أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع شامخ - ثقافة الإحتراب في المشهد الإبداعي العراقي















المزيد.....

ثقافة الإحتراب في المشهد الإبداعي العراقي


وديع شامخ

الحوار المتمدن-العدد: 3300 - 2011 / 3 / 9 - 14:50
المحور: الادب والفن
    


الغالب والمغلوب ...
مهاد


الحديث عن الغالب" المركز" يرتبط منطقيا بوجود مغلوب " هامش" ما ، كما يشير الظل بداهة الى الضوء وجودا فيزيقيا أو سببّا مفترضا ومتخيلا ، وفي كلا الحالين لا يمكن للهامش أن يكون منفردا ومخلوقا من عدم فالهامش السياسي مثلا وراءه قوة إقصائية تزيح الخصوم من موقع التأثير والسيادة الى موقع التبعية ، يسترشد بعقل مركزي منظم ومسلح بنظرية تتمتع بإستراتيجية عامة وتكتيك خاص.
طريق السياسي معبد بالهامش ، فالهامش بالنسبة الى السياسي هو الجمهور أو الرعية ، وإن بدت ظاهريا هي المادة الأولية لنجاح السياسي فانها أخيرا ستكون طبقة مهمشة غير متحصلة على نتائج أفعالها سواء عن طريق صناديق الإنتخابات أو في المساهمة في التغيير السياسي لإنظمة الحكم كجنود مجهولين دائما . وكذا القائد العسكري الذي ُيتوج إنتصاراته عبر مادة الحروب وحَطبها الجنود المهمشين المغلوبين والمجهولين أيضا .
وبقدر تعلق الأمر بالسياسي العربي والعراقي الآن وهوامشهم، وليس بهامش واحد.. يتعلق الأمر برجل الدين وهوامشه في الإقصاء وطريقه هو " الفتوى". فالفتوى سلاح فتاك لتهميش وإقصاء وتكفير وتخوين الأخرين وكذا حال المتنفذين في الحياة على المستويات الإجتماعية والإقتصادية .. الخ.
الحياة السياسية برمتها أسيرة للبراغماتيا وذاكرتها " ميكافيلية " ، والحياة هناك سمحت بتكتل قوة الطرد أكثر من قوة الجذب .. فالمجتمعات العربية السياسية تتحصن بقوتها الطاردة أصلا وخصوصا مع المختلفين عنها ، وبالتالي سيتشكل جمهور من العاطلين عن الفعل وهم ما يدعوون ب" المهمشين" .
فلابد لنا أن نعيّ حجم وكم المهمشين كرها وطوعا .
ولكن ماذا عن الحقل الثقافي، وماذا عن الفاعلين به ؟؟ .
لو قدمنا الأعذار للسياسي ورغبته العارمه في تهميش واقصاء وغلبة المناوئين والاعداء وما جاد به القاموس السياسي من مفردات لإقصاء الاخرين ، ولو بحثنا عن عذر لرجل الدين في إصدار فتواه لتجريم وقتل الآخرين بقصد الحفاظ على بيضة الدين واجتماع الأمة !
فبماذا نبرر للمثقف تهميشه للأخرين وشيوع مبدأ الغَلبة، وكيف يمكن توصيف ضحايا " الديكتاتورية الثقافية "؟


المشهد الثقافي بين المركز والهامش
"الغالب والمغلوب"


في المشهد الثقافي العراقي شاع نموذج " جرير والفرزدق " ففي كل مرحلة لابد من توافر نقيضين لتمثيل الصورة الكلية للمشهد ، أو تفعيل الصراع لتأليب الجمهور للإنقسام الى طرفي معادلة حربية وفئوية تماما ، فلو أخذنا الشاعرين العراقيين والمفكرين جميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي، سنجدهما وبرغم دعواتهما التحررية وتحديهما للدين وتابواته ، فانهما ظلا يمارسان َسوق القطيع الى جانبهما وحيازته تهميشا للشاعر الآخر ولجمهوره أيضا ، فكان للرصافي أنصاره وللزهاوي مريدين أيضا، رغم الوعي الهائل والثقافة العالية التي يتمتعان بها، فالرصافي قد كتب أهم كتابين صدرا بعد موته وهما " الشخصية المحمدية والرسالة العراقية ".. والزهاوي له كتب وأراء مهمة في قضية المرأة بين السفور والحجاب، والفلسفة والشعر والعلوم مثل ،الجاذبية وتعليلها، الظواهر الطبيعية والفلكية، والدفع العام وغيرها .
لكن الإحتراب بينهما كان مستعرا حتى أدى الى تدخل الملك فيصل الأول ، لفضّ النزاع في وليمة أقامها على شرفهما .
ومن إحتراب الرصافي والزهاوي وقبله وبعده ، نشأ نوع من العصاب في الثقافة العراقية ، ضد كل ما هو جديد أو مبتكر وشيوع نظرية " الغالب والمغلوب" ، وهذا يعود برأيي لان الحقل الثقافي العراقي لم يزل يحمل التأثيرات السياسية أو الدينية أو القبلية ، أي أنه حقل طارد وبإمتياز ، ودليلي الى هذا إن التجديد الشعري الذي حمله شعراء الريادة "بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي " قد قوبل بتحفظ وتشكيك من قبل المشتغلين في الحقل الإبداعي العراقي أو على الأقل التشكيك والتقليل من أهمية الإنجاز في مسيرة التطور النوعي للأشكال الشعرية العربية ، كما هو حال الإحتراب بين الأجيال الثقافة العراقية ، وخصوصا الشعرية، دليلا على نزوع شخصي وجماعي للتمايز والتميّز وغمط حق الآخرين ، وهو نوع من " التهميش الثقافي" الذي لا يقلّ قسوة وهمجية عن " التهميشات في حقول الحياة المتنوعة "


الأجيال الشعرية في العراق وإحترابها

يشير د. علي الوردي عالم الإجتماع العراقي الكبير،الى ان الشخصية العراقية تعاني من إزدواجية بحكم مرجعيتها الملتبسة بين البداوة والمدنية وهذا يؤدي الى إنتاج شخصية أو مجتمع قابل لأن يكون حاضنة أو يساهم في إنتاج حاضنة لممارسة الإقصاء والتهميش للآخرين . والشعراء لم يختلفوا كثيرا عن غيرهم بهذا التوصيف ، فلو فحصنا مسيرة الحقل الإبداعي العراق وفق تقسيماته العشارية والمسماة بالأجيال " كل جيل بعشر سنوات كما يدّعون !!" سنجد أن الإقصاء والتهميش ساريين على وتيرة متصاعدة لإلغاء جهود السابق وطالت حتى الجهود التأسيسة للرواد في الشعر العراقي أبان الأربعينات من القرن العشرين والحقبة التي تلت الرواد في الخمسينات من القرن المنصرم، سنجد أن التقسيم العشائري – العشاري- ، والسياسي قد ساد على المشهد الشعري العراقي ، ونشأت ظاهرة الأجيال الشعرية وفق التقسيم الزمني ، جيل الخمسينات ، الستينيات ، السبعينات الثمانينات ، والتسعينات . ولقد شهد هذا الاصطراع حربا" غير مقدسة"
الستينيون يعتقدون بانهم جاؤوا من العدم وهم الحلقة الذهبية في الشعر العراقي ، ولا أحد سواهم، وكذا جاء الجيل السبعيني وهو يحمل رغبة السلطة وتحديها ، وكذا فعل الثمانينيون في الحروب، والتسعينيون في الحروب والحصارات .
ولكن ماذا عن الشعر ؟
يريدون للشعر أن يكون لقطيا مهمشا تتناهبه قبائل الأجيال وأهواء السياسة دون الفحص العميق والإشارة الصائبة لجهود المبدعين عموما من غير الإقتصار على "عشائر شعرية " إن صح القول، فالشعر العراقي يعاني من قطيعة وتهميش حقيقيين نتيجة لإحتراب الشعراء وسعيهم غير "الإبداعي والأخلاقي" الى تعتيم المشهد على أقرانهم سواء في دراساتهم وكتبهم التي ناقشت موضوع الأسماء الشعرية وأهميتها في المشهد الشعري العراقي ، أو حتى في حواراتهم أو مقالاتهم التي تعتمد على ذاكرة منخورة مصابة بداء التناسي المتعمد لجهود وطاقات إبداعية لا يمكن أن يحجبها قلم منصف أوعقلية خالية من مرض الجيلية ، ناهيك عن الزعيق والنعيب من الذين نضبت عدّتهم أو أنكشف زيف أدائهم في المشهد الشعري العراقي عندما ذهبت العوامل المساعدة الخارجية" الحارج إبداعية"! لوجود هؤلاء في حقل الثقافة . لكن الجزء الآخر من الحقيقة أن الأجيال الشعرية برأيي هي تقسيمات نقدية تاريخية تخدم الدارس في موضوع تاريخ الأدب ولا تؤرخ لكشف ودراسة المجسات النوعية لتطورالشكل الشعري في العراقي ، كما أن القلة المنتجة والمبدعة والتي ربما كانت منضوية تحت لواء هذا الجيل أو ذاك أو المتحررة أصلا من هذا التحقيب القسري قد تحررت من هذا الوهم وهي تنجز مشاريعها الإبداعية بشكل فردي خالص ، وهذا ما ينسجم مع روح الإبداع الحقيقية


خاتمة

إن التقسيم الجيلي للمشهد الشعري العراقي يمثل تعسفا في رأيي للتصور النوعي الشعري العراقي ، فلو أخذنا شاعرا كبيرا مثل بدر شاكر السياب لم ينضج شعريا في قصيدته التجديدية " هل كان حبا " والتي كتبها في اربعينيات القرن المنصرم ، بل في الخمسينيات وبقصائد راقية مثل المومس العمياء وغريب على الخليج ، وبداية الستينات في قصيدته الرائعة " سفر أيوب". وكذا الحال ينطبق على تجربة النضج الشعري لدى الشعر عبد الوهاب لبياتي وبلند الحيدري وسعدي يوسف .. وآخرون ..
إذن قصة الإجيال منحولة من إصلها ، حتى لو أدعى بعض ممثليها من أن وجود الإجيال في الثقافة العراقية : جاء نتيجة لخلو الثقافة العراقية من مدارس ومراحل منتظمة كما شهدته الثقافة الأوربية .
بعد التغيّرات المهمة في بنية المجتمع العراقي إجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا وسايكولوجيا حيث توجت عصارتها آبان فترة التسعينات ، إذ حلّ الخراب التام في الحياة العراقية ،لاحظنا تخطي الشعراء لمفهوم الجيل وتطلعهم الى إنتماءات أكثر فردانية منها الى الجماعة في توصيف المشهد الشعري العراقي أو في البحث عن فضاءات إبداعية لكتابة نصوص بطرائق تتخطى ما كان متعارف عليه في الكتابة الشعرية ، فلم تعد قصيدة النثر أو نصوص الومضة او النص المفتوح وحدها هي الإقتراحات الجمالية للأداء الشعري، بل حاول الشعراء منفردين خلق عوالمهم الشعرية ضمن فضاء أكثر حرية مستفيدين لاحقا وبعد التغيير السياسي المهم في العراق عام 2003، من كل الممكنات المتاحة السمعية والبصرية والتلاقح مجددا مع تجارب العالم بوصفه قرية صغيرة .
إن عام 2000 في العراق لم يحمل معه مصطلح " الجيل الألفيني مثلا " بل أفرز نزوعا نحو فهم جديد لوظيفة الشعر من لدن الشاعر والجماعة معا .
كما أن الصوت الصارخ لفرسان الأجيال السابقة قد صمت الآن تماما على مستوى التنظير ، وبدأ الجميع بمراجعة حساباتهم أمام الشعر وحده ، فمنهم من صمد َ وجادت قريحته منفردة بنصوص مهمة ومجاميع تؤشر لعافية شعرية ، ومنهم من طواه النسيان شعريا ولكنه ما زال يبحلق بوقاحة في إنثيالات يريد لتاريخه الجيلي أن يشفع لها في سوق الشعر ومرابده ومرابطه! ،ومنهم من غادر الشعر بشجاعة نادرة ووجد نفسه في فضاءات تعبيرية أخرى .
الإبداع عموما يحمل حصانة ضد التجيير والحيازة والإستحواذ، وهذا ما يجعل الشاعر الفرد يؤمن بتفرده فردا مبدعا منبوذا أو مغلوبا ، خير من وجوده رقما أو أسما في قائمة لا تشير له ولا تعنيه ، سواءً كان عنوانها جيل ، جماعة ..
الشاعر والمبدع الحقيقي عموما لابد أن يعيّ أن وجوده لا يرتبط شرطيا بمركز أو هامش ، ولا بجيل او جماعة .. الخ، انما سر وجوده وخلوده معا في صياغة أسئلته الوجودية الخاصة وسره الحقيقي هو نصه الإبداعي .



#وديع_شامخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمعة العراق العظيمة
- عصر ما بعد الخوف
- زين الهاربين - بن علي-
- المسيحيون لا ينقرضون..... حذار .. حذار ..
- ثقافة العراق والمحاصصة
- على مقربة من النجاة
- غبار اليقين
- وَبَيْنَ عِرَاقِ وَسُؤَالِ ؟؟؟
- نص في الازمة ....
- حافلة الديمقراطية .. والسائق السكران
- الانتخابات القادمة .. حبر الضمير وصوت العقل
- باسم فرات .. تراجيديا الكائن.. وكمائن الشعر
- رابطة ابداع للثقافة في البصرة .. تحتفي بالشاعر المغترب وديع ...
- غيلان وينابيع الشعر الصافية
- سرير بروكرست*
- يتجلى في صمته والبئر يوقظه
- الشاعر وديع شامخ في ( ما يقوله التاج للهدهد ): أسئلة مثقلة ب ...
- أمسية شعرية في سدني للشاعر العراقي غيلان
- مسرحية الرداء... نسمة جمالية في سماء المسرح العراقي.
- الشعر والحب


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع شامخ - ثقافة الإحتراب في المشهد الإبداعي العراقي