أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - عن الثورة والحزب















المزيد.....

عن الثورة والحزب


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 3489 - 2011 / 9 / 17 - 02:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مما لاشك فيه أن قضية بناء أو إعادة بناء الحزب الثورى هى المشكل الرئيسى الذى يشغل بال جميع الإشتراكيين الثوريين فى مصر الآن، وذلك فى ظل الطوفان الثورى الذى إجتاح هذا البلد منذ عدة سنوات وتم تتويجه بثورة 25 ينايروالتى أطاحت برأس النظام القائم، ومازالت توابع هذا الزلزال تضرب بشدة حتى الآن مع عدم بلوغ الثورة لكامل أهدافها.
لقد أنجزت ثورة يناير عدد من المكاسب لا يستهان به فى إطار هذا النوع من الثورات الوطنية الديموقراطية والتى إجتاحت معظم قارات العالم منذ الربع الأخير من القرن العشرين وذلك قبيل وبعد سقوط التجربة الإشتراكية فى الإتحاد السوفييتى ودول المنظومة الإشتراكية فى اوروبا الشرقية وإنحسار حركة التحرر الوطنى فى بلدان العالم الثالث بعد أن حققت إستقلالا شكليا عن المعسكر الإمبريالى وإستنساخ بعضها تجارب إشتراكية مشوهه.
ما يعنينا الآن هوقراءة الظرف الراهن الذى نعيشه وكيفية الإستثمار الأمثل فى إقامة حزب ثورى حقيقى يستطيع ان يسعى للقيادة الحقيقية للجماهير لإستكمال ثورتها الديموقراطية والإنتقال الى تأسيس حقيقى للثورة الإشتراكية، هذا الحزب الذى يمكنه تحقيق هذه المعادلة هو بالضرورة حزب شيوعى يعتمد على نظرية الإشتراكية العلمية بمكوناتها الثلاث من المادية الجدلية والمادية التاريخية والصراع الطبقى.
قبل أن نسترسل فى قضية بناء الحزب الثورى علينا أن نلقى نظرة موجزة على الواقع الحاضر لتحديد الخلفية التى تواجه القوى التى تعمل فى أرض الواقع:
1- لقد فاجئت ثورة يناير جميع القوى السياسية فى مصر ولم يتوقع أحدا هذا الخروج لملايين المصريين فى كافة المحافظات وإصرارها على رحيل النظام، وكان الأكثر إثارة هو عدم وجود قيادة واضحة للثورة رغم مشاركة التيارات اليسارية والليبرالية والإسلامية فيها ولكن الجسم الأساسى والأكبر كان للجماهير الغير مسيسة والتى لم يسبق لها المشاركة فى التظاهرات أو النضالات الشعبية المختلفة.
2- رغم كل التحليلات والتنظيرات لعدم امكانية حدوث ما حدث ودرجة شموله وامتداده لمدى 18 يوما متواصلة من المظاهرات والإعتصامات بدون طليعة ثورية منظمة تقود هذه الجماهير وتوجهها، مما دعا البعض للتقليل من أهمية وضرورة وجود الحزب الثورى وربما إستبداله بأشكال أخرى فضفاضة كالإئتلافات أو اللجان الشعبية.
3- إن اليسار المصرى على مدى تاريخه الذى يمتد لحوالى قرن من الزمان قد مر بموجات من الصعود والهبوط والإنقطاع أثرت بشكل كبير على قوته الجماهيرية، فقد إستمرت الموجة الأولى لسنوات محدودة بدأت بإنتصار ثورة إكتوبر عام 1917وحتى نهاية 1924 حيث تم القضاء على الحزب الوليد وإعدام قيادته وسجن الباقين، أما الموجة الثانية فبدأت مع اندلاع الحرب العالمية الثانية ومشاركة الإتحاد السوفيتى فى الحرب مما دفع القيادة الإنجليزية فى المستعمرات الى تخفيف قبضتها وخفوت الدعاية ضد الشيوعية والسماح النسبى للشيوعيين بالحركة، وامتدت الموجة طوال الأربعينات والخمسينيات من القرن الماضى، تم خلالها مواجهات متعددة مع الأجهزة القمعية وانتهت تقريبا بعد القبض على أغلب الشيوعيين وحلفائهم وإيداعهم سجن المحاريق بصحراء الواحات، والموجة الثالثة فقد بدأت بعد هزيمة 1967 وفشل المشروع الناصرى ولكن بدايات النشاط الحقيقى كانت فى مطلع السبعينات وامتدت لحوالى عقد من السنين، وحملت فى داخلها سبب إخفاقها بسبب تركيزها على العمل بين طلاب الجامعات ووضع قضية الحرب مع إسرائيل لتحرير سيناء فى مقدمة أولوياتها، وبنهاية عقد السبعينات حدثت حالة من الإنهيار والتلاشى والهجرة الجماعية لكثير من الشيوعيين ، وبعد إنهيار الإتحاد السوفيتى تحديدا كادت الحركة الشيوعية أن يلفها النسيان وتبعثرت لتعود محاولات الإحياء مرة أخرى مع بدايات الألفية الثالثة.
4- مع التطور السريع والمتلاحق لما بات يعرف بثورة الإتصالات والعلوم بكافة أنواعها، ومع نشوء ظاهرة العولمة فى كافة مناحى الحياة ودخول الرأسمالية أزمتها المالية والإقتصادية الراهنة فإن الحديث عن الإمبريالية وفهمها يجب أن يتجاوز أطروحات القرن العشرين عنها وعدم تقديس ما كتبه الثوريون العظام حولها، وإعادة دراسة الظاهرة وأشكال الإستغلال الحديث والكيفية التى إستطاعت بها بعض النظم فى آسيا وأمريكا الجنوبية إحداث إختراق إقتصادى مهم، وهو ما يجب دراسته بشكل متعمق من قبل متخصصين ورصد تأثيراتها على حركة الشعوب لإنتزاع حريتها.
5- أيضا فقد حدث تغير مهم فى مسألة العدو الطبقى، فقد دخل على الخط عدو أكثر شراسة وتخلفا من كل من سبقوه وهم ممثلوا التيارات الإسلامية بمختلف تلاوينها وعلى رأسهم تنظيم الإخوان المسلمين، إن موقف التيار الإسلامى من قضية الإستغلال الطبقى لا يختلف كثيرا عن طبقة الرأسماليين الطفيليين وزواجها اللاشرعى بالسلطة، وتجربتهم فى ثمانيات القرن الماضى من خلال شركات توظيف الأموال ليست بعيدة، ولكن ما يسمى بالرأسمال الإسلامى هو الأشد شراسة وتغولا، والأكثر عداوة على المستوى الأيديولوجى مستندا الى أفكار أكثر رجعية وتطرفا ومعتمدا على جمهور عريض من شعب يوصف بأنه الأكثر تدينا فى العالم الإسلامى.
6- من العناصر الإيجابية فى المشهد السياسى ما أحدثته الثورة من الدفع بأعداد ضخمة من الجمهورالى ساحة الوعى السياسى والرغبة فى فهم ومعرفة المصطلحات السياسية وخاصة من الشباب المتحمس والمتملك لأساليب العصر من تقنية الإتصالات والانترنت مما يرتب مسؤولية أكبر على اليسار لتوظيف طاقة الشباب فى إطار الثورة.
تعريف الحزب
الحزب هو التنظيم السياسي الذي يهدف إلى الوصول إلى السلطة. و هو بأيديولوجيته و طريقة تنظيمه، وبرنامجه السياسي يمثل طبقة من الطبقات الاجتماعية التي تجمعها نفس المصالح. فالطبقة الاجتماعية لها حزبها أو أحزابها، و للبورجوازية أحزابها، و للطبقة العاملة أحزابها. و السبب في هذا التعدد الحزبي هو تعدد طبقات المجتمع.
إن أي طبقة مهما كانت مرشحة للنضال، أو لقيادته على صعيد المجتمع ككل لا يمكن أن تكون كذلك إلا إذا توفر لها شرطان :
1- شرط الوعي الطبقي.
2- شرط التنظيم.
فشرط الوعي الطبقي يأتي إلى الطبقة من خارجها، لأنه من إنتاج العمل الذهني الذي هو من مهمة المثقفين الثوريين أو العضويين الذين يلعبون دورهم في جعل الطبقة العاملة تعي موقعها في علاقات الإنتاج، و تدرك مدى عمق الاستغلال الذي يمارس عليها، و كيف تقاومه في أفق التقليص منه أو القضاء عليه، و بذلك تعي في نفس الوقت أن مقاومة الاستغلال لا تكون إلا بواسطة التنظيم.
إن تنظيم الطبقة العاملة يتحدد بتحدد الأهداف منه.
فإذا كان الهدف هو التقليص من الاستغلال نجد أن البرنامج يكون مطلبيا اقتصاديا، و التنظيم الذي يصلح لتحقيق برنامج كهذا هو التنظيم النقابي الذي يستقطب حوله مجموع الطبقة العاملة و سائر الكادحين.
أما إذا كان الهدف هو القضاء على الاستغلال بكافة أشكاله، فإن التنظيم لا يكون إلا سياسيا، و التنظيم السياسي الذي يقود الطبقة العاملة التي تنتظم في إطاره وفق مبادئ معينة هو : الحزب الثوري الذي يعرف أيضا بحزب الطبقة العاملة
إن شروط إنشاء الحزب الثورى يجب أن تعتمد على:
1- أن يمثل الحزب طليعة الطبقة العاملة الأكثر ثورية ووعيا والتى تملك الرغبة والقدرة فى قيادة باقى الطبقات الشعبية.
2- يتبنى الحزب الثورى النظرية الأكثر تقدما وهى الإشتراكية العلمية بما تهيأه من أدوات لتحليل الواقع وفهمه ووضع أسس تغييره.
3- يعتمد الحزب على بناء تنظيمى هرمى متماسك اساسه مبدأ المركزية الديموقراطية وخضوع الأقلية للاغلبية مع حق الأقلية فى طرح وجهات نظرها والدفاع عنها ومناقشتها فى كافة المستويات الحزبية وإقرار مبدأ النقد والنقد الذاتى والقيادة الجماعية.
الأسس اللازمة لبناء الحزب الثورى:
1- الأساس التنظيمى: التنظيم هو العنصر الأهم للحزب الثورى وهذا التنظيم يستهدف أن يضم فى صفوفه عناصر واعية وصلبة من الطبقة العاملة وحلفائها من فقراء الفلاحين والمعدمين والمثقفين الثوريين والطلاب والجنود وصغار الضباط والعاطلين عن العمل والمهمشين والشرائح الدنيا من البرجوازية، ويسعى الحزب لإستقطاب عناصر من البرجوازية المتوسطة والعليا كأساتذة الجامعات والأطباء والمهندسون وغيرهم شرط إيمانهم بالقضية الثورية وإستعدادهم للعمل تحت قيادة العمال، والتنظيم الحزبى يعتبر أداة لتجميع الأعضاء و صقلهم بالتثقيف السياسى وضبط حركتهم الجماهيرية وتفاعلهم الداخلى مع رفاقهم، وأيضا وسيلة لكونه يخوض المعارك ويبنى التحالفات والجبهات مستخدما التوظيف الأمثل لأدواته.
2- الأساس الأيديولوجى: الحزب الثورى يستمد أيديولجيته أساسا من النظرية الماركسية بمعناها المتجدد والمتطور دائما، فالماركسية شجرة دائمة الخضرة متجددة دائما، هناك أوراق تسقط وأوراق أخرى جديدة تنبت مكانها، كمياه النهر التى تتجدد باستمرار وليست دوجما ثابتة لا تقبل التجديد، كما أن النظرية أيضا ليست موضوعا للعبث به بإستمرار ولأى عابر طريق، فمراجعة الماركسية يمكن ان تتم من شخص عميق الثقافة قد درس واستوعب الفلسفة الماركسية جيدا، ونقدها لا يأتى من خارجها بل من الأرضية الكفاحية للفكر الماركسى نفسه، والمناضل الذي لا يتسلح بالأيديولوجية العلمية يبقى عرضة للأخطار و المنزلقات الأيديولوجية، و خاصة منها ذات الطبيعة الإصلاحية أو اليسارية الانتهازية.
3- الأساس السياسى: هذا الأساس هو الذى يقوم بإنزال الأفكار النظرية من سماء الفكر الى أرض الواقع، أى أنه كافة أشكال البرامج والخطط والتكتيكات والأهداف الإستراتيجية، ويشمل الخط السياسى للحزب تحديد طبيعة السلطة الحاكمة ونمط الإنتاج المهيمن والبناء الفوقى للمجتمع وتكتيكات الحزب اليومية وتحديد إسلوب الوصول الى السلطة على المدى البعيد، وذلك من خلال تحديد برامج مرحلية متعددة تلائم طبيعة المرحلة الثورية فى أحوال المد والجزر متلائمة مع البرنامج العام الذى تصوغه قيادة الحزب وتقرّه قواعده من خلال آليات شفافة وديموقراطية و النقطة الجوهرية في البرنامج الحزبي هي تحرير الإنسان عن طريق تحقيق الممارسة الديمقراطية بمعناها السياسي و الاجتماعي و الحقيقي، حتى تتفجر طاقات الشعب الكادح النضالية التي هي السبيل إلى تحقيق الهدف الاستراتيجي، و بدون رسم هذا البرنامج المرحلي و النضال من اجل تحقيقه يبقى الحزب الثوري بعيدا عن الجماهير الكادحة، و يبقى فعله محصورا في دائرة محددة مما قد ينعكس سلبا على مستقبل الحزب الثوري نفسه، فيتحول إلى حزب مغامر، أو إصلاحي، و تلك هي النهاية الحتمية للحزب الذي لا يضع في حسابه الارتباط بالجماهير الكادحة التي تمده بالمناضلين، و تدعم نضالاته، و تستجيب لتنفيذ برنامجه و تدافع عنه، و تساهم في تطويره.
عن المركزية الديموقراطية:
المركزية الديمقراطية تتكون من نقيضين : المركزية، و الديمقراطية. فالمركزية تعني صدور القرارات عن جهاز مركزي إلى مختلف المستويات التي عليها أن تنضبط لتلك القرارات، و أن تعمل على تنفيذها بوعي و مسؤولية. لكن قبل اتخاذ القرارات لابد من الرجوع إلى مختلف هذه المستويات، لمناقشة ما يجب اتخاذه من قرارات تتناسب و المرحلة، حتى يساهم الجميع فيها وفقا للممارسة الديمقراطية الداخلية التي لابد أن تتوفر في التنظيم الثوري، و هكذا يتبين أن العلاقة بين المركزية و الديمقراطية هي علاقة جدلية، و لا يمكن للحزب الثوري أن يكون مركزيا صرفا، و لا ديمقراطيا صرفا. لأن ذلك قد يؤدي به إلى التفكك أو التشرذم الحلقي الذي يشكل خطرا على الحزب.
ويجب على قيادة الحزب بذل أقصى جهد لتجنب اللجوء إلى التصويت، و استنفاذ النقاش إلى أقصى مداه لترسيخ القناعات الفردية و الجماعية بالمواقف الصائبة حفاظا على وحدة الحزب التي هي الضمانة الأكيدة لجعله يلعب ذلك الدور الرائد في قيادة نضالات الشعب الكادح، تلك الوحدة التي لا مجال معها لظهور الأغلبية أو الأقلية. بالإضافة إلى أنها تقطع الطريق على بروز مرض الحلقية الذي قد يؤدي بالحزب الثوري إلى التقسيم و التشرذم.
ولكن ما هو أساسي و مركزي في الحزب الثوري انه لا يعرف العمل الفردي أبدا، كما لا يعرف الرؤيا الأحادية الجانب. و بذلك تنتفي فيه القيادة الفردية، و القرارات الفردية، و التنفيذ الفردي حتى و إن كان المنتمون إليه هم عبارة عن أفراد. فالقيادة لا تكون إلا جماعية، و القرارات تتخذ في إطار هيآت تمثل مجموع أفراد الحزب قمة و قاعدة. و التنفيذ ملزم لجميع المنتمين إلى الحزب الثوري، و القيادة الجماعية على كافة المستويات هي التعبير الفعلي عن ثورية الحزب لأنها تقطع الطريق أمام تضخم الأنا الذي يعد مرضا مزمنا يصيب عادة القيادات الحزبية خاصة السرية منها.
عند كتابة البرنامج المرحلى للحزب يجب مراعاة الشروط الذاتية للحزب، و الشروط الموضوعية التي يتحرك فيها، لأنه بدون مراعاة تلك الشروط قد ينعكس البرنامج على الحزب سلبا، و يجعله منحصرا على نفسه متقوقعا داخل هياكله، و مراعاة الشروط تقتضي معرفة الذات، و معرفة الواقع بكل أبعاده، و بمختلف تجلياته لامتلاك القدرة على اختيار العمل المناسب للمكان المناسب، و في الزمن المناسب، و حتى يكون ذلك العمل مجديا للحزب و للجماهير الكادحة. و معرفة الواقع تقتضي المواكبة المستمرة لمختلف المستجدات التي تستدعي الإحاطة بها، و إدراك شروط إنتاجها، و معرفة سبل التحكم فيها.
إن النظرية الثورية أو البرنامج لا تكفى وحدها بأى حال لتحويل الحزب الى منظمة ثورية بل لابد لثوريته هذه أن تجد لها شرعية نضالية جماهيرية شعبية يتفاعل معها الحزب و يؤثر فيها. و إلا فإن الحزب الثوري سيبقى مفصولا عن الجماهير التي من واجبه كذلك أن يعلمها في إطار تلك العلاقة الجدلية بين الحزب الثوري و الجماهير الشعبية الكادحة. و فصل الحزب عن الجماهير معناه الحكم عليه بالانحسار داخل قوالب تنظيمية و أيديولوجية و سياسية جاهزة مما يؤدي بالضرورة إلى أن يصبح هذا الحزب في ذمة التاريخ أو يحاول البقاء اعتمادا على تحالفات تدخله في مساومات، و تقديم تنازلات ضد مصلحة الجماهير كما يحصل لبعض الأحزاب التي تدعي الماركسية اللينينية و تمارس عكس ما تدعيه.
على الجانب الآخر فإن الحركة الجماهيرية بدون قيادة حزبية ثورية واعية تصبح حركة عفوية بلا أهداف محددة وكأنما تدور فى حلقة مفرغة مما يرهق هذه الجماهير ويدفعها الى التخلى عن نضال لا يحقق تقدما، لذلك فإن الحزب الثورى يعتبر معبرا إلى امتلاك الجماهير الشعبية الكادحة وعيها الطبقي الذي هو وعي جماعي يشد الجماهير إلى بعضها، فتحقق في الساحة وحدتها النضالية والأيديولوجية و السياسية و التنظيمية التي تؤهلها للارتباط بحزبها الثوري الذي سيكون بالضرورة هو القائد الفعلي لنضالات الجماهير الشعبية الكادحة.
وفى النهاية تبقى عدة ملاحظات لابد منها:
1- لقد أدت ظروف العمل السرى الطويل للتنظيمات الشيوعية فى مصر الى خلق ظروف إستثنائية أدت الى غياب الديموقراطية الداخلية وتعددية الآراء بحجة الخطر البوليسى والخوف من الإختراق، وساهم ذلك الى حد كبير فى تعزيز النزعات البيروقراطية وتضخم الذوات الفردية والإنانية والإتهامات الجاهزة للخصوم الفكريين باليسارية أو اليمينية وإستسهال الإتهام بالبوليسية ضد المخالفين، على أن هذه التشوهات كانت عاملا مساعدا لقوى الأمن لزرع العملاء فى تلك الأحزاب.
2- لقد ساهمت مجمل هذه الأخطاء نتيجة لطول فترة العمل تحت الأرض الى حدوث ظاهرة التكتلات والإنشقاقات الناتجة عن غياب الديموقراطية وتضخم النزعات الفردية، وساعد على ذلك إنكشاف أعضاء التنظيم على بعضهم وخاصة من المستوى المركزى مما سهّل للعناصر المركزية التقاط العناصر الغاضبة أو المتضررة أو القلقة داخل التنظيم واحتضانها تحسبا لما يقبل من الأيام وأدى ذلك الى نشوء تكتلات غير مبدئية وسهولة الأنشقاقات داخل الحزب.
3- على الضفة الأخرى ساعدت هذه الأوضاع القيادة التقليدية على وضع عناصر الثقة فى التكوينات القيادية وتحول الحزب فى الكثير من الأحيان الى تنظيم يغلب عليه الجانب الشللى والعائلى وأدى الى الإرهاب الفكرى وقمع الفكر الآخروالمحاكمات الشكلية والفاقدة للموضوعية والإتهامات بالإنحراف الفكرى والعمالة، وتسببت هذه التكتلات والإنشقاقات فى بعثرة أوراق الحزب وإضاعة سنوات ثمينة من البناء الداخلى.
لقد أدى نجاح ثورة يناير فى الإطاحة برأس النظام وحلفائه التقليديين فى الجهاز الأمنى وتصفية جهاز أمن الدولة فى إنفتاح غير مسبوق للحريات وتكوين الأحزاب رغم كل القيود الشكلية، فالجميع الآن يتنفس نسائم الحرية وخرجت التنظيمات السياسية من كافة الإتجاهات من عزلتها الإجبارية الى الهواء الطلق لممارسة العمل العلنى، وكان لهذه النقلة النوعية غير المسبوقة آثار جانبية منها:
• ظهر واضحا أن سنوات الحصار الطويلة والدعاية المضادة المنظمة والإنقطاعات الطويلة للحركة الشيوعية أثرت بشكل سلبى فى قوة الحركة اليسارية وجماهيريتها، مما أدى الى ظهور تنظيمات ضعيفة حول بعض القيادات التاريخية وخاصة الطلابية منها، وحاولت هذه التنظيمات علاج ضعفها برفع أسقف عالية وتبنى أكثر المطالب الجماهيرية تطرفا وتسول تأييد الجماهير.
• ثبت بما لا يدعو مجالا للشك أن الطبقة العاملة وفقراء الفلاحين هم الأرض الخصيبة لأى نشاط ثورى، وعدم الإنفصال بين النضال الإقتصادى والنضال السياسى، فكثير من المطالب الفئوية إذا تم عزلها عن النضال السياسى تتحول الى نوع من التسول يمكن حله ببعض الهبات.
• رغم الحقيقة التى يكررها الثوريون أن قوة الحزب ليست فى عدد أعضائه بل فى قوة تأثيره، ولكن قوة أى حزب يمثلها حجم عضويته والذى يعبر عن قدرته على ضم أفضل عناصر المجتمع، ويكفى للدلالة أن أى من تلك الأحزاب لم تتمكن من جمع عدد التوكيلات اللازمة لإشهارها.
• علي الحزب الثورى أن يتجدد بدماء شبابية جديدة، فقد أثبت الشباب أنهم أكثر قوى المجتمع حيوية ووعيا، وأى تنظيم ثورى يمكن قياس فاعليته بقدرته على إستيعاب هذه الطاقة الشبابية المتدفقة بأعداد كبيرة وشغلها لمعظم المراكز العليا.
• النقطة الأخيرة هى قدرة الحزب على تحليل الواقع وقراءته بشكل دقيق وإستطلاع كافة الإمكانيات المفتوحة على المستقبل والإستعداد لها وتهيئة أعضائه للتفاعل الإيجابى معها بما فى ذلك الإنتفاضة الجماهيرية المسلحة.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان والعنف...مؤامرة 1965
- هذه الثورة ..طبيعتها وآفاقها
- الحسن والحسين... ذكر نصف الحقيقة
- واحد من الشهداء
- الإخوان والعنف .... حادث المنشية 1954 نموذجا
- حزب الإخوان...مخرج أم مأزق؟
- حقيقة الجهاد الأفغانى....تصحيح المفاهيم
- حادثة السقيفة...والصراع على السلطة
- المصالحة بين فتح وحماس.. ليست الأولى ولن تكون الأخيرة
- مصر ومشاكلها الزراعية ‎( فى ذكرى شهيد الفلاحين المصريين صلاح ...
- السلفيون والثورة
- الثورة...والثورة المضادة
- الثورة فى سلطنة عمان
- فتحى الشقاقى....ودور نظام القذافى فى إغتياله
- عاصفة على البلدان العربية
- اليسار والثورة
- الإخوان والثورة
- ثورة مصر2011.....قراءة سريعة
- إنفصال جنوب السودان...وكل هذا الضجيج
- ذكرى إنتفاضة الخبز..18 -19 يناير 1977


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - عن الثورة والحزب