أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - إنفصال جنوب السودان...وكل هذا الضجيج















المزيد.....

إنفصال جنوب السودان...وكل هذا الضجيج


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 3248 - 2011 / 1 / 16 - 11:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أفهم أن يصاب الإسلامين والقوميين بالصدمة والحزن العميق لإنفصال جنوب السودان عن شماله ولكل سببه، فالإسلاميين يحسبون أن ما يحدث فى الجنوب مؤامرة صليبية ضد الإسلام وذلك لأن إنفصال الجنوب سيؤدى الى تقليص نفوذهم وتوسع حركة التبشير المسيحى هناك، وبالنسبة للقوميين فإنهم لايهمهم النظرة الموضوعية للمشكلة ولا يرون الدنيا الا من ثقب الوحدة العربية بدعاوى ديماجوجية تم تجاوزها،على أن النظرة الموضوعية تضطرنا أن نقرأ المشكلة ونبحث فى جذورها قبل أن نحكم عليها.
وفى حدود ما يسمح به المقال فإنه علينا أن نتفق بداية أن مواطنى جنوب السودان يشكلون قومية لها خصائصها العرقية واللغوية والدينية المختلفة عن شماله، وهذا اما تقره الماركسية حول حق القوميات فى تقرير مصيرها إما بالاتحاد الطوعى أو الإنفصال، بعيدا عن المصالح الآنية لكافة الأطراف.
إن جذور مشكلة الجنوب تمتد بعيدا الى مرحلة الإحتلال الإنجليزى والذى عمد الى الفصل الجزئى لجنوب السودان عن شماله طوال فترة إحتلاله للسودان حيث تم عزل الجنوب وحكمه بشكل مباشر وجعل دخول الشماليين اليه غير مسموح الا بتصريح من قوات الإحتلال، ومنع تدريس اللغة العربية والسماح للجمعيات التبشيرية بالعمل فيه بشكل واسع، والإبقاء على الوضع العرقى الإفريقى فى الجنوب فى مواجهة التغلغل العربى.
وبعد إستقلال السودان وانفصاله عن مصر فى العام 1954 تم دمج الجنوب فى الدولة الأم ولكن سرعان ما بدأت الثورة الشعبية المطالبة بالإنفصال فيما عرف تاريخيا بحركة أنانيا 1، وحمل الجنوبيين السلاح إبتداءا من عام 1955 وحتى عام 1972 حتى تم توقيع إتفاق سلام بينهم مع جعفر النميرى فى أديس أبابا برعاية الامبراطور هيلاسيلاسى على أساس حكم ذاتى للجنوب يحتفظون فيه بمقومات حياتهم واستقلال نسبى لهم، ثم استأنفت الحرب مرة أخرى فى عام 1983 بعد أن نقض نميرى هذه الإتفاقية وإعلانه تطبيق الشريعة الإسلامية على كامل السودان وإحتمالات وجود النفط وقاد الثورة الجيش الشعبى لتحرير السودان برئاسة العقيد السابق فى الجيش السودانى جوزيف قرنق، أى أن مدة الحرب طوال عهد الإستقلال والى توقيع اتفاقية السلام بنيفاشا عام 2005 تمتد لما يقرب من 40 عاما خصما من 50 سنة هى عمر الإستقلال، وتم دفع تكاليف باهظة لهذه الحرب بلغت حوالى مليوني قتيل بالإضافة لحوالى 4 مليون نازح عدا الجرحى والمصابين والإعاقات، ناهيك عن الخسائر الإقتصادية الفادحة والتخلف العام للمجتمع.
ولا ينكر أحد فى داخل السودان أو خارجه حجم التمييز العرقى والعنصرى ضد الجنوبيين وإنتهاكات حقوق الإنسان خاصة من العسكريين العاملين فى الجنوب وتحديدا اثناء الحرب، وإعتبار القبائل الجنوبية أقل شأنا من القبائل العربية فى الشمال وما يحدث فى اقليم دارفور من التمييز بين الجانجاويد والفور شاهد على هذا التمييز.
لايمكن إنكار وجود أياد للغرب وخاصة الولايات المتحدة فى الدفع بإتجاه فصل الجنوب وذلك لتحقيق اجندات خاصة بهم وربما يكون من بينها الرغبة فى الحد من توسع الإسلام الأصولى فى القارة الإفريقية والذى يسبب مصدر قلق شديد بالنسبة لهم فى أماكن مختلفة من القارة السوداء كالصومال، كما ان اليمين المسيحى النيوليبرالى الأمريكى يرغب فى نشر المسيحية فى افريقيا ويدرك ان التحدى القائم هو قرب الدين الإسلامى للطبيعة القبلية البدائية للسكان مما يسهل إنتشاره، وفى هذا السياق تأتى تهديدات البشير( الموجهه للغرب) بتطبيق الشريعة كاملة فى الشمال وتغييرالفقرة التى تنص على أن (الإسلام والمسيحية والعرف هى المصادر الأساسية للتشريع) التى تم إضافتها للدستور القائم كجزء من اتفاق نيفاشا.
لقد اعترفت معظم الأحزاب السودانية بالحركة الشعبية فى الجنوب منذ وقت طويل ووافقت على مطالبها فى حق تقرير المصير، إبتداءا من الحزب الوطنى الديموقراطى" المرغنى" وحزب الأمة "صادق المهدى" والحزب الشيوعى ، ليس هذا فقط بل اشتركزا معها فى تكوين جبهة حزبية تسعى للإزاحة بنظام جبهة الإنقاذ، وحتى حركة الإخوان المسلمين "الترابى" والتى رفعت رايات الجهاد أثناء تزعمها لجبهة الإنقاذ عقدت أيضا إتفاقا مع جبهة الجنوب بعد انفصال الإخوان عن الحزب الحاكم مما دفع البشير الى اعتقال الترابى فى وقتها.
قد يفكر البعض فى أن الموافقة على حق تقرير المصير لجنوب السودان قد يستتبعه مزيد من التفتيت والتجزأة للبلدان العربية ومنها مثلا امكانية مطالبة الأقباط بدولة لهم فى صعيد مصر، وهذا تفكير غير قابل للتطبيق للفرق بين الرابط المشترك بين شعب يكون قومية لها مقوماتها وبين تجمع بشرى ينتمى لنفس القومية وان كان مختلفا فى الدين.
كما ان هذا ليس مجال الحديث الرومانسى عن أن السماح بإنفصال الجنوب يعد مشكلة لمصر فبعد السماح للسودان بالإنفصال فى 1954 هاهو يتم تجزئته مرة أخرى، ولكن أدعو من يقول ذلك الى مراجعة التاريخ حيث أن ما يسمى بالحكم المشترك بين مصر وبريطانيا للسودان كان فى حقيقته إحتلالا انجليزيا للبلدين، وكان شعار القوى الوطنية فى مصر والسودان فى أربعينيات القرن الماضى هو "النضال المشترك ضد العدو المشترك" وليس المطالبة بالوحدة تحت التاج الملكى.
خلاصة القول أنه إذا كانت القوى السياسية فى السودان متفهمة لحق الجنوبيين فى تقرير مصيرهم وإدراك هذه القوى أن الوحدة لايمكن ان تتم بشكل قسرى، وأن البديل لذلك إستمرار الحرب لأجيال أخرى ودفع تكلفة لا يقدر السودان على تحملها، ومع إقرارنا برفض التيار القومى والإسلامى خارج السودان لهذا التوجه، الا أن المثير للدهشة هو أن يردد ذلك التيار الماركسى والعلمانى.
إن حساب الخسائر التى يمكن أن تحدث لمصر بعد اتمام الإنفصال يمكن مناقشتها بموضوعية ومنها الخطر على حصة مصر من ماء النيل وعلاقة هذا الكيان مع العدو الإسرائيلى، ولكن السؤال هو كيف نتعامل مع هذه الأوضاع الجديدة بحكمة ونقيم جسور لقاء جيدة مع الحكومة الناشئة والتى سوف تحتاج الى خبرة مصر ومساعداتها لمدة طويلة وكيف نساعد فى تجنب عودة الحرب مرة أخرى خاصة انه توجد كثير من المشاكل بين الشمال والجنوب ومحاولة إقناع الشماليين بحق الجنوب فى ولاية أبيه المنصوص عليها فى إتفاق نيفاشا وعدم المساواة بين قبائل الدينكا الجنوبية أصحاب الأرض وبين قبائل المسيرية الرحل الذين يحتاجون الى رعى مواشيهم فى أبييه جزء من السنة.
علينا ان نحكم عقولنا لا عواطفنا فقط فى النظر لمثل هذه القضايا ولا نتخلى عن ثوابتنا وراء تيارات شعبوية وقومجية تعمل على إثارة هذه العواطف وكفانا ما أحاق بنا من النظر الى القضية الفلسطينية بطريقة عاطفية بعيدا عن تحكيم العقل، والسلام عليكم.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى إنتفاضة الخبز..18 -19 يناير 1977
- إلى أصحاب نظرية المؤامرة...الموساد هو الحل
- حزب التجمع .. والقرار الصعب
- هل هى أزمة ثورية؟ أو مجرد أزمة إجتماعية؟
- سبعة عشر عاما على رحيل - تيمور الملوانى-
- الإنتفاضة .. هل تكون بديلا للثورة؟
- رسالة مفتوحة إلى الدكتور/ محمد البرادعى
- حركات الشباب الاحتجاجية فى مصر
- الاستغلال ..بين المفهوم الديني والنظرية الماركسية
- الوهابية المصرية...والنكوص للخلف
- الحياة الدستورية المصرية ... دستور 1923 نموذجا
- صفحة ناصعة من تاريخ مصر
- هل ثمة تشابه بين البرادعى وسعد زغلول؟
- المخبر ... صناعة مصرية
- الزواج الثانى للأقباط... الفتنة النائمة
- على هامش الصراع بين المحامين والقضاة
- موت مدرّس
- تطور الحركة النيابية والحزبية فى مصر من عصرمحمد على الى ثورة ...
- العمالة الآسيوية فى الخليج ..مشكلة متفاقمة
- فى ذكرى صلاح حسين..شهيد الفلاحين


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - إنفصال جنوب السودان...وكل هذا الضجيج