أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سعيد مضيه - كيف نحول الأفكار إلى قوة تغيير















المزيد.....

كيف نحول الأفكار إلى قوة تغيير


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 3115 - 2010 / 9 / 4 - 13:19
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كيف نحول الأفكار إلى قوة تغيير
ملاحظات على الحوار مع د. نايف حواتمة

أكد الدكتور نايف حواتمة راهنية الماركسية كفكر يحتفظ بروح جدلية تنقد الفكر نفسه كما تنقد الواقع. فهو يقول "فالماركسية وحدها هي الفلسفة الملموسة التي تجابه نظرياً ـ وما زالت ـ هذا الواقع المحك وتضطلع به، أي بالاشتغال النقدي الضروري في تحليل الواقع، لا الاستسلام لـ ’يقينيات‘ إيديولوجية و ’مسلمات‘ زائفة". فلا خلاف مع الرفيق نايف حواتمة حول ما تفضل به في تحديد المنطلقات النظرية، وتقييم الموقف النقدي ، وكذلك في مجال تشخيص الواقع ، ولكن النقص في طروحات الرفيق القائد ـ وربما لم يتسن له تناول الموضوع نظرا لاتساع المواضيع التي طرقت في حواره ـ يتجلى لدى مقاربة الحلول وتحديد أولويات العمل: كيف يتم الانتقال من الوعي المشترك بالتحديات إلى مرحلة بناء القوى الاجتماعية الفعالة والضرورية لإحداث التحول؟ فهذه الملاحظات مجرد تكملة لما سها عنه الرفيق، ربما لأنه كما يبدو لا يقوم بمراجعة ما يكتب ، حيث نراه يعود مرات إلى ما يراه ضروريا التركيز عليه.
يقول الباحث "إن الدواء الناجع لقوى اليسار الوطني الديمقراطي الثوري لن يتمثل فقط في المشاركة السياسية على أهميتها، نظراً لاستفحال الداء، بل في إعادة بناء حركة شعبية تحررية تقدمية متنورة، بما يتطلب من جهود شاقة وضخمة...". ويقول في مجال تقييم للطابع الشعبي المكثف والعميق للانتفاضة الفلسطينية عام 1987 ، تحققت "الانتفاضة الفلسطينية الكبرى التي اندلعت عام 1987، والتي شهدت حضوراً كثيفاً للتيار اليساري في الأطر القيادية للانتفاضة وفي الميدان، حين شكل اليسار وشكلت هذه الانتفاضة حدثاً بالغ التأثير على الوضع العالمي، وإحداثها انعكاسات كبيرة على الحركات اليسارية في العالم". غير أن هذا الطابع الشعبي غيب في ما سمي الانتفاضة الثانية فجاء حصادها نكسة حادة وانطلاقة نوعية جديدة في شراهة أطماع الضم والاستيطان والتهويد والاقتلاع. المقارنة ينبغي أن ترسخ في الوجدان اليساري درسا يجب أن لا ينسى ـ الأمر الذي يغيب أو يبدو أنه لم يستوعب ـ فنجد الإسراع من جديد للتلويح بالعنف المسلح ، المعول عليه من جانب إسرائيل للتركيز على المطالب الأمنية والقفز لقضم الأراضي وتهجير العرب الفلسطينيين تحت غطاء مقبول دوليا.
تتعين الديمقراطية في برنامج التغيير الاجتماعي بتحريك الجماهير إلى الحياة السياسية وتنظيمها في هيئات شعبية ومنظمات نقابية وإدخال قيم التنظيم والشفافية عناصر أساس في الوعي التنويري. وعلى الساحة الفلسطينية تتعثر الجهود الرامية لبناء الحركة الشعبية للتغيير؛ لم يوفق اليسار الفلسطيني بعد في تفعيل آليات إحداث تبدل في توازن القوى داخل المجتمع لصالح التغيير الديمقراطي. ومازالت القوى المسماة باليسارية عاجزة عن توجيه دفة قيادة العمل الفلسطيني باتجاه تعبئة القوى وحشد الطاقات في مقاومة شعبية توقف التوسع الاستيطاني أو تمنع الانجرار مع الطروحات الأميركية التي تسهل إنجاز المشروع الصهيوني؛ لا تزال المنظمات الوطنية يمينية التوجه تبادر وتمضي لوحدها ولا تعبأ بمعارضة اليسار . مأزق يتوجب التفكير في إيجاد مخرج منه.
ومن الخطأ الانتظار حتى تصل "السلفية القدرية والدينية السياسية اليمينية الغيبية، والنيوليبرالية ومدرسة المحافظين الجدد، في النهاية إلى الجدار المسدود". فالرأسمالية لا تملك الحلول لمشاكل تنجم عن نشاطها المحلي والدولي. وقد اعترفت، منذ سبعينات القرن الفائت ، ان مجتمعات العالم الثالث، في ظل نشاط الاحتكارات، مصيرها التخلف والفقر اللذين لا فكاك منهما، ولا مناص من قيام نظامين متناقضين للرأسمالية على الصعيد العالمي، في المراكز والأطراف. اجل تقر بذلك وتعمل في إطار ضرورته؛ لكن لا يجوز الركون إلى "اليقينيات " التي يكافحها الرفيق ؛ ذلك أن القوى الظلامية بتعاون أنظمة الاستبداد لا تتوقف أمام فشل ، بل تلجأ إلى مختلف أسليب هدر الوعي والإرادة والعقل، وتمعن في تهميش الجماهير وازدرائها وتواصل تبخيسها حتى تبتلع الجماهير تبخيس الذات وتقبل بالتهميش. أنظمة الاستبداد في الوقت الراهن تترك رضوضا بنفسيات الأفراد ضحايا الاضطهاد، تخل بالصحة النفسية لدى المجتمع المسحوق . والتحرك الشعبي وطرح المهمات الاجتماعية والوطنية يضع الأفراد أمام حالة من الوعي يستهلون بها الارتفاع للمشاركة في الهم العام واكتساب الصحة النفسية من جديد.
يشير الرفيق نايف حواتمة مرة واحدة إلى ضرورة الحركة الشعبية من أجل التقدم ، مع أنه بعود مرات إلى مهام اليسار الراهنة. وهو يعي بلا شك أن استنهاض الحركة الشعبية للتغيير مهمة تأخر إنجازها ؛ فلم يستحث الجهود للشروع في تصعيد التحرك الجماهيري ولم يسهم في الاستدلال على وسائل وأساليب تحقيق هذه الضرورة الملحة، وكيف نبني الحركة الشعبية المتصاعدة، أو على الأقل وقف الانحسار في التحرك الشعبي ، حيث يكمن سبب انحسار نفوذ اليسار. وكما قال ماركس فإن خطوة تخطوها الحركة الثورية للأمام أفضل من دزينة من البرامج.
يشخص الرفيق حواتمة أسباب انحسار اليسار في" تدني الوعي العقلي النقدي، وطغيان النقل والموروث التاريخي الشعبوي، القدري والجبري. اليوم نشهد ترويجاً للخرافات... ترويجاً للإقصاء في استخدامات عبثية هادفة للترويج للثقافات الخرافية..." وهذا عرض وظاهرة ينبغي البحث عن مسبباتها . فقد وجدت الأنشطة الرجعية في الماضي وتجاوزها النهوض الوطني. حقا أن الخرافات عقبة كأداء بوجه إشراك الجماهير في الحياة السياسية. ولكن الظاهرة تفرض نفسها ولا بد أن يتصدى لها اليسار، ينقل إلى الجماهير المفاهيم النظرية والأفكار التنويرية، سيما والرفيق حواتمة يميز اليسار بقوله "نحن ننتمي إلى منظومة فكرية ومعرفية نسعى بها إلى إنهاء الاستغلال والاغتراب الإنساني على أرض الواقع، وفي حدود الإمكانات، فاليسار عموماً هو هوية ومشروع في تاريخ البشرية، يعمل على تقريب المسافات بين فكرة ’تحرير العقل، الديمقراطية التعددية، العدالة الاجتماعية، الحرية‘، وبين مفهوم الإمكان وتطوير الإمكانية". والسؤال الذي يترتب على القول: إلى أي مدى استطاعت كوادر اليسار نقل تصور الرفيق القائد لوظيفة اليسار إلى قواعد اليسار وكوادره؟ فالكوادر كي تقدم بجسارة وتفاؤل على العمل في أوساط الجماهير ينبغي أن تتسلح بأفكار التنوير وقيمها ومثلها الملهمة. كيف تتحول المنظومة الفكرية للدكتور نايف إلى دليل عمل ؟ لو اتبعت قوى اليسار تربية الجماهير سياسيا وفكريا ، بدل الركون إلى الاندفاع التلقائي وإلى العفوية لما طغى على الوعي الاجتماعي التوجه السلفي ونقل الأفكار الموروثة ونماذج القيم والعلاقات الاجتماعية العائدة إلى العصر الوسيط.
إن تواصل قيم العصر الوسيط ونماذج اقتصاده وعلاقاته الاجتماعية من عشائرية وطائفية وعرقية وكذلك الارتداد عن الرابطة الوطنية والقومية ، إنما يعود للسيطرة الكولنيالية . فقد قطعت هذه السيطرة الطريق على التقدم الاجتماعي بمنطوياته من تنمية اجتماعية وديمقراطية وانتماء قومي . التحرر والديمقراطية والتنمية الاجتماعية والتوجه القومي عناصر متفاعلة ومتشابكة في مركب التقدم. وغياب عنصر من المكونات ـ تغييب الديمقراطية مثلا ـ من شانه إن يضعف العناصر الأخرى وقد يفشل عملية التحرر الوطني. وأعتقد أن قوى اليسار لم تخلص للديمقراطية وعقدت تحالفات ولا تزال مع أنظمة استبدادية قمعية ، وكثيرا ما استخدمت أساليب زجرية في داخل التنظيمات ، إلى جانب الأساليب الأوامرية في التعامل مع الجمهور. ضعف الزوادة الثقافية لدى الكوادر استبدلت بالأوامرية وبالمناكفات وربما بالاشتباكات فيما بين العناصر والفصائل. وكان ذلك مصدر انفضاض الجماهير عن اليسار ، حيث مرقت عبر الفجوة الناشئة عوامل الثورة المضادة التي تعهدتها الامبريالية ، بمساعدة التيار السلفي. هذا العطب السياسي والفكري مغفل لدى اليسار.
أغفل اليسار الجانب الثقافي من النضال؛ غيب في برامجه مفعول عملية التعليم والإعلام ومجمل الأنشطة الثقافية والفعاليات الأديولوجية للتأثير على الوعي العام؛ فوظفت المحافظة السياسية ثقافة الوعي الزائف والتعلق بالخرافة لإعادة إنتاج التخلف والقهر وإرجاع الجماهير إلى بيت الطاعة. وفي النصف الثاني من القرن الماضي طلع باولو فريري بنوعية جديدة من التعليم "تربية ألمقهورين" و"تعليم الديمقراطية " و "التعليم الحواري" بديلا للتعليم التلقيني الذي يذيب شخصية المتعلم ويفرض علاقة سيطرة وإخضاع على الأجيال. وينادي مئات خبراء التربية في العالم العربي بضرورة تطوير نظام التعليم ، كي يخرج من قمقم التلقين وتنمية الذاكرة على حساب التفكير وتشغيل العقل المبدع، ولكي يتحدى العولمة وطوفان ثقافتها المخربة للوعي. وتفضح التقارير الدولية تخلف التعليم وحقوق الإنسان وأوضاع النساء في المجتمعات العربية؛ وتنشأ مخاطر طبقية التعليم الجيد بما يتيح لأبناء الأريستوقراطية الوصول بيسر إلى الوظائف المقررة ، ومن ثم ضمان إعادة إنتاج السيطرة الطبقية للمحافظة . ولا تعير قوى اليسار أي اهتمام لهذه القضية الاجتماعية ـالسياسية.
أميركا اللاتينية لم تقدم لنا فقط المثال الملهم في تشكيل الحركات الشعبية المهيمنة ، إنما قدمت لنا نموذجا متقدما من التعليم من اجل الديمقراطية ، التعليم الذي يمنح المقهورين وعيا بقهرهم، ويحفزهم إلى التحرر الإنساني. وأشار الرفيق إلى تميز ماليزيا من بين عشرات الدول العربية والإسلامية بتحقيق نهضة صناعية وأغفل أن الفضل في هذا النهوض يعود لتغيير النظام التعليمي بمبادرة حكومة مهاتير محمد . تبين حاليا أن العملية التربوية قضية سياسية بامتياز. ورغم أن وظبفة التربية هي إعادة أنتاج العلاقات الاجتماعية ، فقد تتحول وظيفتها إلى إحداث التغيير التقدمي للمجتمعات المتخلفة. أنا لا أدعي أن الرفيق يجهل هذه الحقيقة ؛ لكن أجدها مغفلة ومغيبة في طروحات الرفيق. فهو يقرن اليسار الديمقراطي ب" تيار وبرنامج يجمع قوى الحداثة الليبرالية، والمحدد في التحرر والاستقلال والتنمية ودولة القانون والمؤسسات الحديثة، التي تعمل على التخلص من الاحتلال والاستعمار الاستيطاني الصهيوني والتخلف، ... يبدأ من ترسيم قوانين موضوعية لأزمة المؤسسات الديمقراطية والتمثيلية الفعلية. كما أن مسألة توازن قوى هذا التحالف لا يمكن حلها في إطار مقاربة برامجه، بقدر ما تعني استعادة العقل لمكانته الكبيرة في التنوير والحشد ونثر بذوره، نحو انتصار العقلانية العلمية في المجتمع، وانتصار سلطة القانون ومؤسساته." تعمدت الاستشهاد بفقرة مطولة يطرح الرفيق خلالها عددا من مهمات التغيير وتغفل القضية المركزية والمنطلق للتغييرـ بناء وتأهيل القوة الاجتماعية للتغيير. إنه برنامج مهمات تنويري وضروري يمنح الكوادر طاقة كفاحية وثقة بمستقبل النضال؛ لكن تعوزه وسائل إيصال الوعي التنويري إلى الجماهير الشعبية . أين نصيب التربية من هذا التوجه التنويري؟ وهل تبقى الجماهير مختطفة لدى السلفية ، لتسخيرها قوى احتياطية للحملات وإظهار القوة أو حمار عرس متغربة عن مصالحها وحاجاتها ؟

الرفيق نايف لا يرى ضرورة لتوحيد أحزاب اليسار " فاليسار عموماً لا ينبغي أن يكون حزباً واحداً منفرداً في الحالة الوطنية في مرحلة التحرر الوطني الراهنة، أو في مرحلة ما بعد الاستقلال". وهو يقدم مبررات اجتماعية وطبقية تميز فيما بين أحزاب اليسار. لكننا حيال يسار مركزي محسومة توجهاته الطبقية. ونحن حيال تشظيات وانقسامات أميبية منشأها عدم الاحتكام إلى الديمقراطية الداخلية والفقر الفكري داخل الحركة اليسارية بمجموعها، واستخدم وسائل وأساليب مناقضة للديمقراطية في إدارة النضال في شتى مواقعه. ولا بد من القول أن انقسامات اليسار في ظروف ضعف جاذبية الاشتراكية وانسداد الرؤية أمام أوسع الشرائح الاجتماعية ، وحيال التدفق الغزير لثقافة العولمة المضللة للوعي.. هذه الانقسامات غدت مصدرا إضافيا للتنفير من اليسار. الخطة السياسية تقتضي اتباع خطة ملائمة للتنظيم .
كان الراحل أحمد نبيل الهلالي (قديس اليسار المصري) قد انشق عن الحزب الشيوعي وتوجه إليه الرفيق الراحل محمود امين العالم ، برجاء " أن تبقى بيننا" . وفي إحدى حوارات اليسار المصري المنشورة شارك الهلالي وأكد من جديد تفضيله لوجود حزبين شيوعيين في البلد الواحد. هذه قضايا مطروحة للنقاش ولم تحسم بعد . ويطرح سمير أمين بديل المنتدى الاجتماعي الدولي ، مع التخلص من التنظيم الهرمي لأن أساليب القهر والتسلط مضمرة بين ثناياه. لا تتضمن الماركسية وصفات جاهزة للاستعمال ولكنها ترشد النضال. باتت المركزية الديمقراطية موضع تساؤل ؛ بينما أسليب الأجهزة السرية والتضليل الإعلامي وثقافة الوعي الزائف المنتجة في مطابخ العولمة ، وأمور أخرى تستدعي مركزية في رعاية الحركة وتنظيماتها وإحلال الضبط والمراقبة ومراقبة التنفيذ والتربية الثقافية ـ الخلقية والسياسية للكوادر. فرغم سخرية الميديا البرجوازية من هاجس المؤامرة فان أغلبية ممارسات العولمة تعتمد التآمر والتحايل والخداع وتضليل الوعي؛ وأمامنا مأثرة الويكيليكس تفضح المخبأ بالجملة. حيال هذا تبرز أهمية تمتين التحالف في شتى المواقع ، خاصة في ما يتعلق بالنشاط الجماهيري والمنظمات الجماهيرية وتعليم الديمقراطية وتبدل القيادة وتوسيع الأطر التنظيمية من خلال عمل اليسار وقوة مثاله. فهل توفرت قوة المثال؟ وهل ما زال يحتفظ بأهميته جدل الوعي والتنظيم ؟ و كيف يتحقق جدل الديمقراطية والحفاظ على سلامة التنظيم وتطوير الوعي؟ وما هي الحدود بين نهج اليمين السياسي والانزلاق مع مناورات التبعية للامبريالية؟ ألا تشكل الحيرة حيال هذه الثنائيات المفارقات أحد عوامل عجز اليسار وتخلفه عن تقديم الحلول الناجعة ؟ وبالتالي ألا يفتح العجز والحيرة الأبواب مشرعة للتفتت والتشرذم؟
باتت إسرائيل معفاة من محاسبة ومساءلة الشرعية الدولية. وتستهدف إسرائيل بالتخريب كل حركة ديمقراطية في أي بلد عربي وكل توجه للتخلص من التخلف والاستبداد والقطريات العربية. وفي ظروف العولمة توحدت قوى الامبريالية العالمية من حيث الهدف وتقسيم الأدوار، ولإسرائيل موقع متميز في التحالف الامبريالي الدولي وكذلك لمشروعها الاقتلاعي في فلسطين.
من ناحية ثانية تم استدراج النخب الحاكمة العربية للارتباط بالتحالف الامبريالي إياه مستمدة منه أسباب البقاء وصيانة النظام وضمان استقراره؛ فانفتحت بذلك على إسرائيل معلنة ظاهريا الحياد حيال صراعها مع الشعب الفلسطيني . نشأ وضع في العالم العربي باتت السيادة الوطنية والتضامن القومي مفاهيم بائدة ، حيث أفلح التحالف الامبريالي الدولي، والذي تشكل إسرائيل طرفا فاعلا فيه، في قتل بذور التطور الذاتي وشل جميع عناصر التقدم في المجتمعات العربية. في هذه الأثناء، وضمن هذه السيرورة جرى فك الاشتباك بين النخب الحاكمة وإرادة الجماهير، لتستكمل علاقات التبعية وتتحول إلى كيانات هلامية فاقدة السلطة المركزية، ضمن عولمة تمد أخطبوط وكالاتها الاقتصادية والثقافية الإعلامية والتربوية وتخترق حدود الكيانات وتهدم الحواجز المانعة للكيانات الوطنية؛ حتى لتبدو حكومات هذه الدول في نظر شعوبها وقد ركلت بالأقدام الكرامة الوطنية والقومية وركنت على الرف النظم والتقاليد التعددية الدستورية، وأعادت نظام الكولنيالية المندثر، وفرضت نظام الحزب الواحد، فتحولت الدولة بالتالي إلى لاعب مستقل تماما عن المجتمع، ودخلت مباشرة في لعبة النظام العالمي للدول وتنفذ أجندته الدولية . وتمارس الدول العربية ضغوطاتها على القيادة الفلسطينية كي تسير على خطاها. ويصطدم اليسار في كل يوم تقريبا بتوجهات مقلقة لدى السلطة حيث تسعى لتكريس نظام الحزب الواحد!!
حيال هذا الواقع الذي لم يرد في تحليلات الرفيق القائد لا يكفي القول "إننا اليوم نواجه بكل صلابة أي تدخلات عربية أو إقليمية أو دولية بشؤوننا الداخلية الفلسطينية، أي تحويلنا إلى أوراق بيد هذه الأنظمة الحاكمة، واستخدامنا لصالحها بعيداً عن حقوق شعبنا." ، بل يضاف لذلك ضرورة الدمج العضوي بين النضال ضد المشروع الصهيوني على الأرض الفلسطينية وبين النهوض الديمقراطي العربي ووضع المجتمعات العربية من جديد على سكة التحرر وبناء الاقتصاد الإنتاجي وتحقيق التنمية الاجتماعية وتعميق أسس الديمقراطية السياسية والاجتماعية وتمتين عرى التضامن العربي والعمل العربي المشترك. وفي هذا المجل ما يستحق إلقاء الضوء المكثف .



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمن الوطني مفهوم مركب من عناصر اقتصادية وسياسية وثقافية
- اليسار الفلسطيني وصراع الديكة
- دانيال بايبس بروفيسور مزور وعنصي
- الفهلوة السنية في تشويه الإسلام والماركسية
- إصرار على بديل تآكل الحقوق الفلسطينية
- الزهد داخل صومعة العقلانية الإنسانية
- معالم الفكر الثوري وتبعاته
- أوباما ينحني للريح والريح يمينية
- العلة المستنزفة للطاقات الكفاحية الفلسطينية
- لمن تقرع أجراس الليبراليين الجدد؟
- الدين بين ليبرالية الدكتور حجي والليبراليين الجد
- قرصنة بحرية وبرية
- رغبات مهشمة
- صمت التواطؤ
- هذا التوحش الرأسمالي
- جموح نتنياهو .. الغايات ووسائل كبح الجماح
- الترهيب بالإسلام: المنابع وإمكانيات تجفيفها
- قضية المرأة إحدى قضايا الديمقراطية في مسيرة التقدم الاجتماعي
- نتنياهو يريدها صراعا دينيا مسلحا فالحذر الحذر
- إسرائيل دولة بلا جذور تاريخية


المزيد.....




- مصدر لـCNN: مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بش ...
- -من المهم أن تفهم أن آخر شيء أريد فعله هو وضعك في السجن-
- بيلاروس تجري اختبارا مفاجئا لحاملات الأسلحة النووية التكتيكي ...
- زاخاروفا: روسيا قد تضرب أهدافا عسكرية بريطانية في أوكرانيا و ...
- بوتين يؤدي اليمين لولاية دستورية جديدة
- تقارير إعلامية تتحدث عن آخر النقاط الخلافية في مفاوضات غزة
- بوتين يتوقف أثناء مراسم تنصيبه ليصافح ضيفا بين الحضور.. فمن ...
- ضابط بريطاني: الأسلحة الروسية مصممة لإسقاط مقاتلات مثل -إف-1 ...
- وزير الدفاع المصري يبحث مع قائد القيادة المركزية الأمريكية ا ...
- وسائل إعلام: الزعماء الأوروبيون يشعرون بالرعب من التصعيد في ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سعيد مضيه - كيف نحول الأفكار إلى قوة تغيير