية
- فلسطين والحرية
- تحديات الترقيع أم عقلية بناء جديدة
- هرطقة الفتاوى وقرار الأبعاد الفضيحة
- أنتظرك وأكظ على الأسنان


المزيد.....




- ضربة إيران.. أهم الأسئلة التي بقيت بلا إجابة بعد كشف البنتاغ ...
- ترحيل مصري من الولايات المتحدة بعد إدانته بركل كلب وإلزامه ب ...
- عودة مؤثرة لأسرى الحرب الأوكرانيين بعد الإفراج عنهم ضمن عملي ...
- صواريخُ ومسيّرات.. لغة الحوار بين أوكرانيا وروسيا وترامب يرى ...
- روسيا تعلن التصدي لعشرات المسيّرات الأوكرانية وإصابة صحفي في ...
- سفيرة أميركا لدى روسيا تغادر منصبها في ظل نقاش عن ضبط العلاق ...
- خبراء أميركيون: ما الذي يدفع بعض الدول لامتلاك السلاح النووي ...
- الحكومة الكينية تعتبر المظاهرات محاولة انقلابية وسط انتقاد أ ...
- هكذا وصلت الملكة رانيا والأميرة رجوة إلى البندقية لحضور حفل ...
- شاهد لحظة إنقاذ طفلة علقت في مجاري الصرف الصحي في الصين لساع ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد زكريا السقال - بؤس المثقف وتاريخ الهزيمة