أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - الثورة...والثورة المضادة















المزيد.....

الثورة...والثورة المضادة


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 3328 - 2011 / 4 / 6 - 13:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"الأفكار في أيدي الملايين تتحوّل إلى قوّة ماديّة" ( كارل ماركس)
"أنذرهم بأغلال وسعير، بقنابل تفجّر ويوم عسير. يوم لا ينهون ولا يأمرون، ولا يُطلقون فيهربون. ويلٌ يومئذٍ للظالمين"
(أمين الريحاني)
كما تقول الأساطير القديمة فإن لكل انسان قرين من العالم السفلى، كذلك لكل ثورة يقوم بها الشعب ثورة مضادة من عالم الأحياء، فالثورة كما تعلمنا هى حركة جماهيرية واسعة تعمل على تغيير نظام الحكم وازالة سيطرة طبقة واحلال طبقة او تحالف طبقى محلها، وتتشبث الطبقة المنهارة بمواقعها بقوة وبكل الطرق المباشرة والإلتفافية لإنقاذ وضعها وترميم النظام السابق او استعادته وتشويه الثورة وذلك ما يسمى بالثورة المضادة، وإذا كان هذا التعريف العام للثورة يختلف عما يعنيه الماركسيين عن الازمة الثورية ودور الحزب الثورى الطليعى فى قيادة الجماهير لتمكين الطبقة العاملة وحلفائها من الإطاحة بالطبقات الرجعية واحلال البروليتاريا على قمة السلطة.
وبالنسبة لثورة 25 يناير فقد تجاوزت فى حركتها واساليبها النضالية كل ماكان يحلم به اكثر الحالمين فى مصر بعد الكثير من الوقفات الإحتجاجية التى كان يتم الحشد لها من عدة تيارات ولا تتجاوز العشرات او المئات على اكثر تقدير وتحاصرها اعداد اكثر من قوى الأمن، أذكر قبل هذه الثورة بأسابيع قليلة اننا حاولنا القيام بوقفة صامتة على كورنيش الأسكندرية ووجوهنا للبحر وجاء مخبروا الداخلية وضباطها للتحرش بنا وضرب البعض واعتقال آخرين، الى هذا الحد كان الإحساس بالضعف واختلال الموازين، وحتى الدعوة للتظاهر يوم 25 يناير كان الكثيرين متشككون فى امكانية تجميع بضعة آلاف لكن لم يتوقع أكثر المتفائلين خروج الملايين الى الشوارع بكل هذا الإصرار والإستعداد للتضحية، وأن تنتصر الثورة على الجلاد فى 18 يوما فقط، وبحجم قوة وشمول الثورة تأتى الثورة المضادة لمحاولة قطع الطريق على حركة الجماهير ومحاولة افشالها.
مهما كانت المحاولات التى بذلت لضبط ايقاع الثورة واسلوب حركتها فقد ظلت الثورة فى الحقيقة حركة جماهيرية عفوية، وكانت الجموع هى التى تحرك النخبة وليس العكس، ورغم بروز عدد من القيادات الشبابية فى الميدان لكن لم يكن فيهم قائدا واحدا بارزا بشكل ملفت، من هذه الزاوية تتشابه الثورتان فى مصر وتونس، ففى تونس لم يجدوا من يسمونه قائدا حقيقيا لثورتهم الا محمد البوعزيزى وهو شاب اقل من عادى احرق نفسه احتجاجا على اوضاعه المعيشية والتعامل الخشن للأمن معه وهذا ما يتكرر حدوثه بشكل مستمر، كما كان دور القوى السياسية المنظمة التى التحقت بالثورة على مراحل هامشيا، فمن الصعب ان يدعى احد تمثيله للثورة ناهيك عن قيادتها.
حتى الطبقة العاملة كان دورها محدودا وملتبسا، فالجسم الاكبر للثورة كان من الشباب ( جامعيين - خريجين - عاطلين - موظفين...الخ)، وذلك برغم الاحتجاجات العمالية الفئوية الكثيرة قبل الثورة، بل ان اتحاد العمال ووزارة القوى العاملة حشدت بعض العمال لتأييد الرئيس المخلوع فى ميدان مصطفى محمود، وفى الجانب المقابل لم يرفع المعتصمون شعارات طبقية واضحة اللهم اذا اعتبرنا المناداه بالعدالة الاجتماعية شعارا اشتراكيا، كما خلت الشعارات واللافتات والهتافات من تعبير واضح عن ما يرفعه ويقوله الاسلاميين والقوميين قبل الثورة، فلم يكن هناك احد يريد ان يتميز عن الآخرين خوفا من العزلة ولغلبة التيار العام اللامنتمى بين الحشود فلم نرى شعارات او اعلام اسلامية كالإسلام هو الحل ولم ترفع شعارات ضد اسرائيل او امريكا ولم تحرق اعلامهم طوال ال18 يوما ولم ترفع فى الميدان صورعبد الناصر او جيفارا ورفعت فقط أعلام مصر.
لقد أفرز التوسع فى القبول فى الكلية الحربية بعد توقيع معاهدة 1936 عن انضمام عدد لا بأس به من ذوى الأصول المتوسطة وتم تخريج ضباط ينتمون الى عموم الشعب وهم من كونوا فيما بعد الضباط الأحرار، وأفرز التوسع فى التعليم فى نظام يوليو الى خلق شريحة واسعة من الفنيين والتكنوقراط ساهموا فى تولى مناصب حساسة وعليا فى جهاز الدولة، كما قاد تطبيق الإنفتاح الإقتصادى بدون ضوابط ( سداح مداح ) فى عهد السادات الى خلق شريحة من الفاسدين الذين نهبوا ثروات الشعب المصرى وهى التى ساهمت وتساهم بشكل فعال فى الثورة المضادة حفاظا على مكاسبها وعلى استمرار هذا المناخ.
لاشك ان الشعب حين فجّر ثورته كان شعاره الأساسى " الشعب يريد إسقاط النظام" وكما نعلم فإن القيادة العليا للقوات المسلحة والتى كان يرأسها مبارك هى جزء رئيسى من هذا النظام، وقد لعب موقف الجيش الظاهرى من وقوفه على الحياد وعدم انضباطه الى جانب رئيسه الى حسم الموقف والإسراع برحيل مبارك وإن كانت بعض الأسلحة قد وقفت الى جانب مبارك للحظة الأخيرة وعلى رأسها الحرس الجمهورى والمخابرات الحربية و الشرطة العسكرية وقد لعبت الأخيرة وما تزال دورا مشبوها ومحسوبا للثورة المضادة.
إن تكتيكات الثورة المضادة تتكرر عبر التاريخ من محاولة إحداث فلتان أمنى واسع وإخراج البلطجية والمأجورين الى الشارع لترويع الجماهير والمطالبة بعودة النظام، حدث هذا فى ايران عام 1953 بعد الثورة التى اتت بمحمد مصدق الى الحكم، وعرفت هذه المؤامرة آنذاك بعملية "أجاكس" وتمت بتنسيق من المخابرات المركزية الأمريكية بقيادة كيرميت روزفلت حين أوعز ومّول خروج مظاهرات معادية للثورة وسهل سيطرة كبير زعران طهران "شعبان جعفرى" على الشارع فى حين قامت مدفعية الجنرال "فضل الله زاهدى" بإنهاء الثورة وعودة الشاه الى الحكم، وهذا ما حدث ايضا فى مصر فى تاريخ مقارب حين قام البكباشى جمال عبدالناصر بالتآمرمع الطحاوى سكرتير هيئة التحرير والصاوى رئيس اتحاد عمال النقل العام تهتف ضد الديموقراطية ومحمد نجيب وتعتدى على الشيخ الجليل المستشارعبدالرازق السنهورى رئيس مجلس الدولة آنذاك، وتكرر هذا فى ميدان التحرير فى موقعة الجمل ومحاولات بلطجية النظام فض الإعتصام.
تستوقفنى هنا بعض مظاهر الثورة المضادة والمحاولات المستميتة لوقف تيار الثورة العارم فى بعض صورها:
1- الإنفلات الأمنى الواسع وسحب قوات الشرطة من الشارع بما فيها القطاعات الخدمية من مرور وحراسات بشكل مريب ومفاجئ، وفتح السجون واخراج البلطجية وأرباب السوابق وإطلاقهم فى الشوارع لترويع الأهالى .
2- عملية الإحراق المتزامن والمتشابه لأقسام الشرطة بطريق منظمة وذات نوعية عالية وإمكانيات كبيرة وحرق اجهزة أمن الدولة ووزارة الداخلية ، وهو ما أحدثه مجموعات منظمة بشكل ثأرى ويختلف مع الروح السلمية للمظاهرات والمتظاهرين.
3- الدور المشبوه لقوى اسلامية وقفت ضد الثورة على مدى مسيرتها وقفزت الى مقدمة الصورة بعد نجاح الجزء الأول للثورة ومحاولة السلفيين خطف الثورة وتخطى القانون وفرض تطبيق الشريعة بالقوة وتنفيذ الحدود وحرق الأضرحة.
4- التباطؤ الذى يصل الى حد التواطؤ من قبل المجلس العسكرى والحكومة الإنتقالية فى محاربة الفساد ومحاكمة المفسدين مع التضحية ببعض رموز فساد النظام البائد.
5- إعادة إنتاج أجهزة القمع السابقة وعلى رأسها جهاز أمن الدولة السيئ السمعة بتغيير إسمه الى قطاع الأمن الوطنى مع بقاء رموزه وأساليبه.
6- الدور المشبوه للإعلام قبل وأثناء وبعد الثورة والتأخر فى إحداث التغييرات فيه الذى هو مطلب الجماهير وإخراج التغيير بطريقة مسرحية ومشوهه، وما زال هذا الإعلام يركز على فوضى الشارع والفلتان الأمنى فى محاولة سحب الكاميرا من ميدان التحرير وتخويف الجماهير من الفوضى التى تحدثها.
كثير من الأمثلة على أساليب الثورة المضادة لا يسمح المقال بذكرها ولكن علينا أن لا ننسى أن ما تم حتى الآن هى ثورة غير مكتملة أو نصف ثورة وأن قوى الثورة المضادة تتحرك بسرعة لإنقاذ النظام ( وليس حسنى مبارك بالضرورة ) والحل لا يأتى إلا بإستمرار قوى الثورة وديمومة حركتها من خلال جميع وسائل الضغط كالميدان والوقفات الإحتجاجية والفيسبوك والصحف والمظاهرات، وعلى المثقفين الثوريين العمل على نقل الوعى الثورى والتنظيم وفن الحركة الميدانية والتحالفات المؤقتة والإستراتيجية والتمييز بين التناقضات الأساسية والثانوية مع أعلى اليقظة لما يحاك للثورة من مؤامرات.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة فى سلطنة عمان
- فتحى الشقاقى....ودور نظام القذافى فى إغتياله
- عاصفة على البلدان العربية
- اليسار والثورة
- الإخوان والثورة
- ثورة مصر2011.....قراءة سريعة
- إنفصال جنوب السودان...وكل هذا الضجيج
- ذكرى إنتفاضة الخبز..18 -19 يناير 1977
- إلى أصحاب نظرية المؤامرة...الموساد هو الحل
- حزب التجمع .. والقرار الصعب
- هل هى أزمة ثورية؟ أو مجرد أزمة إجتماعية؟
- سبعة عشر عاما على رحيل - تيمور الملوانى-
- الإنتفاضة .. هل تكون بديلا للثورة؟
- رسالة مفتوحة إلى الدكتور/ محمد البرادعى
- حركات الشباب الاحتجاجية فى مصر
- الاستغلال ..بين المفهوم الديني والنظرية الماركسية
- الوهابية المصرية...والنكوص للخلف
- الحياة الدستورية المصرية ... دستور 1923 نموذجا
- صفحة ناصعة من تاريخ مصر
- هل ثمة تشابه بين البرادعى وسعد زغلول؟


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - الثورة...والثورة المضادة