كيف انتشر الإسلام حديثا؟

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3697 - 2012 / 4 / 13 - 21:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

تحاورنا في الماضي كثيرا عن الإسلام وكيف انتشر هل انتشر بحد السيف أم طواعية باللين حباً وكرامة,وسمعنا كثيرا وقرأنا كثيرا وقليلا,وملأنا الدنيا صراخا وضجيجا,لدرجة التضارب بالأيدي بين المختلفين في الآراء,وأصلحنا بين الكثير منهم وعاتبنا الكبير وأخذنا بيد الصغير, وأشبع المحللون الدينيون هذا الموضوع في كافة المحافل الرسمية ولكل فريقٍ وجهت نظرٍ مقتنعٍ بها يعود اختراعها وابتكارها إلى مخيلته ,وتم نقاش هذا الموضوع كثيرا وطويلا وأخذ حقه من البحوث العلمية وغير العلمية ولكن الشيء الوحيد الذي لم يأخذ حقه بعد هو:من الذي نشر الإسلام حديثا؟ طبعا قبل الخوض في الموضوع عندي إجابة جاهزة وهي :برميل البترول,أو آبار البترول.

طبعا حديثا لم ينتشر الإسلام لا بحد السيف ولا برأس الرمح ولم ينتشر بفوهة البندقية؟لأن القوى العسكرية وإستراتيجيات التسليح العربي رصيدها في الدول العربية والإسلامية صفر,وليس للدول ألعربية الإسلامية أي مستوى استراتيجي بين موازين القوى العالمية العسكرية,ولكن بحق من هو الذي نشر الإسلام منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وإلى اليوم؟.

الجواب:إنه برميل النفط الذي ينفق أولا وأخيرا على مطبعة القرآن الكريم التي تغذي جميع أنحاء العالم بالنُسخ القرآنية,فالقوة الشرائية لبرميل النفط هي التي نشرت وما زالت تنشر بالإسلام والسعودية ودول الخليج وأمريكيا بالذات هم وحدهم من يملكون اليوم النقود لنشر أي مذهب ديني أو ثقافي يريدونه,فكل الدول أفلست ولا يوجد مال إلا في الخليج العربي, فلولا الكاز والغاز والبنزين والبولمرات(البلاستيك) لَما رأينا مسجدا واحدا في كل الدول العربية زد على ذلك أن المدارس الإسلامية في دمشق وعددها بالآلاف كلها تم بناؤها على نفقة أموال الخليج دعما للإسلام في بلاد الشام إيمانا منهم بأن أرض الشام هي أرض الحشد والرباط.

لقد كان من النادر جدا قبل اكتشاف النفط أن يجد أسلافنا مسجدا يصلون به وكان المسجد في كل قرية عبارة عن مدرسة وجامع ومجلس استشاري وعلى الأغلب يكون هو الوحيد أي يتيما وكان من الممكن استخدامه كمركز صحي للعلاج,وأنا واحد من الناس الذين عاصروا في قريتهم مسجدا واحدا ولم أكن أشاهد مسجدا غيره حتى عام 1983م ولكن بعد هذا التاريخ وإلى اليوم يوجد في قريتي ما يقرب من 23 مسجدا كلها تم بناؤها على نفقة أهل الخليج من أمراء ووزراء ومتطوعين لخدمة الدين الإسلامي,ولولا السعودية وكافة دول الخليج لَما رأينا في قريتنا كل هذا العدد من المساجد وبالتالي برميل النفط هو الذي بنا ونشر المساجد بفضل القوة الشرائية للذهب الأسود.
وهنا نحن أمام مسألة فيها نوع من الحيرة والارتباك فأغلب الناس إيمانهم ضعيف وما يقومون بجمعه من تبرعات في كل قرية وفي كل مدينة لا يكفي لبناء هذا الكم الهائل من المساجد وأنا واحد من الناس من الذين عملوا في بناء المساجد باعتبار مهنتي(معلم عمار) وقد شاهدت الصعوبات في عملية جمع التبرعات,ولكن الخليج لوحده هو الذي نشر الإسلام وبنا المساجد والمآذن حتى غدى في كل قرية ومدينة بين كل مسجد ومسجد مسجد آخر ولو اعتمدت الدول الإسلامية العربية على إيمان المواطن لوحده فإنها على الأغلب لن تستطيع بالإيمان الضعيف أن تبني المساجد.

وهنالك نقطة هامة هي التي أدت إلى نشر الإسلام الحديث وهي بسبب مخاوف الدول الرأسمالية من المد الشيوعي فتبنت أجهزة الرأسمال الحديث بناء المساجد من أجل نشر ثقافة مضادة لليسار الماركسي,وهذا عمل على بناء الوحدات المتتالية الأيديولوجية متفرقة تحت تنظيمات الإسلام السياسي فنتج عن ذلك أحزاب إسلامية ومؤسسات إسلامية متتالية.

ومن ناحية أخرى ما أدى إلى نشر الإسلام الحديث هو خوف الإنسان من الحضارة ومشاكل الحضارة المعقدة وعدم اطمئنان الإنسان إلى الجوقة الاجتماعية والانحلال وتوتر العلاقات بين الناس وانتشار الفساد وفقدان الثقة بين الناس,بين الأب والابن,والزوج والزوجة,والأخ والأخ,والأقارب والجيران,وانتشار القلق من مصير الإنسان ونهايته حيث لم يجد بعد أسئلة تفسر له معنى وجوده,وهذه الظاهرة عانى ويعاني منها كافة أصحاب الديانات الكبيرة, زد على ذلك أن هنالك فئة كبيرة من الناس وشريحة عريضة لا تستطيع إدارة نفسها بنفسها عاطفيا ووجدانيا وخصوصا حين تلح الأسئلة الثقيلة بثقلها على عقل الإنسان وهنا يقع الإنسان في مأزقٍ ويحتاج إلى الدين لكي يُلقي بالمسئولية على كاهل الدين وعلى الله نفسه بالتوكل عليه تارة وبالتواكل تارة أخرى ولكي يتحرر هو من عبئ المسئولية الثقيلة والكبيرة,وهنا يصبح الدين ملجئا للخائفين وللطالبين وللمرتجين من الله.

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل