أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - [ريتّا] وزجاجةُ الفَرَحْ قصة للأطفال















المزيد.....

[ريتّا] وزجاجةُ الفَرَحْ قصة للأطفال


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3624 - 2012 / 1 / 31 - 09:31
المحور: الادب والفن
    


الزجاجاتُ الكثيرةُ المصفوفةُ في السوبر ماركت الغريب في آخر شارع بيت [ريتّا]، كانَ مزدحِماً في ذلكَ اليوم، لهذا عادتْ [ريتّا] بالنقودِ أكثرَ من مرّة إلى أمِّها لأنها لم تستطع الوصول إلى داخل السوبر ماركت، فقد كانَ الغدُ هو يومُ العيد، والناسُ تشتري الفرح من السوبر ماركت الذي يبيع الأحاسيس والتصرّفات في زجاجاتٍ ملوّنةْ.

وقد تسألون، ولماذا لم تشتري أم [ريتّا] الفرحَ في اليوم السابق قبلَ أن يزدحمَ الناسُ على بابِ السوبر ماركت، في الحقيقة أن أمّ [ريتّا] كانت تعرفُ أن السوبر ماركت سيكونُ مزدحماً وهي فعلاً اشترت كمية من زجاجات الفرح، لكنّ زوجها عاد من العمل حزيناً لأن صديقَهُ كانَ مريضاً جداً، فأعطَتهُ الزجاجات التي اشترتها كي يفرح، لأنها لم تكن تحبُّ رؤية زوجها أو ابنتها في حالة حزن، ولأن زوجها كان حزيناً جداً فقد شرب كل الزجاجات التي كانت أعدّتها ليوم العيد.

وهناكَ سببٌ آخر طبعاً، وهو أن [ريتّا] وأمها لا يحبّون الفرح القديم، بل يحبون الفرح طازجاً، لهذا فقد كانوا يفضّلونَ شراءَ الفرح قبلَ استعمالِهِ مباشرة، لأنّ طعمهُ يختلف حين يكونُ قديماً.

بعدَ أن ذهبت [ريتّا] إلى السوبر ماركت أربع مرات، استطاعتْ أخيراً أن تصلَ إلى الرفوف في الداخل، غضبَتْ حينَ اكتشفت أنهم غيّروا مكان زجاجات الفرح، فكانَ عليها أن تفحص كلّ الرفوف كي تكتشف أين وضعوها، لأن عمال السوبر ماركت كانوا مشغولين ولا يستطيعون الإجابة عن الأسئلة من كل الزبائن.

حمَلَتْ [ريتّا] سلّةً صغيرة وبدأت رحلَتَها في السوبر ماركت، وأول ما شاهدته كان رف الزجاجات الخضراء المعبأة بالبكاء، وهي تتذكر أن صديقتها كانت تحملُ دائماً زجاجة بكاء صغيرة في حقيبتها، كانت تستعملها كلما سألتها المعلمة عن الواجب المدرسي، وطبعاً هناك بعض الناس يستعملونه في الجنازات حين يموت أقاربهم، أما الزجاجات الصفراء في الرف العلوي فكانت زجاجات الحقد، وفي الحقيقة لم تكن [ريتّا] تفهم لماذا يمكن أن يشتري شخص زجاجة حقد، إن الناس غريبون فعلاً.

ورأت وراء الرفّ الذي تقف أمامَهُ ولداً يسرقُ زجاجةَ ضحِكْ ويشربُها قبلَ أن يكتشفهُ صاحبُ السوبر ماركت، لكنّهُ كان ولداً غبياً، لأنّهُ بمجرّدِ أن شربَ قليلاً من السائل الأبيض، أخذ يضحكُ بشكل غير معقول، وهذا طبعاً لأن الزجاجة التي فتحها كانت مخصصة لضحك الكبار، فلم يتحملها جسده الصغير، فكادَ يختنقُ من شدّة الضحك حتى أن [ريتّا] ابتسمت من منظرِه وهو يتمرّغُ على الأرضِ ويرفعُ قدميهِ في الهواء، وبسرعة عرف العاملون في السوبر ماركت السبب، فأحضروا زجاجةَ هدوء وأجبروه على أن يشربَ ملعقتين من الهدوء حتى يعود إلى حالتِهِ الطبيعية.

واصلت [ريتّا] المشي وهي تنظرُ إلى الرفوف، زجاجات رقص، زجاجات جوع، زجاجات جنون، زجاجات اكتئاب، زجاجات متعة، لكنّها لم تجد زجاجات الفرح التي تبحث عنها، ويبدو كأنَّ الناس اشتروها كلّها، لكنّها لم تيأس، بل واصَلَت البحث، لأنها فكّرت أن البائع قد يكون قد وضع زجاجات الفرح في آخر السوبر ماركت لكي يمرّ الناس على كل الزجاجات ويروها قبل أن يصلوا إلى زجاجات الفرح، لأنها الأكثر مبيعاً، وهذا ما كانت ستفعله هي لو أنها كانت صاحبة السوبر ماركت.

حينَ مرّت بجوار زجاجات نسيان الأحزان، قررت أن تشتري واحدة وتهديها لمعلمتها، لأن إبنها وابنتها سافروا ليكملوا تعليمهم في بلادٍ أخرى، فكانت حزينة دائماً منذ أن سافروا، وهي تحب معلمتها كثيراً خصوصاً من يومِ أن دعتها على حفلة نجاحِ إبنِها، ويومَها تذوقت [ريتّا] لأول مرة شراب السعادة وشراب الاستمتاع بالموسيقى، وكثير من المشروبات الأخرى التي جعلتها تحس بالسعادة ولم تكن تعرف أسماءها.

وكما توقعت [ريتّا] فعلاً، وجدَت زجاجات الفرح في آخر رف في السوبر ماركت، لم تبق سوى أربع زجاجات، لكنّها على أي حال لم تكن تحتاج أكثر من أربع زجاجات، فهذا يكفيها، فأخذت تتناول الزجاجات وتضعها في سلّتها، وفي تلك اللحظة، وقفت بجوارِها امرأة عجوز، تمسك بيدها صبي صغير لم يبدُ عليه أنه تجاوز السادسة من العمر، وأخذت المرأة تنظر إلى الزجاجات في يد [ريتّا] وهي تضعها في السلة، بينما بقية الرف خالٍ من زجاجات الفرح، ولمحت [ريتّا] دمعة تترقرق في عين السيدة العجوز.

سألتها [ريتّا]: لماذا تبكين يا خالتي؟
مَسَحَتْ العجوزُ دمعَتها بطرف كُمِّ ثوبِها، وشعرَتْ بالخجَل لأن [ريتّا] رأتها وهي تبكي، لكنها قالت: آسفة يا ابنتي، لكني أسكنُ في قرية بعيدة، لهذا تأخرتُ في القدومِ إلى المدينة، وبحثتُ عن زجاجات الفرح في كل سوبر ماركت قابَلْتُهُ، وهذا كان المكان الأخير الذي سأبحثُ فيه قبل أن أعودَ إلى القرية، لأن آخر المواصلات سيعود بعد عشر دقائق.

سألت [ريتّا] بدهشة وهي تنظرُ إلى الولد الذي كانَ صامتاً طوال الوقت: وهل أنت حزينة إلى هذا الحد لكي تبحثي عن زجاجات الفرح بكل هذا الإصرار؟

قالت العجوز: ليس من أجلي يا ابنتي، هذا الولدُ هو حفيدي، وهو يتيم، ولم يفرَحْ منذ العام الماضي، وكنت أريده أن يفرح في العيد.

مدّت ريتا يدَها بالسلّةِ إلى العجوز، ولم تعطِها فرصةً لأن ترفض، وقالت: في الحقيقة إن عندنا في البيت زجاجات فرح كثيرة، لكني اشتريت زجاجات أكثر لأني توقعت أن يأتينا ضيوف غداً، قالت [ريتّا] هذا وذهبت إلى الصندوق ودفعت ثمن زجاجة نسيان الأحزان وعادت إلى البيت.

في الواقع، لقد كانت ريتّا خائفة من تأنيب أمها حين تعودُ إلى البيت، لكنها مع ذلك أخبرت أمها بالحقيقة، وكان أبوها جالساً يشاهدُ مسلسله المفضل: دودة بثلاث عيون، فتركَ أبوها المسلسل ووقف إلى جوارِ أمّها ومدّ الأبوان أيديهما واحتضنا [ريتّا] بحبٍّ كبير، وقالَ أبوها وهو ينظرُ إليها بسعادة: وأي فرحٍ أكبر من أن أرى ابنتي تمنعُ الفرحَ عن نفسِها كي تجعل الآخرين يفرحون؟ في الحقيقة أن ما فعلتِهِ اليوم، يساوي عندي شربَ صندوق زجاجات فرح كامل.

في تلكَ الليلة لم تكن [ريتّا] بحاجة إلى أن تشرب جرعةً من زجاجة الأحلام الجميلة، فبدون هذه الجرعة ظلت [ريتّا] تحلم أحلاماً ساحرةً حتى الصباح.



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قال لي
- قطعةُ حلوى في آخرِ الحكايةِ
- خائفة من الحرب
- رَغَد في الغابة المجنونة قصة للأطفال
- تحتَ نافذةٍ مُغلقةْ
- إذا كان الشعب الفلسطيني مُختَرَعَاً... فمن أنا؟
- ليس هذه المرة قصة قصيرة
- قالت البنت الحزينة قصة قصيرة
- الثورات العربية، ماذا بعد رحيل الأنظمة؟
- حين يكونُ الفنُّ محرِّضاً فاعلاً
- رأيت ولم أكن هناك
- غزة، المكان الغلطْ في الزمان الغلط
- قُرُنْفُلةٌ بيضاءْ قصة قصيرة
- ما الحبُّ؟
- كلامُ الغريبْ... كلامٌ للغريب
- إنتَظِرِيْنا قصة قصيرة
- سمَّيتُها بلادي ونمتُ
- فِتْنَةُ الرّاوِي الّذي عاشَ أكْثَرَ ممّا يجِبْ
- كبلادٍ مهزومةٍ وجميلةْ
- الحسن والحسين، أخطاء تاريخية بالجملة


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - [ريتّا] وزجاجةُ الفَرَحْ قصة للأطفال