انت متمارض اذن انت عراقي

محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 3395 - 2011 / 6 / 13 - 10:30
المحور: كتابات ساخرة
    

بعض الخبراء الاقتصاديين لاهم لهم سوى نبش الزوايا الحادة وغير الحادة من جدران المعلومات، انهم ببساطة لايختلفون كثيرا عن عمال امانة العاصمة ايام زمان، الذين لاهم لهم سوى سوى حفر الطرقات وكأنهم يبحثون عن كنز سليمان مجهول المكان والتاريخ.
قبل ايام تبرع احد هؤلاء الخبراء بزيارة هيئة النزاهة ليسأل ببراءة عن عدد الاجازات المرضية لموظفي الدولة.
وكان من حسن حظه انه التقى بموظف نزيه قدّم له كل التفاصيل التي صعق الخبير امامها، وبادره الموظف قبل ان يغادر بالقول:انك حسن الطالع فقد القينا القبض امس على أحدى الموظفات في القسم الاستشاري في مستشفى اليرموك يوم أمس متلبسة بالرشوة في مقابل منح الراشي إجازة مرضية بلا حضور المريض أو فحصه.
وكان هذا الخبير قد حصل على معلومة بدت تافهة لاول مرة حين قرأ ان هذه الهيئة ضبطت في العام الماضي موظفاً يعمل في اللجان الطبية في مستشفى آزادي العام بمحافظة كركوك متلبساً بالرشوة مقابل منح موظفيه إجازات مرضية دون حضورهم وبلا إجراء معاينة أو فحص. تحسر خبيرنا وقال لنفسه بعد ان غادر مقر الهيئة"ياليتني لم اسأل هذا السؤال".
وقرر ان يستغل وقت انتظار الحافلة التي لايعرف الا امين العاصمة متى تصل بقراءة التقرير واسترعى انتباهه اول معلومة: الاجازات المرضية تكلف ميزانية الدولة اكثر من 18 مليار دينار سنوياً..
وقرأ: أجرت الهيئة دراسة للإجازات المرضية لموظفي القطاع العام العراقي في (25) وزارة وجهة غير مرتبطة بوزارة لعام 2009.
فبلغ عدد من تمتع بإجازة مرضية منهم ( 21.627) موظفاً وموظفة وبنسبة (18.2% ) من مجموع الموظفين في الجهات المذكورة البالغ (118847) موظفاً وموظفة.
ورغم إن نسبة الإناث في الجهات المذكورة هي اقل بكثير من نسبة الذكور إذ يبلغ عددهن (29358) وبنسبة (24.8 %) في حين يبلغ عدد الذكور فيها (89489) موظفاً وبنسبة (75.2%) إلا ان نسبة تمتع الاناث بالاجازات المرضية يزيد كثيراً عن نسبة الذكور، اذ يبلغ (55.6%) في حين بلغ نسبة تمتع الذكور بالإجازات (44.4%).
وقد بلغ مجموع أيام الإجازات المرضية (519954) يوماً بمعدل سنوي مقداره (24) يوماً سنوياً، وهو ضعف معدل إجازة موظف القطاع العام في فرنسا.
وتقسم إجازات الموظفين إلى قسمين الأول هي الإجازات المرضية العادية والثاني هي الإجازات المرضية لاجراء العمليات الجراحية، وقد بلغ عدد أيام الصنف الأول (498089) يوماً وهي تعادل (1364.6) سنة عمل لموظفين بلغ عددهم (20994) وتعادل رواتب تلك الإجازات مبلغاً مقداره (8.187.600.000) دينار على أساس أن متوسط راتب الموظف الشهري هو (500) ألف دينار.
ويعد هذا النوع من الإجازات هو الميدان الحقيقي لتمارض موظفي الدولة. في حين بلغ عدد أيام الإجازات المرضية لاجراء العمليات الجراحية (21865) يوماً لـ (633) موظفاً فقط وهو يعادل (59.9) سنة وتكلف الموازنة العامة مبلغاً مقداره (359.400.000) ديناراً.
وكان موظفو هيئة دعاوى الملكية أكثر الموظفين تمتعاً بالإجازات المرضية إذ بلغ نسبة من تمتعوا بالإجازات المرضية (72.5%) من مجموع الموظفين فيها.
وكان موظفو وزارة الدفاع اقل الموظفين تمتعاً بالإجازات المرضية إذ بلغت نسبتهم (1.18%) فقط من مجموع موظفي الوزارة.وبلغ عدد الموظفات اللواتي تمتعن بإجازة وضع وأمومة ( 4606) موظفة من مجموع (29.358) موظفة وبنسبة (15.6%) وبلغ مجموع أيام إجازاتهن (2178.6) سنة والتي تكلف الموازنة العامة ما مجموعه (9.803.700.000) ديناراً.
لك الشكر يارب فقد جاءت الحافلة، وحين استقر جسده النحيل على احد الكراسي امسك القلم والورقة وبدأ يكتب هذه الملاحظات:
يبدو ان المتمارضين ينقسمون الى ثلاثة اقسام: الاول محسوبين على فئة دجلة اذ عليهم ان يمروا بنهر دجلة كل يوم للذهاب الى مقر عملهم، وفي كل صباح يرون ان دجلة الخير آخذ بالتناقص حتى ان قسما منهم اطلق عليه لقب ملك الريجيم المائي ولهذا تجدهم يحصلون على الاجازات المرضية حتى لايصطدموا كل يوم برؤية الاشنات وهي تغطي قاع دجلة.
اما القسم الثاني فهو محسوب على سكان الاحياء القريبة من معسكر الرشيد اذ عليهم ان يستقطعوا من ساعات حياتهم يوميا اكثر من اربع ساعات ذهابا ومثلها ايابا للوصول الى مقار اعمالهم، ولهم التبرير كل التبرير في التمارض بين الحين والآخر. بقي القسم الثالث وهو المحسوب على ناس مدينة التنك الذين يريدون فقط من يسمع صوتهم وهم يعيشون الحر اللاهب ان كان في البيت او داخل"الفانات" الصغيرة او في اماكن عملهم ووجدوا ان الاجازات المرضية تسعفهم قليلا وتعطيهم حيوية مسك المهفات.
هل عرفتم لماذا هذا الارتفاع في عدد الاجازات المرضية؟.
فاصل واعود اليكم
لاتسألوا عن هذا الخبير فقد اتصلت زوجته بالاسعاف لنقله الى مستشفى المجاذيب حارج بغداد.

#محمد_الرديني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات