اهمية الاستعارة في حياتنا

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3694 - 2012 / 4 / 10 - 05:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

لا يحس الانسان بان معظم ما يتكلم به او بعبارة اخرى يعيش منه عبارة عن مجاز او استعارة و كما قال عالم اللسانيات George Lakoff في كتابه Metaphors We Live by فاننا نعيش من الاستعارة و يقصد بالاستعارة استعمال معنى كلمة واقعية او حرفية مجازيا فمثلا اذا قلت (اذهب الى الصفحة التالية) فانت لا تقصد ان اذهب مشيا على الاقدام فالذهاب استعارة او مجاز من المشي الى مكان او نستطيع ان نقول ان الاستعارة ليست الا تقليدا للطبيعة او صورة لها او نسخة منها.

الاستعارة مهمة لتطوير المعنى مجازيا في اللغات و الا لكانت لغاتنا لاتزال فقيرة بدائية لا تستطيع الاشارة الى اي شيء غائب او تقيلد حركاته فاينما تذهب تجد اللغة تسبح في محيط من الاستعارة. هل لاحظت الاستعارة هنا من السباحة و المحيط رغم ان المحيط لا يشير الى بحرمن الماء بل ترجمة حرفية من اليونانية (قاموس) و هذا هو سبب تسمية قاموس عربي بمحيط المحيط. يمكنك ان تشير الى الترجمة بعملية نقل من لغة الى لغة اخرى رغم انك لا تنقل شيء على اكتافك حرفيا بل تنسخ صورة للنقل في ذهنك.

نظرا لاهمية الاستعارة في اللغة (المفردات و القواعد grammatical metaphor) نجد ان بعض القواميس الانجليزية مثل ماكملان تخصص صفحات لهذا الموضوع المهم و هناك كتب لا تحصى حول هذا الموضوع و كيفية معالجة الدماغ للغة عن طريق الاستعارة فالاستعارة اذن ليست فقط لغوية و انما تخص دماغ الانسان و طريقة تفكيره او حياته باكملها فمثلا علم الحاسبات الالية و برامجها و تطبيقاتها تعيش من الاستعارة كليا.

ماذا نستطيع ان نقول؟ اليست الحياة اذن عبارة عن استعارة او استنساخ او تصوير؟ السنا فقط نسخة من الاصل؟ فالانسان يعي ماتترجمه حواسه الى صورة و يصيغها الدماغ بالاستعارة. ليست الاستعارة الاصل و انما تقليد او نوع من الملابس المستعلة (لنكات / كلمة فارسية في اللهجة العربية العراقية) التي كانت تباع في سوق الشورجة ببغداد. لذلك فانت مهما حاولت ان تصل الى الحقيقة لا توجد لديك غير طريق واحد و هو طريق الاستعارة و الاستنساخ و التصوير و التزوير مثلما يحاول مغني تقليد مغني آخر يتحول بذلك الى صورة من صورة من صورة ...الى ان تفقد الصورة المستنسخة الاخيرة حبرها لتشحب و تبذل ساقطا على الارض دون لون و طعم و رائحة.
www.jamshid-ibrahim.net

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل