أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - قرصنة بحرية وبرية















المزيد.....

قرصنة بحرية وبرية


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 3024 - 2010 / 6 / 4 - 21:49
المحور: القضية الفلسطينية
    



انهمكت المقالات والحملات السياسية تدين القرصنة البحرية في العدوان على قافلة الحرية في عرض البحر؛ تغيب الحملة الإعلامية على وتطمس القرصنة البرية الممارسة كل يوم في القدس الشرقية والضفة منذ عقود. فمهما بلغت خطورة القرصنة البحرية، ومهما ثقلت معاناة جماهير قطاع غزة ، في ظل الحصار ، فإن العدوان القرصني ضد أراضي الضفة الغربية يحمل في ثناياه خطر تصفية الوجود الفلسطيني، شعبا وثقافة. ومنذ مسرحية الانسحاب من القطاع تركزت جهود التهويد واقتلاع سكان مدينة القدس الشرقية وضواحيها وتمدد الاستيطان في أنحاء الضفة يمضيان بوتائر متسارعة، يقطعان أوصال المناطق. وتتكرر اعتداءات المستوطنين على العرب في مناطق الجوار ، تتجول في مناطق العرب بالضفة وداخل إسرائيل مجموعات إرهابية تروع العرب وتدعوهم للهجرة. وأقدمت قوى الأمن الإسرائيلية على اعتقال الشخصيتين الاجتماعيتين القياديتين ، أمير مخول وعمر سعيد ، وعرضتهما للتعذيب من أجل إجبار كل منهما على التوقيع على اعترافات مفبركة تدينه بالاتصال بأعداء إسرائيل. وتصمّ هذه السلطات الآذان عن احتجاجات عربية ويهودية وتبقيهما داخل السجن رهن المحاكمة . ومؤخرا طاردت قوى الأمن صحفيا يعمل بجريدة هآرتس بسبب كتابة مقلات تفضح تجاوزات العسكر على القوانين الدولية وقرارات المحكمة العليا في إسرائيل، منقولة عن وثائق عسكرية . كاتب هذه السطور تعثر مرتين بدعوات التهجير، إذ تلقى من أحد المستوطنين ، وهو يخدم أرضه المحاذية لمستوطنة إسرائيلية أقيمت بالضفة، ما يشبه الإنذار بأن "هنا لا يوجد سلام ؛ إن رغِبت السلام فقد عملنا سلاما مع الأردن . إذهب هناك". وفي مرة أخرى خاطبه جندي بالقول : هذه الأرض تخص المستوطنين وبإمكانك الذهاب إلى العراق أو مصر. يجنح المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف العنصري وتشهر الاتجاهات الفاشية عن وجودها الفاعل.

يجري ذلك مقابل اعتلال الأوضاع داخل الجانب الفلسطيني، حيث تمعن الفصائل الرئيسة في تعميق الخلافات وتبادل الطعون . فلا يستغرب أن تستشري النزعة الفاشية المتسمة بالكراهية البهيمية للعرب والإصرار على تجاهل حقوقهم الأولية في استمرار العيش فوق أرض الأجداد؛ ويتجلى ذلك بوجه خاص في مواقف أعضاء في حكومة نتنياهو. ولا تقتصر النزعة العدوانية على سكان الناطق المحتلة، بل تشمل من يتعاطفون مع العرب . تبدي حكومة إسرائيل شراسة في التعامل مع يهود ينتقدون بعض سياساتها في الأراضي المحتلة ؛ في هذه الأجواء اقترفت جريمة القرصنة البحرية . منع ناعوم تشومسكي من دخول إسرائيل؛ وتجاهلت حكومة نتنياهو رسالة بعث بها خمسمائة أكاديمي إسرائيلي إلى وزير الداخلية، ايلي يشاي، تدين التصرف. ومن قبل منعت الحكومة دخول اليهوديين نورمان فنكلستين الأكاديمي اليهودي الذي كتب عن فضيحة استغلال المحرقة النازية لممارسة محرقة ضد الشعب الفلسطيني، وكذلك ريتشارد فالك ممثل الأمم المتحدة لدى هيئة حقوق الإنسان، الذي تحدث عن اضطهاد الفلسطينيين من قبل سلطات الاحتلال. ولا تتوقف الطعون في تقرير غولدستون بصدد جرائم الحرب الإسرائيلية ، تصدر من إسرائيل ومن عناصر اليمين الأميركي.
وبلغ معيار السعار الفاشي درجة غير مسبوقة ، إذ تجلى في التعرض ليهود صهاينة يؤيدون الاحتلال، حيث يتهمون بالعداء للسامية وكراهية الذات، الأمر الذي يشير إلى ارتفاع سقف التطلعات العنصرية داخل إسرائيل. يدعم هؤلاء سياسات الاحتلال والاستيطان والتنكيل بالفلسطينيين، ولا يعارضون فكرة "الدولة اليهودية" ؛ وإنما هم مقصرون، بنظر الفاشية العنصرية، لأنهم لا يبذلون أقصى الجهود في تأييد تلك السياسات ودعمها، من خلال مواقعهم ووظائفهم وما يملكون من نفوذ. ولعلّ أبرز الأمثلة ما حدث في الآونة الأخيرة لسكرتير البيت الأبيض ، إيمانويل رام ، وهو يعمّد ولده أمام حائط البراق، إذ تصدى له مجموعة من اليهود يوجهون له الشتائم والإهانات، نظرا لأنه لم يضغط بما فيه الكفاية من موقعه على الرئيس الأمريكي. هي سياسة فاشية استنها العنصري رحبعام زئيفي، وزير السياحة الأسبق ، الذي حمل توصيفا فاشيا لليهودي، ذاك "الذي يؤمن بإسرائيل الكبرى، ويضع نفسه في خدمتها قبل أيّ ولاء آخر، وما خلا ذلك زيف وثمرة مدنسة لاختلاط اليهود بالـ غوييم الأغراب".
إن تفشي الفاشية داخل الحكم وتغلغلها في مسامات المجتمع ظاهرة يتم تجاهلها في دول الغرب؛ فرغم ذلك تظل إسرائيل دولة ديمقراطية وجزءًا من العالم الحُر؛ وتمنح، بناء عليه، عضوية منظمة التعاون الاقتصادي ( اويسد). عالم الغرب يتعامى عن الفاشية الإسرائيلية ويفتش بالمجهر عن إرهاب حزب الله ، الذي لم يتخط الحدود اللبنانية ، وما تجاوز نشاطه مقاومة العدوان الإسرائيلي داخل الأرض اللبنانية. يمحص الغرب ويدقق هل يستجيب الاتفاق الثلاثي حول الطاقة النووية في إيران متطلبات المنظمة الدولية، ويعد لفرض عقوبات على إيران. يتساءل اوباما عن الصفة القانونية للعدوان الإسرائيلي على السفن في عرض البحر، ومدى معارضته للقانون الدولي!! بينما يعثر نائبه على مسوغ للقرصنة الإسرائيلية ، إذ يزعم أن من حق إسرائيل مراقبة دخول الأسلحة إلى القطاع!! طبيعي أن نائب الرئيس الأمريكي فتح قضية إدانة جديدة لإسرائيل، حيث أمسكها دولة احتلال تقصّر في تحمل مسئوليتها تجاه شعب محتل. هذا بينما تعتبر إسرائيل أكثر دولة لم تنفذ قرارات للأمم المتحدة منذ عشرات السنين وحتى اليوم ، والدولة المستقطبة للتنديد والشجب من أنحاء العالم.
مقابل الدعم الذي تلقاه إسرائيل تتسع حملات التضامن مع قطاع غزة ومع الشعب الفلسطيني في مناطق الاحتلال. إن ردود الفعل على جريمة القرصنة تبين مدى انفضاح نهج إسرائيل في البلطجة الدولية . ولأول مرة تجد البلطجة الإسرائيلية التعنيف اللائق والتجريم الصريح من جانب تركيا حكومة وشعبا، وكذلك من دول عدة استدعت سفراءها في إسرائيل وطالبت بتقديم المسئولين عن الجريمة إلى محاكمة دولية. وأنا أكتب هذه السطور تلقيت رسالة إليكترونية تعلن عن مظاهرة مركزية في دوسلدورف تنظمها الجمعيات والمؤسسات العربية والفلسطينية والتركية والأصدقاء الألمان في برلين ، وتنطلق الساعة الثانية عشرة من ظهر يوم السبت 6 حزيران، وذلك احتجاجا على المذبحة التي تعرض لها المتضامنون العرب والأجانب على متن سفن الحرية. وتوجهت الحملة إلى أصحاب الضمائر الحية وإلى أحرار الأمة وإلى منظمات المجتمع المدني والأهالي وحركات التضامن ومحبي الحرية في العالم تهيب بهم وقف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في غزة.
هذا التضامن الدولية ، وهذا الجنوح الفاشي، وما يمارسه من قرصنة برية لم يكن حافزا كافيا لدى بعض القيادات الفلسطينية كي تعيد النظر في مواقفها المستهجنة. يتذاكى هذا البعض ويناور بتوجيه تهم التخوين ويتباعد عن طروحات الطرف الآخر. خالد مشعل لا يرى ضرورة لتعديل موقفه ، بل يطلب ذلك من مصر ومن السلطة في رام الله. وسلطة رام الله لم تزل تحمل الأوهام بصدد التفاوض. كل طرف يعير خصمه بالالتحاق بالغير، بينما الطرفان بحاجة لمراجعة تحالفاته التي جعلت من المستحيل إعادة الوحدة الوطنية .
ليس صحيحا بالطبع ما يتقوله الطرفان كل على الآخر. ففي حقيقة الأمر أنّ قوى في «فتح» تواصل المقاومة، و«حماس» تمارس التفاوض أو تسعى إليه، ولو في الخفاء. أبسط الأمور أن توتير الخلافات وتعميقها تقدم الذريعة لتخاذل الأنظمة العربية عن واجب التصدي للقرصنة الإسرائيلية في البحر والبر. وهي ترضي إسرائيل وتفتح شهيتها إنجاز مشروع إسرائيل الكبرى واجتثاث الوجود العربي الفلسطيني البشري والثقافي. كما تحمل هذه المشاحنات المنهكة للموقف الفلسطيني والمشككة في قدراته مخاطر ليس أقلّها إسقاط حق العودة وعدم استعادة القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية الموعودة... فضلاً عن تشتيت الطاقات في صراع داخلي لا يرحم ولا ينتهي، إلا بالخيبة واليأس والتراجع.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رغبات مهشمة
- صمت التواطؤ
- هذا التوحش الرأسمالي
- جموح نتنياهو .. الغايات ووسائل كبح الجماح
- الترهيب بالإسلام: المنابع وإمكانيات تجفيفها
- قضية المرأة إحدى قضايا الديمقراطية في مسيرة التقدم الاجتماعي
- نتنياهو يريدها صراعا دينيا مسلحا فالحذر الحذر
- إسرائيل دولة بلا جذور تاريخية
- القضية الفلسطينية مركز تجاذب وتدافع
- الليبراليون الجدد يستظلون بالفاشية ويقومون على خدمتها
- مأزق المجتمعات ومحنة المفكرين في ظل نهج القهر
- لعبة كرة القدم ضمن برامج هندسة الموافقة
- هيستيريا كرة القدم
- تحية تقدير واعتزاز للحوار المتمدن في عيده
- لا يطلبون سوى الإقرار بأن الفلسطينيين دخلاء في وطنه
- محو التاريخ اوهام تبددها شواهد التاريخ الثقافية والاجتماعية
- إنهم فاشيون إرهابيون وليسوا مجرد متطرفين
- اليسار حركة وتغيير وليس مجرد تسجيل مواقف
- الاحتلال والتهجير والجرائم الملازمة هي عناوين الحالة الفلسطي ...
- هذا الجدل العقيم دخان يحجب ما خلفه 3


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - قرصنة بحرية وبرية