أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم محمد كاظم - رحلة في سجون العراق العظيم ح1















المزيد.....

رحلة في سجون العراق العظيم ح1


جاسم محمد كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 3579 - 2011 / 12 / 17 - 20:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1
إلى رعد الحافظ وجاسم الأزيرجاوي مع التحية .
قبل أيام تصفحت عبر فضاء النت صورا لسجن ياباني ولولا تعريف الكتابة لما عرف أحد حتى أولئك الراسخون في العلم إن هذا البناء ذو الغرف الفارهة ومكتبات بألوان براقة مليئة بالكتب سجنا يقبع فيه عتاة المجرمين . وتوسعت في تصفح السجون حتى وصلت بي الخدمة إلى سجن نمساوي تتفوق فيه خدمات سجنائه على خدمات الشيراتون العراقي مع هلتونة بسجناء يلعبون البليارد وآخرون يلعب الطاولة بينما ذهب الآخرون في حمى سباق سباحة حامية بأحواض زرقاء يفتقر إليها القصر الجمهوري في العراق . (وارجوا إن تكون في خدمة الحوار المتمدن صفحة لإرسال تلك الصور لأرسلها تعزيزا مع المقال).
وعادت بي الذاكرة الأليمة إلى أيام السجون العراقية وبما إن الكثيرين كتبوا عن تلك السجون إلا إن كل كتاباتهم بقيت هامشا منقول من أفواه لم تعطي تفصيلا حقيقيا عن تلك السجون ونزلائها . ولأني عايشت تلك السجون وجلاديها والقابعين بين صخورها القذرة من أبناء (الغمة العراقية) في ثلاث محافظات عراقية مختلفة واليكم الحلقة الأولى من تلك الرحلة السندبادية الرائعة .
أول الغيث .
كرهت العراق كثيرا بعد طردي من الكلية العسكرية في عام 1987 رغم إن ترتيبي جاء ثامنا من أصل 200 متقدم في اختبار اللياقة البدنية واجتيازي مسافة ال100 متر وال1500 متر زمن اقل من المحدد ونجاحي في الفحص الطبي والمقابلة الشخصية مع كبار الضباط .
ثلاث سنوات بعد ذلك وجدت نفسي موظفا منتدبا من الخدمة العسكرية قبل اكتساح الكويت بستة أشهر حصلت فيها من خلال الوظيفة على هوية مدنية تسمح لي بالمرور من نقاط التفتيش العسكرية بكل يسر وسهولة وتمردت في الذهن أحلى الأفكار بمساعدة تلك الهوية ووصلت إلى قناعة وقرار أخير هي عدم أداء "خدمة الألم " أشبة بالعبد في جيش العقيدة (الخائب ) .
سنتان بعد هزيمة الكويت نسينا فيها العراق وسلطته الهشة حيث العمل رغم الحصار حصلنا على النقد بفتح دكان لبيع " الخرداوات " والمواد الغذائية القادمة من بغداد "الشورجة " بدولة تسير الرشوة في جسد مسئوليها كما يصف أبو نؤاس سير الخمرة.
"وتمشت في مفاصلهم ..كتمشي البرء في السقمِ "
لكن سلطة البعث كانت تستعيد قوتها شيئا فشيئا بعد إن تملكت كل مفاصل السلطة في بداية السنة الثانية للعقد لتسعيني ونشرت لابسي الزيتوني في كل مكان يستمعون لكل واردة وشاردة ويسألون عن كل جسد يتحرك انتشرت معها مقرات الحزب مثل تفشي المرض الخبيث في أجساد الضحية وتخطت ملفات البعث لكل عائلة عراقية ملفات " هملر " السرية واستطاعت كل فرقة حزبية من جمع معلومات موثقة عن كل عائلة عراقية تقع ضم ضمن حيز جغرافيتها وإحداثيات مداها بجميع أفرادها رجالا ونساءا . شيوخا وأطفالا .وكم عدد الأولاد والبنات ومن هو في الخدمة العسكرية ومن هو هارب منها بسجلات ترسل إلى جهات عليا بتقارير أسبوعية وشهرية ووصلت أعداد أعضاء الحزب إلى أربعة أشخاص في كل شارع وتخطى رعب الحزب في هذه الفترة رعب "الغستابو"...1 وأفراد "السيرشت برشت "...2.
السجن الأول :
وكان يوم الأربعاء الأسود طوق جسدي بمجموعة من أعضاء الحزب يحملون البنادق يطلبون مني الهوية . تذرعت بضحكات مجاملة لكونهم يعرفونني حق المعرفة منتدب من خدمة العلم .
لكن ورقتي كانت محترقة بدون علمي وإن تقارير المخبر السري المعززة بتقارير أعضاء الحزب أوصلت مسؤول الفرقة الحزبية (عضو الشعبة ) إلى قناعة تامة بتخلفي من"خدمة الألم " .
أدخلت أولا إلى سجن الفرقة الحزبية ذو الطراز الحديث بأرضية مكيشة مزودة بأرائك أسفنجية . سمح لأهلي بمقابلتي وجلب الماء والأكل . طمأنت أول أمري باني سأكون في المنزل بعد استجواب قصير مع (الرفيق المسؤول عضو الشعبة ) لكني كنت احمل من الغباء كثيرا بتصديقي تلك الكلمات الناعمة لان أوراقي الخاصة سبقت جسدي برحلة نحو فناء السجون الرطبة .
السجن الثاني :
أنفتح باب الغرفة بمجموعة من الشرطة هذه المرة تصورت فيها انفتاح الفرج لكنة كان انفتاح "للكلبجة" وقيود حديدية وضعت كلتا اليدين وراء الظهر وسحبت نحو سيارة عسكرية إلى فناء مركز الشرطة تدافعتني تلك الأيدي نحو سجن من طراز آخر لايخطر ببال أحد وربما لم يتشرف بة حتى سجناء القرون الوسطى من حكم الكنيسة الرهيب بشبة غرفة أو بناء مثلث الشكل تحت درج بطول لا يتجاوز المتر والنصف وعرض لا يزيد على ال80 سنتمترا بأقصى ارتفاع يبلغ المتر والنصف يتناقص رويدا رويدا ليصبح خمس سنتيمترات مع أول البناء انحشرت فيه ثلاثة أجساد متهالكة معي جسدي تفوح منة رائحة بول خانق لان تعليمات مدير الشرطة لا تسمح للسجناء بقضاء الحاجة والخروج لدورات المياه إلا مرة واحدة خلال اليوم .
الليلة الأولى مريعة لم تغمض عيوني لأن البرد بدأ يتسلل إلى العظام في أخر أشهر الخريف وبداية فصل الشتاء بدون غطاء وتيبست قدماي على الأرضية الإسمنتية الصلبة كأنها قالب من ثلج ابيض . سمعت اصطكاك أسنان السجناء ورعشات أجسادهم الواهنة وشاهدت مالا يخطر بالبال .
نصف الليل مجموعات من كبار رجال المدينة شيوخها ووجهائها يدخلون واحدا واحدا نحو غرفة ضابط الأمن التكريتي يحمل بعضهم قدور الطبخ التي تحوي ألذ الطعام والبعض الآخر يحمل أوراقا ودفاتر . ليتوقف بعد ذلك توافد الرجال ويبدأ تدفق النساء .
ثلاث ليال متتالية نفس المشهد تعرض فيها مومسات المنطقة وبعض بناتها أجسادها رخيصة بلا مقابل على ضباط ورجال الأمن وتسمع ضحكات تكسر طوق سكون الظلام من تلك الغرف المغلقة لتنفتح بعد ساعات سمر طويلة بمشهد خروج تلك الأجساد المتمايلة مع بعضها تليها بعد برهة من زمن ضيق يبدأ فيها رجال الأمن بحرق كثيرا من تلك الأوراق في حاوية معدنية حرقا تاما .آة ياالهي .. نحن مثل تلك الخرداوات تم بيعنا ببلاش من قبل أولئك الوجهاء والشيوخ وتلك المومسات في هذا السجن الرطب وعرفت في يومي الثاني بأننا لن نبقى طويلا في هذا النزل أسبوع أو اقل من ذلك لتبدأ رحلة الضياع نحو سجون التسفيرات ذات السمعة السيئة الصيت والمعاملة القاسية .
تضرعت بالدعاء كثيرا إن أبقى هنا رغم ضيق المكان وبردة وبلل بول السجناء وطلبت من أهلي بكل ما يملكون بإخراجي أو إبقائي في هذا السجن حتى أراجع مقر التجنيد لسوقي نحو تلك الخدمة اللعينة .
وبليلة مظلمة وصلت فيها ضجة الشرطة إلى أقصى مداها بأرجل تتراكض ومجموعة لم أتعرف على وجوهها فتحت باب السجن الضيق تنادي على اسمي قيدت يدي نحو الظهر ووضعتني في كابينة حديدية محكمة الإغلاق وجدت فيها اثنان آخران عرفنا إن وجهتنا الأخرى ستحط في سجن التسفيرات الرهيب .
السجن الثالث :
وكان يوم قيامة حقيقي في جهنم وقودها الناس والحجارة وجلادين بمقامع من حديد في "القاووش الخامس " في تسفيرات الناصرية .
وتستمر الرحلة



#جاسم_محمد_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصية أبي الأخيرة : -لا تدافعوا عن العراق أبدا -
- الربيع العربي فوز إسلامي ساحق = وعي طبقي هابط جدا
- بكاء الكويتي في عاشوراء :هل هو اغتراب نقد أم اغتراب مكان ؟
- هل أختلف لينين عن ماركس في الطريق إلى الاشتراكية ؟
- كيف نتفهم فلسفة الانقلاب العسكري ؟
- وأخيرا سنقول للمرحوم العراق - الفاتحة-
- الربيع العربي خطوة للأمام . كيلو متر للخلف
- القذافي -البارانويا - .الشجاعة والنبوءة
- الفهم المأساوي للماركسية
- ماذا ينقص تنظيمنا الشيوعي ؟
- للشاتمين لأخلاقنا الشيوعية
- من أجل تنظيمٍ مُحارِب . فلنضيف للماركسية علم الأركان الحربية
- الحاجة الى التناقض الخارجي للثورة
- هل تستحق الشعوب الذليلة تضحيات الماركسيين ؟
- برافو -عدنان حمد- فالعراقي دائما يبدع خارج وطنه
- هل حاول المؤلف جعل -أبو طبر- ماركسياً ؟
- جددوا بقاء المارينز لوقف ميناء مبارك
- مسلسل- الحسن والحسين- والتجني على ثوار العراق
- كوميديا مضحكة أسمها حكومة الملا – دكتوراه .
- بمناسبة الثاني من آب .ما لا يعرفة الكويتيون عن ساكن ميسوبوتا ...


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم محمد كاظم - رحلة في سجون العراق العظيم ح1