أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سعيد مضيه - هذا الجدل العقيم دخان يحجب ما خلفه 3















المزيد.....

هذا الجدل العقيم دخان يحجب ما خلفه 3


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 2744 - 2009 / 8 / 20 - 09:44
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


ما الذي يحتجب خلف الدخان؟ الامبريالية واحتكاراتها النفطية وغير النفطية وما ارتبط بها من احتلال إسرائيلي للأراضي العربية ، وكذلك أنظمة استبدادية بالمنطقة أهدرت شعوبها إرادة وفكرا وعقلا ومسخت إنسانية الإنسان العربي . هذا الحلف اعتمد آلية ثلاثية الأبعاد تعيد إنتاج ذاتها تلقائيا وضعت المنطقة في دائرة شيطانية محكمة:
1ـ تغييب الخطر الرئيس بتصنيع مخاطر ثانوية مثل الاحتراب العرقي و/ أو الطائفي، مما عانت وتعاني منه شعوب السودان والمغرب ومصر ولبنان والعراق والأردن والسعودية والخليج . جرى تعزيز القطرية بديلا للتضامن العربي ووحدة المواقف اقتصاديا وسياسيا؛ و داخل كل بلد اصطنعت قضايا من شانها تفجير الفتن والحروب المسلحة والانشقاقات، مثل ذلك الذي تعاني منه فلسطين حاليا ويلهي عن خطر الاحتلال ونهجه الاستيطاني الاقتلاعي. وما إن احتلت القوات الأمريكية العراق حتى بعثت نظام الطوائف ونفخت في كور الفتن الطائفية.
2ـ حشر الجماهير العربية وغير العربية في المنطقة داخل أوضاع سياسية واقتصادية وثقافية أفضت بها إلى حالة من اليأس والاستلاب والقهر بل وهدر طاقاتها وعقلها وإرادتها، ما سهل انجرافها مع المكائد الامبرياليةـ الإسرائيلية. ونتيجة ذلك جاء تقييم مجتمعات المنطقة العربية في آخر قائمة دول العالم من حيث التنمية الاجتماعية والإبداع العلمي والتقاني وحقوق الإنسان والنظافة من الفساد. ليس قدرا ولا مصادفة بل ثمرة نهج متبع أن يتواصل الإصرار على ممارسات الفساد رغم انكشاف فضائحها. وليس مصادفة تفليس أحزاب اليسار والديمقراطية والتشهير بها، أحيانا بحق يقصد بها الباطل، وأحايين كثيرة بمحض التجني والجهل الفكري والسياسي . فالمقصود هو سد منافذ الخلاص في وعي الجماهير ودفعها في حضيض الهدر وتبخيس الذات، بهدف فتح المنافذ للتطرف ونزعات الإرهاب.
بالعكس من ذلك فنظام العواطف الإيجابية ، كما تؤكد معطيات علم النفس الاجتماعي، هام جدا للانفتاح على الدنيا والإقدام عليها والمبادرة والانغماس والفاعلية الذاتية والوفاق مع الذات وتقديرها، وكذلك الوفاق مع الدنيا والآخرين. كما أن الارتباط بقضية كبرى يخفف من وطأة الشدائد ويجعل الديمومة متحركة نظرا لارتباطها بأمل تحقيق الغايات المستقبلية، وتعبئة الطاقات من أجلها. وهذا يقضي على مأزق الحاضر وتجمد الديمومة. وهذا هو الدرس الأساس الذي تعلمنا إياه سير كبار المناضلين والمكتشفين والمبدعين ممن يشكلون رواد النماء الإنساني ويشقون مسالكه ويقدمون نماذجه .

3ـ ولتأبيد حالة الضياع وهدر الجماهير يجري إشغالها بدعايات مثيرة وشطط في القول يضعها أمام مأزق أو أزمة مستفحلة. فحيث لا تنقد الفكرةُ الفكرة تتطاير الأصوات وتمرق الكلمات صخبا وأغبرة ودخانا تخفي الحقيقة والموضوعية ، وتلهي عن المهمة الأساس. بدل نقد الفكر بالفكر يجري شخصنة المواقف والأفكار، كي تنطلق الاتهامات والتجنيات والتعريض تكفيرا تارة باسم الدين، وتخوينا بالانحراف والردة باسم التقدمية والماركسية. ومن هذا الشطط ما تنشره مجلة الحوار المتمدن من تعليقات تسف إذ تحمل في ثناياها بذاءة الشتم والتقريع أو تعنون بعناوين مثيرة من شانها أن تؤلب على المجلة ونهجها الذي يمنح بشارة الأمل بالخروج من الأزمة المستفحلة. بدل الحوار المتمدن ، ومضمونه الإنساني الذي يوفر المعرفة الموضوعية بالواقع لتيسير التغيير، نواجه أنصاف الحقائق أو التضليل الكامل. وفي كل نقاش تندس عناصر تابعة للحلف المهيمن تؤجج الخلافات وتسعر الأجواء وتزيد شحنات التضليل والتجهيل المفضيين إلى الشطط والتطرف.

أسوق هذا المثال: وجدت في موضع التعليق على مقال "من أجل فلسطين نظيفة من دنس الاحتلال وجداره ومستوطناته"(11تموز2009)التعليق التالي انقله بكامله. عنوان التعليق " دائما الحقيقة ناقصة" ثم يمضي إلى القول :" أليس من حق إسرائيل حماية شعبها من العمليات البربرية لحماس والجهاد ضد المدنيين ؟؟؟ ألم تكن حماس سبباً مباشرة وذريعة متكاملة الأركان في يد إسرائيل لبناء الجدار ؟؟؟ لماذا لم يخرج فلسطيني واحد ليتظاهر ضد العمليات الانتحارية في إسرائيل بوصفها جرائم حرب، مثلما فعل اليسار الإسرائيلي وتظاهر بشدة ضد اقتحام سجن أريحا ؟؟؟؟؟؟ لماذا تطرحون الحقائق مشوهة دون معالجتها جذرياً ؟؟؟؟؟"
يمكن الرد بالسباب او التقريع على "عميل الصهيونية "؛ لكن حوار المعالجة الجذرية للتضليل الذي ينور القارئ ويحترم عقله مطالب بأن يذكّر كاتب التعليق أن كل عمليات حماس سبقتها عمليات اغتيال كوادرها. بدأت العمليات الانتحارية باغتيال الكادر الفتحاوي، ثابت ثابت، بعد خمس وخمسين يوما من التهدئة. وكان شارون والموساد يعرفون أن كل اغتيال سوف تتبعه عملية انتقامية . وباعتراف مراقبين غربيين كان الإعلام الأمريكي والغربي يسارع لنقل أخبار العمليات من جانب الفلسطينيين بينما يصمت كليا عن جرائم الاحتلال مثل قصف الأحياء بالصواريخ والقنابل زنة طن. كانت الغاية الماثلة بصورة جلية في ذهن شارون هي تحضير الأذهان لتقبل فكرة الجدار وتزييف طبيعة الصراع من احتلال ومقاومة إلى امن إسرائيل وبربرية الفلسطينيين، كما ورد في التعليق أعلاه، وليس حياة الإسرائيليين وأمنهم. وقبيل اجتياح مناطق السلطة في 28/3/2002 أقدمت إسرائيل على اغتيال أحد كوادر حماس كي ترد هذه بعملية تفجير تتخذ ذريعة للاجتياح. ونذكر كاتب التعليق أيضا بالأكذوبة التي أطلقها عاموس عوز، أديب "اليسار..لكن" حسب التعبير الطريف لرجل السلام الإسرائيلي أوري أفنيري، إذ كتب في صحيفة نيويورك تايمز بعد فشل كامب ديفيد في أيلول 2000، يقول " عرفات يحظى باستقبال الأبطال في غزة ، وكل ذلك لأنه قال لا للسلام مع إسرائيل"، فبدا فيها عوز " متلونا وشريرا ، بل وعنصريا" ، حسب تعبير الشاعر اسحق لاؤور. ولا بد ان كاتب التعليق لم ينس "العنف غير المبرر " و" الإفراط في العنف" الذي انتهجه ياراك، رئيس الحكومة آنذاك، ضد المظاهرات السلمية الساخطة على سنوات المفاوضات العقيمة ، وذلك بقصد استدراج المظاهرات السلمية إلى العنف المسلح وتبرير المواجهة العنفية بأشد وسائل القتل فتكا.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنني وجدت الجرأة لأن أنشر في 7كانون أول / ديسمبر بصحيفة "الأيام" التي تصدر في رام الله مقالا بعنوان " باراك يستدرج الانتفاضة إلى العنف المسلح"، وفيه تعمدت الإشارة إلى الممارسات غير المسئولة باسم الانتفاضة ، والتي من شانها ان تعيد إنتاج النكسة بعد كل تضحية يقدمها الشعب الفلسطيني. وبعد ذلك كتبت بنفس التوجه مقالات وأبحاث في مجلة "رؤية" الصادرة في غزة . فهل لكاتب التعليق أن بشير إلى مسئولية حكام إسرائيل في إيصال الجماهير الفلسطينية إلى حالة اليأس ويعرج على تدخل بوش الفظ وغير النزيه، تحت قناع التوسط للحل بتقديم الدعم المطلق لجرائم الحرب الإسرائيلية؟
وأتناول تعليقاً آخر، رغم ورود تعليقات إيجابية من مثقفين مسئولين أعتز بإشادتهم . هذا التعليق كتبه جورج الأحدب أنقله بأوزاره وأخطائه: " التاكتيك الذي اعتمدته ىالأحزاب الشيوعية في البلدان العربية والإسلامية بعدم نقد الدين خلافاً للمبدأ الماركسي واللينيني بنقد الدين بهدف الاستيلاء على السلطة انتهى إلى فشل ذريع وزاد على الفشل جهل العامة بمبادئ الماركسية. تجاهل الأحزاب الشيوعية لأثر الدين الرجعي في مسيرة الشعوب التقدمية لا يدعو للفخار كما يتفاخر الكاتب.
"الكاتب مضيه عينه حزب الشعب الفلسطيني مستشاراً له بعد أن تخلى الحزب عن قضية الشيوعية وغيّر اسمه من الحزب الشيوعي إلى حزب الشعب".
أقول ان وظيفة مبتكرة لم نعرفها قبل يدلنا عليها الأحدب! لعلها ، مع تخلي حزب الشعب الفلسطيني عن قضية الشيوعية ، مجرد تلفيقات لتركيب شبهة ما؟ فإذا تخلت الأحزاب الشيوعية العربية كافة عن " المبدأ الماركسي اللينيني بنقد الدين" فإن الكاتب سعيد مضيه لم يأت بجديد في مقاله موضوع النقد، علما أن لينين هو واضع قواعد العضوية للحزب الماركسي، وعلق على ذلك بالتحذير بوجوب "الاتفاق على جنة على الأرض بدل الاختلاف على جنة في السماء". وله أقوال أخرى بصدد احترام تدين الجماهير واحترام مشاعرها حتى لو تعرضت مع التقدم .
لقد انتهت إلى "فشل " مجمل فصائل الحركة الوطنية العربية بفعل عوامل عديدة ، منها بالطبع موضوع تناول الفكر الديني. إذ لحق الفشل الحركات الدينية كذلك، ونحن نراها تتشظى وتسدر في التطرف والتكفير والقتل ، بما يتناقض مع الدعوة السمحة للدين.
اما سمير ، سمير لا أكثر! فيشتط في التخفي بقدرما يشتط من فضيحة سفي الجهل او التجهيل :
"العلم شيء والدين شيء آخر وعلى المناضلين الشرفاء عدم منافقة العامة والسوقة على عقائدهم الفاسدة بل يجب تنويرهم بضرورة الابتعاد عن الدين لأجل بناء الأوطان بصورة ديمقراطية وإنسانية حرة.
"هذا النوع من الكتابات يبرهن على مدى التهافت الذي وصل إليه طائفة من الشيوعيين وعلى مدى الانحطاط الفكري الذي يسوقونه".
أظن أن القراء يوافقونني على أن كاتب التعليق متخصص في الردح ونثر الأغبرة. هو لا يصدر في تقييمه عن اطلاع ؛ ولو قرأ المقال حقا لما كتب ما كتب؛ لا يحرض على مناهضة الدين سوى جلساء السوء، أولئك الراغبين في توريط النضال التقدمي في متاهة العزلة .
إنني لا أعترض على النقد، ولا أقول أنني محصن ضد البذاءة. التكفير والتخوين والسباب ضديكون مهنة ورسالة . لا يتوقف الفكر المحافظ عند ترويج ما يزعمه نظرية "نهاية التاريخ" أو"صراع الحضارات"؛ بل يدفع إلى ساحة الجدل نزعات المنع والتحريم والتكفير والتخوين واتهامات التحريف والردة ، "والطلق إذا لم يصب يدْوِشْ". والتحالف المهيمن يدفع كتبته للمساهمة في نثر الأغبرة.
حيث تستفحل الأزمة الاجتماعية يُفتقد الصواب. يلفت الانتباه ويثير الأسئلة المشروعة ان ما سمي الصحوة الإسلامية تعاصر تردي الأوضاع واعتلال المجتمعات واختلال القيم والمعايير. والحركات الدينية أغفلت مهمة التثقيف بقيم الإسلام وتعريف الجمهور بصحيح الدين ؛ فهي مشغولة باستغلال ضعف الخبرة السياسية وحالة التطير والحيرة لتجييش جمهور احتياطي تتكئ عليه للانقضاض على السلطة. والمصالح المهيمنة تنفخ في الكور وتغذي المواقف المتمردة والأفكار الشاردة كي تكبر المتاهة ويطول أمد التجهيل . اطمأنت الدولة وأطلقت جرافات التخريب : تخلت عن واجب توفير الأمن وعهدت به إلى المؤسسات الخاصة ؛ تتجاوز الدولة القوانين وتلغي مؤسسات الدولة ، فيحصل ارتداد عن روح المواطنة إلى انتماء ضيق ، إقليمي أو طائفي أو عشائري؛ بروز نجوم حركات التطرف ونجوم رجال الأعمال والمتمولين يساهمون في سوق الفكر والإيديولوجيا والفنون والأدب، يستأجرون ما أسماه احد الصحفيين المصريين " إرهابيي القلم والصوت من الصحفيين المأجورين"؛ الإطاحة بمؤسسات القانون وبالأعراف والأخلاق والمعايير والخروج على حدود الالتزام المهني والوطني؛ تردي التعليم وشيوع التعليم الخاص والأجنبي، الذي غزا دور الحضانة والتمهيدي إلى جانب المدارس والجامعات؛ تسليع التعليم ورفع الرسوم الجامعية، بحيث بات التزود بالمعرفة العلمية والخبرة التقنية حصرا للمحظوظين وأبناء الأريستوقراطية المهيمنة؛ انتشار ثقافة الانحلال والتهتك الجنسي والشذوذ والزواج العرفي، وظواهر أخرى عديدة للانهيار الاجتماعي.
هل من الصدفة خلال شهر واحد أن تتجمع الوقائع التالية: تواصل حركة الشباب الإسلامي سيل الدم المتدفق منذ عقود في الصومال، وتزاود على حركة المحاكم الشرعية؛ وفي باكستان تزاود حركة طالبان على النظام الإسلامي المزمن، وفي اليمن تنشط تمرد حركة الحوثيين السلفية اليزيدية على حكومة علي عبد الله صالح بعد أن شكلت حركة الشباب المؤمن تقصد من خلالها تعطيل الحركة الديمقراطية ، مثلما فعل السادات في سبعينات القرن الماضي؛ وفي نفس الوقت تندلع فتنة مسلحة بولاية تاوشي النيجيرية غايتها محاربة التحديث وفتنة تشعلها المجموعة الجهادية السلفية في السودان تتمرد على النظام " الإسلامي " هناك. وعلى إيقاع التمردات ينفجر تمرد جند أنصار الله في غزة على إمارة حماس ؟ لم يكن بموجب اتفاق مسبق أو بتوجيه مركزي أن تحكم الحركات الانتفاضية ببطلان حكم النظم " الإسلامية" القائمة. داخل التيار الديني يزاود التطرف على التطرف، وتنأى المسافات عن الواقعية والعقلانية. ومع المنع والتحريم والتكفير تتوحش الغرائز لتفتك بكل من يوظف صوته وكلمته لكشف الحقيقة وإعلاء مكانة العقل.

أزمة الواقع الفلسطيني مثال على الأفكار والمواقف الملهاة، وما أغزر تدفقها. كالفطر السام ينبت بلا توقع، ويتغذى من الحيرة واليأس وانعدام الثقة بالذات وبالكينونة الاجتماعية، الأمر الذي ييعث التوتر ويغيب علاقات السببية ويعطل ملكة التفكير ويشل كل تدبير وتنظيم وتخطيط. فلا غرابة أن يجنح الوهم بطبيب إلى الظن أنه ببضع عبارات تتمسح بالدين وبحفنة بنادق يقلب الواقع بمرسوم ويقفز إلى السلطة . لا حاجة إلى البحث عن محرضين في الفتنة الأخيرة في غزة، إذ الأزمة المستعصية هي المغيّب للصواب، وهي المحرض. والفضاء الملبد منذر بالمزيد.

يقدم علم النفس الاجتماعي منهجا للخلاص يبدأ أولا باستعادة الصحة النفسية للمهدورين، والتي تعبئ الجهود لتنمية الطاقات الحيوية للإنسان. بدون ترميم النفسية الاجتماعية من الشروخ المتولدة عن التسلط السياسي والاجتماعي يصعب تحقيق النهوض الوطني. فاكتساب الثقة بالنفس تحرك نزعات اكتساب الاقتدار المعرفي والمهني. وكذلك فإن الارتباط بقضية كبرى يضفي على الوجود معنى متساميا على الواقع المادي في تحدياته ومحنه. إنه يعبئ الطاقات الحيوية، ويمد المرء بذلك الإحساس بالسيطرة على الوقائع والأحداث . وبمقدار ما ينغمس المرء في العمل ويصحح مساره ليعيش تجربة وجودية ذاتية تولد لديه شعورا بإنسانيته وإحساسا بالقدرة على التحكم في وضعيته وتوجيهها، ومع ممارسة الفرد نشاطا اجتماعيا ذا قيمة وإنجاز، بمعنى أن الهدف يستحق الجهد المبذول من اجله ، وأن هذا الجهد ذاته ممتع ويوفر الحماس والدافعية، وبقدر ممارسة المهارات النامية باستمرار، فإن ذلك كله يوسع الفرص أمام الأفراد، بل يسهل صناعتها. هكذا تنمو المهارات ويتقدم السير على طريق بناء مشروع الوجود، ويرتفع تقدير الذات ويتم التحصن ضد الشدائد ، وعلى رأسها الهدر.

يستهل مشروع البناء الوطني باسترداد حق المواطنة لكل فرد وتصفية تفاعلات الهدر في النفسية ثم التركيز على مصادر القوة لدى الإنسان بدلا من أوجه القصور وعلى الفرص بدلا من الأخطار وعلى تعزيز الإمكانات بدل التوقف عند المعوقات من اجل إدارة الحياة بفاعلية. عبر هذه العملية تستعاد قيم اعتبار الذات وتعلم الاستقلالية وتعلم مبدأ الواقعية بلا أوهام . تبدأ حينذاك النظرة العقلانية بالبروز والنمو مما يشكل الشرط الأول للشفاء من الهدر الذاتي. إ ن قيادة عملية التحرر الإنساني بحزم وإصرار على المثابرة، من شانه أن ينشط فاعلية الأفراد بدل علاج الاضطرابات والاختلالات بالتحليل النفسي. والوعي بالقضايا الوطنية والانضمام إلى الحركات الاجتماعية والإنسانية من شانه أن يحسن الصحة النفسية، ويرفع مستوى القدرة على توجيه الذات ومواجهة الشدائد والتحصن ضدها، بالتفاؤل واالثقة بالقدرات الذاتية والمجتمعية.
الأسلوب المتفائل والاقتدار الذاتي يدركان المحنة أو الخسارة على أنها انتكاسة مؤقتة. وبالتالي فإن إمكانات الانطلاق من جديد متاحة، بتوسل الوسائل الملائمة . وعلى مستوى الذات يحافظ المرء على الثقة بالنفس بما يبقي الطاقات متوفرة لجولات جديدة. يحافظ التفاؤل على الأمل والمعنويات العالية ويندفع للحلول التعويضية البديلة.
يؤكد علم النفس الاجتماعي أن العواطف الإيجابية تتعزز من خلال العمل والممارسة أكثر مما يعززها التفكير . فهي ترتفع مع الانخراط في النشاط والانفتاح على المحيط، في أبعاده الاجتماعية والمهنية والجسدية. يميل الأشخاص ذوو العواطف الإيجابية لأن يكونوا نشيطين جسديا وفكريا واجتماعيا ومهنيا.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا الجدل العقيم دخان يحجب ما خلفه-2
- هذا الجدل العقيم دخان يحجب ما خلفه
- إسرائيل إذ تمثل دور الضحية
- زوبعة أبو اللطف
- تخبط وارتجال ي مواجهة المنهجية المتماسكة والمثابرة
- من اجل فلسطين نظيفة من دنس الاحتلال وجداره ومستوطناته
- لقدس مجال تدافع ثقافي
- أوباما : بشير تحولات أم قناع تمويه؟
- خطة استراتيجية للتحرر الوطني الفلسطيني
- الجدار نقتلعه أم يقتلعنا(3من3)
- الجدار ..نقتلعه أم يقتلعنا(2من3)
- الجدار ..نقتلعه أم يقتلعنا
- المجد لكم يا حراس الأرض
- الدفاع عن الأرض دفاع عن الوطن
- علم النفس الإيجابي وبناء الاقتدار بوجه الهدر
- استحالة التقدم في ظل الاستبداد
- عرض كتاب -الإنسان المهدور- الحلقة الثانية
- الإنسان المهدور
- مين فرعنك يا فرعون
- محمود أمين العالم في الحياة الفكرية العربية 3- جدل الواقع في ...


المزيد.....




- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سعيد مضيه - هذا الجدل العقيم دخان يحجب ما خلفه 3