أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - الإخوان والعنف...مؤامرة 1965















المزيد.....

الإخوان والعنف...مؤامرة 1965


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 3474 - 2011 / 9 / 1 - 08:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مما لاشك فيه أن جماعة الإخوان المسلمين مرّت خلال تاريخها الطويل بأكثر من محنة أثرت بشكل كبير على بنائها التنظيمى والفكرى، فمنذ أنشأ الشيخ حسن البنا التنظيم عام 1928 بمدينة الإسماعيلية فقد إمتد نشاطها لحوالى عقدين من السنين فى ظروف هادئة نسبيا، تخللتها بعض المشاكل والإنشقاقات إبتداءا من خروج الشيخ أحمد السكرى الرجل الثانى فى الجماعة ومرورا بإنشقاق مجموعة من الشباب فيما عرف بتنظيم "شباب محمد" مع بعض المناوشاوات مع حزب الأغلبية وميل واضح للتحالف مع القصر وأحزاب الأقلية.
ومع إنتهاء الحرب العالمية الثانية إنفتح أمام الإخوان بابا واسعا للتمدد والإنتتشار وذلك بسببين الأول هو الحرب بين العصابات الصهيونية والفلسطينيين من جهه وإلغاء معاهدة 1936 من جهة أخرى مما أتاح للجماعة بقيادة حسن البنا أن يندفع فى تجنيد المتطوعين وتكديس السلاح بشكل علنى وبمباركة النظام بدعوى تحرير فلسطين ومقاتلة الإنجليز على خط القناة وإستغلت الجماعة ذلك فى القيام بتفجيرات متعددة ضد مصالح اليهود المصرين وممتلكاتهم التجارية والتفجيرفى حارات اليهود، واكب ذلك إستقواء النظام الخاص للإخوان بقيادة عبدالرحمن السندى وتوريط الجماعة فى سلسلة من الإغتيالات السياسية لساسة وقضاة وآخرين.
أدت هذه الجرائم الى الصدام الأول والمدوى بين جماعة الإخوان والحكومة بعد سقوط السيارة الجيب فى أيدى البوليس السياسى وإنكشاف قائمة الإغتيالات المعدة من قبل التنظيم، وقد أدى ذلك الى قيام رئيس الوزراء "محمود فهمى النقراشى" بحل الجماعة فى 8 ديسمبر 1948 مما حدا بالنظام الخاص للقيام بإغتياله فى 28 ديسمبر 1948 ولتدخل الجماعة فى محنتها الأولى ويتم الزج بمئات من أعضائها فى السجون ومصادرة مقاراتها وأموالها ومطارة المنتسبين اليها لتنتهى المواجهة بماساة إغتيال حسن البنا نفسه فى 12 فبراير 1949.
تستمر محنة الجماعة الأولى لعدة شهور تجتاح مصر خلالها احداث جسام وتوترات سياسية منذرة على رأسها حريق القاهرة فى 26 يناير 1952 حتى قيام ثورة الضباط الأحرار فى 23 يوليو 1952.
أصدر الحاكم العسكري العام محمود فهمي النقراشي باشا قراراً عسكرياً من تسع مواد تنص مادته الأولى على: "حل الجمعية المعروفة باسم جماعة الإخوان المسلمين بشعبها أينما وجدت، وغلق الأمكنة المخصصة لنشاطها، وضبط جميع الأوراق والوثائق والسجلات والمطبوعات والمبالغ والأموال وكافة الأشياء المملوكة للجمعية، والحظر على أعضائها والمنتمين إليها بأية صفة كانت مواصلة نشاط الجمعية، وبوجه خاص عقد اجتماعات لها أو لإحدى شعبها أو تنظيم مثل هذه الاجتماعات أو الدعوة إليها أو جمع الإعانات، أو الاشتراكات أو الشروع في شيء من ذلك، ويعد من الاجتماعات المحظورة في تطبيق هذا الحكم اجتماع خمسة فأكثر من الأشخاص الذين كانوا أعضاء بالجمعية المذكورة، كما يحظر على كل شخص طبيعي أو معنوي السماح باستعمال أي مكان تابع له لعقد مثل هذه الاجتماعات، أو تقديم أي مساعدة أدبية أو مادية أخرى".
وبعد قيام الثورة عاشت الجماعة مع النظام الجديد شهر عسل قصير، تم خلالها إعادة التحقيق فى جريمة إغتيال حسن البنا، وتم الإفراج عن المسجونين منهم، وإشراك أعضاء منهم فى التشكيل الوزارى، وقام أعضاء مجلس قيادة الثورة بزيارة قبر حسن البنا واجتمع عبد الناصر مع المستشار حسن الهضيبى المرشد الجديد أكثر من مرة، واستثنى الإخوان من قرار حل الأحزاب وسمح لهم منفردين بالنشاط السياسى والدعوى مما هيأ لهم فرصة لتصفية حساباتهم مع خصمهم التاريخى حزب الوفد.
خلال هذه الفترة تم خلاف شديد داخل التنظيم بين المرشد من جهة والنظام الخاص بقيادة عبد الرحمن السندى مما أدى الى الإطاحة به من رأس التنظيم وتعيين حسن طلعت بديلا عنه مما فاقم هذا الصراع، وإشتد الخلاف بين أعضاء مكتب الإرشاد حول العلاقة بحركة الجيش وأسماء المرشحين لدخول الوزارة مما أدى الى فصل عدد من أعضاء المكتب على رأسهم الشيخ أحمد حسن الباقورى الذى قبل التعيين وزيرا للأوقاف ضد رغبة الجماعة، وتحول الخلاف الى الشكل العلنى وتم تبادل الإتهامات على صفحات الصحف والكتب ومن ذلك على سبيل المثال ما نشره الشيخ محمد الغزالى حول المرشد العام من قوله في كتابه الذي سماه "من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث" الطبعة الثانية 1963عن تولى المستشار حسن الهضيبى لمنصب المرشد العام للجماعة
"استقدمت الجماعة رجلاً غريبًا عنها ليتولى قيادتها وأكاد أوقن بأن من وراء هذا الاستقدام أصابع هيئات سرية عالمية أرادت تدويخ النشاط الإسلامي الوليد فتسللت من خلال الثغرات المفتوحة في كيان جماعة هذه حالها وصنعت ما صنعت."
وفى هذه الأثناء نشب صراع آخر بين عبد الناصر ومحمد نجيب على السلطة فيما عرف بأزمة مارس 1954والذى حاول فيه نجيب أن يلعب بورقة الديموقراطية وعودة الجيش الى ثكناته فى مواجهة معظم مجلس قيادة الثورة، ولعب الإخوان دورا حماسيا فى صف نجيب مما أدى الى إتساع الهوة بينهم وبين عبد الناصر وبلغ الصراع بينهما أوّجه فى محاولة الإغتيال الفاشلة لعبد الناصرفى ميدان المنشية بالأسكندرية فى 26 اكتوبر 1954 التى دبرها ونفذها الإخوان المسلمين لقتله وما تلى ذلك من توجيه ضربة حادة للتنظيم، ودخل الإخوان مرة أخرى بأيديهم فى محنتهم الثانية.
وقد كانت محنة الإخوان الثانية التى بدأت فى 1954 أشد قسوة وأعمق جرحا، فالتعذيب المنظم الذى لاقوه فى السجن الحربى على أيدى زبانية حمزة البسيونى كان عنيفا ومدمرا، ومحاكمات الدجوى العسكرية لهم كانت هزلية، والأحكام التى صدرت بحقهم كانت فى منتهى القسوة، فقد حكم بالإعدام على 7 من قياداتهم على رأسهم المرشد العام المستشار حسن الهضيبى بينما حكم على العشرات بالأشغال الشاقة المؤبدة، وتم تنفذ حكم الإعدام فى 6 من المتهمين بينما خفف الحكم على المرشد العام الى الأشغال الشاقة المؤبدة وبعد شهور تم الإفراج عنه وتحديد إقامته الجبرية فى منزله.
وقد مهّد التعذيب والعنف والإذلال الذى واجهه أعضاء الجماعة عام 1954 الى التطرف الفكرى الذى قاد تياره سيد قطب، فقد تساءل الإخوان تحت التعذيب "هل هؤلاء الذين يقومون بتعذيبنا من المسلمين؟"، وكانت اجابتهم بالطبع لا، من هنا بدأ التفكير فى فكرة التكفير التى بلورها سيد قطب فى كتاباته اللاحقة وجمعها فى كتابه الأشهر"معالم فى الطريق" والذى يعد بحق "إنجيل التطرف" وإستقى من هذا المصدر جميع الحركات السلفية الجهادية بعد ذلك إبتداءا من تنظيم التكفير والهجرة وحتى تنظيم القاعدة.
وعندما خفف عبد الناصر قبضته الحديدية على الإخوان المسلمين ما بين عامى 57- 1958 وتم الإفراج عن أعداد كثيرة من ذوى الأحكام الخفيفة، وتم التسهيل لللمحكومين أحكاما طويلة فى السجون وتجميع معظمهم معا والسماح لهم فى الإتصال فيما بينهم، وقد أدى ذلك الى نشوء مناظرات فكرية طويلة بين السجناء وبعضهم من جهه وبين من هم بالداخل والذين خارج السجون من جهه أخرى، وربما كان هدف عبدالناصر من ذلك إذكاء الصراع والخلافات بين التيارات المكونة للجماعة بقصد تخريبها من الداخل، وتواكب مع ذلك بدايات للتجمع للإخوان فى مجموعات صغيرة على أساس عائلى وعلاقات صداقة يقرؤون القرآن معا ويتدارسون فى الدين، ويجمعون التبرعات لرعاية أسر المسجونين.
فى تلك الفترة تقريبا بدأ التشكل المبدئى لما عرف بتنظيم 1965، ولعل السيدة زينب الغزالي, رائدة تنظيم الأخوات المسلمات, كانت من أكثر هذه الأدوات خطورة. فإلي جانب زينب الغزالي, فإن أخوات سيد قطب أمينة وحميدة, وزوجة الهضيبي وبناته خالدة وعلية وتحية, وزوجة صديق الهضيبي منير الدلة السيدة أمل العشماوي, كل هؤلاء عملن كرسل إلي الخارج. فهذه المجموعة من النسوة كانت تزور قطب وآخرين بصفة مستمرة. وفي الواقع, فإن تلك النسوة لم تشكل بمفردها الوسيلة الوحيدة لتواصل المعتقلين مع الخارج, وإن كن هن الأخطر في التواصل خارج السجن وداخله، وكان محور هذه المراسلات هى كتابات سيد قطب.
بدأ التنظيم الجديد والذى سمى فى أدبيات الجماعة "إحياء جماعة الإخوان المسلمين" حول مجموعة من الأفراد على رأسهم عبدالفتاح اسماعيل أنشط الأعضاء الذى كون مجموعة من الشباب حوله، وتكونت مجموعات أخرى حول كل من على عشماوى واحمد عبدالمجيد وصبرى عرفه ومجدى عشماوى، حيث كانوا يتدارسون رسائل سيد قطب التى يتم تهريبها من السجن عن طريق شقيقته، وهكذا فبمجرد ما ان تم الافراج عنه فى عام 1964 حتى قامت المجموعة القيادية بالاتصال به، و تم الطُلِب منه أن يكون المرشد الروحي للجماعة، واستطاع عن طريق الإتصالات الفورية لتنظيم 1965, أن يضع جدول الأعمال التربوي له. فكان علي قائمة هذا البرنامج كل أعمال سيد قطب وكذلك أبو الأعلي المودودي وبعض الإقتباسات من أعمال المفسرين الكبار أمثال ابن كثير وابن حنبل وابن تيمية. ويبدو أن كتاب سيد قطب الأشهر "معالم علي الطريق" كان هو الأساس لعملية التثقيف للتنظيم.
ولد سيد قطب فى عام 1906 وتخرج من كلية دار العلوم سنة 1933 وإشتغل مدرسا لفترة طويلة وانضم لفترة لحزب الوفد ثم حزب السعديين بعدها ابتعد عن الأحزاب نهائيا واشتغل بالعمل الصحفى فى مجال النقد الأدبى والفنى وألف كتاب "التصوير الفنى فى القرآن" عام 1945 وليقترب بعد ذلك من فكر جماعة الإخوان المسلمين بعد أن شايع جمال عبدالناصرفى بدايات الثورة وانضم لهيئة التحرير أول تنظيم سياسى للثورة، ولكنه انضم للإخوان عام 1953 وترأس تحرير جريدة الإخوان المسلمون، وقدم للمحاكمة فى نهاية عام 1954 وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما قضى معظمها فى مستشفى سجن طرة حتى افرج عنه عام 1964بعفو صحى وقيل أن ذلك تم بوساطه من الرئيس العراقى عبدالسلام عارف .
إستطاع قطب خلال وجوده الطويل بمستشفى السجن وإتاحة الكتب والمراجع له أن يبلور أفكاره وكتب خلال ذلك كتابه الشهير"فى ظلال القرآن الكريم" وتضمن خلاله كتيب "معالم فى الطريق" الذى أصّل فيه لمسألة تكفير المجتمع والحكام، وكذلك مراجعة كتاب "العدالة الإجتماعية في الإسلام", وكتابة كثير من المخطوطات المتنوعة، . فكان فكره بمثابة الأرضية التي تجمع عليها الإخوان خارج بيئة المعتقل وكانت ضرورية بالنسبة للبعث الجديد لجماعة الإخوان المسلمين وهذا ما يفسر عدم الدهشة من موقف الهضيبي والدائرة الرسمية وعدم الإعتراض علي افكار سيد قطب, وذلك بسبب أن أفكار الرجل استغلها الإخوان في البعث الجديد للحركة خصوصا لأن الإخوان كانوا يعانون طوال تاريخهم من فقر فكرى شديد عدا بعض رسائل إسترشادية ذات طابع أخلاقى كتبها حسن البنا وهذه الرسائل مليئة بالتناقضات وجلّها تلاعب لفظى وسجع وجناس وتحتوى على الكثير من الغموض، وحتى عبدالقادر عودة الذين إعتبروه منظر الحركة لم يترك شيئا يذكر، أما الهضيبى فليس له الا بعض خطابات لا تضيف شيئا فكريا ذا قيمة..
لذلك فقد كان إنتاج سيد قطب هو التجديد الحقيقى لفكر الجماعة، حيث نهل من نبع صافى لأبو الأعلى المودودى وابو الحسن الندوى الذين تأثرا بواقع سيطرة الحكم الهندوسى ومحاولة إحياء الروح الإسلامية الذى أنتج فى النهاية قيام الدولة الباكستانية، وقد وجه قطب هذه الأفكار التي كان لها وجود سابق فى أفكار الجماعة بشكل عام, إلا أنه أضاف إليها تفسيراته بتدرج، وينهض الفكر التكفيري لسيد قطب علي عدة ركائز خطيرة من أبرزها «أن جميع المجتمعات الحالية مجتمعات جاهلية لأنها رفضت منهج الله واتبعت منهجاً غيره من مناهج البشر، ويقول إن الجاهلية الحديثة أشد عتوا وضلالاً من جاهلية مكة لأنها تقوم علي أسس علمية خادعة تستطيع أن تبرر ضلالها ويقول أيضا إن العالم اليوم في جاهليته كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم.. إن كل ما حولنا جاهلية.. تصورات الناس وعقائدهم.. عاداتهم وتقاليدهم.. موارد ثقافتهم.. فنونهم وآدابهم.. شرائعهم وقوانينهم.. حتي الكثير مما يحسبه الناس ثقافة إسلامية وفلسفة إسلامية وتفكيراً إسلامياً، هو كذلك من صنع هذه الجاهلية. «إن الجاهلية ليست فترة تاريخية سبقت بعثة محمد صلي الله عليه وسلم، ولكنها حالة تتكرر كلما بعد الناس عن منهج الله واتبعوا الطواغيت، فحكام العالم بوصفهم الراهن كفار.. والعالم أجمع في وضعه الراهن ليس إلا دار حرب بالنسبة للمسلم لأن دار السلام هي التي تنفذ شريعة الإسلام.
أقامت جماعة الإخوان المسلمين منهاجها العقائدي عام 1965 علي هذه الأفكار التكفيرية، والتي اتخذت بالفعل طريقها إلي التنفيذ بانشاء التنظيم السري الجديد للإخوان المسلمين الذي تزعمه سيد قطب وضم في مجلس قيادته كلا من عبدالفتاح إسماعيل وعلي عشماوي وأحمد عبدالمجيد وصبري عرفة ومجدي عبدالعزيز حيث نيط كل عضو من هؤلاء بمسئوليات نوعية وإقليمية.. فكان سيد قطب رئيساً للتنظيم، ومحمد يوسف هواش نائباً للرئيس، وعلي عبده عشماوي مسئولاً عن تنظيمات القاهرة وعن التدريب والسلاح، وعبدالفتاح عبده إسماعيل مسئولاً عن الناحية الدينية والمالية والاتصالات الخارجية وعن تنظيمات المنطقة الشرقية، وأحمد عبدالمجيد عبدالسميع مسئولاً عن الأمن والمعلومات وعن تنظيمات الصعيد، وصبري عرفة إبراهيم الكومي مسئولاً عن الدقهلية والغربية ودمياط، ومجدي عبدالعزيز متولي مسئولاً عن الناحية العسكرية ومندوب الاتصال بين الإسكندرية والبحيرة وبعد تشكيل هذا المجلس نشط التنظيم في تجميع أكبر عدد من الشباب وتلقينهم أفكار سيد قطب وتدريبهم علي استخدام الأسلحة النارية والقنابل والمتفجرات وممارسة الرياضيات العنيفة، وعلي المهام المعينة السرية كتجميع المعلومات عن مقار الشرطة ومحطات توليد الكهرباء والمياه والتليفزيون والاذاعة والسفارات الأجنبية وكافة المنشآت العامة والحيوية مع تقديم تقارير سرية عن كيفية حراسة هذه المنشآت وعدد الحراس وإعداد رسوم تخطيطية لها ولكيفية تدميرها، كما تم تدريب بعض أعضاء التنظيم علي اقتفاء الأثر ونقل الأخبار والاشاعات وترجمة البحوث عن تحضير المواد الناسفة خاصة مادة «النتروجلسرين» الناسفة إلي العربية ، وكلف آخرون من أعضاء التنظيم بتقديم تقارير عن الصحافة والصحفيين ودور الإعلام، وتمرير مقالات سياسية تتضمن طعناً في الحكومة ووصفها تارة بالعمالة للأمريكان وتارة أخري بالتبعية للاتحاد السوفيتي، وتعلم أحد أفراد التنظيم مهنة «الزنكوغراف» حتي يتمكن من صنع الأختام المزورة، وتمكن بعض المهندسين الكيميائيين بمؤسسة الطاقة الذرية من تحضير بعض زجاجات المولوتوف الحارقة بمعامل هذه المؤسسة.
وبعد كشف هذا التنظيم وإجراء محاكمات عسكرية صورية للمتهمين أصدرت محكمة أمن الدولة العليا حكمها باعدام سيد قطب زعيم التنظيم، ونائبه محمد يوسف هواش ومسئول الاتصالات الخارجية للتنظيم عبدالفتاح إسماعيل، وبمعاقبة المتهمين الآخرين بعقوبات تتراوح بين الأشغال الشاقة المؤبدة والسجن.
وفي أغسطس 1966 تم تنفيذ حكم الإعدام علي الثلاثة المذكورين.
وتبقى لنا فى النهاية مجموعة من الملاحظات:
1- إن فاعلية هذا التنظيم وإمكانياته لم تكن لتسمح له القيام بتنفيذ خططه تلك على الأقل فى هذا الوقت، ولم يزد الأمر فى حقيقته عن التخطيط والتحضيرلتنفيذ تلك المؤامرة وقد تم إجهاضها فى مهدها مما أوحى بأن هذه القضية تم تضخيمها عن عمد من أجل توجيه ضربة الى الإخوان المسلمين فى إطار الصراع السياسى الداخلى والإقليمى بين عبدالناصر والحلف الذى تقوده المملكة العربية السعودية الذى تجلى فى الحرب التى كانت لا تزال قائمة حينها بينهما على أرض اليمن.
2- إن الصراع بين الخط المتشدد والآخر المعتدل داخل تنظيم الإخوان المسلمين له جذوره التاريخية داخل ذلك التنظيم وتجلى ذلك فى الصراع بين حسن البنا والنظام الخاص، وكذلك بين المرشد الثانى (الهضيبى) وهذا الجهاز السرى وإعتبارأن الذين نفذوا عمليات الإغتيال قبل الثورة وبعدها بما فى ذلك الإعتداء على عبدالناصر فى 1954كان من تدبير هذا النظام وليس الجسم الرئيسى للإخوان، والإدعاء أن من قام بذلك كان خارجا عن الخط الأساسى للجماعة وأن تنظيم 1965 قام به مجموعة متطرفة تبنت أفكارا إستئصالية خارجة عن المنهج الوسطى الذى تتبناه الجماعة، ودليلهم على ذلك الكتاب المنسوب للمرشد العام الثانى"حسن الهضيبى" ردا على هذه الأفكار وهو كتيب "دعاة لا قضاة"، ولكن من الواضح أن هذين المنهجين متضمنيين فى بنية هذا التنظيم الهيكلية وأدبياته، ويظهر ذلك جليا فى تمجيدهم وتعظيمهم لسيد قطب ووصفه بالشهيد وعدم إدانته صراحة فى كتاباتهم أو من أى واحد منهم حتى الآن.
3- من يسمون بالقطبيين داخل تنظيم الإخوان ما يزالون يشغلون حيزا رئيسيا من القيادة حتى الآن وقد ظهر ذلك جليا فى انتخابات مجلس الإرشاد الحالى فى 2010 وسيطرة القطبيين على القيادة بما فى ذلك المرشد العام الحالى "محمد بديع" الذى تمت محاكمته كعضو فى تنظيم 1965.
فى التحقيق الذى تم مع المرشد "محمد بديع" الذى كان وقتها معيدا بكلية الطب البيطرى بجامعة أسيوط إعترف بإنتمائه للتنظيم وذكر معلومات تفصيلية عن صلته بالتنظيم، واعترف على أسماء كل من تعرف عليهم بما فى ذلك طلابا سوريين تعرف عليهم حيث كانوا يدرسون بالجامعات المصرية أثناء الوحدة، ومما جاء من أقواله بمحضر التحقيق ما يلى (فى سنة 1962 أو قبل كده، تعرفت عن طريق زميل لى فى الكلية سورى يدعى «محمد سلمان النجار» وطالب سورى فى كلية الطب معانا كان سابقنى بسنة يدعى «أحمد فارس». ومن ترددى على «محمد النجار» توثقت الصلة بينى وبين «أحمد فارس» ونشأت بيننا صداقة لاتحاد ميولنا الدينية.وفى العام نفسه سنة 1962 سافر «محمد سلمان النجار» واستمرت علاقتى بـ«أحمد فارس» وقبل ما يسافر إلى سوريا بمدة بسيطة بعد إنهاء إجازته، عرفنى بـ«محمد عبدالمنعم شاهين» الشهير بـ«عاطف»- (4) ومرسى مصطفى مرسى (5) فى منزل «عاطف» عشان نكون مجموعة منا.
هكذا كان بديع يتبرع بتفاصيل عن الآخرين من إخوانه فى التنظيم بأكثر مما يطلب منه.
ومن الواضح فإن الإخوان المسلمين لا يتعلمون من دروسهم وليس لديهم ملكة النقد الذاتى أو الرغبة فى مراجعة أخطائهم كما حدث من جماعات إسلامية أخرى، وهاهم يكررون نفس أخطاؤهم السابقة مع نظام يوليو فى طريقة تعاملهم اليوم مع المجلس العسكرى والقوى السياسية المختلفة معهم والتى قد تؤدى بهم الى المحنة الرابعة وربما الأخيرة.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذه الثورة ..طبيعتها وآفاقها
- الحسن والحسين... ذكر نصف الحقيقة
- واحد من الشهداء
- الإخوان والعنف .... حادث المنشية 1954 نموذجا
- حزب الإخوان...مخرج أم مأزق؟
- حقيقة الجهاد الأفغانى....تصحيح المفاهيم
- حادثة السقيفة...والصراع على السلطة
- المصالحة بين فتح وحماس.. ليست الأولى ولن تكون الأخيرة
- مصر ومشاكلها الزراعية ‎( فى ذكرى شهيد الفلاحين المصريين صلاح ...
- السلفيون والثورة
- الثورة...والثورة المضادة
- الثورة فى سلطنة عمان
- فتحى الشقاقى....ودور نظام القذافى فى إغتياله
- عاصفة على البلدان العربية
- اليسار والثورة
- الإخوان والثورة
- ثورة مصر2011.....قراءة سريعة
- إنفصال جنوب السودان...وكل هذا الضجيج
- ذكرى إنتفاضة الخبز..18 -19 يناير 1977
- إلى أصحاب نظرية المؤامرة...الموساد هو الحل


المزيد.....




- خمس مدن رائدة تجعل العالم مكانا أفضل
- هجوم إيران على إسرائيل: من الرابح ومن الخاسر؟
- فيضانات تضرب منطقتي تومسك وكورغان في روسيا
- أستراليا: الهجوم الذي استهدف كنيسة آشورية في سيدني -عمل إرها ...
- أدرعي: إيران ترسل ملايين الدولارات سنويا إلى كل ميليشيا تعمل ...
- نمو الناتج الصيني 5.3% في الربع الأول من 2024
- حضارة يابانية قديمة شوه فيها الآباء رؤوس أطفالهم
- الصحافة الأمريكية تفضح مضمون -ورقة غش- بايدن خلال اجتماعه مع ...
- الولايات المتحدة.. حريق بمصنع للقذائف المخصصة لأوكرانيا (صور ...
- جينوم يروي قصة أصل القهوة


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - الإخوان والعنف...مؤامرة 1965