أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 1














المزيد.....

دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 1


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3342 - 2011 / 4 / 20 - 20:13
المحور: الادب والفن
    


قراءة تحليليّة لرواية عراقي في باريس، لصموئيل شمعون

1

عراقي في باريس، عراقي ضاربٌ في العراقة والأصالة والإبداع، متشرّبٌ من مياه الحبّانية حيث عذابات وانكسارات وطموح الطُّفولة، طفولة مترجرجة بالجراحِ الثَّخينة وشغفٌ عميق للعمل منذ أن تبرعمَ هذا الطّفل العراقي في أزقّة الحبّانية، مسقط الرّأس، ولعٌ عميق للسينما يزرعه قرياقوس في عوالم هذا البائع المتجوّل/ الطّفل.
يفرش الرّوائي المبدع صموئيل شمعون عوالم طفولته وصباه وشبابه بانسيابية نديّة وجرأة شفيفة نادرة، تلامس العوالم الخفيّة لجراحِ الرّوح، بأسلوبٍ عفويّ إنساني روائي سردي نقدي حالم ساخر ومرتكز على حميميات الذَّاكرة منذ أن نقشَتْ على خمائلها نكهةَ المطرِ الأوّل، كاشفاً بطريقةٍ طازجة الانشراخات العميقة في محطّات الطّفولة والصّبا والشَّباب، يعرّيها بجرأةٍ نادرة، آخذاً من كلِّ مرحلة من هذه المراحل الوعاء النَّقي لبناء عمل روائي متعانق مع بهجة السِّيرة بكلِّ تلاوينها ومراراتها وآهاتها ونزوعها العميق إلى عوالم السِّينما والصَّداقة والأسرة والمكان والإنسان والحياة!

يفتح صموئيل شمعون عينيه على أرضٍ طينيّة خصبة، كانت يوماً مهد الحضارات، وإذ به يتلقّفها أرض المرارات، مرارات تحاصره من كلِّ جانب، معفّرة بالدّم والفقر المدقع، متشرشرة بحروب فاقعه، كريهة، حروبٌ بلا نهاية تتزاحم على جماجم أعرق حضارة على وجه الدُّنيا.
ترعرعَ على هذه الأرض المفخّخة ببراكين الدَّم، هذا الـ "عراقي في باريس"، فلم يجد أجدى من هذه العوالم الفسيحة المكتنزة بالجراح الغائرة كي يفرشها بكلِّ تلاوينها أمام عرش الشَّرق المهلهل، وأمام الغرب الناهض، المسترخي بثعلبيّة غير مرئية فوق صياغة عذابات الكثير من فقراء الشَّرق وفقراء العالم!

يسخر شمعون عبر قلمه المنساب مثل مياه دجلة، من مراراته وعذاباته وتشرُّدهِ ويدوّن همّه وغمّه بجرأةٍ صافية قلّما تجد مثيلاً لها في عالم الروائيين العرب ممّن كتبوا في هذا السِّياق ذات الطابع السِّيروي، محوّلاً الهموم المتراكمة على صدره الغضِّ إلى نصٍّ روائي يبهج القلب، وكأنّه يقدِّم لنا وصفة سحرية عبر الكلمة تشفي هذه الجراح الثّخينة، حتّى أنَّ القارئ يلمس وكأنّ هدف الروائي لبَلْسمةِ جراحه كان مرهوناً على الكلمة، على النصّ، على تراكمات الهموم كي يصنع منها إنتصاراته الإبداعية، فلا نجده محبطاً ولا متململاً، يستقبل التَّشرُّد والجوع والعراء كأنّه كان يكتب نصّه الروائي عبر منعطفات عمره المسربلة بالانكسارات.

ينجح صموئيل شمعون في أسلوبه العفوي، مبتعداً عن الجملة الفضفاضة الرَّصينة الجزيلة القوية، مركّزاً على حوار متعانق مع كلِّ شخصية من شخصيات روايته، حوار وسرد وبناء مدروس بعناية بديعة، لهذا جاء النصّ كمرآة صادقة تعكس ما كان يراه ويحسّه ويعيشه فترجم هذه الأحاسيس بمصداقية روائية رائدة، تحلّق عالياً، محقّقاً المتعة والفكاهة والسّخرية والجدّية والعفوية في بناء نصٍّ متماسك يقودكَ إلى متاهاته التي عاش في رحابها متشرِّداً تشرّداً لا يخلو من نكهة طيبة وبهيجة رغم عذابات التشّرد، لأن صموئيل بصبره الأيّوبي استطاع أن يحوّل انشراخات محطَّات عمره إلى فيلم سينمائي عبر طريقة استقباله للحياة بكل قساوتها وتمكّن أن يسخرَ منها بنجاحٍ مأمول، متحايلاً على شظف العيش ببناء حلم وأمل ربَّما يتحقَّق وربَّما لا يتحقَّق أبداً، لكنَّ الذي تحقَّق هو بناء هذه العوالم الألمية عبر عمل روائي يحلّق في فسحة عذبة أقل ما نقول عنها أنها فسحة دافئة رغم النَّوم الذي كان في محطَّات القطارات وعند أصدقاء طريق ومصادفة وغربة وغرابة لا تخطر على بال، لكن صموئيل يجرّ كلّ الغرابات والغربات نحوه مبتسماً لهدير الرِّيح والأقدار العاصفة غير آبه إلا بكأس من النّبيذِ وفسحة أمل على ضوء شوارع باريس كي يدلق نصّه على وجنةِ الحياة، لأنّه منبعث من أنينِ الحياة.



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعالي على أجنحةِ الرِّيحِ 49
- قفشات والدي مع الفنان عمر اسحق
- تشبهينَ حلماً هائجاً 48
- صوتُكِ متلألئٌ بنداوةِ الحنينِ 47
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 10
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 9
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 8
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير7
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 6
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير4
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 3
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 5
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 1
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 2
- ترتِّلُ لأمواجِ البحرِ ترتيلةَ العيدِ 46
- بوح شفيف يصبّ في الذَّاكرة البعيدة
- زهرةٌ مسترخية بينَ ربوعِ الأقاحي!
- ننثرُ السنابلَ فوقَ خدودِ المروجِ 45
- تأمُّلات متعانقة مع تجلِّياتِ الخيالِ
- تعالي نزرعُ رحيقَ الخيرِ 44


المزيد.....




- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 1