أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض حسن محرم - واحد من الشهداء














المزيد.....

واحد من الشهداء


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 3401 - 2011 / 6 / 19 - 22:48
المحور: الادب والفن
    


يحاول أن يتذكر التفاصيل دون جدوى، صور ضبابية مختلطة، خيالات متداخلة، حاول أن يهدأ ويستعيد ماجرى، رأسه تؤلمه بشده، أنوار ساطعة فى مواجهة عينيه، لا يستطيع أن يمد يده لحجب الضوء، حاول أن يدير رأسه للجهة الأخرى فلم يستطع، جسده لا يستجيب لمحاولاته، صداع قاتل.
رويدا يتذكر بعض التفاصيل، يقاوم الا ينساها ثانية، كان يتناول الإفطار وحده كالعادة، طبق الفول بالزيت الحار والبصل الأخضر، أصوات جلبة فى آتية من الشارع حسبها أول الأمر خناقة يومية، عاد الى طعامه، الأصوات تزداد إرتفاعا، تحرك ببطأ الى البلكونة، شاهد خلق كثير تأتى من أول الشارع الضيق ترفع أعلاما، ميز أصواتا تنادى بسقوط النظام، وقف فى البلكونة مشدوها، المظاهرة تقترب والأصوات ترتفع، حينما وصلوا الى مقابل البيت كان العدد يتزايد، نظر أحدهم اليه فى داعيا إياه للنزول، إرتفع أكثر من صوت ينادى " إنزل يا مصرى"، إستدار عائدا لإكمال فطوره، الأصوات ترتفع، فجأة نهض كالملسوع، إتخذ قرارا أن ينزل.
***
صوت الباب الحديدى يفتح، لعلها المرة الأولى، الدرج يتحرك، إستغرب كونه عاريا عدا خرقة تستر عورته، ثلاثة أشخاص يرتدون كمامات بيضاء، أحدهم يدير رأسه ناحية الضوء، الآخران يتفحصان وجهه، بإيماءة صامتة، يديران رؤوسهم يمينا وشمالا، باب الدرج البارد يعود بعنف، صوت الباب الحديدى يغلق ، عاد الصمت الغليظ مرة أخرى.
***
ما إن وضع قدميه فى الشارع حتى وجد نفسه يندفع مع الحشود، يردد معهم الهتاف، بدأ الخوف يغادره، إحساس بالقوة يتملكه، ينتقل الحشد من منطقة لأخرى فينضم اليهم آخرين، نظر خلفه، الجموع تملأ الشارع، مجموعات كبيرة متصلة، كل عشرة أمتار يتجمع البعض، أحدهم يهتف، الحناجر تردد بقوة، مع اقترابهم من الميدان اصبح لا يرى آخرهم، من الشوارع الجانبية انضم اليهم الكثير، كأنما المدينة تتقيأ أحشائها، شاهد سحابة سوداء تتحرك من الناحية المقابلة، بعد لحظات تبين له انهم جنودا بملابس سوداء وخوذات لامعة ودروع وعصى أقرب الى الشوم.
***
فتح الباب الحديدى مرة أخرى، ميّز صريره بوضوح، سُحب الدرج بعنف، يدان غليظتان جرته من رجليه، إرتطم جسده بشده بأرضية رخامية ، نفس اليدين أمسكتا بكتفه بغلظة، قلبته على بطنه، سن حاد يتحرك على ظهره يرسم دوائر ومثلثات، يسمع صرير نصل حاد، سوائل توضع على ظهره، تتسرب الى فمه وأنفه، شيئ حاد يخترقه من شرجه، فجأة قلب مرة أخرى على ظهره، أعيد الى الدرج بعنف، أغلق عليه داخل الدولاب، أحس بالراحة والهدوء.
***
الجموع تندفع الى الأمام، بدأ الصدام يحتدم، سقط البعض أرضا، احجار تقذف، سحابة من الدخان الأبيض تملأ المكان، مياه تندفع بقوة، تقدم وإنسحاب وكر وفر، معارك وصراخ ودماء، الجرحى يحملونهم على الأكتاف ويجرون بهم، أصابته قشعريره، فكر فى أمه، آه لو علمت أنه فى المظاهرة، لن تغفر له ذلك، تركها فى البلد وحدها وأقام فى مصر، أعجبته الحياة هنا، حاول أن يختبإ فى زحامها، قرر الاّ يعود، فشل فى الحصول على عمل ثابت، جرّب العديد من الأعمال، لم يستغرقه التفكير كثيرا، إندفع مع الحشود، جرّب أن يمسك حجرا ويقذف به ، شعر بإرتطام حاد، لم يستطيع التماسك، سقط بشده على الأرض، سائل دافئ يملأ فمه، شعر بأحدهم يرفعه، إندفعوا به الى الخلف، تضاءلت الأصوات حوله حتى غابت، غامت عينيه، البياض يملأ الفراغ.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان والعنف .... حادث المنشية 1954 نموذجا
- حزب الإخوان...مخرج أم مأزق؟
- حقيقة الجهاد الأفغانى....تصحيح المفاهيم
- حادثة السقيفة...والصراع على السلطة
- المصالحة بين فتح وحماس.. ليست الأولى ولن تكون الأخيرة
- مصر ومشاكلها الزراعية ‎( فى ذكرى شهيد الفلاحين المصريين صلاح ...
- السلفيون والثورة
- الثورة...والثورة المضادة
- الثورة فى سلطنة عمان
- فتحى الشقاقى....ودور نظام القذافى فى إغتياله
- عاصفة على البلدان العربية
- اليسار والثورة
- الإخوان والثورة
- ثورة مصر2011.....قراءة سريعة
- إنفصال جنوب السودان...وكل هذا الضجيج
- ذكرى إنتفاضة الخبز..18 -19 يناير 1977
- إلى أصحاب نظرية المؤامرة...الموساد هو الحل
- حزب التجمع .. والقرار الصعب
- هل هى أزمة ثورية؟ أو مجرد أزمة إجتماعية؟
- سبعة عشر عاما على رحيل - تيمور الملوانى-


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض حسن محرم - واحد من الشهداء