أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - ثلاثية العنقاء والرماد2-3:















المزيد.....

ثلاثية العنقاء والرماد2-3:


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3754 - 2012 / 6 / 10 - 01:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



2-قّبرّة القبير
يبدو أن النظام الدموي في سوريا، ما أن ينتهي أمنه وشبيحته من ارتكاب مجزرة بحق شعبه، حتى يبدأ بارتكاب واحدة، أخرى، أو أكثر، سواها، حيث أنه في الوقت الذي كانت دموع أطهارالعالم وأحراره، متيبسة في حجرات أعينهم، والغصَّات متشظية في الحلوق، والأنات محتبسة في الصدور، والحشرجات تمدُّ حبالها إلى الأرواح، وهي تهزها، في حضرة الدماء المسالة من جراحات الأبرياء الحوليين، من الضحايا، ذكوراً وإناثاً، وبمختلف الأعمار، مادامت شهوة القاتل واحدة، في حضرة الآدمي، طفلاً كان أو عجوزاً، ومادام أنه سيزيد من إيقاع خطاف الخط البياني للضحايا، كي يحافظ على ارتفاعه، وهوينوس بين لحظتي الحاضر، والبدء، وإن تعدَّدت ساحات المسلخ البشري، واختلفت أسماء المدفوعين إلى لجة الوليمة الدموية،عبر الوجبات المفتوحة، على امتدادالأربع والعشرين ساعة، من دورة اليوم الزمانية، راح يضعنا أمام اسم جديد هو"القبير"، ربما وهماً منه لننسى ما قبلها من دم سوري..!.
و مجزرة القبير، تضع نفسها، تراتبياً، في عداد مجازرسوريا الأكثرصدمة للعالم، وإن كانت الحولة قد سبقتها، في تموضعها بأيام معدودات، وجاءت كي يقول عبرها القاتل للعالم: من قال لكم، أن وعيد بعض الموهومين، عربياً، وعالمياً،سواء انتمواإلى الجامعة العربية، أومجلس الأمن، عبربيانات ليس فيها ماهوجدي"غيرسعرالحبروالورق اللذين استهلكتهما"، سوف يهز لنا مجردرمش، لأن مانراه محرَّماً على المواطن السوري، من حرية، وديمقراطية، وعدل، وأمان،لابدأن يظل كما هو، وإن كرسي الحكم، الذي تقدم من أجله الأضحيات، يظل في عرفنا، الأغلى، من دماء سكان الكرة الأرضية، كاملة.
وقرية القبيرالتي تضم حوالي ثمانية عشرمنزلاً، فقط، هدم أكثرها فوق رؤوس ساكنيها، من قبيل "شبيحة النظام"، وتم ذبح كل من كان في تلك القرية، الوديعة، الآمنة، ولم ينج منها إلا من هرب، وكان عددهم حوالي ثلاثة عشرشخصاً، ليستشهد ذبحاً على أيدي القتلة المجرمين، حوالي مئة وأربعين شخصاً، خمسون شخصاً منهم من الأطفال والنساء، وهي تفوق مجزرة الحولة، الموصوفة، وحشية وبربرية، من قبل جمهرات السفاحين المنفذين بأمرة النظام، كي تزول-وإلى الأبد-من أجل عبارة-إلى الأبد-أسركاملة، قضى أبناؤها، ذبحاً، ونحراً، وقتلاً، أوموتاً تحت أنقاض المنازل المهدمة، المسوّاة بالأرض..!
وإذا كان وفد المراقبين الدوليين، قد وصل إلى القرية، للوقوف دقيقة صمت مجازي، على أرواح الضحايا، الذين تفوح رائحة موتهم في كل مكان، وهي تختلط برائحة أحلام هؤلاء البشرالآمنين، ممن ليس بينهم، من يفكربالجلوس على كرسي الحاكم،الأهوج، بل ولابإدارة مزرعة،أو زريبة، أو مخفر، فإن في في تتبع لهاث أعضاء الوفد، دون ورد، أوسورة فاتحة، وهم يسيرون تحت حماية رجال الأمن، الذين يريدون بوصلة شهاداتهم، كما خطواتهم، صوب"معرزراف"*،الجارة، أو الجهة الأخرى من المجزرة، اسم المكان الذي يذكربترجمته الكردية"الأفعى الرفيعة"،والمعر، المار، mar ، الأفعى، قدام" zirav ، الذي يذكربقاتل، أفعواني، في هيئة الوصف ذاته، كي يتأكدوامن أرقام الموتى، في نومهم"الأبدي"،هناك، كما أن ترجمة القبير، قد تمت، في تمهيد دقيق، على إيقاع حراب الحقد، ورصاصه، وحباله، ومنجنيقاته العصرية.
رحى المجزرة السورية، لاتتوقف البتة، وهي باتت تبزُّخلال خمسة عشرشهراً، من عمرالثورة، عددالمجازرالتي ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين من أبناء فلسطين، لأن للمجزرة السورية خريطتها، وثمة وقائع كثيرة، لما توثق، بل أن المجزرة تحيل إلى أختها، ولعل آخرمجزرة معلن عنها، اليوم، وأنا أستذكرقبرة القبير، وهي تغمض عينيها، على صورة أخوتها، وأمها، وأبيها، وهم ينحرون، فإن ثمَّة خيال منقذ غائب، كان يشارك هؤلاء بؤبؤي عينيها، انتظرتهم كي يصلوا قبل عدسة المصورالصحفي، المكره، على المهنة، في ظل زحمة مجازات الحرب المفتوحة اللعينة على الآدميين، مادام أن البطاقة الشخصية، الواقعية، أو الافتراضية، لهم، جريحة الحبر، في حروف النعت السوري المطلوب، ميتاً، للقصرالجمهوري.

3-سوق الحميدية يكتب اسمه:
بعيداً، عن التناول من منظورالمكان الفني، أو الجغرافي، لسوق الحميدية الدمشقي، وهو يصنع مناقبه، على امتداد قرون، بمناراته، وبشاشة أهله التجار، يقدمون العطورلزبنهم، حديثاً منكسراً، منذ عقود طويلة، رامين نظراتهم على ضريح الفاتح الكردي صلاح الدين الأيوبي، راقداً في بهوالجامع الأموي، تدل عليه أطيارالحمام، واليمام، يترجم رجع أنينه، وهويصرخ من تحت ترابه:وستعودون، أيها الطغاة، لم أغادرمسقط رأسي في"الدوين" في كردستان، إلا لأمحوأثركل ظلم، في أي مكان حللت فيه، وكان ينتمي إلى خريطة استظهرتها، عن ظهرقلب، مادمت قد تركت خريطتي، دون أن أعلم أنه ستتناهبها الخرائط المزورة. يستذكركلاماً كان رجل الأمن، يفرض ترداده، ويدونه، باسم أبناء المكان، على اللافتة المعلقة،زوراً، للإشادة بظل مزور،و زعيم مزور.
أبواب المكان الحميدي، التي عودت أرتال المارة، المتناسلة، في الوقت مابين أول الضوء وآخره، وباتت تدفع مهلتها، في ظل الضوءالاصطناعي، تبقى مفتوحة، على الوجوه المتبدلة، يوماً وراءآخر، وكأن سكان سوريا، وسواح العالم، يأتونها، وفق جداول مواعدأزلية، يتأملون التقاء التاريخ بالآن،كي يكون ذلك قصيدة شاعر،أو لوحة رسام، أوموال مغن شعبي، أونثارالسرد، موزعاً وفق هندسة حكواتي، ذاب في سلالات المكان، لتكون في حضرة الحوار، والإصغاء، في أجمل شكليهما طراً. هاتيك الأبواب، خذلت الضوء، في مواعدها الأسبوعية، مادام أن أصحابهايرددون بأس صناع الحضارة، البواسل، تاركين لهم عنواناً ملكياً، في دربة الكردي، قربهم، يتبركون برائحة بركاته، مدوناً أول الطهر، في مواجهة العفونة السياحية، متسربة في الجهات الأربع، كي يسمع صدى صوته الواثق: اطمئنوا، هكذا تصنعون تاريخكم المجيد، في دورة كنت أحد شهودها.
يمرُّ رجل الأمن في رداء الخوف، ينقرعلى أرقام هاتفه الفاخر المحمول-وهوإما مسروق أو رشوة صغير- يعلم سيده أن المكان قفر، وكل شيء فيه تغير، حتى الأطيار، باتت تلوذ بأصوات غريبة من هديل وزقزقة ونفير، يمدُّ يده اليمنى إلى جهة الخاصرة، يشهرمسدسه، يصوب على القفل الحديدي، لأقرب محل إليه، بيدأن الرصاصات الخائفة تخذله، يشيرإلى ظلال مشابهة له، تسيربخطا مرتبكة، وهم يحملون أسلحتهم الخفيفة، المختلفة، أن يجربوا فقه القنص في الأقفال الشقيقة، كي ينتقل القنص نفسه، إلى خزائن الباعة الصغيرة، يتناهبون ما فيها من مال، ويحملوا ماخفَّ وزنه، وغلا ثمنه، سرعان تأتي الأوامر، افعلوا ذلك في أمكنة أخرى، حيث هنا ثمة كاميرات تصورحتى الأنفاس.!.
واحد، واحد، واحد الدم السوري واحد....!
الشبيحة، رجال الأمن، المتواطئون على سفرة الدم، كل من جهته، يلتقط توجيهات أصحاب الظلال الاصطناعية، في أن استمرارإغلاق"السوق" يعني إغلاق رئة المدينة كلها، بل إنه ليعني أننا نلفظ الأنفاس الأخيرة، بعد أن استعرضنا صورصاحب الظل الاصطناعي الأعلى، وهويوزِّع زيف الهيبة، على مكان لايعرف إلا مقام" بابا عمرو" مثلاً، ليوحي أن ماقيل عن"سقوط الثورة" لم يكن فرضية قناص أمني، ولانبوءة قرصان روسي، بل إنجازاً هو"قاب قوسين" وأدنى، من سبطانة القاتل الرجيم.
المكان، في رائحة البخور، وأصوات الآذان، وترانيم الكنائس، وهسيس الأشجار، بات يترجم أبجديته، إلى لغة أناسي هذه المعالم: لا،ارحل، عاش، يسقط، سوريا، واحد، وغيرها، من المفردات التي تلتقطها سماعة مسجل السائح الخفي، عائداً لمدينته الثانية، يقرأسورة ياسمينها، وزفرات نهرها المشلول، واعداً الأشجاربرسالة الماء الأكيد، كي يمحوأثرالأصابع التي استباحت التفاصيل، في رزمة عقود من التيه والاستبداد، لتنهل الكائنات، سلسبيلها، الآمن:
-لنا موعد آخر، في إضراب مفتوح، ينداح، طبق خريطة سوريا، كي يعرف الطغاة، أن هذا المكان، لم يكن عبارة عن قاطرة، تسيرخلف قطارهم الوهمي، لأن قطارسوريا أكبر، إنه قطارتصنعه أرواح شهدائها، من عين ديوار وحتى درعا، مروراً بكل العنونات التي تستفزجبابرة الوهم..!


-آتون يا دمشق
آتون يا بردى
آتون ياميدان والقزاز
آتون يا مرجة..!
آتون يا كفرسوسة
آتون ياساحة العباسيين
آتون ياسوق الحميدية
آتون ياحي الكرد
آتون ياقابون، ونهرعيشة، وزورآفا، والهامة، والصالحية، والمزة
ساحة الحجاز،
وبقية معجم المكان..!
آتون
وشيء واحد، سنفعله
هو أن نعيد للأماكن أسماءها
ونقاوتها
بما يشبه
قلب السوري الأبيض.
9-6-2012
*لاعلم لي في أصل الكلمة، ربما كان آرامياً، أوسواه، وبرسم ذمة" كتاب التاريخ المدرسي السوري..!



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدود المثقف
- خطاب لحظة ما بين السكين والرقبة:
- كيماوي الألفية الثالثة
- رسالة مفتوحة إلى الأصدقاء في الاتحاد الديمقراطي p.y.d
- جرعة الحرية: افتتاحية العدد الأول من جريدة- القلم الجديد-P&# ...
- ثلاثية العنقاء والرماد:1--نشيد الحفة-
- انقذوا جبل -الكرد-..!*
- أفق التحولات الكبرى
- خطاب سقوط ورقة التوت
- وقائع موت غير معلن*
- الفن التفاعلي:لوحة مفتوحة يشارك في رسمهاجمهورالمعرض
- مجزرة الحولة في عرض مسرحي لوزارة الكذب الخارجي
- حوارمع الشاعروالصحفي إبراهيم اليوسف
- كشكول أياري
- وصية الكاتب
- ركائز الحوار
- القصيدة المغناة وساحات التحرير
- نشيجُ الحولة نشيد التحول
- دعوة من القلب لوحدة رسل الكلمة الكردية..!
- عبدالرحمن آلوجي: لاترحل الآن ..!


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - ثلاثية العنقاء والرماد2-3: