|
ثلاثية العنقاء والرماد:1--نشيد الحفة-
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3751 - 2012 / 6 / 7 - 22:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ثلاثية العنقاء والرماد 1-" نشيد الحفة" إلى أهلنا الحفيين وصديقتي هناك..!
تكتب إلي صديقتي اللاذقية، رسالة س. م .س، سريعة، على هاتفي المحمول، فيها أعلى درجات كهرباءالتوتر، تعنونها ب"عتاب شديد المرارة" معاتبة، أنني لم أكتب الكثيرعن مدينة "الحفة"،بل رحت أركزعلى أماكن أخرى من الثورة السورية، وهي التي باتت تعول على أمثالي من الكتاب والإعلاميين الأحرار، تسليط الضوء على مايجري لهذه المدينة المحاصرة، منذ أيام، من عنف وحصار شديدين، بلغ تلك الدرجة التي نشرالتلفزيون السوري على شريط إخباري لإحدى فضائياته، أن امتحانات طلاب الشهادتين لأبناء المدينة نقل إلى مدينة اللاذقية..!؟، دون فائض شروحات، وإن كان الحصارالمضروب حول المدينة- وهوالحرب الكبرى أمام من يدفع الضريبة فلا حرب عادية أوصغرى في عرف من تطحنه الحرب- يحول دون تسريب ما ينبغي من معلومات كافية، يمكن الاعتماد عليها، للغوص في تفاصيل مايجري، ذلك لأن آلة النظام الدموي تحاول التعامل مع المجازرالتي يخلفها، في كل منطقة، على طريقة خاصة، امتداداً لسلوك عقله الإعلامي المعتاد، وهوشل الثورة، من خلال شلِّ المكان، من جهة، وتقديم نفسه، للعالم الحر، على أنه الضحية، وأن هناك مؤامرة كبرى عليه،من جهة أخرى، ولابأس-هنا- من أن يبكي على من تخلفهم آلة قتله،جثثاً ممثلاً بها، منحورة، مهروسة،مسربلة، كما فعله المدعوبشارالأسد، عندما تصدق على أطفال الحولة واصفاً قتلتهم أنهم"وحوش..!"، وكأنه بمثل هذه العبارة يغسل يديه من دماء هؤلاء الأطفال الذين قتلهم أمنه، وشبيحته، وهيهات للقاتل من أن تمحوكل محيطات العالم وبحاره يده من أدران وأوزار مجردنقطة دم إنسان بريء..!. ومدينة الحفة، في ظلّ موقعها الجغرافي، ومواجهتها المباشرة لمهاد الشبيحة الأول، تشكل وضعاً جدّ حسّاس في خريطة الثورة السورية، لاسيما وأن هذا النظام قد أفلح حتى الآن-للأسف-في توفيرأدوات الدماراللازمة، لنسف خريطة سوريا، عن بكرة أبيها، بما في ذلك من نسف للتوزع السكاني، في هذه الخريطة، على مبدأ ثنائيته، في الوطنية واللاوطنية التي راح ينظِّرلها"الأسد الصغير"،في خطابه الأخيرأمام ما يسمى ب" مجلس الشعب"، متصرِّفاً بعقلية"القبضاي" و"الشاطر"،و"رئيس العصابة"، لا برؤية رئيس الدولة، كما يريد أن يقدِّم نفسه، هذه الرئاسة التي تعدّ مشروعه الأسري الأكبر، في الحفاظ على الكياسة، ولوآل به الأمر إلى الخساسة، كما يبدو، لأنه بات يدفع سوريا جميعها إلى محرقة لامنجى منها، مادام أن"كرسيه مهدد"..!.
وأهل الحفَّة،هذه المدينة الآمنة، التي تتبع اللاذقية، وكانت أحد حقول التجريب التي يتأبطها الشبيحة، منذ تبلورتسميتهم، تذكرآلاف القصص والحكايات التي ذاقها أبناء هذا المكان، على نحويومي، من قبل آلة الظلم والاستبداد، بمختلف أدواتها، الرسمية، أوغيرالرسمية، وإن كان ثمنها، في كل مرة، كرامات هؤلاء،ودماءهم، وعلى حساب أنَّات جرحاهم وأيتامهم، ودموع وأحزان ثكالاهم ومرمَّلاتهم، وأبنائهم الذين طالما كان يتم ضربهم، على قارعات الطرق،أو داخل بيوتهم، أوفي المفارزالأمنية، لكسرشوكتهم إلى الأبد، كي يدوم ظل الطاغية الأسد،والشوكة هنا"عقد المواطنة" الأعظم الذي يصون إنسانية الإنسان. تقول صديقتي" أكتب إليك، الآن، على إيقاع موسيقا قصف الطائرات المروحية، وقذائف الهاون، والرصاص، بينما الدبابات تدكُّ حرمة هذه البقعة الصغيرة، التي لا ذنب لأهليها، إلا أنهم باتوا يرفعون أصواتهم قائلين"لا" لنظام آل الأسد، وهم أنموذج يستطيع سرد مايكفي لملء المجلدات في ظلم شبيحة ومخابرات هذه الأسرة، المستبدة، المتجبرة-في حدودأسماء لصوصها وظلامها الموصوفين- الجاثمة على صدورنا كسوريين، منذ عقود. وتضيف الصديقة العزيزة: وقدلايتاح لي أن أكتب إليك، ثانية، بعد الآن.، مادامت حياتنا جميعاً مهددة، ولقد كانت لفتة جميلة منك، أن تكتب عن"جبل الأكراد"، وهم شركاؤنا في تلقي جرعة الظلم، ولكن لاتنس مكاناً عزيزاً لديك، في خريطة أعرف حبك لها، وأعني" الحفَّة" و"جبل صهيون"، وهي تستحق وقفة أطول منك، ومن غيرك..! إنه لمؤلم جداً، أن يكتب امرؤرسالة، بهذه المرارة، في لحظة مواجهة الذبح، والنحر، والقتل، وانتهاك الكرامة، ومن موقع الحدث الأليم، بل ما أشدّ وطأة الإحساس لدى الكاتب، إنما يكتب رسالة هي الأخيرة، وأنه يطلق صرخة هي الأخيرة، وهوما عرفناه، في العام 2004، حين كنا نستبشرخيراً أنَّى لمحنا طائراً مغامراً يحلق في سماء المكان، معولين عليه، نشرما يجري من حصارلنا إلى الملأ، وإن كان ليس للكلمة-أمام عقل مثل هذا النظام- أن تفعل أي شيء، مادام هديرالدبابات، والطائرات، أثناء الحرب العاهرة، تبتلع كل شيء، كل هذا يحضرني الآن، وأنا أتصورحال صديقتي، ذات الروح الإنسانية، وهي المعارضة نشأة وروحاً-وقد كانت من عداد المتصلين بي-باستمرار- في انتفاضة آذار2004، مدينة المؤامرة الكبرى على أهلها الكرد. إن الأسئلة التي تطرحها الثورة السورية، تختلف عن أسئلة كل ثورات المنطقة، ليس لأنها أكثرها نبلاً، وبسالة، و أهمية، وهذه هي الحقيقة، بل إن أسئلة هذه الثورة، هي أسئلة ذات بعد إقليمي، عالمي، لأن استمرار النظام المجرم، هوخطر كارثي ليس فقط على أبناء شعب سوريا، وحده، بل هو تحد وخطرعلى البشرية، جمعاء، وهذا مابات العالم كله، يكتشفه، لأنه أحد ركائزالإرهاب العالمي، المهددة للسلام، والاستقرار، والأمان، ومهما عاث هذا النظام دماراً، وخراباً، فإن الثورة السورية تكتب نشيد انتصارهاالأزلي، وكل مايفعله النظام الدموي، من محاولات آيسة، لتكذيب دورة التاريخ، إنما قام به من قبل، مجرموالتاريخ البشري، الأشارى، العتاة، الصلفون، دون جدوى، حيث راحت أسماؤهم للجحيم، بينماعاد التاريخ لأصحابه، من صانعيه، الفاعلين. 7-6-2012 • إشارة إلى الأسطورة الفينيقة المعروفة
يتبع: 2- "قبرة القبيرة" 3-"سوق الحميدية يكتب اسمه..!"
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انقذوا جبل -الكرد-..!*
-
أفق التحولات الكبرى
-
خطاب سقوط ورقة التوت
-
وقائع موت غير معلن*
-
الفن التفاعلي:لوحة مفتوحة يشارك في رسمهاجمهورالمعرض
-
مجزرة الحولة في عرض مسرحي لوزارة الكذب الخارجي
-
حوارمع الشاعروالصحفي إبراهيم اليوسف
-
كشكول أياري
-
وصية الكاتب
-
ركائز الحوار
-
القصيدة المغناة وساحات التحرير
-
نشيجُ الحولة نشيد التحول
-
دعوة من القلب لوحدة رسل الكلمة الكردية..!
-
عبدالرحمن آلوجي: لاترحل الآن ..!
-
السِّيرة الذَّاتيَّة: مفتاح لابدَّ منه لولوج عالم المبدع
-
أسس الحوارالثقافي
-
المقدِّمة الخاطئة:
-
تلفزيون2
-
رابطة الكتاب والصحفيين الكرد ومنظمة صحفيون بلا صحف الفرنسية
...
-
نصف الحقيقة2
المزيد.....
-
مقتدى الصدر يهاجم صدام حسين: -أمر نجليه بقتل والدي وحكم شعبه
...
-
تونس.. تعرض منزل رئيس أسبق للسرقة للمرة الثانية في بضعة أشهر
...
-
قوات الأمن السورية تعتقل أمين عام -الجبهة الشعبية لتحرير فلس
...
-
في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. زاخاروفا تطالب بحماية الصحف
...
-
تجمع حاشد في طوكيو لدعم -يوم الدستور الياباني- (فيديو)
-
مصر.. الداخلية تكشف ملابسات الفيديو المثير للجدل فوق كوبري أ
...
-
لافروف يدعو إلى تسوية الخلافات بين الهند وباكستان بالوسائل ا
...
-
الجزائر.. إيداع المؤرخ بلغيث الحبس المؤقت عقب بث قناة لحوار
...
-
عقيلة صالح: تشكيل حكومة موحدة في ليبيا لا يرتبط بالانتخابات
...
-
واشنطن بوست تكشف السبب الحقيقي وراء غضب ترامب وقراره إقالة و
...
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|