أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - سمَّيتُها بلادي ونمتُ














المزيد.....

سمَّيتُها بلادي ونمتُ


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3497 - 2011 / 9 / 25 - 20:10
المحور: الادب والفن
    


وُلِدَتْ كَفَرَسٍ برِّيَّةٍ في سهولِ الجليلْ، وقالَ الرُّعاةُ إنّها ابنةُ الآلهة، وقالَ الكَهَنَةُ إنّها بيتُ الله الوحيد، وقالَ الأطفالُ إنّها الجنّيّةُ في الحكايات، وقالَ النّهرُ إنها العينُ وقالَ الغيمُ إنّها الريحُ وقالَت العشبَةُ إنّها الألوانُ، أما أنا، فسمَّيتُها بلادي ونمتُ.

من حُلمِها، نزَّتْ المُدُنْ كَصِغَارِ طيرٍ من البَيْضِ، وهي كانت تروي شَعرَها من خصرِ النَّهرِ، وتزوِّقُ حقولَ النّاصِرة، فأنجَبَتْ نبيّاً تحتَ نخلةٍ صارتْ صليباً، أحَبَّها حتى احتلَّتْ دمَهُ وتسرَّبتْ فيهِ كحليبِ أمٍّ بولدٍ وحيدْ، يسيرُ مثلَ تائهٍ كي يكونَ أقرَبَ إلى اللهِ في المساءاتِ الطّويلةِ، الحقُّ ما قالَهُ حينَ أطعمكُمْ لَحمَهُ وسقاكُمْ دمَهُ، وظلّتْ البِلادُ بشعرِها الشبيهِ بالمطرْ حزينةً تنتظرُ قيامتَهُ، أما هو، فمن فيضانِ العشقِ في قلبهِ قد اختارَ الصليبَ كي لا يتسرّبَ الوجعُ من قلبِهِ إلى الأرضِ، فبقيَتْ صرخَتُهُ إلى اليومِ معلَّقةً في هواءِ الجُلجُلةْ.

بِبَابِها المُحنّى بجَنّاتٍ من صَلَواتِ الشَّجَرْ، صَعَدَ آتياً من قَلقِ مكّةَ من ضياعِ آلِهَتِها الصامتة، مرَّ هائماً بسماواتِها، بقصبِ آجامِها، بعرشِها، بمائِها، بأنبيائها، بملائكتِها، ببيتِها المعمور، مرَّ مرتدياً حدائقَ الغفرانِ حولَ عنقِهِ، وعادَ حاملاً نِعْمَةً من الرؤيا، وكروماً من بشاراتٍ وعَسَلٍ وثلجْ، وظلّتْ المدينةُ ببابِها الذي يُعطي المارّينَ تذكِرةً إلى الله، مغسولةً من غِلِّها كورقة شجرٍ سَبَحَتْ للتوِّ في فيضِ نورٍ إلهيّْ.

فَتَحَتْ قَلبَها، فتوافَدَ عمّوريّون بِنسورٍ على أكتافِهمْ، وكنعانيون بمراكبَ في أرواحهم، وحثّيّونَ بمناجلَ من فضةٍ، وحوريّونَ برِمَاحٍ للكِتابةِ، ومؤابيّونَ عاشقون، وعمالقةٌ من حروبٍ وعِنادْ، ويبوسيّونَ تنبتُ القصائدُ في حضورِهم، وأراميّونَ من لغةٍ، وفينيقٌ بمملكةٍ من حُلُمْ، وسامريّون منكفئونَ على وحدَتِهِم، وأنباطٌ يُخبّئونَ المُدُنَ في صخرِ الجَبَلْ، وحواريّونَ بحماماتٍ بيضاء، فاضَ قلبُها بالممالِكِ، وفاضَ ثديُها بِلَبَنِ الرواياتِ، فيما غَسَلَتْ ذاكِرَتَها من الدّمِ دائماً بعدَ كلِّ صلاةْ.

كأمٍّ، تمسحُ القذى عن عينِ الحضارةِِ، كمقاتِلةٍ تعبّئُ القَتَلَةَ في أكياسِ الفضيحةِ، كمُغنّيةٍ تلحِّنُ التراتيلَ جوارَ البحرِ، كسحابةٍ تمسحُ جُرْحَ الصحراءِ بالقمحِ...

وُلِدَتْ كَفَرَسٍ برِّيَّةٍ في سهولِ الجليلْ، وتُوْلَدُ، تَلِدُ وتُوْلَدُ، تَلِدُ، وتُوْلَدُ، تَلِدُ، وتُوْلَدُ، تَلِدُ، بينما الوقتُ على بابِها ينتظرُ كي يأخذَ اسمَها.

الخامس والعشرون من أيلول 2011



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فِتْنَةُ الرّاوِي الّذي عاشَ أكْثَرَ ممّا يجِبْ
- كبلادٍ مهزومةٍ وجميلةْ
- الحسن والحسين، أخطاء تاريخية بالجملة
- في حضرة الغياب، إنتاج هزيل وغير مدروس
- الوقتُ في الثلاّجة
- آتٍ لا يأتي
- أَشْهَدُ
- عليّْ قصة قصيرة
- رجلٌ بفصولٍ لا تُعَدٌّ
- لم يَعُدْ لي ما كانَ لي
- وفي آخِرِ اللَّيْلْ
- حينَ جَرَحْتَ السُّنْبُلَةْ
- هكذا سيقولُ نايٌ لشهيقِ العازِفِ:
- رفح... أو بعبارةٍ أخرى، عن حبيبتي عليها اللعنةُ
- ساذجون ويحاولون استسذاج الآخرين
- الأدب الفلسطيني بخير ردا على مقالة د. فيصل درّاج: لماذا لم ...
- أولُ البيوتِ وأولُ الذاكرة قصة قصيرة
- في مروري على الرمل
- ويحدث أن
- مجنون، أحب غزة ورقص في ساحاتها


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - سمَّيتُها بلادي ونمتُ