أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع شامخ - التلصّص على الذات














المزيد.....

التلصّص على الذات


وديع شامخ

الحوار المتمدن-العدد: 3405 - 2011 / 6 / 23 - 17:18
المحور: الادب والفن
    


رقصة على عتبة الخمسين

التلصّص على الذات ...*

وديع شامخ




في عمر يناهز يوبيله الذهبي، كيف تكافح الذات مواجهة المرايا ..؟
أمسح تجاعيدي بماء الصباح تحسبا ليومي الجديد ، وأغازل قدري.
أفرك دهرا أم زمنا ؟
في وعاء المغسلة .. َمنْ يسقط .. قناعي أم وجهي ؟
لكن الأكيد أني أمسّد البوح النازل من ُسلالة ليلي !
أيامي غارقة في لجة السؤال .
كيف أبدأ القص وانا لستُ "قصخون" .. كيف أروي وأنا أضع الرواية في خانة الشك
والرواة من جنس الذين قاموا من نومهم وفي يديهم كتاب اليقين !!!
كتاب اليقين ... وأنا لا يقين لديّ غير السؤال!
سأستعير رأي "ابن سبعين" المتصوف الأندلسي الكبير الذي يرى أن الوجود في الأبد ، خارج نطاق الزمان والمكان والحركة والتحول. ولهذا فان مجرد إدخال فكرة الكون والتحول يعني لديه إن الكائن قابل للحركة، وعرضة لزوال هويته المطلقة .. الزمان عنصر تهديد وتبديد للهوية أما الدهر فهو وعاء الهوية المحض المطلقة.
شكرا لابن سبعين الذي دلّني على الدهر .. فأنا أبن الدهر وعوائده.. وعذرا للزمن الذي سيختفي من يديّ ويتوارى لأنني سأخون الزمن وأنتمى الى الزمانية .
سأخون المكان الذي رماني رقما .. وأنتمي الى المدلول ، ولا أبيت في يقين الدال.
أطير مع احلامي .. أستجدي من الماضي قبسا يعينني على إكتشاف حياتي وفحصها من الداخل .
أصعب ما في أمر سرد الذكريات، هو النزوع الى الأسئلة حول ذواتنا ، ذواتنا ليست المصنوعة من نسيج حكايات نبثها هنا وهناك من باب الإشاعة والقبول ، بل كيف نزرع حياتنا وسط لجّة الفضول والتطلع والشك والريبة من آخرين نحن أشركناهم في اللعبة .. لعبة الإنصات إلينا .. أتراني أسرد حكايات، أم أتأمل ما حصل طوال الخمسين عاما بلذة ونشوة وأسى شفيف؟؟

................................

طين المدن

هناك مدن تغادر الذاكرة بسرعة اللعنة التي تحلّ على الرؤوس ، وليتك ترميها بسبع حجرات كما يقولون للتخلص من كوابيسها وأحماضها الجاثمة على صدرور ساكنيها ، وهناك مدن أخرى تشتهي أن تستحضرها كلما ألم ّ بك الحنين وطاردتك أشباح النفوس والمدن التي تتسلقها بعيدا عن" سمائك الأولى".
لا تغادر الذاكرة بواكير طفولتي في " الجمهورية". منطقة من ألف ليلة وليلة ، شعبية في تكوينها المجتمعي ، ثرية في مواهب ناسها، خزين من الذوات المتناقضة حدّ الجنون الى أقصاه ، والعقل في تطرفه. فيها من العراق كلّ نفس وطين ورائحة .. وفيها من الجفاء الذي لا يعادله عبث الساسة الذين خرجوا من معطفها وسميت ب" الجمهورية " دليلا على إنحيازها للنظام الجمهوري ، بعد أن كانت مَلكية الهوى وتسمى ب" الفيصلية". الجمهورية عراق صغير، هي طين يُشكلنا دون آلهة ، دون لعنة تحنو علينا وتضمّنا كأبناء وأحفاد عاقين وليس برره فقط.
اليس ماركيز من قال " إن الله يحب إبناءه العاقين".
مدينة أو الأصح " محلة " الجمهورية لزيادة في الحميمية، ولقول الحق في هذه المنطقة التي كانت منبعا لخيرة الفنانيين والرياضيين والموسيقيين والممثليين والكتّاب والمفكرين والمجانين معا، أولئك الذين ولدوا فيها أو طاب لهم العيش بعد أن طاروا لها من شتى مناحي البصرة الفيحاء ، محلة تقطر شهد برائتها .
الجمهورية المحلة التي قدّمت العراق والشخصية العراقية بكل تنوعها وثرائها وأزدواجيتها معا ، فيها من الريف والبادية والحضر ، فيها المسلم والمسيحي والصابئي ، فيها الكردي والعربي والتركماني والسني والشيعي ، فيها الآشوري والكلداني والسرياني مع رهط من الملحدين الرائعين ، فيها السكارى والمصلين ، فيها من الإتلاف والإختلاف ما يجعلها نموذجا مصغرا لحلم الكائن .. لنقول هي نبؤة المدن التي تنزف أبناءها من هول جنون سدنتها الآحاد الموحدين.
منها دربتُ عيني على رؤية الجمال والخير والمحبة ، وعلى ترابها ركضت قدماي لتصقل قامتي للجري في مضاميرالحياة اللاحقة .
الجمهورية هي الباب الأول للدخول الى طفولتي .. الجمهورية سطحنا الطيني الذي نرشه غروبا ونفترشه صيفا لنحلم في بيوت كسماء البصرة الصافية ونجومها وقمرها ..
من طين الجمهورية نحت الله قوامي وعلّمني أن أتلو أبجدية الحب للناس أولا ..

مضافة الجد المقدسة

كنت وعلى أكثر الروايات صدقا وبشهود أحياء ينامون في دمي ، أنا الطفل العاق /الوكيح حد اللعنة ، ويقول الرواة : كنت أتوافر على حس الكبرياء والعناد حين أصررت على اللعب في اللاين " الزقاق"، رغم وجود مجلس جديّ الصيفي إذ كان هذا الجدّ دكتاتورا صرفا يمنع كلّ اطفال اللاين من اللعب أو الاقتراب من جلسته الصيفية التي يفترش وجماعته الشارع بعد ان يُفرش بالحصران أولا ثم بالسجاد وتصطف دلال القهوة من الصغيرة حتى الوصول الى الكبيرة والمسماة " بالكمكم" ، والكل يكون واقفا لخدمة نزوات الجد واوامره . يقولون وذاكراتي لا تنسى تلك " الجيوة البيضاء" التي قذفني بها الحاج زغير، جدّي عندما يأس من تهديده ووعيده بعدم اللعب قرب مضافته الصيفية . "والجيوة هي حذاء من الكتان المنسوج يدويا والذي يأتي بها والدي مع بعض الهدايا الأخرى من شمال العراق ليقدمها لجدي كلما جاء في إجازته الدورية "
لعبتُ ودفعت الثمن كثيرا من أبي وأمي والجميع، وكأني أكسر أكبر مقدسات العائلة .
سيكون لقراري أو مزاجي الطفولي في تحدي الجد ، الاثر الكبير في تكوين شخصيتي كما أرقب تحولاتها وأنا الداخل على عتبة الخمسين .
ياه ................خمسون عاما
سأخلع قناعي الجديد وأخرج من حفلة العمر .
من مفارقة الزمن، إنني الآن أعاني من حساسية الغبار.
أهي لعنة الجد عندما كنت أثير غبار طفولتي أمام مضافته ؟؟
من المقدس ومن المدنس ..
الغبار أم الانسان ..؟؟



>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

*- الحلقة الثانية ، من رواية ذاتية



#وديع_شامخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرس الدجيل... واقعة الدم العراقي المجاني
- الفرح مهنتي
- ميليشيات على جرح العراق
- أوراق من دفاتر الشهور
- أفول المُلك العضوض
- ثقافة الإحتراب في المشهد الإبداعي العراقي
- جمعة العراق العظيمة
- عصر ما بعد الخوف
- زين الهاربين - بن علي-
- المسيحيون لا ينقرضون..... حذار .. حذار ..
- ثقافة العراق والمحاصصة
- على مقربة من النجاة
- غبار اليقين
- وَبَيْنَ عِرَاقِ وَسُؤَالِ ؟؟؟
- نص في الازمة ....
- حافلة الديمقراطية .. والسائق السكران
- الانتخابات القادمة .. حبر الضمير وصوت العقل
- باسم فرات .. تراجيديا الكائن.. وكمائن الشعر
- رابطة ابداع للثقافة في البصرة .. تحتفي بالشاعر المغترب وديع ...
- غيلان وينابيع الشعر الصافية


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع شامخ - التلصّص على الذات