|
خزعبلات حول عبد الناصر
محمود عبد الحى
الحوار المتمدن-العدد: 3500 - 2011 / 9 / 28 - 08:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هذا حديث للتاريخ و للسياسة و للوطن ، فأنا هنا لست بصدد تألية عبدالناصر، و لكنى فقط استهجن حملات الجهل التى تشن بشكل كبير على ناصر و مشروعة – وهى ليست بريئة- فالطالما عرفت مصر الحديثة مشروع محمد على النهضوى التحديثى و مشروع جمال عبدالناصر ، فأنا هنا فقط استوضح بعض ملامح هذا المشروع النهضوى الناصرى و أيضا أوضح بعض الخرافات التى يبثها البعض عن جهل أو عن قصد ، فالطالما كانت تجارب الرجال أمثال ناصر محل استهداف و اغتيال معنوى من قٌبل بعض من يؤرقهم ظهور ناصر جديد ، يهدد مصالحهم و يبعثر أوراقهم .
سأحاول فى السطور القليلة القادمة أن أوضح فكرتى و أبين بعض الحقائق التى يسعى البعض لطمسها و عكس حقيقة ما جرى .
و إلى نص الخزعبلات ...
* جمال عبد الناصر عسكرى لا يفهم شيئا ككل العسكريين لم يكمل تعليمة !! .
جمال عبد الناصر دخل كلية الحقوق فى مصر وقتما كانت لا تستقبل إلا النخبة و الصفوة من طلاب مصر و تركها للالتحاق بالكلية الحربية بعد أقل من عام ، و ترقى داخل الكلية الحربية إلي أن أصبح "رئيس فريق"، وأسندت إليه منذ أوائل ١٩٣٨ مهمة تأهيل الطلبة المستجدين ، وطوال فترة الكلية لم يوقع على جمال أي جزاء، كما رقى إلى رتبة أومباشى طالب ، وقد كانت مكتبة الكلية الحربية غنية بالكتب القيمة، فمن لائحة الاستعارة تبين أن جمال قرأ عن سير عظماء التاريخ مثل "بونابرت" و"الإسكندر" و"جاليباردى" و"بسمارك" و"مصطفى كمال أتاتورك" و"هندنبرج" و"تشرشل" و"فوش". كما قرأ الكتب التي تعالج شئون الشرق الأوسط والسودان ومشكلات الدول التي على البحر المتوسط والتاريخ العسكري. وكذلك قرأ عن الحرب العالمية الأولى وعن حملة فلسطين، وعن تاريخ ثورة ١٩١٩. http://nasser.bibalex.org/Common/pictures01-%20sira4.htm#2 رابط بأسماء الكتب التى كان يقرأها ناصر فى الكلية الحربية .
* لقد كانت فى مصر حياة ديمقراطية دمرها عبد الناصر و نظامة !! .
لا أعلم حقيقة عن أى ديمقراطية يتحدثون ، هل تريدوننا أن نصدق بديمقراطية تحت الاحتلال !! ، أم أنها الديمقراطية المزعومة التى نجحت فى تغير المندوب السامى البريطانى إلي السفير البريطانى الذى كان يتحكم فى العرش و ملكة ! ، هى الديمقراطية التى كانت تعطى الملك الحق فى حل البرلمان و إقالة الوزارة وقتما شاء ، و هى أيضا الديمقراطية التى لم تمكن حزب الوفد صاحب الاغلبية من الحكم أكثر من 6 سنوات متجمعة منذ 1923 حتى يوليو 1952 ، و الجدير بالذكر أن هذة المدة الصغير للغاية للوفد ثلثها ما يقارب العامين حكم فيها الوفد برغبة انجليزية فى حادث 4 فبراير 1942 عندما حاصرت الدبابات الانجليزية القصر الملكى و اجبرت الملك على القبول بالنحاس كى يهدأ الشارع المصري فى ظل توتر أحداث الحرب العالمية و سمحت للملك بإقالتة فى أكتوبر 1944 بعد أن رجحت كفة الحلفاء .
و قد أزيدك من الشعر بيتاً بعد أن أذكرك باسماعيل صدقى و دستورة ، و استبدادة وبطشة بالحركة الطلابية ، وبلغ به الأمر إطلاق الرصاص على الطلاب في الفصول !! ، و أتمنى أن تطرب أكثر بعد أن تتذكر معى وجود البوليس السياسى ، ناهيك عن حالة الاغتيالات السياسية و التى راح ضحيتها أحمد ماهر و محمود النقراشى و حسن البنا .
* وزع الفقر و ترك اقتصاد مصر خراباً !! .
تعتبر هذة "الخزعبلة" من أظرف الخزعبلات التى تثار حول عبدالناصر ،فهى تعكس سطحية شديدة و جهل عميق ، بدأ عبد الناصر مشروعة برغبة ملحة و جامحة فى التنمية الشاملة فى مصر ، فأنشا مجلساً أعلي للانتاج خارج إطار الجهاز الحكومى و ضم فية خبراء مصر الاقتصاديين و وضع تحت تصرف هذا المجلس كل ما امكن توفيرة و قد وصل المبلغ لاكثر من مليار دولار و تم تنفيذ العديد من المشاريع تحت اشراف هذا المجلس منها : مصنع السماد فى اسوان ، مصنع الحديد فى حلوان ، كهربة خزان اسوان ، كهربة خط حلوان .....إلخ .
و على نفس النهج أسس عبدالناصر مجلساً أعلى للخدمات و تم تمويلها من مصادرة ثروة الملك و الخاصة الملكية و بلغت وقتها سبعين مليون جنية ، ونفذت بها مشاريع الوحدات المجمعة للصحة و التعليم ، و إعادة التدريب و الارشاد الزراعى فى الريف إلى جانب سلسلة المستشفيات المركزية التي أنشئت فى ذلك الوقت .
ثم دخل عبد الناصر معركة بناء السد العالى و الذى كان يمثل طموح عبد الناصر فى التنمية و بقيت عقبة التمويل التي نجح عبدالناصر فى كسر هذة العقبة بأضافة موارد جديدة و تمثلت فى : قناة السويس و قيتمها الاقتصادية و دخلها ، مجموعة البنوك و شركات التامين و التجارة الخارجية التى كانت مملوكة للاجانب .
ثم دخلت مصر فترة من أروع ما يمكن لها من 1957 و حتى 1967 ، طوال هذة المدة كانت مصر تسير بمعدل نمو 6,2 % سنوياً بالاسعار الثابتة الحقيقة ، و ارتفعت هذة النسبة من 1960 و حتى 1965 إلى 6,6 % . مصدر هذا الرقم تقرير البنك الدولى رقم 870 – أ عن مصر الصادر فى واشنطن بتاريخ 5 يناير 1976 .
الجدير بالذكر أن مصر فى خلال العشر سنوات استطاعت أن تقوم بتنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقة فى الاربعين سنة السابقة على عصر عبدالناصر !!.
لم تستطع أى دولة فى العالم النامى ان تحقق أكثر من 2 % معدل نمو سنوى و باستثناء ألمانيا الغربية و اليابان و الدول الشيوعية لم تكن تتحق هذا النسبة من النمو فى العالم كلة .
ثم كانت الهزيمة فى 1967 ، التى رغم فداحتها إلا أنها كشفت قوة الاقتصاد المصرى الذى تحمل : 1-إعادة بناء القوات المسلحة . 2- إتمام بناء السد العالى . 3- تحمل الاقتصاد المصرى أعباء مشروعات جديدة ضخمة أبزها مشروع مجمع الحديد و الصلب و قد كان لا يقل ضخامة عن مشروع السد العالى . 4- تحمل الاقتصاد المصرى فوق ذلك كلة عبء تثبيت أسعار السلع الاستهلاكية حتى لا ترهق السواد الاعظم من الشعب المصرى .
و واجب أن ننوة أيضا على أن مصر لم تكن تحصل من الدعم العربى إلا على ما نصت علية اتفاقية الخرطوم 1967 و هو مائة مليون جنية أى ما يوازى ما فقدتة مصر من دخل قناة السويس سنويا .
بعد كل هذا قد تجد البعض مصمم على أن يثبت جهلة العميق و يتكلم عن الديون ، سنة 1970 كان مجموع الديون التى تتحملها مصر هو 4 مليار دولار ، هى مجموع الدين المدنى و العسكرى ، و كان معظمها للاتحاد السوفيتى على أقساط ممتدة و بسعر فايدة 2,5 % .
و نقف هنا لتوضيح معنى الارقام ، الدين العام الخارجى المصر كان يوازى ربع نظيرة الاسرائيلى (36 مليون فى مصر بينما 3 مليون فى اسرائيل) ، و فى قياس آخر فهو نصف الدين التركى .
و إذا ما تذكرنا أن معظم الديون كانت فى الحقيقة لتمويل مشروعات إنتاج لوجدنا أن الصورة لسيت مخيفة .
و يعتبر الدين القصير الاجل أسوء أنواع الديون فمعظة استهلاكى و فؤائدة عالية و استحقاقاتة قريبة ، و قد كان هذا الدين 104 مليون جنية سنة 1970 ، و بالنظر لجحم هذا الدين سنة 1975 لوجدنا أنة أصبح 1004 مليون جنية ، أى أنة زاد عشرة أضعاف فى أقل من خمس سنوات !!،و فى عام 1981 وصل مجموع الديون الخارجية على مصر لاكثر من 30 مليار جنية !! .
و يبقى هنا مجال لثلاث مقارنات بسيطة : -الادخار الوطنى و التنمية 1970: مجموع الاستهلاك العام و الخاص 90%، و المدخرات الوطنية المتاحة للتنمية 10% من الدخل القومى . 1975 : وصل الاستهلاك العام و الخاص 101,5% ، أى أن مصر أصبحت تاكل من رأس مالها . -فى مجال التضخم 1970: كانت نسبة التضخم السنوى فى مصر 5% . 1975: نسبة التضخم السنوى فى مصر ما بين 20-25% . - فى مجال الدعم العربى 1970: 100 مليون جنية ، و هو ما نصت علية اتفاقية الخرطوم . 1975: بالاضافة للمنصوص علية فى اتفاقية الخرطوم وصل المبلغ إلى 2 مليار دولار .
هل من الممكن بعد كل هذا أن نطلب شيئا صغيراً من الغربان التى تنعق فى البرية ليلاً نهاراً و تربط خراب مصر الاقتصادى بعبدالناصر : فقط أخرسوا .
* الحرية و الاعتقالات !! .
أقر أنا و أعترف أنة كان يوجد فى مصر معتقلات سواء قبل عبدالناصر و استمرت فى عهدة ، و لا أجادل على الاطلاق فى هذا لكنى أرفض فقط المبالغات و التصورات المريضة فى هذا الامر، و لنوضح بعض الحقائق حتى لا يتم تحميل الوضع أكثر مما يحتمل .
دعنا نتذكر قصة صغيرة فى البداية و هى تتعلق بالملك فاروق تحديدا عندما أراد الظباط محاكمتة إعدامة و رفض جمال عبد الناصر و قال لهم إذا كنا سنعدمة ما فائدة المحاكمة ! .
دعونا أيضا نتفق على أن عصر عبدالناصر اعتمد بأكثر مما يجب على قوة السلطة خاصة و أنة كان هناك قصور واضح فيما يتعلق بالتنظيم الشعبى ، لقد كان عبدالناصر أحد أبرز قادة العالم الثالث و لدية الطموح و المشروع القوى الذى كان يضر بمصالحة الكثير من الدول الكبيرة ، بالاضافة إلى وجودة فى فترة تعتبر هى الاشد فى الحرب الباردة بين القطبين ، و كانت أجهزة الامن الداخلية و المخابرات فى كل دول العالم أهم من الجيوش و القوات المسلحة نفسها ، فكانت هى حائط الصد الاساسى ضد المحاولات المستمرة للاختراق الغير عسكرى .
و لنا أيضا أن نتذكر أن أول ظهور لمصطلح "زوار الفجر" كان على صفحات جريدة الاهرام ، و أن توفيق الحكيم و نجيب محفوظ و غيرهم قد نشروا أعمالهم التى كانت توجهة نقد للسلطة فى الاهرام أيضا ، مثل قصة بنك القلق لتوفيق الحكيم و رواية ثرثرة فوق النيل لنجيب محفوظ طبعت و نشرت ، و أن أفلام مثل "ميرامار" و "أرض النفاق" ، تمت فى نفس العهد الناصرى .
و لنا هنا أن ندخل لغة الارقام لمزيد من الايضاح : عدد المفصولين من وظائفهم لم تزيد عن مائتين شخص فقط . عدد أوامر الاعتقال التى صدرت 14000 أمر و إذن اعتقال طوال 18 سنة بينما صدر فى عهد السادات (11 سنة) 19000 أمر و إذن اعتقال !!! . و قطعاً لن أتحدث معك عن مبارك و عصرة . و الارقام أعلنتها وزارة الداخلية فى عهد الوزير نبوى اسماعيل أى بعد وفاة عبد الناصر .
حتى المناضل الشيوعى شهدى عطية الشافعى الذى يتحجج بة البعض ليلاً و نهاراً فقد مات و هو يهتف باسم ناصر ! و بغض النظر عن حبة لناصر حتى موتة ، فلقد أحيل مدير مصلحة السجون للتقاعد بعدها بثلاثة أيام .
أنا هنا لا أدافع عن الاعتقالات و التعذيب ولا حتى أقبل أن يٌفهم كلامى على هذا النحو ، لكن كل ما أرجوة أن لا يبالغ البعض فى تصوير ما حدث لمصر فى تلك الفترة لان ما حدث بعدها كان أشد بكثير و أفدح بكثير ، و أن التجاوزات فى العهد الناصر لا تقارن بما بعدها .
* لقد كان مهوس بالزعامة و بدد ثروة مصر خارجيا على الحروب !! .
و لنقسم الرد هنا إلى ثلاثة أقسام : زعامة عبدالناصر- دور مصر القيادى- الحروب .
زعامة عبدالناصر : لا يستطيع كائن من كان أن ينكر كاريزما ناصر و قوة شخصيتة ، لقد كان ظهور جمال عبدالناصر ذلك الضابط الشاب بأصولة البسيطة فى وقت كانت السياسة و القيادة فية مقتصرة على طبقة البشوات ، تجسيداً لاحلام الكثير من البسطاء و المقهورين فى أن يستطيع فرد منهم يحمل ملامحهم الاجتماعية فى أن يلعب الدور القيادى الاول فى بلد نامى واقع تحت الاحتلال البريطانى .
و قد كانت بساطة شخصية عبدالناصر من عوامل شعبيتة الجارفة ، فلقد كانت ملابسة البسيطة محلية الصنع مثلة مثل باقى أفراد شعبة ، و حتى طعامة المفضل كان الارز و الخضار و اللحمة ، فلم يكن يوما كالرؤساء و الملوك مبالغا فى أناقة ملابسة أو متكلفا فى طعامة حتى فى حياتة العامة لم يكن يحب الابهة و السفة .
و شاءت الظروف أن تخدم عبدالناصر أكثر فبعد رحيل الانجليز عن مصر ، دخل عبدالناصر معركة تأميم قناة السويس و حقق انتصارا دبلوماسيا ضد دول الاستعمار القديم مجتمعة ، مما جعل كل المقهورين فى العالم يتطلعون إلى ناصر الذى أصبح أسطورة بالنسبة لهم .
و يبقى ناصر القائد الوحيد الذى تمسك بة شعبة بعد هزيمة عسكرية و قد يكون مشهد جنازة عبدالناصر أكبر دليل على ذلك . http://www.youtube.com/watch?v=P16lnRGOVdk&feature=related رابط لمشاهدة جنازة عبدالناصر
دور مصر القيادى : قدمت الجغرافيا خدمة تاريخية لمصر ، حيث جعلت من مصر مصب للكثير من الحضارات و الثقافات فأصبحت مصر أمة متعددة الابعاد و الآفاق .
فانتماءات مصر ما بين الافريقية و العربية و الاسلامية و المتوسطية (نسبة إلى البحر المتوسط) ، تتعقد و تتشابك و تعطى مساحة حركة أكبر لمصر كبلد يتخطى وجودة حدودة ، و لقد كان ناصر يدرك هذا الدور جيداً فاخذ يتحرك بالسياسية المصرية نحو العرب و افريقيا و كل دول العالم الثالث ، و التى هى الامتداد الطبيعى فى مصر ، و أنا لا أريد صراحة أن أستطرد فى كلام نظرى عن الدور الخارجى لمصر لذلك سأعطى بعض الامثلة العملية الصريحة الصاعقة .
" لو كان جمال عبد الناصر على قيد الحياة ودخلت مصر المنافسة أمام جنوب أفريقيا على شرف إستضافة كأس العالم لكرة القدم 2010 لأنسحبت جنوب أفريقيا على الفور من الوقوف أمام مصر ولكن الظروف تغيرت الأن ومصر لم تعد مصر عبد الناصر . نيلسون مانديلا . فى المؤتمر الصحفى عقب فوز جنوب أفريقيا بتنظيم كأس العالم 2010 وحصول مصر على صفر من الأصوات " .
" سنظل نذكر عبد الناصر دائما. إن مساندته لحركة التحرر الأفريقية لم تكل أو تتوقف. جومو كينياتا . رئيس كينيا "
" الرئيس عبد الناصر هو أعظم عربى ظهر فى عصرنا ووفاته خسارة عظيمة للعالم الإسلامى وللعلاقات بين مصر و إيران لقد كان أقرب زعيم لثورتنا عندما كنا مطاردين من الشاه ، لقد كان أول شخص وجهت إليه التحية وترحمت عليه عقب وصولى إلى إيران بعد الثورة . الإمام أيه الله الخمينى . زعيم الثورة الإيرانية "
" جمال عبد الناصر كان ألد أعدائنا وأكثرهم خطورة على دولتنا ووفاته عيد لكل يهودى فى العالم موشى ديان . وزير الدفاع الإسرائيلى "
هذة الكلمات اخترتها بعناية شديدة عن الفكرة التى أريدها أن تصل للجميع و ما هى إلا نقطة فى بحر ما قيل عن جمال عبدالناصر.
الكلمة الاولى لنيلسون مانديلا ، و تعكس ذكاء ناصر و حنكتة و جحم مصر فى عهدة ، و الميراث الرائع الذى تركة لنا و رحل و فشلنا فشل ذريع فى استغلالة حتى أخذنا الصفر التاريخى !! .
الكلمة الثانية لجومو كينياتا ، و هى تعكس مدى الغباء السياسى فى مصر بعد عبدالناصر فلا داعى أن أذكرك بأن كينيا دولة من دول حوض النيل ، و هى مجموعة دول نتوسل لهم الان حتى لا يقطعوا عنا المياة أو يقللوا من نصيبنا فى الماء حتى لا تصاب مصر بالجفاف ، هل فهم فلاسفة العصور الذى أتحفونا بأن ناصر بدد الثروة المصرية على هؤلاء و أن "مصر أولا" و باقى هذا العبث كم هم أطفال يحتاجون للتعلم ؟ . و بالمناسبة شعار مصر أولا شعار جميل لكنة استخدم لتبرير كل الخطايا و الخذلان السياسى المصرى على المستوى الخارجى و أتذكر مثل مصرى يصف من قالوا و و يرددوة إلى الان " قصر ديل يا أذعر " .
الكلمة الثالثة للامام الخمينى ، حتى هذا الرجل الذى هو رصاصة من القرن السابع استقرت فى قلب القرن العشرين كانت مصر الناصرية قادرة على التعامل معة ، كانت مصر الناصرية قادر على استغلال طاقاتة بما يخدم مصالحها دون صدام ، أثق تماماً أن هذا الرجل لو كانت نجحت ثورتة فى وجود عبدالناصر لاختلف الوضع العربى الايرانى تماما ، حتى المرشد الحالى للثورة الايرانية على خامئنى يعترف بالفضل لعبدالناصر لدرجة أنة قال بكيت علية أكثر من أبى و أمى ، و أعرف هنا رد "المارينز" سيقولون إنة نظام ثيوقراطى معادى للحريات و سأضحك أنا كثيراً لان هؤلاء "المارينز" قبلتهم السياسية هى الولايات المتحدة -التى ينصحوننا دائما أن نتعلم منها- تتعامل مع نظام ثيواقراطى معادى للحريات كالنظام السعودى دون خجل أليس التحالف مع الشيطان مقبول من أجل تحقيق مصلحة البلاد أم أنهم فقط يبررون هذا لامريكا عندما ننتقد كذب دعاوها فى الحرية و الديمقراطية و يحرمون ذلك علينا !!! .
الكلمة الرابعة لموشية ديان ، و هى تؤكد صحة استراتيجيات ناصر و بعد نظرة ، و قرأتة الثاقبة للموقف ، يمكنك أن ترى الهزيمة العسكرية فى 1967 هى نهاية المطاف ، و يمكننى أن أرفض ذلك إنها عكست خلل إدراتنا الداخلية قبل أى شى آخر و إنها لا تدل على فساد الاستراتيجية و مرتكزات السياسة الخارجية ، الهزيمة فى معركة لا يعنى عدم صحة خوض الحرب .
هل لى أن أضيف بعض النقاط السريعة فى الدور القيادى المصرى فى عهد الزعيم ، كإذاعة صوت العرب و التى كان تأثيرها يفوق تأثير قناة الجزيرة الفضائية الان التى يتأفف البعض من مجرد ذكر اسمها – و بالمناسبة هذة القناة هى من خلقت لدولة نفطية صغيرة كقطر دور اقليمى كبير اليوم- هل يتذكر البعض الاذاعات المصرية الناطقة باللغات السواحلية و التى كانت توجة لدول حوض النيل - هل فهم السادة أصحاب مصر أولاً المعنى المقصود – هل يتذكر هؤلاء مأساتنا مع الجزائر و كثير من الشعوب العربية التى لم تعد تحترمنا ، هل تذكرون وقت ما كان الشعب الجزائرى على استعداد أن يضحى بدماء أبنائة من أجل مساندة مصر ، حتى الان تجد الشعب الجزائرى يترحم على مصر عبدالناصر بينما نحن أصيبنا بالعمى و الانانية و الغرور الغير مبرر .
الحروب : البداية و حرب 1956 ، و أعتقد بأنى قد شرحت الكثير من أسبابها هى عدوان عسكرى من ثلاث دول نتيجة تأميم مصر لقناة السويس ، يتحدث البعض دائما عن أننا هزمنا فى هذة الحرب و أنا فقط اسال هل مصر التى لم تحصل على استقلالها الا قبل شهور من هذة الحرب من الممكن أن يكون لديها جيش يستطيع الرد على عدوان متشابك لهذا الحد !! ، و لكن يبقى السؤال الاهم هل انصاعت مصر أم لا فالحرب تقاس بمدى نجاحها فى تحقيق أهدافها ، و بالفعل خرجت مصر عملاق من هذة الحرب ، انسحاب الدول المعتدية و الاحتفاظ بتأميم القناة ، بالاضافة إلى أن مصر أصبحت بمثابة القدوة لكل دول العالم الثالث التى تعرضت للاستعمار الاوربى .
قد يقول البعض و لماذا نؤمم القناة ألم تكن ستعود إلينا بعد 12 عام ؟ و لكن فلنعود للظروف التى أدت للتأميم ، نتحدث وقتها عن نظام جديد لدية رغبة كبيرة فى التنمية و حلم بناء السد العالى و التجسيد العملى للمشروع التنموى ، نتحدث عن دول كبرى رفضت التمويل ، فأصبحنا أمام اختيارات أما تأجيل المشروع و بالتالى الجمود لمدة 12 سنة حتى تعود القناة -إن عادت- أو القبول بالدخول فى التحالفات و القبول بأن نكون مجرد ترس فى ماكينات الدول الكبرى و بالتالى عدم استقلالية القرار السياسى المصرى .
حرب اليمن ، من وجهة نظرى تعتبر هذة الحرب مجهولة لدى الكثيرين ولا يذكر أحد عنها إلا القليل و أحيانا القليل الذى يخدم بة فكرة إدانة عبدالناصر فقط !! ، و رغم أخطاء عبدالناصر الجسام فى هذة الحرب إلا أنة كان لدية دوافع استراتيجة للقيام بذلك .
كان الانفصال السورى عن مصر صفعة قوية لناصر و مشروعة ، فكانت هناك رغبة كبيرة فى تعويض الاخفاق السورى بتقدم كبير فى الجنوب أى اليمن ، كانت اليمن هى المدخل الذى يستطيع منة ناصر ان ينفذ إلى الصحراء العربية الكبيرة المترامية الاطراف و التى بها منابع الذهب الاسود بالاضافة إلى اطلالة اليمن على مدخل البحر الاحمر .
كان الوقت عنصر هام جداً من أجل التدخل لمساندة الانقلاب اليمنى قبل أن تفترسة القبائل اليمنية المدعمة من السعودية ، كان الامر ينحصر فى تدخل جزء من قوات الصاعقة و سرب واحد من الطيران ، و قد كان أنور السادات هو المسؤل السياسى عن هذة الحرب ، و قد كان هو صاحب فكرة رشوة القبائل اليمينة من أجل أن توقف القتال ، و رغم عن ذلك يتحمل ناصر مسؤلية هذة القرار قبل السادات .
الفكرة الاساسية التى أدت إلى هذة النتائج السيئة للغاية فى حرب اليمن هى إحساس القوى الكبرى و مشايخ الصحراء بالخطر ، فالدول الكبرى أصبحت تخشى على النفط و تدفقة إليها ، أما مشايخ الصحراء فأصبحوا يخافون على ملكهم من عبدالناصر و أفكارة و مشروعة الذى يهدد بقاءهم .
فتم الدفع بأكثر من 15000 مرتزقة أجانب إلى اليمن من أجل القتال و كانت لندن هى عاصمة شحن هؤلاء لليمن ، أيضا كان يتم الدعم السعودى و المشيخى للقبائل اليمينة ، أيضا كانت تتولى إسرائيل عمليات التسليح فكان الطيران الاسرائيلى يقوم بعمليات إسقاط و نقل للسلاح إلى اليمن .
و قد كان لهذة الحرب بعض النقاط المضيئة منها خروج الاستعمار البريطانى من شبة الجزيرة ، و نجاح الثورة اليمنية و انتهاء حكم الامام .
ثم حرب 1967 ، و أنا أعتقد أنها حرب أخطائها تتلخص فى ، الخطا فى حسابات عملية إغلاق خليج العقبة ، انفراد عبدالحكيم عامر بالجيش .
لا أعتقد أبدا أن الجيش المصرى كان يمكن لة أن ينهزم حتى لو أخطانا بحسابات غلق خليج العقبة لولا الاداء السيىء لعبدالحكيم عامر فى الجيش طوال السنوات السابقة للحرب ، لقد كانت قلة خبرة عامر و شخصيتة الضعيفة المستهترة هى السبب الرئيسى لهذة الكارثة العسكرية التى حدثت ، فلقد كان التسليح المصرى و التدريب يجعل من الممكن للجيش أن يتصدى للاجتياح الاسرائيلى و يكبدها خسائر كبيرة تغير شكل الحرب على الاقل ولا أقول انتصار أو دخولنا تل أبيب .
و لكنة كان خطأ ناصر الفادح أن سمح لصديقة أن يمسك بزمام الجيش معتقداً أنة زميل فى الكفاح و رفيق فى المشروع سيؤدى دورة بجانب صديقة على أكمل وجة ! ، و لكن عامر كان أسوء من يمكن أن يعتمد علية .
و نعود لملابسات الحرب ، فبعد التهديد الاسرائيلى الصريح لسوريا بضربة عسكرية أو " الزحف على دمشق " كما قالها ليفى اشكول رئيس الوزراء الاسرائيلى كان لابد من التحرك المصرى للتخفيف الظغط على سوريا ، فكان الامر أشبة بلعبة توازنات قوى فقط لا غير تهدف إلى منع حدوث ضربة عسكرية إسرائيلية ، و لكن للأسف فإن ناصر لم يحسن هذة اللعبة و لم يكن مستعد عسكريا لتحمل التبعات .
و بعد الهزيمة اعترف ناصر بالمسؤلية الكاملة عن الهزيمة و تمسك الشعب بة رغم ذلك ، و قد يقول البعض أن ناصر انتهى بالهزيمة العسكرية و هو رأى قد يبدو صحيحاً لكنة إذا اعتبرنا أن الامر المشروع الناصرى مجرد آلة عسكرية فقط ، المشروع الناصرى هو إرادة قبل الآلة العسكرية ، و لكم من دول هزمت معارك قوية و لم يخرج عليهم من يقول أنتم انتهيتم إلى الابد ، لقد نجح هتلر فى دخول فرنسا و احتلالها و ظهر ديجول ليقاوم ، لقد تجدد أمل الانجليز فى النصر حتى بعد الهزيمة المذلة فى دنكرك ، لقد كان التصميم الامريكى على النصر واضح حتى بعد بيرل هاربور حين دمر الطيران اليابانى كل الاسطول الامريكى ، هذا هو الفارق بين من يعتبر ناصر و مشروعة انتهى إلى الابد و بين أمم لم تفقد يوم الامل و الارادة فى الانتصار و لم تفقد الايمان بقضيتها .
و لابد لنا هنا من أن نتذكر حرب ينساها أو يتناساها البعض عن عمد لتصوير المشروع الناصرى بأنة مشروع انتهى بالهزيمة فى 67 فقط لا غير ، فلقد استعاد ناصر زمام الامور مرة آخرى بعد الهزيمة و أعاد بناء القوات المسلحة المصرية من جديد ودعّم القوات الجوية ، وأعد الفرد المقاتل بعد الاستعانة بالمؤهلات العليا للتعامل مع الأسلحة الحديثة والاستعداد للحرب الإلكترونية ، ورد الاعتبار للفريق فوزى والفريق صادق واللواء أحمد إسماعيل واللواء محمد على فهمى . معركة رأس العش: وقعت أحداثها يوم 1 يوليو 1967، وتعتبر هذه المعركة هي الشرارة الأولى للحرب، عندما حاولت المدرعات الإسرائيلية احتلال مدينة بور فؤاد، فصدتها عن المدينة قوة من الصاعقة المصرية. معارك القوات الجوية: خلال يومي 14 و 15 يوليو 1967، نفذت القوات الجوية المصرية طلعات هجومية جريئة ضد القوات الإسرائيلية في سيناء ، أحدثت فيها خسائر فادحة ، بل أدت إلى فرار بعض من الأفراد الإسرائيليين من مواقعها ، و من هنا زادت الثقة لدى المقاتلين في قواتهم الجوية بعد هذه العملية الناجحة. معارك المدفعية: كان الاشتباك الكبير الذي ركزت فيه المدفعية المصرية كل إمكانياتها في قطاع شرق الإسماعيلية يوم 20 سبتمبر 1967، والذي تمكنت فيه من تدمير وإصابة عدد غير قليل من الدبابات الإسرائيلية ، وصل إلى 9 دبابات مدمرة ، فضلا عن الإصابات في الدبابات الأخرى وعربتين لاسلكي، وقاذف مدفعية صاروخية، بالإضافة إلى 25 قتيل و 300 جريح منهم ضابطين برتبة كبيرة. إغراق المدمرة البحرية الإسرائيلية إيلات: كان ذلك يوم 21 أكتوبر 1967، إذ تمكنت زوارق صواريخ البحرية المصرية من إغراق المدمرة إيلات في منطقة شمال شرق بورسعيد ، وتعد هذه المعركة أول استخدام للصواريخ سطح سطح، وكانت خسارة فادحة للقوات البحرية الإسرائيلية، خاصة وأن هذه المدمرة كانت تمثل أهمية كبيرة للبحرية الإسرائيلية في ذلك الوقت ، كما كانت خسائرها كبيرة في الأرواح ، الأمر الذي دفعها لاستئذان مصر عن طريق الأمم المتحدة في البحث عن القتلى والغرقى، في منطقة التدمير شمال بورسعيد، واستمرت في عمليات البحث والإنقاذ لأكثر من 48 ساعة بعد أن وافقت مصر على ذلك .
لقد كانت حرب الاستنزاف هى أبلغ رد على كل من يقول بأن ناصر انتهى للابد و أصبح ماضى فلقد جعل ناصر خط القناة بمثابة جحيم لا يحتمل بالنسبة للاسرائيلين ، حتى أن موشية اعترف أن اسرائيل تكبدت خسائر فى هذة الحرب أفدح بكثير من حرب أكتوبر 1973 ، حتى حائط الصواريخ الذى بناة ناصر لحماية العمق المصرى وصفة ديان بأنة بذرة الشر التى زرعها عبدالناصر وجنى ثمارها ديان .
و لدوما سيبقى ناصر لغز يحير المأجورين و الموتورين ، و سيبقى لنا ضوء منير فى ظل عتمة و ظلام هذا الليل الموحش ، إذا أرتم أن يعود ناصر فقطعاً لن يعود و لكن مصر ستظل أبداً حية ولا تموت .
#محمود_عبد_الحى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورة الإتصالات و تأثيرها علي حياتنا
-
و تبقي ثورتنا مستمرة
-
سوريا علي خطي الثورة
-
المٌستبد المٌنتج
-
أكذوبة العولمة !
-
حتي لا يتخلف المسلمون
-
سبورة و منصة و صندوق !!
-
هي فوضي !
-
الاحزاب الاسلامية و التجربة التركية
-
سعدُ زغلول
-
الصحفى والأديب والمفكر!
-
الثورة التونسية و غياب الديمقراطية
-
جذور الاستبداد فى الفكر و التراث العربى!
-
ويكليكس فى الميزان !
-
قراء فى المهزلة الانتخابية
-
احداث العمرانية نتيجة طبيعية
-
الاسرة المصرية القديمة 1
-
جدرايه
-
سلطان المجانين
-
مولاتى
المزيد.....
-
كلمة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.. ما فحواها؟
-
مسلسل - ذو ستيكي- : قصة سرقة أكبر مخزون من -شراب القيبقب- في
...
-
مصدر لـCNN: بشار الأسد ليس موجودًا في أي مكان في دمشق
-
من هو بشار الأسد؟
-
نجل نتنياهو رهينة لدى حماس في غزة؟.. ما القصة؟
-
القضاء الأمريكي يوجه ضربة قاضية لـ -تيك توك-.. هل اقترب موعد
...
-
-يونهاب-: أكثر من 100 ألف شخص يحتشدون أمام البرلمان الكوري ا
...
-
أردوغان: نعرف جيدا ما فعله الإرهاب بسوريا
-
ترامب: العالم يتجه إلى الجنون
-
وزير الخارجية السعودي يلتقي نظيره الإيراني في الدوحة ويبحثان
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|