أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 4














المزيد.....

دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 4


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3343 - 2011 / 4 / 21 - 10:42
المحور: الادب والفن
    


قراءة تحليليّة لرواية عراقي في باريس، لصموئيل شمعون

4

يكتب صموئيل شمعون، روايته من لبِّ الحياة، يريد أن يردَّ على طغاة بلاده الذين جرّوا وما زالوا يجرّون البلاد إلى ويلات لا حدود لها، معبّراً عن هذا الأمر دون أن يكتب كلمة واحدة عن هؤلاء، لكنّه قال كلمته من خلال تشرُّده في دنيا الشَّرق والغرب، فقد استقبلته دمشق على أنّه جاسوس اسرائيلي، لمجرد اسمه صموئيل شمعون، اسم يهودي، لكنَّ المحقِّقين هناك نسوا أنَ اِسمه آشوري وسرياني قبل أن يكون يهودياً، ونسوا أن بلاد الرافدين، بلاد الحضارات بُنيت على أكتاف الآشوريين والآراميين والسُّومريين والبابليين والكلدانيين، وهم من بنى حدائق بابل المعلّقة، إحدى عجائب الدّنيا، فيأتي واحد من أحفاد هؤلاء يحمل أسماء أجداده فتصبح هذه الأسماء وبالاً عليه!

أنه لمن الغرابة أن تتعامل دولة، نظام، سياسة ما مع كائن حيّ يعبر حدودها بشكل شرعي لمجرد التشابه بالاسم بهذا الشكل المريع، مسألة في غاية الأهمية والخطورة والجفاء، وما حصل في دمشق حصل في بيروت الشَّرقية، فقد كانت رصاصة جندي سياسي أهوج على وشك أن تخترق رأسه، وبقدرة قادر استطاع صموئيل أن يقنع هذا السياسي الذي (سيحرِّر) العالم برؤاه الطائشة، حيث تذكّر وسرد للجندي أسماء الكثير من الممثلين والممثلات والأفلام وهكذا تمكّن أن يفلت من جحيم العبور في عواصم العروبة والإباء، متوجّهاً إلى الأردن وهناك يتشرشح بالتمام والكمال نتيجة العمل مع شخص تبيّن أنّه معارض للنظام هناك وبقدرة قادر يفلت مرة أخرى من جحيم السّجون، عائداً إلى دمشق فبيروت ويعمل فترة من الزَّمن مع الاذاعة في منظمة التّحرير ويشرف على نشرة تصبح مرجعاً للأخبار في ذلك الوقت، مع أنه لا يستهويه العمل السياسي، لكنه كان بأمس الحاجة للعمل من أجل لقمة العيش ثم التخطيط للرحيل إلى أميريكا كي ينجز مشروعه السينمائي، فيعمل بشكل دؤوب ثم نتيجة للظروف والمتغيرات السياسية يفرّ من بيروت متوجّهاً إلى قبرص وتونس، وينتهي به الرحال في باريس، مدينة النّور، وإذ بهذا النّور يسطع عليه عبر تشرُّده في الأزقة، ضارباً صحبة قوية مع أزقّة وشوارع باريس، إلى أن غدت شوارع باريس كأنّها صديقة حميمة لصموئيل لا يفارقها حتى في ساعات النَّوم العميق، آخذاً من أرصفتها مخدعاً مريحاً للنوم!

رواية صموئيل شمعون، عراقي في باريس، هي كشف المستور عن الكثير من عورات الشَّرق، كشف حالة المثقف العربي، هي تعرية لحالة المواطن الشرقي، المتشرّد بامتياز في عقر داره، هي رسالة واضحة، إلا أنَّ لكلٍّ من المثقَّف الطَّموح والمواطن العادي، نصيبه من عالم التشرُّد والتَّسكع والضّياع، وللدول التي انبثق منها هذا المواطن أو ذاك المثقف نصيب كبير في تشكيل هذا التشرُّد بطريقةٍ أو بأخرى، ناهيك عن أنَّ هذا المواطن نفسه لو ظلّ في وطنه لكان مغترباً ومتشرداً أكثر وهو في مسقط رأسه، وقد وجدنا كيف تمَّ تجريف بيت صموئيل شمعون وهو طفل، من قبل أزلام نظام الدَّولة الجارفة، حامي البوَّابة الشرقية، فتتشرّدُ الأسرة في ليلة وضحاها مع أب أطرش وأصمّ وأولاده الصغار يلتحفون العراء، أليست أزقّة باريس ومحطّات القطار أرحم وأجمل وأبهى من تشرُّد صموئيل الطّفل في حيِّه وبلده وشارعه وزقاقه ومسقط رأسه؟!

أسئلة عديدة ممكن أن نطرحها في سياق قراءتنا لرواية: عراقي في باريس، لغة عفويّة، بسيطة، طريّة، مشبّعة بالواقعية، خالية من التكّلف، وأسلوب رشيق، يقود القارئ بسلاسة إلى الشواطئ الآمنة، حيث الهدوء والأمان رغم التسكّع والتشرّد تحت أضواء المصابيح على مساحات اللَّيل والنّهار، لماذا شوارعنا تهرب منّا أو نهرب منها، لماذا تجتاحنا الحروب، نحن عشّاق الأمن والأمان والسلام، لماذا تضيق بنا الدُّنيا، ولا نجد مسنداً مريحاً لرؤوسنا، فننام في مترو الأنفاق آمنين غير قلقين أن يُهَدَّم علينا النَّفق في عتم اللَّيل، غير قلقين حتّى ولو نمنا في العراء؟!

رواية "عراقي في باريس" ردٌّ مريع على طغاةِ الشّرق، تتضمَّنُ تساؤلاً كبيراً يطرحه علينا صموئيل شمعون: ما ذنبي لو حملت اسماً يدعى صموئيل شمعون، فيقتلعون ويجرفون بيتي وتستقبلني العواصم العربية العتيدة بالزَّنازين المعتمة والإهانات المتاخمة لخشخشات القبور، ثم أهرب إلى عالم التسكُّع والتشرّد في شوارع باريس لمجرّد أنّني أحمل هذا الإسم ولدي حلم وطموح أن أكتب سيناريو فيلم سينمائي عن والدي الفرّان الأطرش الأصم؟!

عراقي في باريس، رواية في منتهى العراقةِ والحداثةِ والإبداع!


صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 3
- دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 2
- دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 1
- تعالي على أجنحةِ الرِّيحِ 49
- قفشات والدي مع الفنان عمر اسحق
- تشبهينَ حلماً هائجاً 48
- صوتُكِ متلألئٌ بنداوةِ الحنينِ 47
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 10
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 9
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 8
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير7
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 6
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير4
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 3
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 5
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 1
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 2
- ترتِّلُ لأمواجِ البحرِ ترتيلةَ العيدِ 46
- بوح شفيف يصبّ في الذَّاكرة البعيدة
- زهرةٌ مسترخية بينَ ربوعِ الأقاحي!


المزيد.....




- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 4