أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - إيمان أحمد ونوس - عيد الحب... في زمن الكراهية والدم














المزيد.....

عيد الحب... في زمن الكراهية والدم


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 3638 - 2012 / 2 / 14 - 23:46
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


الحب بما يحمله من مشاعر مرهفة، وعواطف نبيلة راقية ميّزت الإنسان عن غيره من الكائنات، هو أساس الوجود البشري على الأرض، ورسالة إنسانية خالصة بين جميع الشعوب، وكما يقول عنه فناننا الكبير وديع الصافي: " عليه اتعمر أساس الكون، وأيَ نبي بالحب ما بشر. "
الحب مساحة شاسعة من التماهي والعطاء... الحب امتزاج روحي- إنساني بين الأنا والآخر... الحب عطاء وتضحية وفداء... الحب قبس من نور الرحمة والمودة يشعّ في نفوس البشر...
واليوم، وفي ظل ما يجري في سوريا الحبيبة، هل من أثر للحب بين الناس..؟ هل قرّب الحب وجهات النظر بين الأشقاء، وضيّق مساحة الفرقة والكراهية..؟ هل لجم الحب شهوة السلطة والسيطرة والتفرّد بكل شيء..؟ هل أوصد الحب مدارات القتل..؟ أم هل قوّض الأنا الطاغية الداعية للفرح في زمن الحزن وسفك الدماء..؟
الغريب اللافت للقرف، أنه وفي ظل كل ما يجري، نجد إعلانات سهرة ليلة عيد الحب تغطي الشوارع بألوان كأنها استقتها من أنهار الدم المُسال في المدن والقرى دونما رادع أو حياء، أو حتى حزنٍ على إخوة لنا وأطفال يقضون نحبهم على أيدي إخوة آخرون.
أيُّ حبٍّ وأيُّ عيد وقوافل الشهداء تملأ الساحات والمقابر..؟ أيُّ حب والأطفال يموتون كفراشات تذوي على لهيب الحرائق المشتعلة في كل مكان.
لقد شوّه الوضع الراهن بصورة خاصة، وزمن الاستلاب بصورة عامة مفاهيمنا الإنسانية وعلى رأسها الحب الذي من المفترض أنه غذاء الروح، ونسغ التعامل بين الناس، وحوله إلى شعارات خاوية من كل معنى، شعارات تفتقر إلى أدنى درجات الحس الإنساني، وجعله أنشودة مبتذلة على وقع تلك الشعارات.
لذا، لا يمكننا النظر إلى تلك الأحاسيس والعواطف على أنها أشياء مادية ملموسة نكيّفها كيفما نشاء، ونجعل لها من المظاهر ما نريد بما يتوافق مع تطور الحياة والمجتمعات، أو بما يتلاءم مع صرعات الموضة السائدة في زمن العولمة اللاإنساني في بعض جوانبه، والتي جعلت حتى هذه العاطفة- الحب- تقع في فخ الاستهلاك، وتنزل إلى جانب بضائع أخرى في اقتصاد السوق..!!!
ولأن الحب أسمى وأرقى المشاعر بمفهومه الإنساني العام، فهو لا ينحصر ضمن إطار واحد أو اتجاه واحد أو شخص واحد( امرأة ورجل)، لكن الشائع اليوم، أنه اتخذ في المنظور العام هذا المنحى أكثر من باقي الاتجاهات الإنسانية الأخرى.
فهل يعقل أن نحصر عواطفنا، ونعبر عن مشاعرنا بيوم واحد من العام نسميه: عيد الحب...؟؟!!
جميل أن يكون لهذه العاطفة السامية والمقدسة يوم تحتفل به الإنسانية جمعاء على وجه البسيطة.. كما نحتفل بعيد الربيع- النيروز- مثلاً، ولكن شريطة ألاَ تقتصر هذه الاحتفالية على جزء من تلك العاطفة، بل أن تشمل جميع العلاقات الإنسانية، وأن تعود الحميمية للحياة الاجتماعية بعد أن هربت منها اللحمة والتعاطف والمودة، وأوشكت أن تقضي نحبها في زمن الاستهلاك والاستلاب والعولمة..
كيف لنا أن نحتفل بعيد الحب وكل ما حولنا يشير إلى تلاشي المفهوم الإيجابي- الاجتماعي في الحياة، ليحل محله النفاق الذي يغلف كل تعامل بين البشر..؟!!
كيف لنا أن نحتفل بتلك المشاعر في زمنٍ تضخمت فيه البطالة والفقر والانتهازية والفساد..؟
أين نجد الحب في زمن اقتصاد السوق والانفلات من كل الضوابط بحجة التطور واللحاق بركب الاقتصاد العالمي...؟!
أين الحب في زمنٍ يجعل كل شيء حتى الهواء النظيف، حكراً على من يملك المال..؟!
لا عمل، لا علم، لا حياة إلاَ لمن استنزف لقمة عيشنا ومشاعرنا!!
أين الحب الذي نقيم له احتفالية سنوية في زمنٍ تلاشت فيه القيم الإنسانية والأخلاقية جرّاء اللهاث وراء الربح الجنوني- لاسيما في زمن الكوارث والنزاعات- والامتثال للصرعات والابتذال حتى في الحب، مما حوّل تلك العاطفة السامية وانفعالاتها لمجرد كلام فيه من الإسفاف ما لا يستطيع حتى غير العاقل التعامل معه وبه... كما حوّلها الاستهلاك إلى عريّ جسدي وروحي وأخلاقي يجعلنا نتقزز من تلك الصور الخليعة، والرسائل القصيرة على شاشات الفضائيات المتعددة..؟!
أين الحب في بلاد صدَرت لنا ما يسمى بعيد الحب، لتستورد وتستبيح ثرواتنا وآمالنا وأحلامنا تحت مسمى الديموقراطية..؟! بلاد ترتكب أفظع الجرائم بحق الإنسانية جمعاء، لا قيمة فيها لأية مشاعر إلاَ انتصار الربح الناتج عن دمار ودماء الشعوب..؟!
كيف لنا أن نرعى احتفالية فخمة بعيد الحب، وأبناء الأسرة الواحدة، أو الشعب الواحد الذي يقتدي برسوله حين قال: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه..." وبعضهم يحب لنفسه كل ما يمكن أن يمنعه عن أخيه بحجة الشريعة وصونها...؟!
أيُ حب قائم على المنفعة والثروة وضرب أواصر العلاقات الإنسانية والاجتماعية من خلال تبني مظاهر العولمة ومفاهيم السوق دون أدنى اعتبار لإنسانية الإنسان وعمقه الروحي.؟؟!
أيُ حب لا تقبله الفتاة إلاَ مغلّفاً ومحاطاً بالجاه والثروة على حساب ذاتها وإنسانيتها وأنوثتها، فقط لأنه يمتلك المال..؟!
وهل يمكن أن تتحول أو تختزل المشاعر في تاريخ محدد، وهدية فخمة مؤطرة بشريط أحمر..؟ هذا اللون الذي كان على الدوام رمزاً للحب الصادق، ورمزاً للثورة على الظلم..!! لون صار اليوم نهراً يصبغ طرقات المدن وصباحات الأطفال. وهل يعقل أن يتحول الحب إلى رمزٍ للكسب السهل من جيوب أُناس ما أخذوا من العولمة إلاَ ما هو تافه ورخيص..؟؟!!



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخدرات... سعادة زائفة تغتال الشباب
- حقاً هي خطوات نوعية خطيرة.!!!! فصل النساء في سورية ظاهرة متز ...
- بجدارة وكفاءة... المرأة السورية تحمل وزر الظروف والأزمات
- لنتفهمهم قليلاً... إنهم حقيقة فاعلون
- قوى اليسار... وقفة مع الذات
- نصف مليون سوري كل عام والمحاولات لا تزال هزيلة
- من أجل مجتمع معافى... عيادات حديثة لفحوص ما قبل الزواج
- الإرشاد النفسي والاجتماعي ضرورة يفرضها الواقع.
- مشروع تمكين المرأة الريفية بين الواقع والطموح
- في ظل الإصلاحات الجارية... أين استحقاق المرأة السورية
- تعديل قانون الجنسية للسوريات... هل سيخضع لمعايير مزدوجة...؟
- قانون الأسرة ضرورة يفرضها الواقع.
- إنجاز جديد للمرأة السورية يتوّج نضالها من أجل المساواة
- اجتثاث الفساد أولوية أساسية للتقدم والحرية
- الطفولة خط أحمر ..كل هذا الدم سوري ولا مجال للتمييز
- نساء سوريا يزركشن وشاح الحرية
- صرخة امرأة سورية
- أمومةٌ مقهورةٌ تحت عروش الديكتاتوريات فخورةٌ في ساحات الثورا ...
- في يوم المرأة العالمي نظرة على قضايا المرأة ما بين الخطتين ا ...
- خط أحمر... وقضايا الجندر في المناهج الحديثة


المزيد.....




- “احلى اغاني الاطفال” تردد قناة كراميش 2024 على النايل سات ka ...
- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - إيمان أحمد ونوس - عيد الحب... في زمن الكراهية والدم