أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - تتهتكت الأقنعة















المزيد.....

تتهتكت الأقنعة


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 3282 - 2011 / 2 / 19 - 19:03
المحور: القضية الفلسطينية
    


تقديم ـ تهتكت الأقنعة
[مدخل لكتاب سيصدر للكاتب عنانه خريف الأبارتهايد]
بما يستحوذ عليه من غطرسة القوة ، وبما توفر لديه من قناعة أن الدرب غدا سالكا نحو دولة إسرائيل الكبرى رد شارون رئيس وزراء إسرائيل على مبادرة القمة العربية بإرسال قطعاته العسكرية لاستباحة أراضي السلطة بالضفة. انطلقت القطعات المسلحة تعيد الاحتلال التام لفلسطين، ولتقترف جديدا من مسلسل المجازر البشرية في مخيم جنين.
أسفرت دولة إسرائيل بلا تحرج عن كامل أهداف المشروع الصهيوني. ظلت تضمر وتوارب، تتمسكن وتستغيث، تنطلق بالهجوم وتدعي الدفاع؛ وفي الأثناء جمّعت كل وقيعة سوداء في تاريخ السياسة الدولية، وفصلت منها نماذج نمطية تلطخ بها الخصوم والواقفين في الطريق، باعتبار أن "شعب إسرائيل" موضوع الهدر الأزلي. حولت الأرض الفلسطينية برية، فيها حقوق الإنسان مهدورة والقواعد والقوانين الدولية عنها مغيبة. قبل تأسيس دولة إسرائيل وبعده ظل نجم سهيل في سماء الصهيونية يومض بالتطهير، وأدوات الحفر تجرف الأرض تحت البنية الفلسطينية. ساد صمت حيال جريمة تهجير الفلسطينيين لدى تأسيس الدولة؛ صمت التشجيع من قبل دول العالم ذات التأثير في السياسة الدولية ، أو ما درج الأدب السياسي على تسميته "المجتمع الدولي" ؛ تم شطب الجريمة من محاضر العدالة الدولية، وغيبتها أكداس من المجازر المتعاقبة. ومباشرة طفق الكيان الجديد القائم على جريمة التهجير يتحدث عن توق إلى السلام والأمن الذي يضن به عليه الجيران العرب؛ بينما يمعن في ذات الوقت، بالتحرشات العسكرية مع الجيران ومد ذراعه العدوانية ومراكمة أسباب القوة العسكرية والذراع الواصلة.

مسكنة واستغاثات.. تمسكن بن غوريون ، وهو ينفذ خطة التطهير العرقي، وراح يستغيث من محرقة جديدة تدبر فوق "ارض الميعاد"!! وتمسكن بيغن وراح يستنجد من ميونيخ جديدة يتآمر من خلالها مع الفلسطينيين ضد إسرائيل ، الرئيس كارتر ـ أجل الرئيس الأميركي في حينه الذي نزع مصر من الجبهة المناهضة للاحتلال الإسرائيلي . حينئذ، فرغ بيغن، وقد تسلم الحكم لأول مرة في نهاية عقد السبعينات، من إعداد خطة جديدة للتوسع الاستيطاني بالضفة.
غاية المشروع الصهيوني كانت مفتوحة بباب موارب ؛ يدركها كل من أراد إمعان النظر وإعمال الفكر؛ غير أن الجانب الفلسطيني والعرب لم يمارسوا ولو قدرا ضئيلا من التفكير استراتيجي والرؤية العقلانية، فلم يقدروا الخطر الوافد حق قدره؛ ولم ينظروا إلى الأرض قدامهم ، وغذوا السير خلف السراب، تلهوا بالرغبات والأماني وشطحات الخيال.
بعد تراجعات وانتكاسات ، إذ بهم يصمتون حيال إسرائيل تسفر عن الهدف الاستراتيجي. قام شارون بمناورة سحب الجيش والمستوطنين من غزة، كي يقف العالم إجلالا ل" رجل السلام"؛ وانثنى للتو يعلن عن مشروع لإنجاز التهويد والاستيطان في كامل الضفة. مزق حكام إسرائيل ونخبها الدينية والعلمية والسياسية كل الأقنعة وبرزوا أمام العالم : لا يوقفون الاستيطان والتهويد ولا يقبلون شريكا لهم في "أرض الميعاد". وشهد العام الأخير من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين سفورا تاما في التحدث عن الهدف الاستراتيجي لدولة إسرائيل. نزعت جلود التمثيل التنكري . أعلنت إسرائيل أنها صاحبة الديار وطالبت "الغزاة " بالرحيل!! وبناء عليه ركلت كل ما يسند العدالة من قوانين واتفاقات وحقوق. انبرى ليبرمان الوجه الحقيقي لإسرائيل وأصدق ساستها ، يفصح عما يضمره الآخرون. في هذه السنة أسمعت النخب الإسرائيلية حقيقتها على رؤوس الأشهاد؛ لم يعد أحد يتحدث عن السلام؛ وغدت «مسيرة السلام» بين هلالين أحد رموز السخرية من العجز الراقد بجانبهم ؛ وطويت حكاية الدولة المهددة من الجيران. تجاوبت معها من خلف المحيط رسائل تشد على الأيدي وتشهر الشراكة العضوية في الهدف الاستراتيجي والقيم ومنطلقات الاستراتيجية . افترشت الأبارتهايد ، عقيدة وممارسة الأرض الفلسطينية ومن براريها المفصولة عن القوانين الدولية انطلق عواء الكواسر.
ليست إسرائيل دولة لذاتها وبذاتها، ولها استراتيجية خاصة بها؛ بل شكلت منذ ولادتها امتداداً لاستراتيجيات أوروبية ثم أميركية، رعت تطوّرها وميزتها برعاية خاصة، أعفتها من مسئوليات انتهاك القوانين والقرارات الدولية . ليس الأمر، كما يشيع أتباع الإدارات الأميركية دوما، تسلط الصهيونية على السياسات الأميركية ؛ فالقوة السياسية داخل الولايات المتحدة تقررها الاحتكارات المالية والصناعية، وهي أقوى لدى الأوساط غير اليهودية؛ لكن الرأسمال ليس عنصريا ولا طائفيا ؛ يجد لزاما عليه، وهو يمارس نهج قطاع الطرق الدوليين والمافيات الدولية الاهتمام بالمتميزين والمبدعين في الكار . والرأسمال اليهودي يشكل ثقلا وازنا داخل الولايات المتحدة ، خاصة في التجمع الصناعي ـ العسكري. ونتيجة لهذه الشراكة العضوية، وضمن استراتيجية القرن الأميركي والنظام الدولي الجديد ونهج محاربة الإرهاب أدرجت إسرائيل داخل النظام الجديد واستراتيجية الهيمنة على بقاع العالم وأخصها منطقة الشرق الأوسط. مع تهيئة الشروط الفلسطينية والعربية ـ حسب توهم المفتون بقوته العسكرية ـ لإنجاز القفزة الأخيرة نحو الاستحواذ على "ارض الميعاد" تهيأ المناخ الدولي أميركيا وعولميا لانطلاق حركة محافظين جدد ومسيحية أصولية على صعيد دول " المجتمع الدولي" وحقنهما بالمنعشات والمقويات. وكان ريتشارد بيرل ، أحد أقطاب المسيحية الصهيونية ، أول من أدرج بند رفض انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة في برنامج انتخابي لحزب الليكود. كان ذلك برنامج نتنياهو في انتخابات عام 1996. ومن قبل بيرل عمل في فلسطين منذ بدايات الانتداب عالم الآثار الأميركي أولبرايت. كان مسيحيا أصوليا كذلك متحمسا لدرجة التهور للمشروع الصهيوني، كما رسمته مكائد الاستشراق الأوروبي. اختلق آثارا تخيلها باحثو التوراة لمملكة داوود مترامية الأطراف، وأحيا معها شريعة إبادة الجنس في سفر يشوع التوراتي؛ ثم نصح عام 1967 بعدم الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ فهي أرض محررة. عاد نسل "إسرائيل القديمة" لبعث إسرائيل الحديثة.
نزع عن التاريخ الاجتماعي والسياسي والثقافي نواميسه المكتشفة في عصر التنوير والتحضر؛ و اعتبر مسيرا بوعود موهومة وبقوى خفية حسب أهداف مرسومة قبل آلاف السنين. خلف دهاليز السياسة والأطماع الكامنة ازداد الخرف الديني القومي تطرفا وقويت شوكة الأرثوذكسية المتطرفة.

وعلى أنقاض المنهجية العلمية تشكل مناخ عنصري من قرارات رسمية وتصريحات عنصرية تحمل صفة الفتاوى الدينية ودعم حماسي للتوجه العنصري ، مادي وروحي، يفد من المراكز الرأسمالية المتطورة ، حيث يعجز التطور العلمي العاصف عن ردع الخرافات المموهة بالعقائد الدينية ، حين تسند تلك الأدوات المعرفية أهدافا سياسية مغامرة . انفصام أثمرته عقود من استحضار عقد الإبادة وأساطير التاريخ، ولدت عصابا جماعيا تصحبه تهيؤات وهمية طالعة من كهوف التاريخ السوداء. وقدمت صناعة التنقيب الأثري مادة دسمة للمعتقدات التوراتية حول العرق القومي الضارب في القدم.
بان العجز عن إقامة علاقة موضوعية مع الواقع؛ ويصاب بالعصاب من ينقطع عن واقعه، ويبني أحكامه على آماله ومخاوفه وخيالاته الوهمية وليس على الحقائق الموضوعية الواضحة. هذه العلاقة الخاطئة مع الواقع تجعله يرفض بعقله الباطني كل حقيقة تأتي على خلاف مخاوفه وآماله فيخنقها . امتطى الشعب الألماني خرافة التفوق العرقي للشعب الآري وحقه الطبيعي في الاستيلاء على أوروبا فاندفع عواء الكواسر خلف خرافات هتلر وكبّد البشرية حربا أودت بحيوات خمسين مليونا من البشر، ودمرت ثروات مادية نفيسة . وركب شعب إسرائيل موجة العصاب فانتخب شارون رئيسا للحكومة. اختار الإسرائيليون أسوأ رموز الحرب وأفظعها. العصاب السياسي في إسرائيل وجد الحل في سجل أصحاب أسوأ سجل في الصراع العربي ـ الإسرائيلي، شارون ونتنياهو وباراك ..ثم ليبرمان يعوي بمزامير الاقتلاع والتهجير .

تمزق قناع الرياء عن إسرائيل وأشياعها ومناصريها؛ وتمزق في الوقت ذاته، القناع عن خرافات التوراة وأثبت الآثاريون من ذوي الضمائر الحية والصدق العلمي أن حكايات التوراة مجرد أخيلة راودت رسل الاستعمار الأوروبي من مستشرقين ولاهوتيين ومؤرخين تداعت عبر الأجيال تكرز بما اختلقته ارض ميعاد. لم تخرج الأرض الهيكل من باطنها؛ وخابت الآمال في العثور على بقايا أو آثار تدل على وجود مملكة الملك العظيم في إسرائيل القديمة. لم يكتشف أي شاهد على بناء عظيم ؛ ولم يكن هناك أسوار ولا قصور فخمة تبرر قرار توحيد القدس في نهايات القرن العشرين. انبرى عالم الآثار الجريء، توماس تومسون ، يفسد الزفة على المحتفين ب "إعادة إحياء التوراة"، وعارض التوراتيين التقليديين. أولا أكد أن ادعاءات المشروع الصهيوني مركبة من زيوف استشراقية صيغت طبقا لبرنامج الغزو الكولنيالي؛ واثبت ثانيا في كتابه " التاريخ المبكر لشعب إسرائيل من المصادر الآركيولوجية المدونة" ،أن " مجموع التاريخ الغربي لإسرائيل والإسرائيليين يستند إلى قصص من العهد القديم تستند إلى الخيال" . كانت مقاومة المشروع الصهيوني منكبّة على وجهها فلم تفطن للمدد العظيم ، فلم توظفه في النشاط المقاوم.
أما المشروع الاستيطاني فمضى يسابق الزمن ، يفرض الوقائع، سيما والوعي الاجتماعي لا يتفاعل مع كشوف العلم وحوارات العلماء. أطلقت الكواسر الفولاذية تقوض المباني وتدمر المزارع وتحفر الأساسات الجديدة وتبني المستوطنات على أنقاض البيوت الفلسطينية. وعلى إيقاع الكواسر الفولاذية نشطت الكواسر البشريةتهاجم العزل في اماكن السكن تفترس الحريات الليبرالية والأكاديمية.برز انفصام لم يعد يثير الريب بين إدخال العلم قوة مباشرة في الإنتاج ومصادر القوة وأدوات الاستعمال اليومي ، وبين التعلل بالخرافة والهلوسات اللاهوتية في تفسير التاريخ وسياسات الحكم. دخلت العنصرية الحرم الجامعي في إسرائيل واستوطنته ، لتنحسر بحضورها الحريات الأكاديمية والحريات الليبرالية الشكلية. خرجت العلوم الإنسانية عن قيم التحضر البشري وتمردت باستهتار على القوانين الدولية الإنسانية. خلعت جلد الكبش عن جلد ذئب سائب في برية، وبات عواء التوحش يملأ الفضاءات.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر القاطرة
- كشف المستور أم قناع للزيف؟
- هل هي حكومة حرب في إسرائيل؟
- جوليان أسانج وقانون التجسس ومأساة الزوجين روزنبرغ
- ويكيليكس وحرية العبور الإعلامي
- بين حجب الحقائق وهدر العقل الجماعي
- نقد مسمم النصال
- الانتظاريون والانتخابات الأميركية
- في ذكرى ثورة أكتوبر العظمى متى بدأ نقص المناعة ينخر جسد النظ ...
- الطريق الثالث غير عبث التفاوض وعبث العنف القاصر
- الوساطة الأميركية مشكلة وليست الحل
- ديبلوماسية إدارة الصراع وابتزاز التنازلات
- عقد حصار لا تنفع معها المواعظ
- دلالات فشل المفاوضات الجارية
- كيف نحول الأفكار إلى قوة تغيير
- الأمن الوطني مفهوم مركب من عناصر اقتصادية وسياسية وثقافية
- اليسار الفلسطيني وصراع الديكة
- دانيال بايبس بروفيسور مزور وعنصي
- الفهلوة السنية في تشويه الإسلام والماركسية
- إصرار على بديل تآكل الحقوق الفلسطينية


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - تتهتكت الأقنعة