أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - أوباما : بشير تحولات أم قناع تمويه؟















المزيد.....

أوباما : بشير تحولات أم قناع تمويه؟


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 2675 - 2009 / 6 / 12 - 10:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بسرعة قياسية استطاع باراك اوباما لفت الأنظار إلى إدارته وتعليق الآمال العراض عليها .إن هذا يدل على سمات خاصة في شخصية الرجل نسجت له كاريزما خاصة. ربما أنه جاء بعد رجل استقطب كراهية الصديق قبل العدو بسياساته العدوانية الهوجاء والتزامه نهج أميركا فوق الجميع؟ أو قد يكون لشعار التغيير ما علق عليه الآمال للفكاك من السياسات التي أودت إلى انهيارات كونية؟ او يكمن السر في محتوى خطابه وأسلوبه الخطابي الذي يتلاعب بأمزجة الجمهور؟ أم هي بلاغة الغموض تمني كلا بما يرتجيه؟

قد يكون ذلك كله ؛ باراك اوباما أوسع ثقافة وأبعد بصيرة من كل من سكن البيت الأبيض منذ توماس جيفرسون، الرئيس الثالث للولايات المتحدة. كان ذلك خلال الفترة 1801-1809 وكان منورا حقيقيا ومثقفا واسع الاطلاع علمانيا ، أبعد الجامعة عن الكنيسة ، وبعد انتهاء فترتي رئاسته انشغل بجامعة فرجينيا وطورها إلى مركز إشعاع للتنوير . من أقواله "لقد أقسمت بين يدي الرب على مناهضة أبدية لكل طغيان على العقل" . يختلف جيفرسون عن اوباما في اشتغاله بالنضال التحرري قبل أن يصل سدة الرئاسة؛ حيث وضع مسودة بيان الاستقلال وأنشأ مسودة بيان الحرية الدينية وترشح لانتخابات الرئاسة وفشل قبل أن يحالفه النجاح في انتخابات عام 1800. بينما برز اوباما فجأة وطلع على العالم من بين أنقاض الانهيار العظيم الناجم عن النشاط الاقتصادي والسياسي للرأسمالية المتوحشة على الصعيد العالمي .
أرسى جيفرسون وخلَفُه جيمز ماديسون قواعد للديمقراطية وحرية العقل وعزل الكنيسة عن السياسة ، نهجا سرعان ما التف عليه الرأسمال الاحتكاري وحول مبادئه إلى قصاصات ورقية. لم تصمد مُثُل الديمقراطية وقيم العقل أمام النزعة الاحتكارية المتغلغلة في مسامات الحياة الاجتماعية، ولم تنفع حيال نزعة استرقاق الزنوج الأفارقة واختطافهم من أوطانهم كي يعملوا في مزارع نهبت من أصحابها الأصليين. ومع تغول الرأسمالية الأمريكية، وتعاظم نزوعها للاستحواذ على أمريكا الجنوبية وشن الحروب في الخارج كان لا بد لها من إحياء قيم المغامرين ، رعاة البقر ، أحفاد المتطهرين ممن فروا من بريطانيا حفاظا على الدين ثم سخروه في أعمال الشقاوة ضد سكان البلاد الأصليين. جرى تسخير المسيحية الأصولية وكهنوتها لتتقمص دور مبعوث العناية الإلاهية للبشرية كافة. على مر قرنين من الزمن احتكرت السياسة الأمريكية تفسيرا ملائما للدين وسخرته في حملاتها ضد الشعوب. وكان محتما أن من يستعبد شعبا آخر لا يكون حرا.
وبقيت النزعة الفاشية للرأسمال الأمريكي كامنة في دهاليز النظام السياسي للولايات المتحدة. رفعت رأسها بهجوم مكارثي على الحريات العامة في عقد الخمسينات من القرن الماضي وراحت تصطاد المعارضة وتنكل بها في حفلات زار مشفوعة بمناهضة الإلحاد. وكانت فترة بوش الابن محنة ثانية للشعب الأمريكي انتهكت حرياته وأخضعت أسراره للتصنت، علاوة على الإفقار. ونتذكر أنه بعد العدوان الفاشل على فيتنام الذي استنزف اقتصاد أميركا والعالم، وما خلفه من صدمات اقتصادية وسياسية تشكلت لجنة ثلاثية ، تمثل خبراء من الولايات المتحدة واليابان وأوروبا الغربية مهمتها ترشيد السياسات الأمريكية كي لا تورط عالم الرأسمال في أزمات وضغوطات. و قع اختيار اللجنة الثلاثية على جيمي كارتر رئيسا للولايات المتحدة . التقطته من مزارع الصويا في الجنوب وأجلسته في البيت الأبيض. وكان كارتر من طائفة الإنجيليين التي منها برز الأصوليون وقوتهم الضاربة في السياسة والثقافة والهيئات الأكاديمية. خيب كارتر رجاء الأصوليين بمواقفه ضد الاستيطان اليهودي في الأراضي المحتلة فحرموه من تجديد رئاسته. وذُكِر الكثير عن نشاط متواصل للجنة تضم خبراء شغلوا في السابق مناصب سياسية واستخباراتية وديبلوماسية وإعلامية، وتعقد اجتماعاتها بتكتم شديد تتحاور وتمعن النظر بحثا عن حلول الأزمات والمشاكل. وهي تختار للولايات المتحدة رؤساءها .
الرأسمالية الأمريكية رعت العقل في مجال البحث العلمي – التكنولوجي، وتفاعلت قدرتها الاقتصادية مع قدرتها العلمية وهيبتها الدولية. وهي تنطوي على مرونة هائلة تتدارك بها أخطاءها وتصححها . التجريب العلمي المتفوق يعطيها القدرة على التجريب السياسي داخل إطار النظام، وبما يمنحه طاقة استيعاب الجديد وتعديل المسارات الخاطئة. بالتقاط باراك حسين اوباما تجلى ذكاء المؤسسة الأمريكية أو سعة الحيلة لديها ، وكذلك جسارتها وامتلاكها الثقة التامة بقدرة هياكلها الاقتصادية والثقافية والعلمية والسياسية والحقوقية. فهو الغريب عن المؤسسة، يعهد إليه مهمة إدارة العلاقات العامة لمسيرة الرجوع عن السياسات الخاطئة و تجميل الرأسمالية واستقطاب الإعجاب والتقدير بالولايات المتحدة، وذلك رغم عثرات سياساتها وفداحة الكوارث التي أوقعت البشرية في شباكها. اوباما وكل رئيس أمريكي هو في المقام الأول رجل علاقات عامة ، أما الفعل الحقيقي فهو للأجهزة العلنية والسرية ولقوانين الاقتصاد الرأسمالي بالدرجة الأولى. وقبل مدة وجيزة اضطر أوباما للتراجع امام اللوبي الإسرائيلي وعدل عن تعيين مرشحه لمنصب المستشار للأمن القومي.

اوباما مثقف نقدي واسع الاطلاع موهوب وطموح ؛ التفّت حوله شريحة من الشباب الساخط والطموح لإحداث تغيير جذري في الولايات المتحدة. كانت أهداف الشريحة الاجتماعية موجهة ضد التجمع الصناعي ـ العسكري، للحد من العسكرة ومن اجل سلام دائم، عبر التصدي لسطوة الاخطبوط الصناعي العسكري. فهذا العملاق ينطوي على طاقة تطور هائلة، وحذر من خطره على الاقتصاد والثقافة عام 1962 الرئيس الأمريكي والجنرال العسكري دوايت أيزنهاور. وما هي سوى جولة حتى التقطته المؤسسة فاستسلم لها وروجت له وأوصلته سدة الرئاسة. وكل من يتوهم أن باراك حسين اوباما سيخرج عن مشيئة المؤسسة أو يتمرد على مخططاتها فإنما يعبر بذلك عن سذاجة سياسية. والحركة الصهيونية واللوبي الإسرائيلي جزء عضوي من المؤسسة الأمريكية. والبيئة الأمريكية شديدة التعقيد تجاور الهياكل المعلنة هياكل أخرى تعمل في الظلام تربطها شبكة خيوط تحت أرضية وفضائية، تفرز ثقافة المركزية الأمريكية، و تشتري المواقف والصمت بالمال. والقول الدارج في الولايات المتحدة الأمريكية أن اليد التي توقع الشيكات لا تعضها الصحافة.
حصل اوباما على شهادة حسن سلوك حين قدم أوراق اعتماده لدى اللوبي الإسرائيلي أثناء الحملة الانتخابية . وهو إن عارض نهجا أو توجها فإنما تدخل معارضته في باب النقد الذاتي من اجل تحسين الأداء. والمشروع الصهيوني منذ أن أخذ ينقل خطواته جزء عضوي من نهج الهيمنة على المنطقة العربية وإحدى أدوات الهيمنة. وكل ما اقترفه المخطط الصهيوني من جرائم حرب ومجازر ضد الشعب الفلسطيني عبر مسيرته خلال قرن أو أكثر قوبل بالصمت دليل الرضى والموافقة. و لا يدرك هذه الحقيقة الساطعة كالشمس من يوجه اللوم إلى اوباما لأنه أغفل كذا وتجاهل كيت. أوباما خطيب متمكن ينتقي كلماته بعناية ويفصح عن مكنون أفكاره بحذر شديد. يراوغ مدركا بالتمام أن إسرائيل ونهجها السياسي بالمنطقة مسخران في خدمة الاستراتيجية الامبريالية. يدرك ما يراود إسرائيل من طموح لأن تفرض نفوذها دولة إقليمية بالمنطقة وكيلا للامبريالية ونهج العولمة المتوحشة. كان بوش يريد فرض إسرائيل قوة إقليمية بقوة الأمر الواقع انسجاما مع سياسات مواقع القوة؛ وهناك توجه يريد إدخال إسرائيل قي نسيج الشرق الأوسط بوسائل " اليبلوماسية الناعمة". وهذا التوجه يسعى لإنقاذ إسرائيل من حماقتها.

إسرائيل المصرة على التهرب من استحقاقات السلام تريد قيادتها الراهنة خلف شتى الطروحات الفاشية أن تبقى احتياطا استراتيجا لتسويق السلاح بالمنطقة وجعلها مستهلكا دائما لأحدث منجزات تكنولوجيا التدمير والقتل بالجملة . وإسرائيل تتلقف أحدث منجزات تكنولوجيا الحرب وتجربها في ميادين القتال؛ و إسرائيل بدورها الذي تؤديه تنطوي على أهمية كبيرة بالنسبة للتجمع الصناعي العسكري، القوة المؤثرة بقوة على السياسات الأميركية ولوازمها الثقافية والحقوقية والديبلوماسية والاجتماعية. هل ستسند لإسرائيل مهمات تخريبية بديلة في مجالات التحالفات الاستراتيجية و الاقتصاد والديبلوماسية والثقافة ، وتدخل في تحالفات إقليمية مرتبطة بمشاريع الهيمنة التي لم ينتقدها باراك قط ؟ والجواب على السؤال يتقرر بمعرفة فيما إذا كان نهج الأصولية اليميني لم يزل هو الأكثر ملاءمة للرأسمالية في مرحلة العولمة ، أم أن المجرب أظهر خطله وخطورته وبات من الملح ابتكار نهج مغاير بكل ما يترتب على ذلك من تغييرات في تفاصيل السياسة العامة ومنها وظيفة إسرائيل في المنطقة؟ هل ستعود الأمور وتمضي طبقا لما ارتأته إدارة بوش واليمين الأصولي، حيث فترة اوباما ليست سوى مظلة تستظل بها المؤسسة كي تعدل أوضاعها المختلة وتقيّم الأوضاع لتقومها من جديد، أم أن الطريق الراهن لا رجعة عنه ، ولو على المدى المنظور؟

أيا كان البديل فالحوار الدائر يجري داخل المؤسسة الأمريكية وإسرائيل عضوية منها. والحل الذي يضمره باراك حسين اوباما لن ينصف الشعب الفلسطيني؛ وما الفجوات المظلمة داخل خطاباته سوى نوايا سود تكمن في ثنايا برنامجه لمعالجة مشاكل أمريكا. فمن المحتم في مثل هذا الظرف القاهر أن يفلح نتنياهو بمقايضة موقفه بتقزيم الكيان المقتطع باسم الدولة الفلسطينية. ذلك أن التفاوض شكل للصراع وتتقرر حصيلته بتوازن القوى. فحين توضع كامل أوراق حل الصراع المحتدم على فلسطين بأيدي الإدارة الأمريكية ومبعوثيها ، وحين يبلغ الهوان بانتظار كلمة من أمريكا لوقف نهب الأراضي الفلسطينية وقضم الوطن الفلسطيني، وحين تعزف الأنظمة العربية عن وضع ثقلها بجانب المقاومة وتهيل الأوساخ على كل مقاومة داخل المنطقة وخارجها، منتظرة كلمة أو تصريحا تستر به تخاذلها .. في هذا المناخ المتصحر لن تتحول السياسة الأمريكية إلى مؤسسة خيرية تقيم العثرات وتنجد الملهوف.






#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطة استراتيجية للتحرر الوطني الفلسطيني
- الجدار نقتلعه أم يقتلعنا(3من3)
- الجدار ..نقتلعه أم يقتلعنا(2من3)
- الجدار ..نقتلعه أم يقتلعنا
- المجد لكم يا حراس الأرض
- الدفاع عن الأرض دفاع عن الوطن
- علم النفس الإيجابي وبناء الاقتدار بوجه الهدر
- استحالة التقدم في ظل الاستبداد
- عرض كتاب -الإنسان المهدور- الحلقة الثانية
- الإنسان المهدور
- مين فرعنك يا فرعون
- محمود أمين العالم في الحياة الفكرية العربية 3- جدل الواقع في ...
- محمود أمين العالم في الحياة الفكرية العربية - 2 الجدلية جوهر ...
- محمود أمين العالم في الحياة الفكرية العربية الحلقة الأولى
- المجزرة .. كوارث ودروس
- الجدار واغتيال ياسر
- الهندسة الوراثية لدولة إسرائيل
- الأحزاب الصهيونية تتبارز بالدم الفلسطيني
- بوش والحذاء... سخرية في حفل ساخر
- فليسعد النطق إن لم يسعد الحال


المزيد.....




- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - أوباما : بشير تحولات أم قناع تمويه؟