أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أسيل وحيدا وحيدا














المزيد.....

أسيل وحيدا وحيدا


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3234 - 2011 / 1 / 2 - 15:06
المحور: الادب والفن
    


وكانَ الموجُ يأتيني بتتابعٍ مذهلٍ، حاملاً علبةَ قَلقٍ طازجٍ، ويوماً بيوم، يغيّرُ مفرَشَ الرملِ بإيقاعهِ الذي لا يُمَلُّ، يرتِّبُ المائدةَ لوناً لوناً، ودائماً كنتُ مدعوّاً وحيداً يغريهِ الغرقُ ولا يغرقُ، شتمتُهُ مرةً وحيدةً بتمتمةٍ ظننتُ ستأكُلُها الريحُ، فابتسمَ كعارفٍ وما عادَتْ الألوانُ تفتحُ مفاصلَ الصبْحِ حتى بعدَ نهرِ الإعتذارات الذي ما زالَ جارياً.

تماماً، مثلَ غزالةٍ ضيَّعَتْ أمَّها وفِكْرَتَها، سالَ دمي وحيداً وحيداً، بلا مسارٍ واضحٍ، بلا عاشقةٍ تبكيهِ من بُعدٍ أو قُربْ، وإذا المدينةُ ضلعي والشوارعُ أصابعيْ، ورأسي يختنقُ باكتشافاتٍ مؤلمةٍ لم يكنْ آخرُها أن الرملَ لا يعشقُ خيطَ الدمّْ.

يسقطُ النومُ من عينيَّ، يصيرُ هُدْهُداً، وأصيرُ لوناً لا أعرفُهُ بين الأزرقِ والأزرقْ، يظهرُ الصباحُ مثلَ امرأةٍ سمِعَتْ للتوِّ جُملةَ حُبٍّ من عاشقٍ انتظرَتْهُ قرناً كاملاً على بابِ ناي.

أما عن المدينةِ التي ترمَّلَتْ، فما كان ينقصُها إلا شريطٌ من حريرٍ على كمِّ ثوبِها لتدخلَ حفلَ الزفافْ، وقفَتْ طويلاً على بابين متشابهينْ، لم يكنْ معطىً واحداً في قلبِها، وحين أطفأتْ نجمَ المعرفةِ في صدرِها اللاهثِ بقوةِ عاصفةْ، غمَّستْ إصبَعَها في الحبرِ الكثيفِ، وشهِدَت المجزرةَ تحدثُ تحتَ جلدِها كنوبةِ سعالٍ دائمةْ.

لم يكُنْ ضوءٌ كثيفٌ على الممرِّ الصاعدِ الهابطِ، لم تتضِحْ معالمُ الأحجارِ المنحوتةِ في الزوايا، كانت لغاتٌ وأساليبٌ وتواريخٌ مبهمةُ زادت قطراتُ العتمةِ من غموضِها، بدا وكأنَّ يداً عظيمةً لم يعجبْها العالم يوماً، فكوَّمتْهُ مثلَ بيتِ طفلٍ على الرملْ.

يمرُّ الفجرُ كأستاذٍ عجوزٍ أرهقتْهُ المهنةُ، يتّكئُ على غناءِ الطيورِ ليُداري ما تساقطَ من ذاكرتِهِ الفاتِحةْ، يرى العالمَ مواقيتَ فقطْ، ويسمعُ الألوانَ بأنفِهِ، ولم يعرف بعدَ مليون مليون مرةٍ جاء فيها، أن رائحةَ اللونِ ليستْ غيرَ قُبلةٍ في الهواء من عاشقٍ وهميٍّ إلى امرأةٍ خائفة.

وكانَت امرأةٌ تسيرُ على الظلِّ خفيفةً كروحْ، تسحبُ الشتاءَ من أذنِهِ، والشتاءُ مرتبطٌ بعشرينَ موعدٍ على العشاءْ، لم يلِنْ لصندوقِ أدعيةٍ كاملٍ عبّأتْهُ أصواتُ أطفالٍ وأشجارٍ وطيورٍ وأعشابٍ وباعةَ مظلاتْ، المرأةُ غرِقتْ في الظلِّ حين سقطَ قلبُها في مشهدٍ عبّأَهُ مُصلُّونَ باكونْ، وفي كلِّ وقتٍ كانَتْ رائحةُ جنديٍّ تدورُ في المكانِ كقطّةٍ تطاردُ ذيلَها.

وضعت وجهها على وجعي، وانحنت تتنفس بانتظامٍ يشبه الفصول، كل شهيق قصيدة، وكل زفير أغنية، وحينَ امتلأتُ بالقصائدِ والأغاني، قبلتُها على جبينها، أرحتُها على الوسادةِ، وصرتُ شاعراً.



30 كانون أول 2010



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أما أنا فسأشاهد فيلما لجاك نيكلسون ولن أتذكر الحرب مطلقا
- لأنَّكِ حبيبتي أنا من أنا
- وسأدّعي أنه النوم
- في الكتابة
- البنت التي لم تعرف انها ماتت
- عن المرأةِ والنايات
- ظهرها لشرفتي ووجهها للبحر قصة قصيرة
- ]45[
- يدان من خجل
- نصائح غير مجدية
- أدراجها الخفيفة كصوت النوم
- جاءت، وما زلت في انتظارها
- يُحكى أن
- أيها القلب: أخرج من قلبي
- أتْرُكُني خلفي
- المدن في غيها
- خمس أغنيات للخريف السادس
- كأنّكِ هنا
- كأنك هنا
- ومضى وحيداً


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أسيل وحيدا وحيدا