أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - ساذجون ويحاولون استسذاج الآخرين














المزيد.....

ساذجون ويحاولون استسذاج الآخرين


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3408 - 2011 / 6 / 26 - 08:12
المحور: الادب والفن
    


في قصة النبي سليمان مع المرأتين اللتين اختلفتا على صبي، كل واحدة تدعي أنه ابنها، قام النبي بذكائه المعهود بمحاولة شق الصبي، فرفضت الأم الحقيقية ذلك، وقالت أعطه لها إنه ابنها، مفضلة أن تخسر أمومتها، على أن ترى إبنها يُشقّ أمام عينيها، مشكلتنا في فلسطين أننا لم نعثر إلى الآن على أم تخاف علينا، وترفض أن نُشَقَّ إلى نصفين.

هذا الخلاف الذي ما يزال قائما حول تشكيل حكومة المصالحة، يدل على شيء واحد لا ثاني له، أن فتح وحماس لا تشعران بوجود "شعب" ينتظر لحظة بلحظة أن يصبح خُمس الوطن المقسم إلى عًُشرين خُمساً مرة أخرى.

أنهَكَنا الإنقسامُ على كل المستويات التي قد يتخيلها أو لا يتخيلها أحد، وبصرف النظر عن المبررات التي تسوقها الحركتان اللتان من المفترض أنهما تشكلان الثقل السياسي الأكبر في الساحة الفلسطينية، فإن شعوراً عاماً قد تولَّدَ في الشارع الفلسطيني ـ الذي لا هو فتحاوي ولا حمساوي بالمناسبة ـ بأن أياً من الحركتين لا يملك أدنى إحساس برغبة الشعب الفلسطيني في التوحد.

إذا كانت الحركتان من قبل تعزوان عدم المصالحة إلى أسباب سياسية لم تكن بالأصل تقنع أحداً، فإن الذي يحدث حالياً إنما يثير الدهشة والاشمئزاز، فمن الواضح أنه لا توجد خلافات من هذا النوع مطروحة على طاولة النقاش لأن فكرة الحكومة الانتقالية جاءت أساسا لتتجاوز هذه النقاط الصعبة التي لم تكن لتحل في الظرف الراهن، ولكن الخلاف أصبح يصغر ويصغر ونصغر معه كفكرة فلسطينية، لينتقل من اللاجئين إلى خلاف على من سيسمى رئيس الحكومة، ومن الخلاف على الأقصى إلى حصة كل حركة في الحكومة، ومن الخلاف على أساليب المقاومة والتفاوض إلى الخلاف على عدد الوزراء، ومن الخلاف على فلسطين 1948 و1967، إلى الخلاف على نسبة الضريبة التي ستأخذها كل حركة على السيارات والأراضي والسجائر وربما قريبا حليب الأطفال وألعابهم.

إذا كانت السلطة الفلسطينية في رام الله تصر على تسمية سلام فياض لأسباب تتعلق بالرضا الأوروبي والأمريكي عن شخصية الرجل مما يستجلب الدعم الذي يقيم أود السلطة، وإذا كانت حركة حماس ترفض هذا الترشيح لنفس الأسباب تقريباً، فإن الشعب الفلسطيني ينظر إلى المصالحة بعين أخرى، بعيدة عن كل ذلك، حتى لو كان يحب سلام فياض ويريده رئيساً للوزراء، فإنه على استعداد لأن يتنازل عنه لصالح قضية أكبر هي قضية الوطن بالدرجة الأولى، الوطن يا فتح والوطن يا حماس، الوطن ليس شعاراً نرفعه وقتما نريد، الوطن الذي يمر بمرحلة تسعد إسرائيل أكثر مما أسعدها قيامها وأراهن على ذلك، الوطن الذي من المفروض أن يكون أكبر منكم ـ تفضلوا وقولوا غير ذلك ـ الوطن الذي هو تهليلات الأمهات لصغارهن في المهود، وغرزة الثوب المشغولة بماء العين، والدماية والقمباز والدلعونة وظريف الطول والدبكة، الوطن الذي هو مسرى الرسول ومهد عيسى وقيامته، الوطن الذي مرت عليه امبراطوريات وجيوش وأمم ومعتقدات وطوائف ومذاهب لا تعد، وذهبت كلهما إلى النسيان وبقي هو غير مكترث بمن لا يحبه، يلقي سيرتهم في البحر ويجلس منشئاً أمماً أخرى، ولن يعييه أن يفعل ذلك مليون مرة أخرى، صحيح أن حركة التاريخ بطيئة، لكنها فاعلة ودائمة ولا تتوقف مطلقاً، وأي واحد فيكم يعرف ذلك أكثر مني، ومن لم يعرفه فالمصيبة أعظم.

الشعب الفلسطيني، الذي (قرف) من ثيابه، من الكهرباء التي تسبب لنا الجنون، من المعبر الذي يشعرنا أننا أقل من أغنام قبل العيد الكبير بيوم، من المستشفيات التي جعلت فكرة المرض ترعبنا لأننا لا نريد الذهاب إليها من سوء الحالة التي هي عليها، من التغيرات التي نراها تحدث في بنية المجتمع أمام أعيننا ولا نستطيع التحرك لمنعها أو تغييرها نتيجة هذا الانقسام، الشعب الفلسطيني يريد إسقاط النظام، نعم لست مخطئا، هذا الشعب يريد إسقاط النظام الذي تسير عليه الحركتان الفلسطينيتان، يردي إسقاط هذا التبجح غير المبرر وغير المفهوم من الحركتين اللتين وقعتا اتفاقاً منذ ما يقرب الشهر، وضحكتا على الشعب الفلسطيني بأن لم تضعا إطاراً زمنيا لتنفيذه، إطاراً ملزماً، فأصبحت مثل من أعطى رجلاً ديناً وقال له: تستطيع أن تسدده في أي وقت تشاء.

لا أكتب لأقول لفتح وحماس أن تفعلا ما يجب أن تكونا قد فعلتاه منذ زمن طويل، بل أكتب لأذكرهما بوجود شعب فلسطيني، نعم، هناك شعب فلسطيني في الضفة وغزة والداخل والشتات يتابع يومياً أي خبر يخص المصالحة مهما كان تافهاً، وأنا شخصياً مشترك في وكالة أنباء ترسل لي يوميا رسائل بآخر التطورات السياسية، وفي كل يوم تكون الرسائل على النحو التالي، حماس تتهم فتح ... فتح تتهم حماس... حماس تطرح وفتح ترفض... فتح تطرح وحماس ترفض... سلام فياض... الخضري... وهكذا، حتى أن من يتابع من بعيد، يحس أنه لم يبق من أحد في فضاءات الشعب الفلسطيني سوى هذه الأسماء التي تتردد طوال الوقت، عجيبون، وساذجون ويحاولون استسذاج الآخرين.

الشعب الفلسطيني الذي أقصده، ليس هو الشعب الفلسطيني الموجود في رؤوس فتح وحماس، بل هو هؤلاء المنتشرون في كل بيت في مخيم، في كل سوق، في كل زاوية، ولا هم موظفون في سلطة، ولا في تنظيم ـ نعم التنظيم وظيفة ـ بل هم الأكثرية التي تمشي في الشارع أو تجلس في بيتها على أمل أن الله سيفرجها قريباً، ففي ظل هذا الوضع الذي تفرضه الحركتان على الشارع الفلسطيني، لم يبق من ملجأ للناس إلا الله، كي يشكوا إليه ضعف قوتهم وقلة حيلتهم وهوانهم على الناس، ولتصدقني فتح، ولتصدقني حماس، أن هؤلاء هم الشعب الفلسطيني الحقيقي، وهم كثر، لكنهم لن يبقوا صامتين إلى الأبد.



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأدب الفلسطيني بخير ردا على مقالة د. فيصل درّاج: لماذا لم ...
- أولُ البيوتِ وأولُ الذاكرة قصة قصيرة
- في مروري على الرمل
- ويحدث أن
- مجنون، أحب غزة ورقص في ساحاتها
- قليلٌ مما ستقولُهُ غزة عما قليل
- حكاياتٌ من بلادٍ ليستْ على الخارِطةْ
- حليمةُ تُعِدُّ الشاي
- أسرارٌ للمعْرِفَةْ أو مدينةٌ للتجربة
- مَنْ هذا؟
- حِيْنَ يَأْخُذُكِ النُّعَاسُ
- رجلٌ وامرأةٌ وصباحٌ لا يمكنُ تفسيرُهُ
- الأَرْنَبُ الَّذي لَمْ يُعْجِبْهُ اسْمُهُ قصة للأطفال
- كي لا تُحبَّكَ الغجريَّةُ
- برافو قناة الجزيرة
- أمُّهُ قبل الفجر تماما
- قلتُ: وحّد مزاجك
- أيها الكافر محمد بوعزيز
- أسيل وحيدا وحيدا
- أما أنا فسأشاهد فيلما لجاك نيكلسون ولن أتذكر الحرب مطلقا


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - ساذجون ويحاولون استسذاج الآخرين