أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رياض حسن محرم - المخبر ... صناعة مصرية














المزيد.....

المخبر ... صناعة مصرية


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 3046 - 2010 / 6 / 27 - 21:50
المحور: المجتمع المدني
    


لا أعرف لهذه الوظيفة مرادفا فى البلاد العربية الأخرى، ولكن "المخبر" فى مصر هو ماركة مسجلة، معروف ببدانته وكرشه البارز، وشاربه الكث، وشفاهه الغليظة الشبقة، والباطو الكالح اللون على كتفيه، والعصا الغليظة فى يده دائما، قد تكون هذه الصورة النمطية قد تغيرت، وقد يكون هناك مخبرون الآن يلبسون التيشيرت والجينز، لكن تبقى صورة المخبر مطبوعة فى أذهاننا بهذا الشكل التقليدى.
لقد أبدع الفنان الكبير" داوود عبد السيد" فى فيلمه "مواطن ومخبر وحرامى" فى رسم شخصية هذا المخبر من خلال الفنان "صلاح عبدالله" الذى جسّد دور المخبر بإقتدار من ناحية الشكل والإسلوب.
أما من ناحية المضمون فشخصية المخبر تتميز بفقدان العواطف، فلا مجال للإنسانيات فى حياته، فهو على إستعداد أن يبّلغ عن أقرب المقربين اليه صدقا أو زورا بمنتهى الحقارة من أجل إرضاء رؤسائه ، هذه الشخصية النادرة التى تلتصق بمن باعوا أنفسهم للشياطين، نفس الشخصية التى جسدها الفنان الراحل "أحمد زكى" فى فيلم "معالى الوزير" وكيف أنه كان يكتب تقارير أمنية ضد زوجته، حيث كنا نسمى هذه النوعية من البشر أثناء الدراسة فى الجامعة بالمباحث، وهو نوع من الناس يتقمصون شخصية المخبر ولكن بشكل غير رسمى حيث يحاولون الظهور بمظهر الثورة والغضب على النظام من أجل النفاذ داخل الجسم الطلابى وكتابة التقارير للأجهزة، هذه النوعية الخسيسة من البشر العديمى الضمير والأخلاق ويشملهم الجواسيس يبقون دائما أقلية بل فرادى، ما عدا المخبرون والذين يقومون بأقذر المهام من مراقبة وتلصص وقبض وتعذيب ليسوا أقلية هامشية فى نظام حكم يهتم بأمنه قبل وبعد أى شيئ، إذ تقدر أعدادهم حسب بعض الإحصائيات بنصف مليون مخبر .
فى الأحياء الشعبية حيث يعيش المخبرين ويتناسلون ويتكاثرون لهم أدوار مختلفة، فهم دائما مدعاة للقللق والخوف من بسطاء الناس، والأذى والشر للباعة وأصحاب الدكاكين فهم بقوة ما يملكونه من ضرر يمثلون إبتزازا دائما للآخرين، ويحصلون على طعامهم وشرابهم ونفقتهم بأبخس الأثمان إن لم يكن سحتا.
قد يخشى الناس وخاصة البسطاء فى حياتهم رجال السلطة عامة، ولكنهم قد لايخافون من المخبرين بنفس الدرجة ولكنهم دائما يخشون غدرهم، ويمتد الخوف منهم الى الخوف من الآخر عادة، لأن المخبر لا يعلن عن نفسه صراحة مثل كثير من ممثلى الجهاز الأمنى، فيمتد هذا الخوف الى كل الآخرين والإنغلاق على النفس، وينشأ ما يعرف بالأغلبية الصامتة التى تخشى التعبير عن رأيها من جهة ولا تؤمن بأن صوتها له قيمة ولن يتم تزويره من جهة أخرى.
تحضرنى هنا قصيدة للشاعر المبدع "أحمد مطر" بعنوان "المخبر" يقول فيها:
عندي كلام رائع لا أستطيع قوله
أخاف أن يزداد طيني بلة
لأن أبجديتي
في رأي حامي عزتي
لا تحتوي غير حروف العلة
فحيث سرت مخبر يلقي علي ظله
يلصق بي كالنملة
يبحث في حقيبتي
يسبح في محبرتي
يطلع لي في الحلم كل ليلة
حتى إذا قبلت يوما طفلتي
أشعر أن الدولة
قد وضعت لي مخبرا في القبلة
يقيس حجم قبلتي
يطبع بصمة لها عن شفتي
يرصد وعي الغفلة
حتى إذا ماقلت يوما جملة
يعلن عن إدانتي، ويطرح الأدلة
لا تسخرو مني ، فحتى القبلة
.تعد في أوطاننا حادثة تمس أمن الدولة
تصوير دقيق للدولة البوليسية، حيث يخشى الجميع من الجميع، ويحسب أى شخص أن خلف الآخر مخبرا، وتنشأ ظواهر سلبية مثل النفاق والتقية، وهو إظهار عكس ما تبطن، وغيرها من السلوكيات التى تؤدى الى تشوه المجتمع.
إن الحل لتفكيك النظام البوليسى لا يمكن وجوده خارج النمط الديموقراطي، حيث تتسع دائرة الدولة المدنية فى مواجهة الدولة الأمنية، وحيث يمكن محاصرة التزوير والفساد والطوارئ والمعتقلات والتعذيب والمحاكم الإستثنائية وإقامة مجتمع حر لمواطن حر، يمكن محاكمته عند الحاجة أمام قاضيه الطبيعى.
ولكن تبقى صورة المخبر بشكله التقليدى صناعة مصرية صرفة.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزواج الثانى للأقباط... الفتنة النائمة
- على هامش الصراع بين المحامين والقضاة
- موت مدرّس
- تطور الحركة النيابية والحزبية فى مصر من عصرمحمد على الى ثورة ...
- العمالة الآسيوية فى الخليج ..مشكلة متفاقمة
- فى ذكرى صلاح حسين..شهيد الفلاحين
- اليسار المصرى....وسؤال الأزمة
- خزانة الألم..والتحيز للعدوان
- المرأة والقضاء....والمجلس
- ظاهرة البرادعى...دعوة للتأمل
- أفاتار...والإبهار التكنولوجى
- لا تكلمنى شكرا
- -رسائل بحر- غامضة
- الصول عبد الجواد
- الحكومة ترقص على إيقاع شباب الفيس بوك
- هل وصل الأمر الى -أيام- طه حسين؟
- زكى مراد...فارس ليس من هذا الزمان
- شخصيات من السجن(2)
- فلسطينيون فى مصر (3)
- دموع أم


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رياض حسن محرم - المخبر ... صناعة مصرية