أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع شامخ - أوراق من دفاتر الشهور















المزيد.....

أوراق من دفاتر الشهور


وديع شامخ

الحوار المتمدن-العدد: 3335 - 2011 / 4 / 13 - 18:41
المحور: الادب والفن
    


الورقة الأولى


نيسان أقسى الشهور

لنيسان ذاكرة عميقة في العقل البشري لما لهذا الشهر من موقع متفرد في الواقع والذاكرة، في التقويم والإسطورة ..ومن أفاعيل نيسان في المًُخيلة الإبداعية المشاكسة ، نجد أن الشاعر " ت. س اليوت، يشير الى نيسان بوصفه أقسى الشهور، في مفتتح رائعته " الأرض اليباب، أو الخراب " هذه القصيدة التي أهداها الى صديقه المبدع إزرا باوند وكانت وبإعتراف النُقّاد ، أروعَ أعماله الشعرية على الإطلاق، والقصيدة كانت تُعبر عن خيبة أمل جيل ما بعد الحرب العالمية الأولى كما إنها تتمثل عالماً مثقّلاً بالمخاوف والذّعر والشهوات العقيمة، عالماً ينتظر إشارة ما، تؤدي به الى الخلاص من تلك الخيبة الكبرى بعد الكارثة الكونية .
في حين أن الشاعر محمود درويش يصف شهر آذار بأنه " أقسى الشهور" في قصيدته " الأرض" التي كتبها 1976. ولا يخفى هنا على القاريء الحصيف إكتشاف الإستفادة من "الأرض اليباب" والتأثر بالشاعر أليوت.
وهكذا تٌستثمر الشهور كثيمات زمنية، موضوعا أثيرا للشعراء في إستخدامهم الإستعاري للزمن وظلاله على الكائن البشري.

الورقة الثانية

سمكة نيسان

مهما قيل في قسوة الشهور أو بهجتها، يببقى لنيسان طعمه الخاص في الذاكرة البشرية عموما والعراقية بشكل خاص.
نيسان يبدأ عند كلّ الشعوب بكذبة بيضاء تنتجها المداعبات والممازحات بين الناس ويزداد الكذب الأبيض من أجل الضحك والمرح والتسلية الى أن يصل الى درجة الإزعاج أو الألم الذي يسببه أحيانا هذا الكذب الأبيض للأخرين .
ولكذبة نيسان تأريخ طويل حافل بالحكايات،إذ لاُيعرف أصل لكذبة نيسان على وجه التحديد وقد إختلفت الأراء في ذلك.. البعض يقول "إنها نشأت مع احتفالات الربيع عند تعادل الليل والنهار في 21 آذار حيث يبدأ الجو بالتقلب والتغير ففسره البعض بان القدرة الآلهية تهزأ بالانسان فحذوا حذوها وبدؤوا بممارسة الممازحة فيما بينهم في أول نيسان وأصبح قاعدة. وهناك رواية أخرى تقول: إن كذبة نيسان تعود الى أصل هندي، اذ كان الهنود يحتفلون بعيد اسمه الهولي ويبدأ بداية الربيع وينتهي آخر شهر اذار لذا كان الهنود يودعون عيد الهولي في أول نيسان بالأكاذيب البيضاء المضحكة، وهناك من يقول: إنها عادة وثنية أو بقايا لطقوس وثنية تمتد الى عصور قديمة حيث كانوا يختلقون الأكاذيب في أول أيام العيد الذي يكون في بداية فصل الربيع وأصبحت قاعدة في أول نيسان وهناك رأي يقول: إن كذبة نيسان نشأت في فرنسا في القرن السادس عشر في عهد الملك شارل التاسع الذي فرض تقويماً جديداً في فرنسا حدّد فيه ان العام الجديد يبدأ في الأول من شهر كانون الثاني بعد ان كان يبدأ في أول نيسان فاصبح كلّ شخص يرفض التقويم الجديد يتعرض لمواقف محرجة وسخرية الناس وذلك في نيسان وانتشر هذا التقليد.. ويطلق الفرنسيون على كذبة نيسان سمكة نيسان لأن الشمس تنتقل من برج الحوت الى البرج الذي يليه أو لان كلمة "بواسون" تعني سمكة وهي محرفة من كلمة" باسيون" ومعناها العذاب التي ترمز الى عذاب السيد المسيح الذي يعتقد انه كان في أول نيسان. ‏
وفي روسيا يقال ان كذبة نيسان عرفت في عام 1719 عندما قام قيصر روسيا بطرس الأكبر باشعال النار في قبة عالية وطلاها بالزفت والشمع فتوهم الناس أن مدينتهم تحترق فهربوا خائفين وكان الجنود يوقفونهم ويقولون ان اليوم هو اول نيسان. ‏
وهناك رواية أخرى تقول: إن احدى ملكات بابل القديمة أمرت بان يكتب على قبرها بعد وفاتها عبارة تقول: «يجد المحتاج في قبري هذا ما لايسد به حاجته اذا فتحه في اول نيسان» ولم يجرؤ احد على فتح القبر حتى جاء الملك الفارسي داريوس فأمر بفتح القبر فوجد لوحاً نحاسياً كتب عليه: «ايها الداخل الى هذا القبر انت رجل طماع وقح عطش الى نهب المال ولإجل إشباع نهمك أتيت تقلق راحتي في نومي الأبدي مغتنماً فرصة الأول من نيسان ولكن خاب ظنك وطاش سهمك فلن تنال من لحدي إلا نصيب الأحمق المعتوه».


الورقة الثالثة

تموز في ذاكرة نيسان

كان شهر تموز يُكنى بأبي الثورات، ففي الرابع عشر من تموز سنة 1789 قامت الثورة الفرنسيه التي حررت فرنسا من الحكم الإستبدادي، وقد هبت رياح الثورة التي حملت مباديء الحريه والأخاء والمساواة الى العالم كلّه حتى وصلت الى أطراف العالم ومنها الشرق الأوسط، وبلغت حدود الدوله العثمانيه الإسلامية التي سيطرت على المشرق العربي ومغربه، إذ لم تصمد الدولة العثمانية من رياح التغيير التي هبت من باريس عاصمة الثورة .
وجاءت الثورة المصريه في تموز 1952 . ثم ثورة العراق في الرابع عشر من تموز 1958 . وأن اغلب الثورات في العالم العربي شهدها شهر تموز.
ومن أظرف التعليقات التي وجدتها على "النت " للسبب الرئيسي لجعل تموز أبو الثورات في العالم العربي رأيت في هذين التعليقين الظريفين ما ُيغني تماما عن التعليق :يقول التعليق الأول :"عندما تصل درجه الحراره الى 60 مئويه في تموز العرب، وبما أن الانسان ابن الطبيعه فانه سيغلي كما يغلي الماء وبالطبع عندما تغلي دماء القطيع سيقوم الراعي او القيادي باستغلال هذا الغليان لمأربه الخاصه لعمل "ثوره"ولنسميها انقلاب فقط لتغيير الاسماء وليس لتغيير الايدولوجيه". أما التعليق الثاني فيقول أن اسباب الثورة هي " الحر، والإجازات وخصوصا للطلاب ،والناس تصير ما عندها شي غير تهوس وتسوي ثورات".
هكذا نرى الفرق الشاسع بين مفهوم الثورة الفرنسية وثوراتنا العارمة بالغليان !!

الورقة الرابعة

نيسان عند العراقيين


نيسان عند العراقيين يبدأ بالإختلاف لا بالكذب عادة .. والإختلاف الأول يحدث في الأول من نيسان حول "أكيتو" أهل هو سومري المنشأ وكلداني الصياغة وبابلي التقليد أم أنه أشوري الصنع والتسويق ؟ ناسين أو متناسين متواليات الحضارات في العراق القديم "السومرية ، الأكدية ، البابلية ،الأشورية !؟. ومها يكن فالاختلاف صحة ودليل حيوية لو أستثمرناه لخلق مشهد عراقي متنوع، ولكن العراقيين يحتدمون حول أعياد ومناسبات وأحداث من الماضي يريدون أن يثبتوا حاضرهم مقترنا دائما بتأريخ مضى ! وتلك من علّل النوم في مقامة التاريخ.
نيسان موسم الحصاد والأفراح والربيع والكسلات البصرية على شط العرب .
لماذا ُيستحضر نيسان في ذاكرة العراق الحديث بوصفه شهرا للكوارث السياسية .. فحزب البعث ولد في السابع من نيسان وصدام حسين إدعى إنه ولد في 28 من نيسان ...




وفي 9 نيسان حدث فاصل تاريخي في التقويم العراقي ، حتى غدا التاسع من هذا الشهر بداية تقويم جديد للعراقيين ، وبداية تأريخ لهزائم الدكتاتوريات في العالم العربي والإسلامي حدّ النخاع. أتذكر لحظة سقوط الصنم العراقي العتيد.. وأتذكر العراق بلدا وذاكرة ..

وَرَقتي


أهي مفارقة أن يكون ميلادي أنا في "19 نيسان..." .. ؟أهي مفارقة أن ولدي المرتقب قدومه سيأتي في نسيان !.
أهي مفارقة أن أُدعى الى مهرجان المربد الشعري " النيساني" ولم أستطع الذهاب الى " العراق"!!.
على المستوى الشخصي أعتقد انني أتطابق مع الفرح والخصب والحصاد والولادة .. ولكن على مستوى الواقع أنتمي الى لحظة فرح خاصة لن أشعر بها يوم ولادتي طبعا! ولم أشعر بها بعد وأنا انتظر ولادة " فادي" .
لحظة سقوط الصنم العراقي كان حدثا يساوي سعادتي كاملةً..
لم أتلذذ شهوةً في الإنتقام، بل شعرت أننا شعب يستطيع الإنتصار على ذاته المنتفخة بالتاريخ وتقديس الشخوص والموت في الذاكرة .. شعرت اننا شعب يريد الخروج من جبّة الخليفة والله معا .. شعب يستطيع الفرح ثانية ويفهم أسباب الخروج من الغابة الوطنية واللحاق بركب العالم المتمدن والمتحضر .

الورقة السادسة

كان نيسان شهرا فغدا تقويما ، وصار أقسى ..
ياللذاكرة البشرية من قسوة ّتتدحرج من معارفها الى سمو أسرارها.
السرير هو التاج والتقويم واالشهوة ..
هو قمر سومري مثلومٌ في شمس الحكاية.
اللحظة اليوم تلوكها العامة وتنام في خِدرها السنوات ..
تنتفضُ الأحلام ليقظة اليوم من التاريخ!!!
نيسان... يا نيسان ...
ِمن ْ َصيّركّ شركا على بهجتنا ،
َمنْ؟
نيسان... أشهر في سنة ، أم لحن في حناجر لا تطيق الهارموني ؟
نيسان يوم أتعرّقه عطرا .. أم وهما أبدّده على سواحل الذكريات ؟؟
يا نيسان .. سأجلس اليوم على مقامة الوقت ، وأقول للسنة ،أن لا تَهرم قبل بلوغي ساعة الصفر ..
نيسان ، أم نسيان ؟؟
شعر أم نثر .
واقعة أم كارثة؟
يوم أم أنا ..
أمس أم غدا ؟
في سلّة نيسان شمعةً فاسدة من بيوض التقويم ..
أترقب قامتي وهي تحترق .. بعيدا ..
أترقب ظلي يهربُ من لهب الشموع
في نيسان.. العراقي يتقّد فرحا وألما معا
َتلٌ من الرؤى ُتراكمه السنين على جباهنا ..
أحجّة لنا كي لا ننحي
أم قامة لنا كي نصلب كلّ عام؟؟

...............................................



#وديع_شامخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفول المُلك العضوض
- ثقافة الإحتراب في المشهد الإبداعي العراقي
- جمعة العراق العظيمة
- عصر ما بعد الخوف
- زين الهاربين - بن علي-
- المسيحيون لا ينقرضون..... حذار .. حذار ..
- ثقافة العراق والمحاصصة
- على مقربة من النجاة
- غبار اليقين
- وَبَيْنَ عِرَاقِ وَسُؤَالِ ؟؟؟
- نص في الازمة ....
- حافلة الديمقراطية .. والسائق السكران
- الانتخابات القادمة .. حبر الضمير وصوت العقل
- باسم فرات .. تراجيديا الكائن.. وكمائن الشعر
- رابطة ابداع للثقافة في البصرة .. تحتفي بالشاعر المغترب وديع ...
- غيلان وينابيع الشعر الصافية
- سرير بروكرست*
- يتجلى في صمته والبئر يوقظه
- الشاعر وديع شامخ في ( ما يقوله التاج للهدهد ): أسئلة مثقلة ب ...
- أمسية شعرية في سدني للشاعر العراقي غيلان


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع شامخ - أوراق من دفاتر الشهور