|
الموطن الأصلي للتوراة(2من)3
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 3328 - 2011 / 4 / 6 - 22:23
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الموطن الأصلي للتوراة (2من3) هوذه ومملكة حمير يكمل الربيعي في مؤلفه القيم ، ويعزز مرويات الدكتور شلومو ساند في كتابه " اختراع الشعب اليهودي"، ويختلف معه في تأرخة المملكة الحميرية ، حيث يرجعها إلى ما هو أبعد من القرن الثاني قبل الميلاد ، دون أن يحدد لنا التاريخ الحقيقي لحروب شاول وداود واستقرار الملك لداود. يتوسع الربيعي في تتبع تجربة تاريخية غنية للعرب، في مملكة حمير العربية المعتنقة للعقيدة التوحيدية اليهودية بصورتها البدائية. جرى إغفال دولة حمير مع من أغفل من الدول التي أنشأها يهود من غير سلالة الإسرائيليين في بلاد البربر شمالي إفريقيا حتى قبيل الفتح العربي، وفي بلاد الخزر في القرنين الثامن والتاسع الميلادي . الأبحاث التوراتية المغرضة تركت هذه التواريخ تضيع كي لا تلحق التصدعات والثقوب المثيرة للريب في النصوص التوراتية المؤولة. كيف ناقش الربيعي أضاليل الاستشراق التي ألبست فلسطين القديمة ثوب التوراة فجاء مهلهلا مضطربا كما اتضح لدى عدد من المؤرخين الباحثين في التوراة؟ إن منهجية البحث التي اتبعها الربيعي وفرت له وسائل الاستدلال، التي أثبتت التاريخ الحقيقي لقبائل عربية دانت باليهودية وعمرت البلاد وأنتجت حضارة باد جزء منها وسلم جزء آخر وصل عصر التدوين، واتصل بالثقافات الأكثر تطورا ، الفارسية والهلينية ؛ فاكتسب بذلك ميزة الانتشار الواسع. استطاع الربيعي من خلال عمله القيم كشف أنماط التزوير والتلفيق التي اتبعها المستشرقون الأوروبيون، ممن أسقطوا أسماء مدن ومواقع جغرافية وردت في التوراة تماثل من حيث الشكل مدنا فلسطينية، لكنها ضمن سياق النص التوراتي والمواقع المرافقة لها تختلف بشكل جلي. فقد حملت التوراة أسماء مدن فلسطينية وعربية اتكأت عليها التفسيرات الاستشراقية لدعم الزعم بأن التوراة تحكي تاريخ فلسطين القديم : القدس، بيت لحم، حبرون، اللد، أشدود،غزة،عكا ،الجولان ، جرش، يافا، دورا، أريحا، وادي عربة ، عمواس الخ. لننظر كيف أن الباحث يمسك المستشرقين متلبسين بجريمة التزوير المتعمد، مغفلين تارة مواضع مجاورة في الفضاء الجغرافي ، أو عبر تزييف المعنى المترجم، أو مستغلين تعقيدات اللغة القديمة. وفي كل الحالات نجد إغفالا أو تجاهلا لكون الأقوام العربية هاجرت من اليمن تحت ضغط الظروف المتدهورة وغزوات الرومان المدمرة للقيم والحياة. هاجروا إلى الشمال ، لما ضاقت بهم الأحوال في القرن الثالث قبل الميلاد، وحملوا معهم أسماء المواقع ، وعلى مثالهم تصرف المهاجرون الأوروبيون إلى العالم الجديد. ظهر آخر ملوك اليهود في اليمن، وهو هوذه السحيمي الحنفي. ومن قبله برز ملك يهودي اسمه يهوذا خاض معارك ضد الغزاة الرومان ، عرفت بحرب المكابيين (260 ـ 243 ق.م) جرت في منطقة اليمامة. وهناك معتقد يمني قديم تردد في الكثير من الأشعار عن وجود اتصال مباشر لليمنيين بشجرة هود النبي (يهوذة )، الذي تعد حضرموت موطنه الأصلي . إن الكشف عن قيمة هذا المعتقد وأهميته في بحث من هذا النوع تتجلى في الفكرة التالية : إن اليمنيين انتسبوا ذات يوم إلى أب أعلى هو هود ـ هوذة ـ بإسقاط الياء اللاصقة ( اللغة اليمنية القديمة تضيف الياء، وكذلك الميم في بداية الاسم ).[ الربيعي: المجلد الثاني ـ ج4 ، 525، 526] .
اما التوراة فهو "كتاب إخباري ديني عربي قديم تركته الجماعات البائدة من العرب العاربة في اليمن. روت فيه العرب في عصر مبكر من عصور التوحيد تاريخ هجراتها ومنازلها ومعاركها وأخبارها في سراة اليمن ؛ ولا صلة لفلسطين بهذا الكتاب . أما شاول ، مؤسس الملكية في إسرائيل التوراتية فيدعى شاول بن قيس ، وهو من سبط يامن . في هذا الإطار يشير الهمداني إلى ما يلي : إن يُمون هي من مدن قبيلة الصدف؛ وهؤلاء هم من البدو الرحل الذين أقاموا في منزل شهير من منازل اليمن يدعى صيعر ـ صيعر.( في قائمة منازل يهوذه رقم 55). تكمن أهمية هذه الإشارة في أن صيعر اليوم تدعى ربدة صيعر وهي من أعمال مخلاف( مملكة قبيلة) ذي السفال، وهي ما يتوافق كل التوافق مع نص يشوع". [ الربيعي: المجلد الثاني ـ ج4 ،427]. أورشليم أورشليم التي عاد إليها المنفيون وباشروا أعمال البناء في أسوارها المهدمة ، وهي من غير شك مدينة لا صلة لها بالقدس الفلسطينية. إذ لا وجود فيها لأي مكان من الأمكنة الواردة في الوصف. وسوف تتجلى المفارقة الكبرى حين ندقق في قائمة أسماء القبائل والجماعات التي شاركت في بناء المدينة ؛ فهي قبائل عربية يمنية دانت بدين اليهودية لا تزال آثارها هناك في السراة اليمنية وليس في فلسطين.[ الربيعي: م2، ج3، ص72]. يتتبع الباحث جولة نحميا النبي على القبائل اليمنية يدعوها للمشاركة في البناء ؛ كما يصف عمليات البناء وهندستها إلى أن يقول " لسوف يكون بوسعنا، ونحن نتتبع الأسوار سورا سورا وهي تبنى هناك ، أن نتعرف على المكان الحقيقي لما يدعى الهيكل؛ وبذلك تكتمل صورة المدينة وتتساقط الأوهام الاستشراقية . ها هنا جبل الهيكل في سراة اليمن وليس في فلسطين"[ الربيعي: المرجع السابق : 89]. يعزو الربيعي الخلط في الأماكن على تهجئة مغلوطة للأسماء وافتراضات مبنية على النصوص التوراتية وليس على نتائج البحث الأثري، التي لم تبين قط حدوث المعارك على أرض فلسطين. وسبق أن بينت التنقيبات الأثرية في بداياتها أنها تمت بأساليب المسح الجغرافي ـ تحديد المواقع بناء إحداثيات النص التوراتي ، شأن أولبرايت . مثال ذلك أن" رفح المدينة التي دار فيها القتال ثم امتد إل قو ، وقرقر،وحمة ـ التي تخيلها الغربيون مدينة حماة السورية، هي ذاتها رفح القريبة تماما من بيت بوس ـ أورشليم ؛ بينما لا توجد رفح فلسطينية قرب القدس إذا ما سلمنا جدلا أن القدس هي اورشليم. بالضد من ذلك هناك جبل قدس ـ قدش إلى الجنوب من تعز ، على مقربة بالفعل من رفح هذه" [ المرجع السابق : 200] واستخدم الاستشراقيون بدهاء وجود أسباط إسرائيلية عتيقة حصلت من موسى النبي على حق تملك غربي أردم ، وأولوا ذلك الضفة الغربية في فلسطين، كما هو الحال مع الجولان السوري ـ خولان التوراة . "النص يورد لفطة الأرديم ـ الأردم، ولا يشير إلى أن الاسم يخص نهرا، وليس ثمة دليل لغوي او جغرافي أو ثقافي يدعم التصور". [ المرجع :213] تجتمع أسماء الجليل و يردن وأريحو وغيرها في النص التوراتي المتعلق بحروب المكابيين. نقدم نتفا مختصرة من سردية الباحث للنص التوراتي لمعارك المكابيين مع الرومان: نهض المكابيون يقارعون الغزو الروماني المنطلق من مصر في عهد البطالمة واحتلال يروشليم ( اورشليم) . بعد نحو اثنين وثلاثين عاما من بداية الحملة أصبح يهوذه المكابي ملكا على بلاد اليهودية ، وذلك عام 166 ق.م. وبدأت منذ ذلك الحين معارك وصدامات دامية أجبرت القبائل العربية العاربة على الهجرة نحو حاضرة الامبراطورية الرومانية آنذاك ، بلاد الشام . ولد يهوذه المكابي، حسب قول كاتب السفر التوراتي في مكان يدعى مِدان لأب كاهن يدعى متنيه بن يوحنين بن سمعان ( مثنى بن يوحنا بن سمعان) من قبيلة بني يريب( والياء يستهل بها الاسم فالاسم ريب ، ومنهم الشاعر مالك بن الريب، وعلى غراره سمي الفارس المشهور عمرو بن معدي يكرب وغدت كرب). حشد الرومان جيشا ضخما لإخماد حركة المكابيين، ودفعوا جيشهم باتجاه بيت صور ؛ فاعتصم يهوذه في حصن جبل صهيون. عمل على توسيع ملكه وإخضاع القبائل. اشتبك مع جيش الرومان بقيادة طيموتوس وتمكن من هزيمته، الأمر الذي أقنع القبائل بمناصرته.. شن حملة على الجليل لطرد واليها الروماني وأوكل لشقيقه سمعان مهمة قيادة القبائل المحاربة بينما اختار السير مع شقيقه الأصغر، يوناتان نحو جلعد . عبر منطقة ها يردن بعد ثلاثة أيام من المسير في العربة ، وسمع من القبائل المترحلة في المنطقة أن الرومان استولوا على بُصرة وباصر ومناطق أخرى وأن القبائل الموالية حوصرت أو استسلمت . اضطر يهوذه إلى تغيير خطته الحربية . وتقول الرواية التوراتية أن الرومان فاجأوا المكابي ودارت معركة في بيت بسان انتصر فيها المكابي وصعد إلى حصن صهيون. . زحف يهوذه على سراة دنب ـ سراة جنب وحبرون واجتاز مريشه ـ مرسه قبل أن يصل إلى أشدود ـ ْءشدد، وكانت إحدى أهم معاركه تلك التي وقعت في كفر سلامة وفي بئروت ـ بئرة ، إذ أمكن مطاردة القوات الرومانية حتى حصور ـ حضور. كما يأتي الهمذاني في الصفحة التالية من مجلده على الأماكن الوارد في السفر التوراتي ( الريب ، أعماس ، المراء موطن بني يمرؤ) ......................................................................... حروب المكابيين يخرج الباحث من جماع ما أجراه من مقارنات ومقاربات أنه قد " جرى تلفيق تاريخ روماني في فلسطين ، وتم حشر جماعات وعصور وأماكن داخل مشهد جغرافي يعج بالتناقضات... " [الربيعي: مجلد2 ،541]. من ناحية أخرى شهدت فلسطين تقسيمات إدارية يصعب تنظيمها في فترة حرب ؛ علاوة على أنه كان حوالي العام 160 ق.م. حاكم روماني على بلاد( مدينة) السمرا، وكان ولاة عسكريون في المناطق الممتدة حتى وادي حورون ، حيث جرت معارك هزم فيها الرومان وفروا باتجاه البحر كما يقول السفر التوراتي، وحيث اغتيل يوحنا ، شقيق يوناثان. ولا وجود لجبال ووديان قرب مدينة اسدود (أشدد في السفر التوراتي) الفلسطينية قرب البحر و وقعت فيها معارك، ولا وجود لواد بالاسم في فلسطين على مقربة من البحر. وهذه جميعا ذكرها الهمذاني ضمن فضاء جغرافي واحد باليمن. أما عمواس(عم أوس) التي تحدث عنها ياقوت الحموي قرب الرملة في فلسطين، فلا يوجد بقربها بقية الأسماء الواردة في سفر المكابيين و" الرسم العبري هو عُماس ، وهي سلسلة جبال صغيرة تتجمع في أسافلها المياه القادمة من قرية السدة ، وعلى مقربة تماما من عزلة أرباب وأدم، أي بالضبط قرب سائر الأماكن التي يصفها السفر التوراتي"[ الربيعي : مجلد2، ص 551] ثم يفند الباحث الادعاء بقدوم إبراهيم من العراق. فهو " من موضع يدعى (بين)قرب جبل شعر . كل هذا سيحيلنا إلى مسألة اور الكسديم في مروية سفر التكوين، والتي تتحدث عن مجيء إبراهيم منها. جرى تخيلها اور الكلدانيين في العراق. في الواقع تثير مسألة تحقيق التوراة التي أشرف عليها علماء ومتخصصون مشهود لهم بالكفاءة، مشكلات عويصة أمام اليهود المتدينين. فإذا كانت كسديم تعني كلدانيين ـ مع أن هذا مستحيل من الناحية اللغوية الصرف ـ وهي في الآن ذاته موطن النبي إبراهيم فما الذي جاء بهم إلى هذا المكان؟ كل المواقع التوراتية وبالأسماء ذاتها تؤكد حقيقة أن تلفيق فلسطين التوراتية لا سند له لا في الأدلة اللغوية الاستشراقية، ولا في الوصف الجغرافي المتخيل لفلسطين؛ إذ ليس ثمة دمونة ولا صيعر ولا يافع ؛ كما لا وجود لمئات الأسماء الأخرى الواردة في التوراة والتي سنقوم بوضعها بين أيدي القراء". [الربيعي:المجلد الثاني ـ ج4، 427]. يتتبع الربيعي الأحداث المتعلقة بمدن ومواقع جغرافية تماثل أخرى تقع في الفضاء الفلسطيني. يورد النصوص التوراتية ويعقد المقارنات مع مؤلف الهمداني والشعر العربي القديم للبرهنة على أن المقصود مواقع في الفضاء الجغرافي لليمن، وليس فلسطين: على الصفحة 57 (الجزء الأول )يورد النص التالي: حسب الرسم العبري للاسم (ر.ق.م) فإن الضبط العربي الصحيح له هو رقْْْْْْم وليس راقم كما ورد في الطبعة العربية من التوراة . إننا لا نعرف موضعا في فلسطين التاريخية قرب عُمق وقصِص وسيل كتاف والكفيرة . ومع ذلك عملت القراءة الاستشراقية على تلفيق هذا الموقع عبر ضمه إلى فلسطين خيالية من اختراعها. بيد أن هذه القراءة التي لم تتقيد أصلا بقواعد العمل العلمي ، وجدت نفسها أمام معضلة غير قابلة للحل؛ إذ ليس ثمة بديل لغوي يمكن استخدامه لتبرير الأجواء التلفيقية ، وما من حل آخر سوى إثارة الشك حول دقة رسم الاسم . في هذا الإطار فإن الشعر العربي القديم قد ترك لنا منذ العصر الجاهلي وصفا رائعا لمنازل قبلية بين جُرش اليمنية ونجران هي منازل قبيلة تميم. قال ذو الرمة (غيلان بن عقبة ، توفي عام 171 هجري في أصفهان ، معجم 923): على ظهر جرعاء العجوز كأنها سرية رقم في سراة رقام وقال أبو صخر الهذلي لمن الديار تلوح كالوشم بالجابتين فروضة الحزْم فبرملتي قردى بذي عشر فالبيض فالبردان فالرقم ان جميع المواقع التي تأتي قصيدة الهذلي على ذكرها هي منازل قبيلة معروفة ذكرها الشعر العربي كما ذكرتها التوراة ، ومنها وادي بيض ـ بيص في التوراة، ووادي عشر فضلا عن وادي رقم . وسوف نرى ذلك حين نحلل الأسماء الأخرى في قوائم منازل أسباط اليهود وبعضها بين بلاد تميم ووادي الضمان.. "ولكن إذا ما عدنا إلى نص يشوع من أجل فحص تحديدات السِفر التوراتي فسوف نجد موضع رقْم هذا قرب الكفيرة والموض ـ الموصة ." أسماء المواقع هذه تتكرر في النصوص المتعلقة بحروب داوود ، وغزوة البابليين لأراضي قبيلة حمير اليهودية . وعلى الصفحة 104من نفس الم جلد يسرد الباحث أسطورة مفارقة إسماعيل لقبيلته و ضياع سبط من قبائل اليمن. إن وجود أب أعلى لقبيلة يدعى سُمْع ـ سمع ءيل الأب الأعلى للعرب ـ ينتسب لقبيلة قحطان الجنوبية وليس إلى شجرة أنساب العدنانيين. ولما كان جبل سمع من الجبال الشهيرة والقديمة في اليمن ( سمع عند يشوع) فإن هذا يعني ببساطة أن السبط أخذ اسمه من الجبل أو أعطاه الاسم الذي سيعرف به، على غرار ما فعل سبط ابن يامن حين أخذ أو أعطى اسمه لجبل بن يامن . والمثير للاهتمام أن التوراة تتحدث عن هجرة هذا السبط شمالا ، أي صوب مكة حسب المرويات العربية الكلاسيكية وتنظر إليه باعتباره سبطا ضائعا." الكرمل وحبرون ا و نفس الجهل والتعسف في إلصاق خارطة فلسطينية لسجالات التوراة يكشف الباحث على الصفحتين 224 و225 من الجزء الثاني ( المجلد الأول) التضليل في موضعة جبل الكرمل: " إذا ما سرنا غربا على خطط يشوع بين هذه المواضع قاصدين جبل الكرمل الفلسطيني فهل نجد عم ـ عد هناك ؟ وهل تصادفنا شحر ولبنى وهل نشاهد وادي مثال؟ وهل نعبر ـ مثل داوود وادي الملك؟ وإلى أين ستقودنا هذه الطريق إذا ما سلكنا قاصدين جبل الكرمل كما وصفه يشوع؟ حسب هذا الوصف سنكون في بلاد طي القديمة وليس في قلسطين، التي رأينا فيما سبق أنها أقامت في بيجان وامتدت منازلها إلى جُرش. وجبل الكرمل هذا من جبال طي التي اشتهرت بمياهها العذبة . قال زيد الخيل: فسيري يا عدي ولا تراعي وحلي بين كرمل فالوجيد إلى جزع الدواعي ذاك منكم معان فالخمائل فالصعيد هنا جبل كرمل لقبيلة طي حيث تقع حلي بينه وبين جبل الوحيد . يحدد الهمداني منازل طي في بيجان إلى الجنوب من مأرب ؛ وهم عباد الإله (الفلس)، ومنهم قوم عرفوا بالفلستيم ، الفلَس ، الذين توهم المترجمون أنهم الفلسطينيون". وربما يكونون الأصل العربي لجماعات الفلاشا التي اكتشفت في الحبشة. كما ينقل الباحث أقوال محقق الهمذاني ، العلامة الأكوع في معرض شرحه لمفردة حُبر الواردة في النص التاريخي للهمذاني ما يلي : حُبر بلدة مشعة حولها أنقاض كبيرة مما يدل على أنها كانت وسيعة ، وإليها تنسب الثياب الحبرية ( المخططة) وتقع في أعالي جبل الشوافي. ما تقوله هذه الملاحظة الثمينة هو التالي: إن موضع حبر ـ حبر والأثري والخَرِب اليوم ـ كان مكانا هاما لا لجهة اتساعه ووجوده في أعلى الجبل فحسب؛ إنما كذلك لارتباطه بصناعة الثياب المخططة ، أي ما يعرف بثياب البجاد. ان هذا وحده ما يحيلنا ، فورا، إلى الروايات الكلاسيكية العربية التي كانت تربط بين موضع حُبر هذا والملك داوود، بما يعرف بنسيج داوود أو دروع داوود، في الشعر العربي القديم والمرويات التاريخية ، هو هذا النوع من الثياب الشفافة والجميلة ، وليس الدروع بمعناها الحربي ـ العسكري. لا يتعلق الأمر هنا بمجرد مصادفة لغوية أو جغرافية ؛ بل بحقائق تاريخية وأدلة أثرية ؛ إذ أية مصادفة هذه أن يتفق صموئيل والهمذاني على تسمية المكان َحُبر ـ حبرون ، وان يشتهر بصناعة الثياب المخططة المرتبطة في قصص العرب وأشعارها بالملك داوود؟ [الربيعي:المجلد الأول ـ ج2، 268] . على أن هذا الموقع ليس مدينة حبرون الواردة في التوراة . فهذه تتموضع في جهة أخرى من ديار حمير.
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموطن الأصلي للتوراة
-
مع شلومو ساند في كتابه اختراع الشعب اليهودي
-
يسفهون الرواية الصهيونية
-
مع البروفيسور شلومو ساند في كتابه اختراع الشعب اليهودي حلقة
...
-
كيث واينلام في كتابه اختلاق إسرائيل القديمة إسكات التاريخ ال
...
-
أعمدة سرابية لهيكل الأبارتهايد
-
تتهتكت الأقنعة
-
مصر القاطرة
-
كشف المستور أم قناع للزيف؟
-
هل هي حكومة حرب في إسرائيل؟
-
جوليان أسانج وقانون التجسس ومأساة الزوجين روزنبرغ
-
ويكيليكس وحرية العبور الإعلامي
-
بين حجب الحقائق وهدر العقل الجماعي
-
نقد مسمم النصال
-
الانتظاريون والانتخابات الأميركية
-
في ذكرى ثورة أكتوبر العظمى متى بدأ نقص المناعة ينخر جسد النظ
...
-
الطريق الثالث غير عبث التفاوض وعبث العنف القاصر
-
الوساطة الأميركية مشكلة وليست الحل
-
ديبلوماسية إدارة الصراع وابتزاز التنازلات
-
عقد حصار لا تنفع معها المواعظ
المزيد.....
-
Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
-
خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت
...
-
رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد
...
-
مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
-
عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة
...
-
وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب
...
-
مخاطر تقلبات الضغط الجوي
-
-حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف
...
-
محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته
...
-
-شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|