أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد قانصو - المدائن ..














المزيد.....

المدائن ..


محمد قانصو

الحوار المتمدن-العدد: 3456 - 2011 / 8 / 14 - 14:52
المحور: حقوق الانسان
    


كانت قدماه تتسمّران في الأرض، وعيناه تقفزان على الأراجيح الجميلة، والأحصنة المتحركة، وقلبه الصغير يكاد ينخلع تعلقاً وتمنّياً أن يكون إلى جانب أقرانه في تلك المدينة التي طالما سكنت مخيّلته واستهوت طفولته البئيسة ..
ومن غمرة التّشهي تسرقه كفّ أمه لتعيده إلى الواقع المقيت، فيجرّ قدميه تثاقلاً ويُبقي وجهه ناحية تربّعَ قلبه الصغير كفراشةٍ استلقت في حضن برعمٍ جنيّ الرحيق ..
ويعاود الاستماع مكرهاً إلى حديث نفسه وأنين الطفولة المهملة في داخله، ليستسلم في النهاية للحقيقة القاسية بأنّ مدائن الألعاب موصدةٌ أمام أولاد الفقراء، وليس لأصحاب الثياب الرثّة والوجوه الموحلة إلا التسكّع على أرصفة العوز، ليشبعوا جوع أعينهم تحديقا، ويمضغوا لُعابا جفّفه الابتلاع الممزوج بالخيبة، الموشوم بالحسرة ..
.. ويكمل سيره المتّئد إلى وجهة بات يعرفها ويمقتها، إلى بيت يعشعش الفقر في كل زاوية من زواياه، وينقش البؤس رسوماً مخيفةً على جدرانه العارية، وتكاد العتمة تغمره لولا ضوءٌ خافتٌ يترامى على الجدران المفتقرة للبوس يستر عوراتها الكثيرة..
وعلى أرضه الإسمنتية الغليظة تتوزع لُمامة مقاعد وأفرشة، وأوان وأوعية جاد بها المحسنون زهداً وتخليا..
في هذا البيت الكئيب يتكوّم صاحبنا الصغير بعد مشوارٍ تعبٍ ليرخي جفونه على ما لصق بعينيه من مشتهيات كثيرة، وليدخل كعادته إلى مدينة أحلامه الجميلة، تلك المدينة المغمورة بالفرح، المسكونة بالراحة، المعروشة بالأمنيات.. ولله تقاطيع أنفاسه سكّيناً تقطّع في نياط القلب إشفاقا .. وتستدّر دموعاً حرّة، وتوقظ في النفس تمرّداًً وثورة ..
غبار الشوارع على خدّيه افتضاح.. وخطوط الوجع على زنديه الطريّين اعتراض ..
.. بظهر بيت اليتيم المنسيّ قصر، يتبجّح فيه الحاكم بأمر الشعب، القابض على الرقاب والأرزاق معاً، البكّاء على أوجاع الناس، الصدّاح بمعاناتهم، ومخالبه الجامحة تمزّق وجوهم! وآذان أزلامه تحصي همسهم، اضطراب أمعائهم جوعاً، وخوفاً تارة أخرى ! ..
الحاكم المتكرّر يزّور إرادة الناس، تاريخ ميلادهم، يستقطع ترابهم، أصواتهم، مستقبل أولادهم، يفرض رسومه على ابتساماتهم ودموعهم، ورسائل غرامهم البريئة، وربما ينفذ إلى أحلامهم ليكون عليها رقيبا..
مفارقةٌ كبيرةٌ وتناقضٌ حاد بين الحاكم والمحكوم، بين المتخم والجائع، بين الصادق والمتزلّف، بين الثوريّ والانتهازيّ، بين الحيّ والميّت!..
في دورة أحلام اليتيم يكتمل المخاض، وتخلع الشّمس عنها السحاب، ويتمرّى القمر، ويلهج الشّعب أبجدية التغيير، وفي هدأة نوم الصغير تصحو أمةٌ كفرت بالسبات وآمنت أنّ خلاصها رهينة وعيها!..



#محمد_قانصو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دويلة الحشيشة في لبنان!..
- المرأة في الميدان.. آيات القرمزي نموذجا..
- طهاة الحصى ..
- الاعتراف ..
- خطايا ..
- مشوّهون ..
- نحو عدالة اجتماعية ..
- لبنان خارج المكان والزمان ..
- دمعتان ووردة ..
- البحرين أولاً ..
- لا تراجع .. إلى الأمام .. ثورة !!..
- تحية إلى شباب -الفايس بوك -
- سكت القلب الأقدس !..
- تونس الحمراء.. طوبى لشعبها!..
- الإعلام الهَشّ ..
- الأستاذ نعيم ..
- دولة الإنسان !..
- العربية وآلامها !..
- عاشوراء .. أنسنة الثورة وعقلنتها !..
- الجريمة في منطلقاتها وعلاجاتها ..


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد قانصو - المدائن ..