|
من أخبار شيخ الشط
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 3444 - 2011 / 8 / 1 - 01:51
المحور:
الادب والفن
كان "جرميخ" يحلق فوق قلعة سيده "شيخ الشط" ، ليتأكد من أن كل شيء على ما يرام ، عندما أخرسه زعيق طفولي ناحب يشق عباب الفضاء . حطّ "جرميخ" على أرضية القلعة فوراً ، فلمح بعينيه البازيتين الحبر "فارس" يعدو لاهثاً نحو باب القلعة . سارع "جرميخ" بالإشارة للزبانية بحجب "فارس" عن الولوج . و بعد غلق البوابات ، طار "جرميخ" ليتولى للمرة الألفألفألفين دور مرطِّب القلوب الحائرة ، فلكل عقل ترياق . حط كعادته خلف الحبر الملتاع كي يفاجئه . - مساء الخير ، يا حبر الشيخ ! - أوه ! لقد أرعبتني ، أيها المبجل ! مساء الورد و العسل ! حسناً فعلتم بمقدمكم الميمون ! خيّل لي أني سمعـ - - يجب على أولاً أن أنقل إلى جنابكم الكريم تحيات سيدنا "شيخ الشط" ، و رفيع تقديره و اعتزازه بكم مؤمناً تقياً نقياً به و له ! - أوه ، كم أنا محظوظ ! الحمد و الشكر له ! - و هو راضٍ عنكم ، و عن شكركم المخلص له ، و أنتم تعلمون أنه يحب الشاكرين المقدسين له ، و لذلك فهو يجزيهم خير الجزاء ! - لقد أثلجتم قلبي بإقرائي رضا سيدي العظيم "شيخ الشط" ، فأنا مجرد عبد فقير له . و لقد أغرقني سيدي المبجل بمكارمه السخيّة حتى ما عدت أعرف كيف أعبّر عن إمتناني العميق له ! - أؤكد لكم أن سيدي – الذي يعرف ما تخفيه القلوب و الألباب مثلما تعلمون – يكن لنيافتكم تقديراً خاصاً ! - لقد أثلجتم قلبي بقولكم هذا ، أيها المبجل ، و لكنني ، ولا أخفيكم سراً ، سيدي المبجل ، قلق جداً على طفلتي "عمنة" ... فانتم تعلمون أن اليوم هو عيد ميلادها العاشر ، وأم- - أوه كم أنا غبي ! نسيت أن أقول لكم أن سيدنا "شيخ الشط" قد وهبكم كل الأسهم الذهبية لشركة "أن أي أم تي" المسؤولة عن النقليات البرية لأتباع الأسد الملتحي إلى "منهج" ، مع شركة "جي دبليو أي أيج" المسؤولة عن النقليات الجوية إليها . - حياكم و بيَّاكم ، أيها المبجل ، و لكن- - كما أنه طلب مني أن أسألكم أي المركبات تفضلون : "اللامبورغيني" أم "البوغاتي" أم "الرولز رويس" ؟ - و لماذا كل هذا الإزعاج لسيدنا "شيخ الشط" الكريم ؟ – أ ، "أللامبورغيني" السوداء طبعاً ! - عظيم ! حالما تعودون إلى قصركم المنيف اليوم ، ستجدونها واقفة تتبختر أمام الباب هناك : سوداء شعشاعة ، و من آخر طراز كامل الأوصاف ! أرجو أن تليق بنيافتكم ، يا حبر الشيخ ! - ما الذي أستطيع قوله الآن ؟ إن لساني عاجز عن شكر كل هذا الجميل ! - و بالمناسبة ، تكونون أنتم الرئيس الحصري للشركتين المذكورتين ! و لا داعي للقلق بخصوص "عمنه" ، فقد لمحتها اليوم و هي تختزن أربع ملبّسات في فمها ، و تـر - - أربعة ؟ دفعة واحدة ؟ غير معقول ! - و ما هو الأمر غير المعقول ، ها ؟ ألم تقرأوا المكتوب في سفر "الوزّة الأم" المقدس ؟ - نعم بالتأكيد ، سيدي المبجل ، فأنا أحفظه عن ظهر قلب مذ كنت طفلاً ! - عال ! أليس المكتوب فيه هو : " أن عدم معقولية الشيء ليست حجة ضد وجوده ، و إنما هي الشرط اللازم له" ، ها ؟ - نـ نعم ، نعم ، بالتأكيد . العفو ، سيدنا ! سامحني : لقد إستحمرت ! نعم ، كيف يمكن لي أن أكون قد نسيت مثل هذه الحكمة البليغة ! لقد خانني التعبير ! كل ما قصدته هو : هل أنها تأذت ؟ - و أنّى يكون في مصّ الملبّس أذى ؟ - أقصد ، أن ذلك الملبّس لم يصبها بالإختناق مثلاً ؟ أن تعلم : أربع ملبّسات ، و دفعة واحدة ! كل شيء يمكن أن يحصل لها ، و أنتم تعلمون أن الرفيسول لم يمت بعد ! - أرى أنكم قد أصبحتم شكاكين . ألا تعلمون ، يا حبر الشيخ ، أن الشك إثم عظيم ؟ - معاذ الله ! كل ما قصدته هو الإطمئنان على طفلتي ؛ و هذا هو كل شيء ! - أطمئن تماماً . لقد شاهدتها عصر اليوم ، و كانت مشرقة شروق بدر الصباح رغم أنف شعاع الشمس ! - ألف الحمد و الشكر لشيخ الشط و لكم . لقد أنزلتم السكينة في فؤادي . أعوذ من شر الرفيسول . - الرفيسول ؟ و لكنكم تعلمون ، يا حبر الشيخ ، أنه لا مكان للرفيسول في بيت شيخ الشط ! - نعم ، نعم . و هل من شك في ذلك ؟ و بالمناسبة ، لم لا تحسموا أمر الرفيسول ، فتدقون رقبته و تخلصوننا –نحن الأحبار المخلصين – من شره إلى أبد الآبدين ، ها ؟ لم هو باق على العدوان كل هذا الزمان دون وازع و لا رادع ؟ - ألا تعلمون أنه الأخ التوأم لشيخ الشط ؟ - بلى ، سيدي المبجل ! - ثم ألا تعلمون أن في هلاكه هلاك شيخ الشط ؟ - بلى ، ولكن لم لا تحبسونه ؟ - لأنه يتلبس لبوساً جديداً كل يوم ، فيستحيل التعرف عليه ! أحياناً يتلبس لبوس أحبار شيخنا المبجل ، و ما أن نكتشفه ، حتى يتلبس لبوس أعضاء مجلس الحكماء ! آخر معلوماتنا المؤكدة عنه أنه قد تقمص جسد طفلة في العاشرة من العمر ! - طفلة ؟ تباً له من أفّاك زنيم ! - نعم ، طفلة ! طفلة بريئة دربها على فن إغواء سيدنا شيخ الشط العظيم ! - سحقاً له من مجرم حقير ! - و لهذا السبب – أيها الحبر الشريف – تجد أن شيخ الشط قد ضم إليه كل بنات الأحبار حتى سن العاشرة ، كي يحصنهن تحصيناً . - طوبى لسيدنا شيخ الشط الحكيم ! و ما عليكم من الرفيسول ، فما له من محيص ، فهو كالسمك في الشط : ماله من الشِباك عاصم ! - صحيح . نسيت أن أخبركم ، لقد حملتني ابنتكم المصون قصيدة لطيفة نظمتها لكم ، و هي تود سماع رأيكم أنتم بالذات بها ! - صحيح ؟ - نعم ، و لقد أثارت قصيدتها إستحسان شيخ الشط ، كما أعجبتني أنا شخصياً ! - صحيح ؟ - أليكم ما تقوله القصيدة : آه كم أحب أن أكون صديقة للحزانى الراحلين ، فأرى روحي سعيدة تذوب في خدمة الآخرين . أشعر أنني أستطيع إجتراح كل معجزة أريد ، ليصبح كل يوم من عمري آخر يوم لي جديد . و أصلي لأمي و لأبي معاً ، فأنا كلي إيمان ، و اغني :أنا سعيدة بذكرى الأهل و الخلان . أنا بطلة ، أنفخ الأرواح في النفوس الشريدة ، أهبها دمي و أمنحها روحي كي تحيى سعيدة .
- أوه ! شيء جميل ! أليست طفلة ساحرة ، من كل حق و حقيق ؟ هل تبدوا سعيدة فعلاً ؟ - نعم ، و بمنتهى السعادة . و سيجعلها سيدنا بطلة الساحة و الميدان ! - و لكنها ما تزال مجرد طفلة ! - نعم ، ولهذا فهي بحاجة لبعض التدريب ، و بإشراف الشيخ بذات جلالته . - همم . - ينبغي لي أن أذكركم – حضرة حبر الشيخ المحترم – بوجوب قيامكم فوراً بمراجعة مكتب الخازن ، فلديكم واجب مقدس هناك الآن . ها قد جاءكم التنين الطائر ، و أخشى أنه لا يحبذ التأخير ! تمنياتي لكم بدوام التوفيق ، عزيزي المجيد ! ها ، و بإمكانكم جمع التبرعات من المتقين ، و حتى حين ! و تذكروا أن شعار شيخ الشط الذي عنه لا يحيد هو : "أن منح الثقة لا يجوز إلا برسم التحقق" لكي لا تتلبسكم حوافر الطين وأنتم عنها غافلون . حافظوا على ثبات الإيمان ، و ثقة الحملان ، فما سيأتيكم أبقى و أنفس مما مضى ! - جزيل الشكر ، سيدنا المبجل ! أنقلوا شكري و حمدي لشيخ الشط ، و أبلغوه بأنني سأبقى أبداً خادمه الأمين ، و كل بناتي السبعة يتطلعن لخدمته مثل أبيهن و أمهن ! - بوركتم ، أيها الحبر الأمين !
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قوانين التاريخ و جرائم الرأسمالية : أجوبة للأستاذ الفاضل رعد
...
-
قوانين التاريخ ، و جرائم الرأسمالية وقادة الأحزاب الإشتراكية
...
-
دفاعاً عن المفهوم المادي للتاريخ : الأستاذ نعيم إيليا متمنطق
...
-
موجز لقوانين التاريخ : جواب محدد لسؤال محدد للأستاذ الفاضل ر
...
-
الإمام العباس و أمين الصندوق صالح إبراهيم
-
علمية الماركسية و الآيديولوجيا و أشياء أخرى : رد على ملاحظات
...
-
علمية الماركسية و الآيديولوجيا و أشياء أخرى : رد على ملاحظات
...
-
علمية الماركسية و الآيديولوجيا و أشياء أخرى : رد على ملاحظات
...
-
خرافة دحض الماركسية العلمية / رد على الأخ الكبير الأستاذ يعق
...
-
الكلبة -سليمة كُرْفَتِچْ- و البغل -خوشْطَرِشْ-
-
النص الكامل لمسرحية -عرس واوية- : ذرة من وقائع كل إنتخابات ع
...
-
نص مسرحية -معمعة العميان-
-
مساء عراقي ساخن : كل شيء عادي كالعادة
-
فضيحة الثعلبان -چيق- و -چاق- و الضبع -ورين-
-
الصراع في ملحمة كلكامش : قراءة في جدلية الملحمة /8 ، و هو ال
...
-
الصراع في ملحمة كلكامش : قراءة في جدلية الملحمة /7
-
الصراع في ملحمة كلكامش : قراءة في جدلية الملحمة /6
-
الدكتور محمد مهدي البصير / الشخصية الحلية الفذة
-
الصراع في ملحمة كلكامش : قراءة في جدلية الملحمة /5
-
الصراع في ملحمة كلكامش : قراءة في جدلية الملحمة /4
المزيد.....
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
-
منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا
...
-
قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي
...
-
رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|