أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - ما خبّأه ابنُ طفيل في قِماطِ حيِّ بن يقظان














المزيد.....

ما خبّأه ابنُ طفيل في قِماطِ حيِّ بن يقظان


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 3599 - 2012 / 1 / 6 - 23:31
المحور: الادب والفن
    



رُميتُ وحيدا بتلك البقاعِ القصيّة
فلا أحدٌ جاورَ الكوخَ أو مرَّ بي زائرا
قلتُ للوحشةِ التي داهمتْني: ألا تستريحينَ قُرْبي
نقاسمُكِ الخبزَ والماءَ والريحَ حتى تحينَ المنيّة
وهذي السماءُ لحافٌ لنا
والأديمُ مهادٌ لأحزاننا
والحماماتُ في الغابِ تشدو مع الفيءِ نشوى
وتسمعُني زغرداتٍ شجِيّة
وحين يجيءُ الظلامُ بقفّازهِ الأسودِ الصوفِ
يسلبُنا الدفءَ ، نعرى كما خلقَ اللهُ حوّاءَ
من طينةِ الإثمِ ثمّ استوى على عرْشِهِ
وغطّى على الفورِ آدمُ عورتَه ورقاً
من نثارِ الشجيرات حتى استكانْ
ونام رغيدا ، سعيداً ، مُحِبّاً سريرَ الحياء
واحتوى زوجَهُ باحتضان
***************
أنت يا حيُّ من غذّ فيك النوى والأنين
أراكَ ثملْتَ من الظبيةِ التي أرضعتْك الحنين
كبرتَ وعظْمُك صار صوانا
وقلبُك مرعى لأحبابِك الصابرين
كفاك تعيشُ وحيدا يسامرُك اليأسُ
طولَ الصباح وطول المساء
أكنتَ تناجي الإلهَ العظيم
أكنتَ تقول:
أنا الحيُّ أبهى من الشمسِ
أشرقُ في القلبِ ضوءاً ودفئا
أغطِّي السوادَ بزرقة وهْجِ السماءْ
ورغم مكوثِك في غيهبِ الغابِ عمرا طويلا
فما زلْتَ حلْوَ المُحيّا ، شهِيّ المذاق
ونبعُكَ عذْبٌ يُريحُ العليلا
لأنكَ أحييتَ لحْنَ المسرّاتِ
زيّنتها بالليالي الملاح
أكنتَ ترددُ دوماً " أنا "
نرجسيّ الصفات
أنا عنفوانُ الشباب
أنا الساعدُ الصلْبُ
والعينُ والقلبُ
والحزنُ والندبُ
والشوقُ والحُبُّ
والشدّ والجذبُ
والجدّ واللعبُ
هذا مكاني الفسيح
أنا السيّد الرأسُ
والجأشُ والفأسُ والقوةُ القاتلةْ
سكنتُ الجزيرةَ وحدي
عافني سيدي ابنُ طفيلٍ رضيعاً كزغب القطا
يحوط بيَ الماء ُ
والعقلُ صار صديقي
يجاورُني أينما رحتُ
يوقظُني من منامي
ويشعلُ فيّ لهيبَ التسامي
أرى في النجومِ عيوني
أرى مولدي ، محتدي في الشتاتِ البعيدة
فغرناطتي استبدلتْ أهلَها
والعشيرُ تشرّدَ بين السهولِ وبين الجبال
أخي وابنُ عمي استراحا بعمق البحارِ
وماتا غريقَين في العاديات
أبي مات أيضاً على مُتَّكاهْ
ولكنما الريح قد أنقذتْني
رمتني بعيدا إلى جزرِ الهندِ
منعزلا في الفيافي
أكلتُ من الثمرِ المُرِّ حتى تقطّعَ قلبي
مشيتُ على الحَسَكِ الوخزِ حتى تَمزّقَ دربي
رجفتُ من البردِ والخوفِ
في حالكاتِ الليالي
ولكنني... ما شكوتُ لصحبي
فأهلي الظباءُ رعتْني
ومن ضِرْعِها أرضعتْني
كبرتُ بتلك الفيافي
وعقلي علا شأنُه
ورُحتُ أقلَّبُ فكري
أغوص مع النفسِ غورا عميقا
قنعتُ من العيشِ وحدي بلا رفقةٍ أو حميم
سوى اللهِ والريحِ والألقِ المستديم
أفسّرُ كُنهَ الحياةِ وسرَّ الممات
أعيشُ طويلا مع الصلوات
أصومُ عن الزادِ والماء والموبقات
ليكثرَ شوقي إليك
يخالجُني خاطرٌ في خيالي
وأرحلُ مثل السنونو
لأذرعَ كلّ المسافات حبَّ الحياة
حزمتُ فؤادي
وأطلقتُ ساقَيَّ للريحِ
أبغي الطوافَ بحضرةِ ربّي
وشذّبتُ عقليَ توقاً لمرآك يا خالقي
صقلتُ قرارةَ نفسي
ردمتُ الشقوقَ
قصصتُ العقوقَ
محوتُ الكبائرَ من داخلي
وقلتُ لعلِّي أفكُّ حصارَ الجزيرة
فززْتُ وعدتُ لصحوي
رأيتُ الجزيرةَ تبكي
وقالتْ بصوتٍ كسير :
سيبلعُني البحرُ إنْ غِبتَ عني
لاأرى الشمسَ في قاعِهِ
سأغفو ببطنِ البحارِ
كما غابَ يونسُ ردحا طويلا
وأغرقُ في التائهات
فدعْنا نعشْ وحدَنا
أنا أرضُك الخصبُ
ملعبُك الرحْبُ
مطرحُكُ الحضنُ والقلبُ والناظرَين
فخيرُ البلادِ التي حملتْ مَن أتاها
محِبّاً لها ، يستطيبُ شذاها
ومرَّغَ خدَّيهِ في ترابِ ثراها
وطيّبَ أيّامَه في رُباها

جواد كاظم غلوم
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أريدكِ نافذتي...شُرْفتي المشْرَعة
- والذي قيْدُهُ يزينُ يديهِ
- السيمورغ
- اللعبُ مع الصغار -هنيهةُ وأخواتها-
- حفيدتي الكَنَدِيّة
- كيف لي أنْ أرأبَ الصدْع
- قصائدٌ مدفوعةُ الثمن
- إنّما الدنيا لِمَن وهَبا
- هناء أدور....نهنئكِ
- أسفحُ بكاءً على فيضِ أنوثتها
- الناسخُ والمنسوخ
- ما لنا وما عليهم
- مواجعُ طرَفة بن العبد قبل النزعِ الأخير
- يشيخ وفي نفسه شيء من-نوبل-
- أما آنَ لي أنْ ألقى قمري الضائع
- أكادُ أختنقُ من نفثِ دخانكم
- رمادٌ يؤطّرُ أرضَ السواد
- ما قالتهُ ذاكرةُ الرّجْع البعيد
- بانتظار - بهجة - العيد
- مقاطع منسيّة من مرثيّة ليلى بنت طريف


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - ما خبّأه ابنُ طفيل في قِماطِ حيِّ بن يقظان