أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديع شامخ - ديمقراطية القرف الشرقية















المزيد.....

ديمقراطية القرف الشرقية


وديع شامخ

الحوار المتمدن-العدد: 3729 - 2012 / 5 / 16 - 19:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ديمقراطية القرف الشرقية

وديع شامخ
الشيء المقرف في الديمقراطية .. أنك مضطر لسماع الحمقى
رينيه ديكارت .
..................
مهاد
في تاريخ الجنس البشري نلاحظ تطورا كمياً ونوعيا للوصول بالعقل الى قامته ، ولخروج الإنسان من غابته السوداء وإنتصابه جسديا وروحيا .. ولقد ساهمت كلّ الحقول في رفد هذا الوليد الإنساني الساكن على هذا الكوكب الأرضي بكل المنشطات والمثبطات معا ..وبعد أن تجاوزت الخليقة الإنسانية معاركها في النشوء والإرتقاء ، وإنتمت الى التطور العام ، بحسم الأمر بين مدرستين فكريتين كبيرتين وهما : المدرسة المادية " الملحدة" والتي تؤمن بأسبقية المادة على الفكر ، والمدرسة المثالية " المؤمنة" والتي تؤمن بأسبقية الفكر على المادة.
ونتيجة لهذين الإفرازين نشأت عقد ومعارك ومناظرات ومهاترات لم يزل صداها قائما ، ورنينها يصمّ الآذان .. ولكن كلا المدرستين رغم ضراوة تناقضهما فكريا لم تُحمّل معتنيقها قوة الأنتقام وارادة التهميش ، وظلت أفكار المدرستين موضع نقاش وجدل في حقل الدرس النظري المحض، حتى جاء الحقل السياسي / الديني متطفلا على إنجازات العقل البشري ومجيّرا أياها الى مصلحته ونفوذه الأيديولوجي ، فبدأت معركة أخرى فتحت جبهتها عقائد وعقليات طحلبية نشأت بشكل طارىء نتيجة لإختلال موازين القوى السائدة في السيطرة على الكائن البشري سياسيا.
.................
مسيرة الديمقراطية
الديمقراطية واحدة من المفاهيم الكبرى التي أنتجها العقل البشري وخصوصا العقل الأغريقي بوصفها " حكم الشعب لنفسه "
ولكن المصطلح لم يتحول إلا وأخذ دلالة أخرى خارج حقل نشوئه ، وحيازة أخرى خارج مفهومه . فالديمقراطية بدلا من حكم الشعب لنفسه ، تحولت الى آليات إقتراع أملتها الأغلبيات السياسية .. فصارت الديمقراطية : "حكم الأغلبية" من خلال تنافس قار مكتوب في دستور معلوم ، وله قوانين ساندة تضمن تنفيذ عقد الشراكة مع الآخر بشفافية ونزاهة معقولتين ..
وهكذا تدرّج مفهوم الديمقراطية, فبدلا من الحكم الشعب لنفسه وفقا للمفهوم الأغريقي صارت الأغلبية لعبة سياسية محضة .. ومن الأغلبية نشأ فراغ إنساني حقيقي حوّل مفهومها ومدى سلطتها على " الأقلية".. وهذا الإزدواج لم تعاني منه كثيرا الديمقراطية الغربية حيث نشأت هناك وتربى الناس على إستعمالها بشكل سلمي ودوري بكل شفافية ، وأصبح حكم الأغلبية لا يعني سيادة مطلقة أو جور وظلم ُتطبقه الأكثرية بحق الأقلية ، بل هو مسؤولية الأغلبية السياسية في الحفاظ على حقوق الأقلية ، أو بشكل أدق ، مسؤولية الأغلبية في تطبيق الدستور وحفظ النظام خلال فترة فوزها في تسلّم مقاليد الحكم ، وهذه الفترة لها مدى واضح و محدود غالبا .
أما الديمقراطية في شرقنا " العتيد ،تحديدا حيث لم تنشأ بشكل تراتبي وحضاري منظم ، إذُ أُستلمناها كوصفة غربية جاهزة.
صار مفهموم الديمقراطية معضلة تحتاج الى حلول .. فقد أعتبرت هيمنة الأغلبية على مصادر القرار هي السمة الماثلة في ديمقراطيتنا الهشة، فالأغلبية تسيطر على المجالس البلدية ثم مجلس الشعب " الوطني ، البرلمان.. " ، ومن نفوذ الأغلبية في هذه السلطة التشريعية الحاسمة ستكون لهم القوة في تنصيب حكومة أو رئيس جمهورية ، وفقا لنوع وشكل الحكم السائد في تلك الدولة .
لذا نرى زحفا مخيفا وغير مُطمّئِن من قبل الأغلبية وهي تسحق بعجلتها كلّ شيء يقف خارج مشروعها الأيديولوجي – الديني ، ودليلها قوة الأغلبية والتي تحدث دائما في ظل فراغات سياسية حاسمة في تاريخ الشعوب وهي تتهيأ للإنتقال من مرحلة الديكتاتورية الى مرحلة الحكم الديمقراطي التعددي !
وبالتالي ستكون الأغلبية أداة قهر رسمي وقانوني لحقوق بقية أبناء الشعب أو ما يسمى خطأ :" بالاقليات " وهو مفهوم عنصري تماما تم استحداثه في شرقنا العتيد لإعادة صياغته بشكل طائفي أو ديني وغير إنساني تماما .. لان الأغلبية وفقا للمفهوم الغربي تعني أولا وأخيرا أغلبية سياسية محضة .. وما حلّ بعد قطاف السلفيين لثورة الشباب العربي في ربيعهم العربي وإسقاطهم للديكتاتوريات خيرُ مثال على إغتصاب معطيات ونتائج الثورات والسطو على أحلام الشعوب .
....................
مخرجات الديمقراطية العربية ثقافيا

ومن أسوأ مخرجات الديمقراطية على الطراز الشرقي – العربي ،هو بروز نماذج من المتطفلين لا صلة لهم إطلاقا بفن وموهبة قيادة المفاصل التنظيمية تشريعيا وتنفيذيا ، لأن المحاصصة الطائفية مثلا في العراق ستجلبهم الى شَغل تلك المناصب دون توفر الحد الأدنى من مؤهلات هذا المنصب ، أو ما يحدث في عموم دول الربيع العربي من مهازل وصول أناس ،غير جديرين أطلاقا، الى مستوى برلمان في دول حضارية مثل تونس أو مصر ، وهم عمليا وفكريا ينتمون الى عقلية القروسطية المظلمة بكل تراكماتها .
فمثلا يرشح لمنصب وزير ثقافة العراق، وما تعنيه الثقافة العراقية من ثقل نوعي كبير، رجل كلّ تاريخه لا يتعدى كونه " خطيب جامع" ، وبعد فترة قصيره يدان بتهم دعم الأرهاب ويهرب من العدالة وهو الآن حر طليق وضحاياه لم يجف دمهم بعد. ومن هذا الحقل المحاصصي بأسم الديمقراطية سوف تشاهد مدراء عامين في وزارة الثقافة هم أقرب الى رؤساء المافيات ، وكذلك ترى من حصاد هذا الحقل ان تنشأ صحف ومجلات ودوريات ، وعليها قائمون ورؤساء تحرير لا يفقهون شيئا من أصول اللعبة الأعلامية" الميديا الحديثة" ، ولا يتمتعون بأيّة مهارات ومواهب ، ولا بشهادات أكاديمية تتيح لهم تبوأ هذه المراكز المفصلية الحساسة في حقل الثقافة والاعلام .. ويصح بهم قول المتنبي :
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
عدو له ما من صداقته بدُّ
ولم يكتف العراقيون والعرب عموما من أستنساخ مشوه للتجربة الغربية الديمقراطية والإستفادة من أطرها العامة وتطويعها محليا ، بل تمادوا الى نقل التشوهات الى بلدان مهاجرهم ومنافيهم .. فصار لكل جالية أمراضها الوطنية المنقولة والمستنسخة من أمراض أوطانهم الأولى ..
فترى الزحف غير "المقدس" لإناس لا شغل لهم سوى تبوأ مناصب صحفية أو جهات إفتائية أو غيرها . إذ يقوم هؤلاء بتسميم منظّم لرعاياهم والمريدين من الجاليات .. يتخندقون ويتحزبون ، مللّا ونِحلا ضد كل صوت أخر وفكر حر..
حفلة جماعية يشارك فيها الصحافي الخانع الجاهل بمؤزارة رجل الدين المتخلف والداعية العنصري والطائفي ، لتشكيل قوة بازارية ضاغطة أولاً.. تتخللها رسائل عنف خفيفة مؤشرة الى قص إجنحة الصوت الحر .
ونتيجة لعطالة هؤلاء من صحافيين ورؤساء تحرير ومؤسسات طائفية ودينية وحزبية فانهم يحاولون إيقاف عجلة التاريخ في دول آوتهم من ظلم بلدانهم ، وإحترمت الانسان فيهم وقدمت لهم كلّ شيء يحفظ كرامتهم وأمنهم .. ولكن مخرجاتهم كانت " عصابات صحفية ، مؤسسات مشبوهة لتصدير الجهل والتخلف ، سموم قادمة من عمق كهوف أرواحهم المنخورة ".
والحقيقية الأكيدة أن هؤلاء هم من نتائج ومثالب الديمقرطيات أيضا .. وأنهم على طريقة ديكارت " أنك مضطر لسماع الحمقى".
ولابد لي في الختام أن أتذكر طيب الذكر الشاعر الحداثوي الكبير نزار قباني وهو يرثي ثقافتنا بقوله :

ثَافَتُنَا فَقَاقيعٌ مِنَ الصَّابُونِ وَالوَحْلِ
فَمَا زَالَتْ بِدَاخِلِنَا رَوَاسِبُ مِنْ أَبِيْ جَهْلِ
وَمَا زِلْنَا نَعِيْشُ بِمَنْطِقِ المِفْتَاحِ وَالقِفْلِ
نَلُفُّ نِسَاءَنَا بِالقُطْنِ، نَدْفُنُهُنَّ فِي الرَّمِلِ
وَنَمْلُكُهُنَّ كَالسِجَّادِ كَالأَبْقَارِ فِي الحَقْلِ
وَنَهْزَءْ مِنْ قَوَارِيْرَ بِلا دِيْنٍ وَلا عَقْلِ
وَنَرْجِعُ آخِرَ اللَّيْلِ، نُمَارِسُ حَقَّنَا الزَّوْجِيَّ كَالثِّيْرَانِ وَالخَيْلِ
نُمَارِسُهُ خِلالَ دَقَاِئقٍ خَمْسٍ بِلا شَوْقٍ وَلا ذَوْقٍ وَلا مَيْلِ
نُمَارِسُهُ كَآلاتٍ تُؤَدِّي الفِعْلَ لِلْفِعْلِ
وَنَرْقُدُ بَعْدَهَا مَوْتَى، وَنَتْرُكُهُنَّ وَسْطَ النَّارِ، وَسْطَ الطِّيْنِ وَالوَحْلِ
قَتْيْلاتٍ بِلا قَتْلِ. بِنِصْفِ الدَّرْبِ نَتْرُكُهُنْ
يَا لَفَظَاظَةِ الخَيْلِ!
قَضَيْنَا العُمْرَ فِي المَخْدَعْ
وَجَيْشُ حَرِيْمِنَا مَعَنَا، وَصَكُّ زَوَاجِنَا مَعَنَا، وَقُلْنَا: اللهُ قَدْ شَرَّعْ.
لَيَالَيْنَا مُوَزَّعَةٌ عَلَى زَوْجَاتِنَا الأَرْبَعْ
هُنَا شَفَةٌ، هُنَا سَاقٌ، هُنَا ظُفْرٌ، هُنَا إِصْبَعْ
كَأَنَّ الدِّيْنَ حَانُوْتٌ فَتَحْنَاهُ لِكَي نَشْبَعْ
تَمَتَّعْنَا بِمَا أَيْمَانُنَا مَلَكَتْ، وَعِشْنَا مِنْ غَرَائِزِنَا بِمُسْتَنْقَعْ
وَزَوَّرْنَا كَلامَ اللهِ بِالشَّكْلِ الذِيْ يَنْفَعْ، وَلَمْ نَخْجَلْ بِمَا نَصْنَعْ!
عَبَثْنَا فِي قَدَاسَتِهِ، نَسِيْنَا نُبْلَ غَايَتِهِ، وَلَمْ نَذْكُرْ سِوَى المَضْجَعْ
............................................................................................................................



#وديع_شامخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المالكي... يستغيث
- المالكي .. الهاشمي .. المطلك .. فساد الدهر وترقيع العطار
- لى محمود عبد الوهاب في القبر..
- لماذا يعود البعث؟
- قذافي .... مَن هو الجرذ حقا؟؟
- جلعاد شاليط بأكثر من ألف.. والدم العراقي بالمجان
- السيادة الوطنية وأمرضها
- مازن لطيف .. نورس المتنبي وبشير عراقي ثقافي ..
- الفيدرالية والعماء السياسي العراقي
- كاظم إسماعيل الكاطع والقوافي النشاز
- دمعتي على فأس الحطاب
- التلصّص على الذات
- عرس الدجيل... واقعة الدم العراقي المجاني
- الفرح مهنتي
- ميليشيات على جرح العراق
- أوراق من دفاتر الشهور
- أفول المُلك العضوض
- ثقافة الإحتراب في المشهد الإبداعي العراقي
- جمعة العراق العظيمة
- عصر ما بعد الخوف


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديع شامخ - ديمقراطية القرف الشرقية