أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - حين يكونُ الفنُّ محرِّضاً فاعلاً














المزيد.....

حين يكونُ الفنُّ محرِّضاً فاعلاً


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3543 - 2011 / 11 / 11 - 16:55
المحور: الادب والفن
    


دائماً أدهشني أولئك الذين ينكرونَ على الفنِّ دورَهُ في مسيرة الحضارات، وغالباً ما يكونُ هؤلاء مغلقي العقول والأرواح، يرون العالم بلون واحد، وبالتالي يعيشون عزلة داخل أيديولوجيا تفسر لهم العالم كما يراه صاحبها، وهم بهذا مجرد مرايا نسيَتْ ذاكرتها.

فيما أنا أشاهد الفصل الأخير من مسرحية سكة السلامة التي قدمها محمد صبحي في بداية الألفية الجديدة، وهي إعادة لمسرحية بنفس العنوان قدمها المسرح القومي في الستينات في مصر، تنتهي المسرحية بمشهد لمحمد صبحي وهو يخرج من الحفرة التي صنعها لكي يدفن رجلا مات في الصحراء حيث تاهت العربة التي يستقلها مجموعة من الركاب في طريقهم إلى شرم الشيخ، ويكتشف محمد صبحي أن الحفرة مليئة بالهياكل العظمية، التي كانت مقيدة الأيدي بالسلاسل خلف الظهر، وهذه الحادثة حقيقية تماما، حيث قامت إسرائيل بقتل 250 جنديا من الأسرى المصريين عام 1967، بعد اعتقالهم وتقييدهم، وهذه الحادثة ما زالت جرحاً مفتوحاً في الذاكرة الجمعية المصرية، تزداد نزفا يوما بعد يوم، حيث شكلت سببا من الأسباب الرئيسة مع مذبحة أطفال مدرسة بحر البقر التي ارتكبتها الطائرات الحربية الإسرائيلية في عدم تمكن الشعب المصري من "بلع" العلاقة مع إسرائيل إلى اليوم، وربما إلى الأبد.

هنا يكمن الفن في "الذُّرَةْ"، يضحكنا نعم، يبكينا نعم، يسلينا نعم، يثقفنا نعم، لكنه في النهاية، يعبؤنا، يجعلنا نرى الأشياء من منظار مختلف، يثبت ذكرياتنا الجميلة، ويجعلنا ثائرين على تلك التي سببت لنا الأزمة هنا أو هناك.

حين يتحول الفن إلى محرض فاعل، وأشد فاعلية مما يبدو عليه للوهلة الأولى، فليس بالضرورة أن يكون فناً من النوع الخطابي الذي يطرح القضايا بشكلها البشع الذي ينفر الناس من القضية وطريقة تقديمها، بل ويجبر المتلقي "حتى لو كان مثلي لا يحب محمد صبحي كثيرا" على احترام هذه الواقعية العالية التي تقدم الرسالة دون كثير ضجيج، تقدمها عبر موقف يقول للعالم إننا ما زلنا أحياء، وليس ذلك فقط، بل ما زلنا نذكر شهداءنا المغدورين، ونذكر أرضنا التي احتلت، ونساءنا وأطفالنا في السجون، ونذكر كل التفاصيل التي جاد بها الفن علينا دون أن ندري، من ظريف الطول ودلعونة إلى كتابات محمود درويش وغسان كنفاني وأمثالهم كثيرون، إلى أغنيات فرقة العاشقين وفرقة صابرين وفرقة الفنون الشعبية في رام الله، حين ربانا الفن دون أن ندري أنه يقدم لنا دروساً في التربية، وربما دون أن يعي هو نفسه ما يفعله بنا، إنه ببساطة يحوِّلُنا.

هذا هو الفن، بغض النظر عن الاعتراضات هنا وهناك، ولكني أذكر جملة شهيرة كان يقولها الزعيم عبد الناصر لعبد الحليم حافظ: أنت تقول في ثلاث دقائق ما أقوله في ثلاث ساعات في خطابي، مع فرق أن الناس يحفظون ما تقول ولا يحفظون خطاباتي.

هذا هو الفن، حين يقوم من نوم المتعة المصطنعة، وحين يوقف الروح على أقدامها، وحين يتوِّجُ الحدث ويحترمُه ويدخِلُهُ في سياقه الصحيح ضمن الوعي اللامتناهي للبشرية، ويدخُلُهُ كفاتحٍ عظيم، وعلى كل حال تبقى الإلياذة والأوديسا لهوميروس والإنياذة لفرجيل والحمار الذهبي للوكيوس أبوليوس ومسخ الكائنات لأوفيد، كتب تقول بقوة مقولتها الحضارية، أن أية حضارة مهما كانت قوتها فإنها حين تنتهي، لا يبقى وراءها إلا شيء واحد: الفن.



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رأيت ولم أكن هناك
- غزة، المكان الغلطْ في الزمان الغلط
- قُرُنْفُلةٌ بيضاءْ قصة قصيرة
- ما الحبُّ؟
- كلامُ الغريبْ... كلامٌ للغريب
- إنتَظِرِيْنا قصة قصيرة
- سمَّيتُها بلادي ونمتُ
- فِتْنَةُ الرّاوِي الّذي عاشَ أكْثَرَ ممّا يجِبْ
- كبلادٍ مهزومةٍ وجميلةْ
- الحسن والحسين، أخطاء تاريخية بالجملة
- في حضرة الغياب، إنتاج هزيل وغير مدروس
- الوقتُ في الثلاّجة
- آتٍ لا يأتي
- أَشْهَدُ
- عليّْ قصة قصيرة
- رجلٌ بفصولٍ لا تُعَدٌّ
- لم يَعُدْ لي ما كانَ لي
- وفي آخِرِ اللَّيْلْ
- حينَ جَرَحْتَ السُّنْبُلَةْ
- هكذا سيقولُ نايٌ لشهيقِ العازِفِ:


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - حين يكونُ الفنُّ محرِّضاً فاعلاً